المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌العدد 25 - بتاريخ: 7 - 2 - 1893   ‌ ‌مستقبل مصر مصر - مجلة الأستاذ

[عبد الله النديم]

فهرس الكتاب

- ‌العدد 1

- ‌الفاتحة

- ‌شكر النعم

- ‌مقدمة مدح ومعرفة جميل

- ‌العدد 2

- ‌الحياة الوطنية

- ‌شكر جميل وثناءٌ جليل

- ‌الآداب

- ‌الهلال

- ‌التقاريظ

- ‌تهنئة قدوم

- ‌نوادر

- ‌فكاهات

- ‌العدد 3

- ‌التماس عفو

- ‌الأخلاق والعادات

- ‌باب التهذيب

- ‌غبطة

- ‌التقليد ينقل طباع المقلد

- ‌زجل

- ‌المعلم حنفي ونديم

- ‌سؤال

- ‌همة تشكر

- ‌شرح قانون العقوبات

- ‌إصلاح

- ‌حسن عناية

- ‌العدد 4

- ‌الجامعة الوطنية والاختلاط العمراني

- ‌اعتذار

- ‌الاقتصاد الشرقي

- ‌باب الأدبيات

- ‌تهنئة قدوم

- ‌الجاه

- ‌سعيد وبخيته

- ‌مرويات

- ‌رثاء

- ‌البوسطة

- ‌المنحة الدهرية

- ‌العدد 5

- ‌المرافعة الوطنية

- ‌المعلم حنفي ونديم

- ‌سؤال

- ‌شكر وثناء

- ‌اعتذار

- ‌احتفال

- ‌العدد 6

- ‌دستور

- ‌قصيدة الشيخ أحمد محمد القوصي

- ‌زجل الشيخ عبد الجواد

- ‌حنيفة ولطيفة

- ‌باب الأدبيات

- ‌تهنئة

- ‌تقاريظ

- ‌التماس

- ‌العدد 7

- ‌الراوي

- ‌أبو دعموم والشيخ مرعي

- ‌لطيفة ودميانه

- ‌بضاعتنا ردت إلينا

- ‌تابع الجواب عن الرجل والمرأة

- ‌قل موتوا بغيظكم

- ‌اعتراض مغفل

- ‌المولد النبوي الشريف

- ‌رثاء وعزاء

- ‌العدد 8

- ‌اللغة والإنشاء

- ‌المرافعة الوطنية

- ‌بشارة نجاح

- ‌تهنئة قدوم

- ‌حكمت

- ‌رثاء وعزاء

- ‌تصحيح

- ‌العدد 9

- ‌المرافعة الوطنية

- ‌تربية الأبناء

- ‌الجرايد

- ‌زبيدة ونبويه

- ‌خير أعياد مصر

- ‌تكذيب قرية

- ‌وداع ونرجو أن يكون ودادا

- ‌كتاب التحفة الوفائية

- ‌أمل

- ‌تقاريظ

- ‌رثاء وعزاء

- ‌العدد 10

- ‌وظائف العلماء في العالم

- ‌الطبقات الاجتماعية

- ‌عقد اتفاق

- ‌عرض حال نساء السكارى لأزواجهن

- ‌الرشاد والنصوح

- ‌رثاء وعزاء

- ‌رد شبهة

- ‌باب الأدبيات

- ‌إعلان

- ‌سرد الحجة على أهل الغفلة

- ‌العدد 11

- ‌رأي جمهور من الأفاضل

- ‌مدرسة البنات

- ‌إعلان

- ‌زجل بقلم الفاضل النحرير محمد حامد أفندي

- ‌باب الأدبيات

- ‌رثاء

- ‌سؤال عن خنثى

- ‌إعلان

- ‌قاموس عربي وفرنساوي

- ‌قلادة العقيق لجيد الغرامطيق

- ‌العدد 12

- ‌وظائف العلماء في العالم

- ‌حنيفه ولطيفة

- ‌باب الأدبيات

- ‌تهنئة

- ‌رسالة

- ‌قصيدة لمصطفى أفندي حسن

- ‌رسالة

- ‌المعلم حنفي ونديم

- ‌جواب على سؤال الخنثى

- ‌اعتذار

- ‌ثناء وتهنئة

- ‌رثاء

- ‌العدد 13

- ‌طريق الوصول إلى الرأي العام

- ‌مدرسة البنين

- ‌مدرسة البنات

- ‌المقامة الخيلية

- ‌ الأستاذ

- ‌محاسن العرب

- ‌تهاني

- ‌سؤال

- ‌سؤال

- ‌رثاء

- ‌رثاء وعزاء

- ‌العدد 14

- ‌زيادة الحضرة الخديوية للمدارس المصرية

- ‌باب الإنشاء والمآثر

- ‌عمارة والزناتي

- ‌جمعية الكمال بأسيوط

- ‌تقاريظ

- ‌جواب الشيخ عبد الفتاح الجمل عن سؤال القاضي

- ‌عمر

- ‌العدد 15

- ‌بمَ تقدموا وتأَخرنا والخلق واحد

- ‌مدرسة البنين

- ‌مدرسة البنات

- ‌الللآلي السنية في الأصول الحسابية

- ‌العدد 16

- ‌إِنَّمَا يَقْبَلُ النَّصِيحَةَ مَنْ وُفِّق

- ‌مدرسة البنين

- ‌مدرسة البنات

- ‌رسالة من الشيخ علي محمد سالم

- ‌إن في ذلك لعبرة

- ‌جمعية العروة الوثقى باسكندرية

- ‌المروءة

- ‌باب الأدبيات

- ‌تقاريظ

- ‌العدد 17

- ‌لِمَ اخْتَلَفَتْ كَلِمَتُنا إذَا اتَّحَدَتْ وِجهْتَنَا

- ‌مدرسة البنين

- ‌مدرسة البنات

- ‌باب الأدبيات

- ‌زيارة

- ‌تقاريظ

- ‌تنزير الأذهان

- ‌ورشة بولاق

- ‌أفراح جليلة

- ‌العدد 18

- ‌أَتَتَقَلَّب الأُمم بتَقَلُّب الأَحوال ونحنُ نحنُ

- ‌العالم سيديو الفرنساوي الشهير

- ‌الأفراح الرياضية

- ‌المولد الحسيني

- ‌العدد 19

- ‌عيد ميلاد الحضرة الخديوية الفخيمة

- ‌الأفراح الرياضية

- ‌الآداب العامة

- ‌إن المساجد لله

- ‌لا أكراه في الدين

- ‌المعلم حنفي والسيد عفيفي

- ‌باب الأدبيات

- ‌تقريظ

- ‌رجاء وإرجاء

- ‌رثاء

- ‌خطبة ابن السماك

- ‌هداية السائل إلى إنشاء الرسائل

- ‌عجب وعجاب

- ‌العدد 20

- ‌أشتات الشرق وعصبيات أوروبا

- ‌باب اللغة

- ‌إحصاء الجرائد

- ‌مدرسة النبل الخيرية

- ‌منتمى الحرية

- ‌شكر عناية

- ‌فرصة الأوقات

- ‌إجابة طلب

- ‌العدد 21

- ‌عيد الجلوس الخديوي

- ‌رسالة من الشيخ علي سالم

- ‌رسالة مغربية

- ‌استلفات أنظار

- ‌تقاريظ

- ‌فريق التمثيل العربي

- ‌جريدة الأزهر

- ‌تهيئة بشفاء

- ‌نعمة تذكر لتشكر

- ‌تنبيه

- ‌السلسلة الدرية في الفكاهات التاريخية

- ‌رسالة من إبراهيم أفندي الأنجباوي

- ‌العدد 22

- ‌لو كنتم مثلنا لفعلتم فعلنا

- ‌الأستاذ والمقطم

- ‌الوزارة الجديدة

- ‌تبرع بجريدة

- ‌نتيجة التعليم الأجنبي

- ‌شكر وعناية

- ‌تنبيه

- ‌العدد 23

- ‌الحقوق المقدسة

- ‌نصيحة مخلص في خدمة وطنه وأخوانه

- ‌عناية سلطانية

- ‌قصيدة مديح في الخديوي

- ‌تاريخ البشري البهية بعود الوزارة الرياضية

- ‌جمعية العروة الوثقى

- ‌العدد 24

- ‌لا دليل على دعوى تهديد الأمن العام

- ‌اغرب ما رؤي في مصر

- ‌محل نظر

- ‌سؤال

- ‌سؤال

- ‌عدل الانكليز وأحكامهم

- ‌قصائد خديوية

- ‌شكر تفضل

- ‌أفراح سعادة سالم باشا

- ‌العدد 25

- ‌مستقبل مصر

- ‌القصائد العباسية الخديوية

- ‌نصيحة

- ‌إمعان النظر في محل نظر

- ‌المساواة بين البنين

- ‌أعياد الصعيد ـ بالسفر السعيد

- ‌غبطة بطريرك الإقباط

- ‌المهندس

- ‌باب الرثاء

- ‌أمل

- ‌رجاء

- ‌العدد 26

- ‌العلماء والتعليم

- ‌تهنئة قدوم

- ‌أدبيات

- ‌العدد 27

- ‌الزراعة في مصر

- ‌رسالة في ذم الفاحشة والعزوبة

- ‌المحافظة على الصحة واجبة

- ‌قصائد خديوية

- ‌ديوان الأوقاف

- ‌بلوغ المرام في جراحة الأقسام

- ‌سؤال وجواب

- ‌رجوع إلى حق

- ‌حنيفة ونديم

- ‌الهدى. والمدرسة. والثمرة

- ‌اعتذار

- ‌رجاء

- ‌العدد 28

- ‌حالنا أمس واليوم

- ‌حنفي ونديم

- ‌تهنئة قدوم

- ‌تقريظ

- ‌العدد 29

- ‌مجتمع اللغة العربية بمصر

- ‌متى يستقيم الظل والعود أعوج

- ‌باب الأدبيات

- ‌هذه يدي في يد مَنْ أضعها

- ‌مقالة الشيخ محمد سلامه

- ‌شكر عناية

- ‌تنبيه

- ‌اعتذار

- ‌الشرائع

- ‌بشرى

- ‌العدد 30

- ‌تجاذب الجنسيات والأديان

- ‌رسالة

- ‌مسجد ليفربول

- ‌شكر وثناء وتهنئة

- ‌رواية سمير الأمير

- ‌تقرير جمعية العروة الوثقى

- ‌العدد 31

- ‌المعارف بمصر

- ‌رمضان المبارك

- ‌تهنئة

- ‌رسالة الشيخ إبراهيم بصيلة

- ‌المسلمون والأقباط

- ‌أسف ورجاء

- ‌استلفات

- ‌العدد 32

- ‌حافظ ونجيب

- ‌الخلاصة الوجيزه ودليل المتفرج على متحف الجيزة

- ‌تنبيه

- ‌تنبيه آخر

- ‌جمعيتا المسامرة والفتوح الخيرية

- ‌الجزآن الرابع والخامس من كتاب الانتصار لواسطة

- ‌عقد الأمصار

- ‌العدد 33

- ‌بمن أقتدي إذا اختلفت الآراء

- ‌الحرب أخت الإنسان

- ‌التشخيص العربي

- ‌الجوهر النفيس على صلوات ابن أدريس

- ‌مرآة التأمل في الأمور

- ‌التقدم المصري

- ‌العدد 34

- ‌العيد السعيد

- ‌العَدْوَى الأوروبية للبلاد الشرقية

- ‌تهنئة

- ‌الطرق وما فيها من البدع

- ‌الاتجاه إلى الأستاذ

- ‌حرب الأقلام بجيوش الأوهام

- ‌تهنئة قدوم

- ‌الزيارة العيدية

- ‌(المربي)

- ‌هناء المحبين

- ‌نهاية الأوطار في عجائب الأقطار

- ‌رثاء عظيم

- ‌العدد 35

- ‌تشرف أهل القطر برؤية أميرهم في عيد الفطر

- ‌قلائد التهاني

- ‌هذا عندكم فما مقابله عندنا

- ‌الطرق وإصلاحها

- ‌التهاني الخديوية

- ‌المكرر أحلى

- ‌يا بني الإنسان أدركوا إخوانكم

- ‌رثاء

- ‌رثاء فاضل

- ‌تعيين

- ‌العدد 36

- ‌تشريف الجناب العالي مدينة إسكندرية

- ‌الصنائع والصنّاع

- ‌النشأة المصرية

- ‌النصيحة العامة بأوجز مقالة في النهي عن البطالة

- ‌والجهاله

- ‌محاسن أمير المؤمنين أيده الله

- ‌تهاني

- ‌رياض التوفيق

- ‌طب الركه

- ‌البصبرة والرأي العام

- ‌تهنئة بنجاح

- ‌أعجب ما كان في الرق عند الرومان

- ‌العدد 37

- ‌التربية والتعليم

- ‌مملكة بروسيا

- ‌أسباب الحرب

- ‌صبر جميل

- ‌الكسوة الشريفة

- ‌مصنوع البلاد

- ‌رجاء

- ‌المسويو بطرون

- ‌فاجعه

- ‌العدد 38

- ‌دفع اعتراض البشر عن اعتقاد القضاء والقدر

- ‌سؤال

- ‌الأزهر الشريف بمصر وجامع الزيتونة بتونس

- ‌العدد 39

- ‌الأعداء

- ‌الحكاكه في الركاكة

- ‌جريدة بروج

- ‌الغرب الأقصى

- ‌الكرباج والعفريت

- ‌تهنئة

- ‌كتاب طب الركه

- ‌العدد 40

- ‌حفظ الصحة

- ‌رسالة

- ‌تابع التربية والتعليم

- ‌ورشة حسبو أفندي محمد بإسكندرية

- ‌تهنئة

- ‌القول المفيد في آثار الصعيد

- ‌المنتقد

- ‌الكمال

- ‌ثناء

- ‌بروجر

- ‌المقطم

- ‌وكيل تحصيل

- ‌رثاء

- ‌هدية

- ‌العدد 41

- ‌محمدةٌ عُدت مذمة

- ‌تابع حفظ الصحة

- ‌باب الأدبيات

- ‌منقبة

- ‌من أحد السوريين

- ‌لا حر في الدنيا بل الكل رقيق

- ‌سؤال

- ‌العدد 42

- ‌مذهب النباتيين

- ‌إعلان

- ‌تابع حفظ الصحة

- ‌تحية وسلام

الفصل: ‌ ‌العدد 25 - بتاريخ: 7 - 2 - 1893   ‌ ‌مستقبل مصر مصر

‌العدد 25

- بتاريخ: 7 - 2 - 1893

‌مستقبل مصر

مصر الآن موضوعة وضعاً إدارياً بين يدي دولة رياض باشا وقد عهد فيه علو الهمة وله إقدام على العمل بقوة جأش مصحوبة بحكمة وحسن تبصر كما عهد فيه حبه لوطنه وميله لأخوانه المصريين مع عدم التعصب على الأجانب. وله ميل كلي لتأييد الحكومة المصرية والتوفيق بين مصالح المصريين ومصالح الدول المتحابة معهم. ولهذا تعلقت آمال الأمة بإجراء الإصلاح على يده وتقوية الحكومة وتأييدها بوضع الأعمال في يد عمال أكفاء لإدارتها على محور العدل والاستقامة. ولكن البعض يظن أن هذا الإصلاح لا يكون إلا بإبعاد الأجانب عن الخدمة وهو ظن فاتر دعاه إليه ضيق صدره من ضغط الحكام السابقين عليه وتركه في زوايا الإهمال. ولو أنصف نفسه لعلل كل أمر بعلة توجيه صلاحاً أو فساداً. وأولى له أن يقول أن استقلال بعض الرؤساء بالإدارات مما يطلق أيديهم في أعمال لا توافق النظام أو تمس الحقوق الخديوية أو تضر بالهيئة المصرية كما شوهد ذلك في كثير من

ص: 579

الإدارات التي فوضت أعمالها إلى رؤسائها تفويض إطلاق فدخلها من الخلل ما لا يحتاج لبيان. وذلك ناشىء عن تبديد السلطة وكف أيدي العمال الوطنيين عن مداركة الخل بحصر السلطة في الأجانب. وهؤلاء لا علم لهم بأخلاق أهل البلاد وعوائدهم فاشتغلوا بما حسنته له عقولهم وظنوا أنهم ينقلون المصريين إلى ما يرونه دفعة واحدة فعز عليهم الوصول إلى الغاية المقصودة لهم وتعذر عليهم الرجوع لما كان عليه المصريون. وبهذه الحيرة ترددت الأعمال بين داعية النظام وجاذبة الخلل كل هذه المدة ولم تتحصل مصر على طريقة يمكنها أن تعيش بها آمنة من التغيير والتبديل وخلل الإدارات وليس ذلك لضعف جميع القائمين بالتنظيم والتحسين بل لتسليم الأعمال إلى من لم يفهموا مراد الرؤساء. ويستحيل أن يتم النظام على أيدي الناس لا رابطة بينهم وبين المحكومين ولا أمل لهم إلا الاسترزاق أو تمكين سطوتهم ولا نقول أن انكلترا ما أرادت من مصر إلا الفساد والخل وغنما نقول أنا أرادت الإصلاح والانتظام ولكنها لما وضعت بعض الإدارات في أيدي الجاهلين بأحوال البلاد وعضدتهم بجموع مختلفي الجنسية والتابعية وهجمت بهم على الأعمال من غير تأن حصل ارتباك في الأعمال واندهاش للأهالي وتنوع الارتباك بتنوع أفكار القائمين بالأعمال الجاهلين بأحوال الأمة والبلاد إذ لا يلزم من اتساع علم الأجنبي في الحساب أو الترجمة أن يكون ذا خبرة بإدارة أحكام وأمور بلاد يجهل كل ما

فيها ولا يلزم من أول دراسة الأجنبي لأحوال البلاد أن يكون اعلم بها من أهلها فأن تصور ذلك محض تعصب لا يقبله العقل بل أن الرجل من أهل البلاد المدرب على أعمالها أعلم بإدارة أمورها

ص: 580

وتنظيم أحوالها م الأجنبي مهما كانت فروق العالمية بينهما. ولا تعاب انكلترا بهذا بعد أن كانت رغبتها الوحيدة تحسين الإدارة أحسن مما كانت عليه قبل وضع قدمها بمصر ولكنها اعتمدت على غير المصريين ممن لا يهمهم الإصلاح فانعكست عليها الآمال. ولهذا لم تعارض في وزارة دولة رياض باشا لعلمها أنه يقدر على إصلاح ذلك الخلل ومنع الارتباك بوضع الأعمال في أيدي أكفاء مدربين عليها عارفين بأحوال البلاد يهمهم إصلاح بلادهم وانتظام إدارتها تبعثهم إلى ذلك الوطنية والظهور بين يدي الخديوي الأفخم بما يرضيه من الهمة والنشاط وحسن الاستقامة. وهاتان علتان لا توجدان في الأجنبي إذا لاحظ له في الاستخدام إلا ضرورة المعاش بخلاف ابن البلاد.

وأحسن ما قيدت به الأمم إلى طرق الإصلاح وضع مقاليدها بإيدي قوم تحبهم ويحبونها. ولا يلزم من هذا تعصب دولته على الأجانب فإن ذلك مما لا تحبه ولا يرضاه وإنما يلزم وضع مصريين معهم أكفاء يهدونهم الطريق ويعلمونهم ما يوافق الأمة وما به يتم النظام. وهذا الذي ينبغي أن يناط بهمته فإن بقاء الإدارات على ما هي عليه ووجودها في أيدي من لا رابطة لأفكارهم ولا قاعدة لأعمالهم مما يوجب تزايد الخلل الإداري والمالي. فالذي ترجوه الأمة من وزيرها الأكبر التوفيق بين المصريين والأجانب بمزج العمال وتوحيد السير حتى يتعلم الأجنبي مع المحافظة على روابط المحبة التي بيننا وبين طوائف العالم ودول المعاهدات. وليس ذلك ببعيد على رجل درس أحوال مصر وحفظ صور أحكامها وتقلباتها بين الوزارات الوطنية والأجنبية ووقف على الدقائق والخفايا ورأى من تعلق الأمة به ما صيره مسؤولاً عنها بين أمم الدنيا

ص: 581

وبين يدي الله تعالى. وما على الأمة إلا أن تلزم الطوع والخضوع وامتثال الأوامر وأتباع القوانين وأن تبعد عن رجال الفتن وأصحاب الغايات الفاسدة.

وأمة تتخلق بهذه الأخلاق حقيقة بتوجيه العناية إليها وصرف الهمم في مصالحها كيف وعضد الوزير في هذا المقام مولانا الخديوي الأعظم المتوجه بهمته جهة حكومته بما يحفظها ويؤيدها ويجعلها حكومة وطنية حافظة لعهود أوروبا جارية على نسق الممالك

النظامية تتميماً لتأسيس جده الأعلى وتخليداً لهذا الأثر الجميل. فليس أمام وزيرنا ما يحول بينه وبين إصلاح الإدارات اللهم إلا إذا أحدث بعض دول أوروبا مشاكل وعقبات لغرض يفوزون به فيكون له العذر الأكبر والحجة الواضحة أمام العالم إذا ليس في يده قوة يدافع بها إلا قوة إصلاح الإدارات. وعلى هذا فإننا نرجو أخواننا الوطنيين أن يقرؤا هذا الدرس التهذيبي ولا تدفعهم شدة الألم من الغير إلى توسيع الآمال وسعيهم في نقض ما بنى في سنين في يوم واحد. كما نرجوهم أن يجعلوا كلامهم في الاحتلال كلام الحكماء الذين يبحثون في الحقائق بفكر صائب فإن انكلترا دخلت مصر لتأييد المسند الخديوي ووضع حكومة ثابتة كمنشورها الدولي ولم تقل يوماً إنها دخلت بقصد الاستيلاء على بلادنا وعللت الانجلاء بإتمام ما دخلت لأجله وتعهدت به أمام أوروبا وهي إلى الآن ترى الحكومة غير نظامية لكونها وضعت معظم إدارتها في أيدي الأجانب ولم تمكن المصريين من إصلاح بلادهم تحت مراقبتها فلم يقدر الأجانب على ضبط النظام ولا حفظ القانون ولا المشي في طريق بعيد عن الخلل والخطر. وإلا لو كانت الحالة الحاضرة هي المقصودة لها بالذات وهي النظام الذي تريد وضعه بمصر لانجلت بعساكرها وتركت الحكومة

ص: 582

المركبة من الأجانب تدير أحكام البلاد. فبقاء عساكرها دليل على أن تجاربها بالأجانب في العشر سنين الماضية لم تنجح لكونها على يد غير أهل البلاد. ولو أنها استخدمت المصريين القادرين على الأعمال في تلك المدة ورسمت لهم طرق الإصلاح لا فادوها فائدة كبرى وأظهروا لها شرفاً عظيماً أمام أوروبا ولاكتسبت رضا الأهالي عنا وعن أعمالها. فأولى لها أن ترجع لإجراء النظام بأهل البلاد مستعينة على ذلك بوزيرهم الموثوق به المنفذ لآراء خديويهم المحبوب عندهم فإن لين الحكام السابقين وانصياعهم إلى الأوامر الأجنبية وتكثير الأجانب في الإدارات لم يكسب انكلترا إلا فتور السياسة بينها وبين دولتنا العلية ودول أوروبا لكونهم راوا أعمالها تخالف أقوالها فعدولها عن تلك الخطة عين العدل الذي يرضي المصريين ويرضيها. فعليها أن تعتمد على الوزير المدرب على الأعمال وتساعده على تأييد الحكومة لا تأسيسها كما يقال فإننا ما نقول وضع حكومة نظامية في بعض العبارات إلا مجاراة للأجانب وإلا فإن الحكومة المصرية موضوعة على أساس متين مويدة بالنظامات والقوانين قبل احتلال الانكليز ودليلنا على ذلك المعاهدات الدولية واستيطان

جموع من طوائف العالم ببلادنا وارتحال عظماء أوروبا للسياحة في بلادنا وكفالة الحقوق الأجنبية بالمحاكم المختلطة والمجالس القنصلية. فكل هذه نظامات وضعت قبل احتلال انكلترا وما نريد الآن إلا أن يحفظها دولة رياض باشا بوضعها في أيدي أكفاء أمناء تراهم انكلترا خصوصاً وأوروبا عموماً أهلا للقيام بالأعمال ومحلاً لثقتها بهم. وهذا هو الدواء النافع لكل علة من علل مصر. ولسنا وحدنا نقول

ص: 583