المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الخلاف في القصاص بين الحر والعبد: - التفسير والبيان لأحكام القرآن - جـ ١

[عبد العزيز الطريفي]

فهرس الكتاب

- ‌مُقَدِّمَةُ المُعتَنِي بالكِتَابِ

- ‌مُقَدِّمَةُ المُؤَلِّفِ

- ‌السُّنَّةُ مُفَسِّرَةٌ للقُرآن:

- ‌معرفةُ أقوالِ الصحابةِ والتابعينَ:

- ‌أَنْسابُ القولِ:

- ‌سُورَةُ البَقَرَة

- ‌الحكمةُ من الخلقِ والاستخلافِ:

- ‌سبب ضلال الناس:

- ‌الحكمةُ من التأميرِ، وحكمُهُ:

- ‌وجوب الشورى في الولاية العامة:

- ‌الوجهُ الثاني لتحقُّقِ الوِلاية:

- ‌ولايةُ المتغلِّب:

- ‌تعدُّد الولاة وبلدان الإسلام:

- ‌التأميرُ في السفرِ، وحكمُهُ:

- ‌استفهامُ المأمورِ عن أمر الآمِرِ:

- ‌جوازُ استعمال القياسِ:

- ‌قاعدةُ درءِ المفاسد:

- ‌فضلُ التسبيح:

- ‌النفيُ وحكمُهُ:

- ‌الحبسُ بشرطِ الرجوع إلى الحقّ:

- ‌معنى السجنِ والنَّفي:

- ‌كفاية المنفيِّ والسجين في نفسِهِ وأهله:

- ‌الحبسُ إلى أجلٍ معلوم:

- ‌الحكمةُ من إخفاءِ آجالِ البشر:

- ‌عهدُ اللهِ لبني إسرائيلَ:

- ‌الصلاةُ جماعة:

- ‌فضلُ الصلاة على الزكاةِ:

- ‌وجوب القيام في الصلاة على القادر:

- ‌فضلُ الركوعِ:

- ‌دفعُ اللَّبْسِ عند الخطاب:

- ‌فضلُ السجود على الركوعِ:

- ‌فضلُ الجماعةِ:

- ‌وجوبُ صلاة الجماعةِ:

- ‌إقامةُ الحدودِ بالإمامِ ونُوَّابه:

- ‌استيفاءُ صاحب الحقِّ حقَّه بنفسِهِ:

- ‌إقامةُ الحدود لولي الأمر:

- ‌تعطيلُ الحاكمِ للحدودِ:

- ‌المفسدةُ الأُولى: تعطيلُ الحدودِ وإقامةِ حكمِ اللهِ:

- ‌المفسدةُ الثانيةُ: تعطيلُ التحاكمِ إلى الشريعةِ:

- ‌مسألةٌ: في إقامةِ الحدودِ على المَوَالِي:

- ‌سجودُ الشكرِ:

- ‌العبادةُ عندَ فَجْأةِ النعم:

- ‌أفضلُ أنواعِ التوبةِ وأقواها:

- ‌النوعُ الأولُ: سجودُ تسخيرٍ:

- ‌النوعُ الثاني: سجودُ اختيارٍ:

- ‌الأصلُ في السجودِ في الوحي:

- ‌فضلُ السجود على الركوعِ والقيامِ:

- ‌حكمُ القيامِ لغيرِ اللهِ:

- ‌حكمُ السجودِ بلا سببٍ:

- ‌سجودُ الشكر وصلاتُهُ:

- ‌سجود التوبة:

- ‌السجودُ قائمًا:

- ‌الأخوَّةُ الإيمانيَّةُ:

- ‌حِلْفُ اليهودِ الأوسَ والخزرجَ:

- ‌تأكيدُ المواثيق:

- ‌عقوبةُ النفي:

- ‌عهدُ اللهِ إلى بني إسرائيل الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم

- ‌إذا نقَضَ طائفةٌ العهد، فحكمُ الساكتِ منهم كالناقضِ:

- ‌وجوبُ التزام الحلفاءِ بعهد بعضِهِمْ مع غيرِهِمْ:

- ‌لا يُؤاخذُ المسلمُ بجريرة قومِهِ:

- ‌التوسعةُ في التوجُّه إلى القبلةِ:

- ‌الصلاةُ على الراحلة:

- ‌الحكمةُ من ذكرِ المشارق والمغارب جمعًا:

- ‌التصويبُ جهةَ القبلةِ:

- ‌التكلُّفُ في تصويب القبلةِ:

- ‌دورانُ الصفوفِ عند الكعبةِ:

- ‌الحكمةُ مِن ابتلاءِ الأنبياءِ:

- ‌ابتلاءُ أصحابِ الولاياتِ:

- ‌(البيت) علم على المسجد الحرام:

- ‌مشروعيَّةُ المتابَعَةِ بين الحجِّ والعمرةِ:

- ‌أمنُ المسجدِ الحرامِ وأنواعُهُ:

- ‌الصلاةُ خَلْفَ مقامِ إبراهيم:

- ‌المُكْثُ في المسجدِ، والنَّومُ فيه:

- ‌التفاضُلُ بين الطواف والصلاةِ:

- ‌أفضلُ أعمالِ الحَجِّ:

- ‌تنظيفُ المساجدِ وتطهيرها من النجس واللَّغْو:

- ‌مِن معاني الرَّفْعِ في القرآن:

- ‌عمارةُ المساجِدِ وصفتها:

- ‌المَنَارةُ للمسجدِ:

- ‌النَّظَرُ إلى السماءِ عبادةٌ:

- ‌تكرارُ الدعاءِ والإلحاحُ به:

- ‌السعي بين الصفا والمروة في الجاهلية:

- ‌الأمرُ بعد الحظْر:

- ‌حكمُ السعي بين الصفا والمروةِ:

- ‌قراءةُ الآية عند بَدْءِ السعي:

- ‌البدءُ بالصفا عندَ السعي:

- ‌الأصلُ في الأشياءِ الحِلُّ:

- ‌فضلُ نعمةِ الأكلِ على غيرها من النِّعَمِ:

- ‌الأصلُ في النكاحِ الحِلُّ:

- ‌هل لاستخباثِ النَّفْسِ أثَرٌ في التحريم

- ‌صُوَرُ بيانِ الحلالِ:

- ‌حكمُ المسكوتِ عنه في الشريعة:

- ‌بيانُ الشَّيْءِ بضدِّهِ:

- ‌حكمُ الميتة:

- ‌الاضطرارُ وحكمُهُ:

- ‌حُكْم أكلِ المَيْتَةِ للمضطَرِّ:

- ‌حكمُ أكلِ الميْتة للمضطَرِّ:

- ‌حكمُ الانتفاعِ بالمَيْتَةِ:

- ‌حكمُ جلدِ الميْتة إذا دُبغَ وإذا لم يُدْبَغْ:

- ‌حكمُ لحمِ الخنْزِيرِ:

- ‌حكمُ الانتفاعِ بجلدِ الخنزيرِ إذا دُبغ:

- ‌مِن ضلالِ الأُممِ جهلُ الأولويَّات:

- ‌أفضلُ الصدقةِ وحكمُ إعطاءِ السائلِ:

- ‌إعطاءُ الزكاة مَنْ لا يستحقُّ بغيرِ علم:

- ‌حكمُ النَّفَقةِ مِن غيرِ الزكاةِ:

- ‌إقامةُ الحدودِ وفضلها:

- ‌ضبطُ الشريعةِ للإنسانِ وحدُّها لأخطائهِ:

- ‌متى أمَرَ اللهُ بإقامة الحدود، والحكمةُ مِن ذلك:

- ‌حكمُ مَنْ كانت حالُهُ كحالِ النبيِّ في مكة:

- ‌أحوالُ المسلمين، وحكمُ تحكيم الشريعة في كلِّ حالٍ:

- ‌الحالُ الأُولى: حالةُ انتظامِ الدولةِ، وثباتِ الأمرِ، واستقرارِ النظامِ:

- ‌الحالُ الثانيةُ: حالةُ حربٍ وعدمِ استقرارٍ:

- ‌إقامةُ الحدودِ في دارِ الحربِ:

- ‌المساواةُ في القِصَاصِ:

- ‌الخلافُ في القصاصِ بين الحرِّ والعبد:

- ‌حكمُ الوصيَّةِ:

- ‌حكمُ الوصيَّةِ للورثةِ:

- ‌الخلافُ في وجوب الوصيَّةِ:

- ‌بطلانُ الوصيَّةِ بالحرامِ:

- ‌مقدارُ الوصيَّةِ:

- ‌إمضاءُ الوصيَّةِ للوارثِ بإجازةِ الورثةِ:

- ‌موتُ الفجأةِ وعدمُ الوصيَّةِ:

- ‌الصيامُ في الأممِ السابقةِ:

- ‌مراحلُ تشريع الصيامِ:

- ‌ضبطُ الشهر برؤية الهلال، لا بالحساب، والحكمةُ من ذلك:

- ‌معنى السفر، وأنَّ الصواب في حدِّه العُرف، والحكمة من ذلك:

- ‌التتابُعُ في قضاءِ الصومِ:

- ‌تأخيرُ قضاءِ الصومِ:

- ‌مراحلُ تشريعِ صومِ رمضان:

- ‌المعذورون بِتَرْكِ الصومِ مع الطاقة:

- ‌فِطْرُ الحاملِ والمُرْضِعِ:

- ‌مقدارُ الإطعامِ عن رمضانَ:

- ‌كلُّ ما لم يقدِّرْهُ الشارعُ، مردُّهُ إلى العرف:

- ‌أصلُ تسميةِ رمضانَ:

- ‌أصلُ تسمية القرآنِ:

- ‌السفرُ بعدَ رؤيةِ هلالِ رمضانَ:

- ‌صومُ المريضِ:

- ‌حدود المرضِ المجيزِ للفطرِ:

- ‌حكمُ صومِ المسافرِ:

- ‌التكبيرُ ليلةَ العيدِ:

- ‌التكبيرُ في عيد الفطرِ أشدُّ من الأضحى:

- ‌استحبابُ الدعاءِ عند ختامِ الأعمالِ:

- ‌مشروعيَّةُ دعاء الصائم عند فطْرِهِ:

- ‌الأحوالُ التي تنُصُّ على حِلِّ المباحاتِ فيها:

- ‌الحكمةُ من نسخِ تحريمِ جماع الصائمِ ليلًا:

- ‌حكمُ الجماعِ ليلَ رمضانَ:

- ‌وقتُ فطرِ الصائمِ:

- ‌النية في الصومِ:

- ‌مباشَرَةُ المعتكِفِ لزوجتهِ:

- ‌لا اعتكافَ إلا في مسجدٍ:

- ‌أحوالُ تعدِّي الإنسان على المالِ:

- ‌حكمُ القاضي بخلافِ الحقِّ في الحقوقِ:

- ‌سببُ سؤال الناس عن الهلال:

- ‌الحكمةُ مِن اختلافِ الأهلَّة:

- ‌أشهُرُ الحجِّ:

- ‌تقدُّمُ مشروعِيَّة الحجِّ:

- ‌أحوالُ حجِّ العربِ في الجاهليَّة:

- ‌أول تشريع الجهاد:

- ‌حكمُ قتلِ النساءِ والصبيان:

- ‌حكمُ قتلِ الراهبِ والشيخ الكبيرِ:

- ‌حكمُ قتلِ الفلَّاحين والعُمَّال:

- ‌أعظمُ أنواعِ الفتنةِ:

- ‌حكمُ القتالِ في الحَرَمِ:

- ‌فتنةُ الكفرِ أشدُّ من فتنةِ القتلِ:

- ‌الحِكْمةُ مِن مشروعيَّةِ الجِهاد:

- ‌الحكمةُ مِنْ تأخيرِ دخولِ النبي صلى الله عليه وسلم مكَّةَ:

- ‌العمرةُ في أشهرِ الحجِّ:

- ‌حرمةُ النفسِ أعظم من حرمة المكانِ والزمان:

- ‌حكمُ أخذِ المسلمِ حقَّه مِن دون الحاكم:

- ‌حكمُ القتالِ في الأشهرِ الحُرُمِ:

- ‌مراحلُ القتالِ في الأشهر الحُرمِ:

- ‌معنى "سبيلِ الله" في القرآن:

- ‌فضلُ الجهادِ بالمالِ:

- ‌معنى إتمامِ الحجِّ والعمرةِ:

- ‌الإحرامُ قبلَ الميقاتِ:

- ‌قطعُ نيَّةِ الإحرامِ:

- ‌معنى إحصارِ المحرمِ:

- ‌وقتُ تحلُّلِ الحُجَّاجِ:

- ‌مكان ذبحِ هدي المحصَرِ:

- ‌حجُّ المحصَرِ من قابلٍ:

- ‌مشروعيَّةُ استيعاب حلْقِ الرأسِ:

- ‌كفَّارةُ الأذى:

- ‌حكمُ العاجزِ عنِ الهدي الواجبِ:

- ‌العمرةُ للمكِّيِّين:

- ‌التحذيرُ من التساهُلِ في المناسِكِ:

- ‌التأكيدُ على المواقيت الزمانية:

- ‌حكمُ عقد نيَّةِ الحجِّ من أشهر الحج:

- ‌حكمُ مباشَرَة المحرِمِ لزوجتهِ:

- ‌معنى الجدالِ في الحجِّ:

- ‌دَلَالةُ الاقتران:

- ‌التجارةُ في الحج:

- ‌حكمُ الوقوفِ بعَرَفة وزمانُه ومكانُهُ:

- ‌فضلُ الدعاءِ والذِّكْر بِعرفَة ومزدَلِفة:

- ‌جمعُ الصلاتَيْن بمزدَلِفة:

- ‌حكمُ التعجُّلِ ثاني أيام التشريق:

- ‌حكمُ المبيتِ بمنًى:

- ‌الفرقُ بين السَّلْمِ والسِّلْمِ:

- ‌مهادنةُ العدوِّ ومسالَمَتُهُ:

- ‌تلازُمُ عهدُ الحليف يُلزِمُ جميعَ حلفائه:

- ‌أحوالُ طلبِ المسالَمَةِ:

- ‌الصدقةُ وأفضَلُها:

- ‌إعطاءُ الزكاةِ للأقرَبِينَ:

- ‌الجهادُ شريعةُ أكثرِ الأنبياء:

- ‌على مَنْ يجبُ الجهادُ:

- ‌خصيصةُ الغنائمِ للأمَّةِ:

- ‌الحكمةُ من تحريمِ الغنائمِ على السابقين:

- ‌الحكمةُ من تأخيرِ القتالِ:

- ‌أنواعُ الكرْه والمحبَّةِ:

- ‌استغلالُ المشرِكِين لأخطاءِ المسلمين:

- ‌معنى الرِّدَّة:

- ‌إحباطُ العمل بالرِّدَّةِ:

- ‌أحوالُ أهلِ الميزانِ في الآخرة:

- ‌اقترانُ الخمرِ بالميسِرِ:

- ‌التدرُّجُ بتحريمِ الخمرِ والميسِرِ:

- ‌إقامةُ الحدِّ على آكلِ المخدِّرات:

- ‌معنى القِمَارِ والميسِرِ:

- ‌الفرقُ بينَ الربا والميسِرِ:

- ‌الرضا بالرِّبَا والميسِرِ:

- ‌نفعُ الخمرِ والميسِرِ وإثمهما:

- ‌التوسُّطُ في النفقةِ:

- ‌التشديدُ في مالِ اليتيمِ:

- ‌الاحتياطُ في مالِ اليتيمِ عند المتاجرة به:

- ‌تزويجُ اليتيمِ:

- ‌حكمُ نكاحِ المشركاتِ:

- ‌حكمُ وطءِ الإماءِ غير الكتابيَّاتِ:

- ‌الزواجُ من الكتابيَّة:

- ‌ردةُ أحد الزوجَيْنِ:

- ‌الوليُّ في النكاح:

- ‌حكمُ جماع الحائضِ:

- ‌حكمُ إتيان الزوجة في دُبُرِها:

- ‌كَفَّارةُ وَطْءِ الحائضِ:

- ‌ما يَحِلُّ للرجلِ من زوجتِهِ:

- ‌إتيانُ المرأةِ في دبرِهَا عند السلف:

- ‌اليمينُ على المعصيةِ:

- ‌معنى لغوِ الأيمانِ:

- ‌معنى عَدَمِ المؤاخذةِ في لغوِ اليمين:

- ‌تكفيرُ يمينِ المعصيةِ:

- ‌كفارةُ اليمين الغموسِ:

- ‌الإيلاءُ لهجرِ الزوجةِ:

- ‌أنواعُ الإيلاءِ:

- ‌إيلاءُ العبدِ:

- ‌الرجوعُ بعد الإيلاءِ، وكيف يتحقَّقُ:

- ‌كفارةُ الإيلاءِ:

- ‌مضِيُّ أربعةِ أشهرٍ على الإيلاء:

- ‌طلاق الجاهلية:

- ‌معنى القرءِ:

- ‌المقصدُ مِن عدَّةِ المطلَّقةِ:

- ‌عدةُ الأمَةِ المطلَّقةِ:

- ‌انقطاعُ دمِ المطلَّقةِ في عِدتها:

- ‌احتسابُ طهر المطَلَّقَةِ:

- ‌إرجاعُ الرجلِ زوجتَهُ في عدَّتها:

- ‌النَّفَقَةُ والكِسْوَة والسُّكْنى للمطلَّقة:

- ‌عَدَدُ طلقاتِ الأحرارِ والعبيدِ:

- ‌الطلاقُ ثلاثًا:

- ‌التطليقُ عددًا ورقمًا:

- ‌أخذُ مهرِ المطلَّقةِ:

- ‌فسخُ الحاكمِ للنكاحِ:

- ‌نكاحُ التحليلِ:

- ‌حدُّ النكاحِ الذي ترجِعُ به المبتوتةُ لزوجها:

- ‌طلاقُ المختلِعةِ في عدَّتِها:

- ‌رجوعُ المطلَّقةِ لزوجِها الأوَّل بطلاق جديدٍ:

- ‌تطليقُ المرأةِ في عدَّةِ الطلاق:

- ‌تطليقُ الزَّوْجة قبلَ الدخول بها:

- ‌حالُ المرأةِ مع فقرِ زَوْجِها:

- ‌ظلمُ الزوجِ لزوجتِهِ:

- ‌طلاقُ الهازِلِ:

- ‌النكاحُ بلا وليٍّ:

- ‌التشديدُ في تزويج اليتيمة:

- ‌الحكمةُ مِن زواجِ النبي من المرأةِ بلا وليٍّ:

- ‌عَضْلُ النساءِ:

- ‌الزكاءُ والطهارةُ بالتزويجِ:

- ‌حكمُ الرَّضَاعِ:

- ‌تمامُ الرَّضَاع ومُدَّتُهُ:

- ‌النفقةُ الواجبةُ للزوجة حالَ إرضاعِها:

- ‌نفقةُ الوالدِ على ولدِهِ:

- ‌تعيُّنُ الرضاعِ على الوالدةِ:

- ‌فطامُ الرضيعِ:

- ‌أهميَّةُ الشُّورَى:

- ‌استئجارُ مرضعةٍ:

- ‌ عِدَّةَ المتوفَّى عنها زوجُها

- ‌عدةُ الحامل المتوفَّى عنها:

- ‌عدةُ الأَمَةِ المتوفَّى عنها زوجُها:

- ‌عدةُ الأَمَةِ ذات الولدِ:

- ‌ما يحرُمُ على المرأة في الحدادِ:

- ‌التعريضُ في نكاحِ المعتدَّة البائنةِ:

- ‌حكمُ العقدِ على البائنةِ:

- ‌حكمُ طلاقِ المرأةِ قبلَ الدخول بِها:

- ‌أحوالُ المطلَّقةِ قبلَ الدخولِ ومهرِها:

- ‌حكمُ متعةِ المطلَّقةِ:

- ‌متعةُ المفوَّضةِ ومهرُهَا:

- ‌ما يجبُ به المَهْرُ:

- ‌صداقُ من توفِّي زوجُهَا قبل دخوله:

- ‌مهرُ مَنْ خلا بها زوجُها بلا مَسٍّ:

- ‌الذي بيده عُقْدةُ النكاحِ:

- ‌فضلُ العفوِ والمسامحةِ في الحقوقِ:

- ‌حُسْنُ العهدِ:

- ‌الحكمةُ من الأمرِ بالصلاةِ بعد أحكامِ الطلاقِ والعِدَدِ والرجعةِ:

- ‌الصلاةُ الوسطى:

- ‌فضلُ الصلاةِ في مشقَّتها:

- ‌الكلامُ في الصلاةِ:

- ‌مراتبُ العجزِ عن أداءِ الصلاة عند العدُوِّ:

- ‌استقبالُ القبلةِ في صلاةِ الخوفِ:

- ‌أحكامُ المتوفَّى عنها زوجُهَا:

- ‌النفقةُ والسكن للمتوفَّى عنها:

- ‌تركُ المعتدَّةِ البقاء في بيتِ زوجها:

- ‌الحكمةُ من تربُّصِ المتوفى عنها ببيتِ زوجِها:

- ‌خروجُ المتوفَّى عنها من بيت زوجها:

- ‌حكمُ القتالِ، والحكمةُ منه:

- ‌الاجتماعُ في القتالِ:

- ‌التأميرُ وأهميَّتُهُ:

- ‌شروطُ جهاد الدفعِ:

- ‌اشتراطُ العلمِ للوالي بما يلي:

- ‌زكاةُ عُروضِ التجارةِ:

- ‌حكمُ الإكراهِ على الإسلامِ:

- ‌حكمُ الرِّدَّةِ وحريَّةِ الدين:

- ‌اشتراطُ الحَوْلِ للزكاة:

- ‌المالُ المكتسَبُ أثناء الحَوْلِ:

- ‌دوامُ النصابِ في الحولِ كلِّهِ:

- ‌زكاةُ الخَضْراواتِ:

- ‌زكاةُ النَّفْطِ والبترول:

- ‌الصدقةُ والزكاةُ على الكافِرِ:

- ‌إعطاءُ الفاسقِ والمنافقِ تأليفًا لقلبِهِ:

- ‌أفضلُ الصدقاتِ:

- ‌إسرارُ الصدقةِ وإعلانُها:

- ‌إخفاءُ الطاعاتِ وإعلانُها:

- ‌محوُ الحَسَناتِ للسيِّئَاتِ:

- ‌محوُ السَّيِّئاتِ للحَسَنات:

- ‌دفعُ الزكاةِ للأسِيرِ:

- ‌حكمُ فَكَاكِ الأسيرِ:

- ‌استحبابُ تفقُّدِ حالِ المحتاجِ:

- ‌الصدقةُ على الأقاربِ:

- ‌تعظيمُ الرِّبَا:

- ‌تعظيمُ حقوقِ الآدميِّين:

- ‌عقوبةُ الربا:

- ‌ربا الجاهليةِ:

- ‌مسُّ الجِنِّيِّ للإنسيِّ:

- ‌الأصلُ في العقودِ والمعاملاتِ الحِلُّ:

- ‌التوبةُ مِن الربا:

- ‌ذَهَابُ بَرَكَةِ الأموالِ الربويَّة:

- ‌الحكمةُ من تأخيرِ تحريم الربا:

- ‌التعامُلُ مع المعسر في الدَّيْنِ:

- ‌حكمُ إنظارِ المعسِرِ:

- ‌بيعُ مالِ المعسِرِ:

- ‌احتساب الدَّيْن من زكاةِ الدائن:

- ‌مشروعيةُ إقراضِ المحتاجِ:

- ‌مِن أحكامِ السَّلَمِ:

- ‌حكمُ كتابةِ عقودِ الدُّيُون والبيوع:

- ‌حكمُ الرَّهْنِ:

- ‌الحجرُ على السفيه:

- ‌حكمُ الإشهادِ في العقودِ والمعامَلَاتِ:

- ‌شهادةُ الصبيِّ في العقود:

- ‌شهادةُ المرأةِ في العقودِ:

- ‌اشتراطُ العدالةِ في الشاهِدِ:

- ‌الشاهدُ واليمينُ:

- ‌اليمينُ والشاهدتان:

- ‌مِن أحكامِ الاختلاطِ:

- ‌الترخيصُ بتركِ كتابةِ بعضِ العقودِ:

- ‌حكمُ الرَّهْنِ في المسَّلَمِ:

الفصل: ‌الخلاف في القصاص بين الحر والعبد:

التشديدُ على الشاربِ؛ لأنَّ أبا جندلٍ أظهَرَ استدلالَهُ على شُرْبِه؛ بقولِهِ تعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [المائدة: 93]، وهذه شُبْهةٌ لو سَرَتْ في الناسِ وتُرِكَ أبو جَنْدَلٍ لأَجْلِها، لاستحَلَّ الناسُ الخمرَ؛ وهذه فِتْنةٌ؛ ولذا كتَبَ عمرُ لأبي عُبَيْدةَ:"إنَّ الذي زَيَّنَ لأبي جندلٍ الخطيئةَ، زيَّنَ له الخصومةَ؛ فاحدُدْهم"(1).

وقولُ اللَّهِ تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ} ؛ أيْ: فُرِضَ وأُلزِمَ.

والكَتْبُ: هو الجمعُ؛ في اللغةِ.

والقِصَاصُ: هو عقوبةُ الجاني بمِثْلِ ما جَنَى، والقِصَاصُ مِن "قَصَّ"؛ أيِ: اتَّبَعَ، والمرادُ: تتبُّعُ أثرِ الشيءِ ومطابقةُ اللاحقِ للسابقِ؛ أيِ: العقوبةُ بمِثلِ العقوبةِ السابقةِ.

وقَصَصْتُ أثرَهُ وقَصَّيْتُهُ: اتَّبَعْتُهُ قَصَصًا؛ قال تعالى: {وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ} [القصص: 11]، وقال تعالى:{فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا} [الكهف: 64].

والقِصَاصُ يكونُ في النفسِ وفي الجروحِ؛ وذلك لقولِهِ في سورةِ المائدةِ: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [45].

‌المساواةُ في القِصَاصِ:

وفي الآيةِ: دليلٌ على مساواةِ المؤمنينَ في الدماءِ: الوضيعَ والرفيعَ، والذَّكَرَ والأُنثى، ولا خلافَ عندَ العلماءِ أنَّ القِصَاصَ يتساوَى بينَ الذَّكَرِ والأُنثى، والعبدِ والعبدِ.

‌الخلافُ في القصاصِ بين الحرِّ والعبد:

واختلَفُوا في القِصَاصِ بينَ الحُرِّ والعبدِ:

(1) المصدر السابق.

ص: 185

فذهَبَ جمهورُ العلماءِ: إلى أنَّ الحُرَّ لا يُقتَلُ بالعبدِ؛ قال به مالكٌ، والشافعيُّ، وأحمدُ، وإسحاقُ (1)، وهو قولُ أبي بكرٍ، وعمرَ؛ فقد روى ابن أبي شيبة والدارقطنيُّ والبيهقيُّ؛ مِن حديثِ عمرِو بنِ شعيبٍ، عن أبيهِ، عن جدِّه:"أنَّ أبا بكرٍ وعمرَ كانا لا يَقتُلانِ الحُرَّ بقتلِ العبدِ"(2)، وقال به أكثرُ فقهاءِ الحجازِ؛ كعطاءٍ، وعمرِو بنِ دِينارٍ، وعِكْرِمةَ، والزُّهْريِّ، وهو قولُ الحسنِ (3).

وقيَّدَهُ الشافعيُّ بمشيئةِ الحُرِّ أنْ يُقتَصَّ منه.

وعلَّلَ غيرُ واحدٍ ممَّن قال بعدمِ التكافؤِ في الدماءِ، بأنَّ الحُرَّ كاملُ الأمرِ في أحكامِ الإسلامِ، والعبدَ ناقصٌ في أحكامِ الإسلامِ.

ورُوِيَ في البابِ حديثُ ابنِ عباسٍ عن عمرَ، مرفوعًا:(لَا يُقَادُ مَمْلُوكٌ مِنْ مَالِكِهِ، وَلَا وَلَدٌ مِنْ وَالِدِهِ)(4)؛ ولا يصحُّ.

وذهَبَ أهلُ الكوفةِ - كأبي حنيفةَ، وأصحابِهِ - إلى تساوِي القِصاصِ بينَ الحرِّ والعبدِ؛ وقال به الثوريُّ، وابنُ أبي ليلى، والنَّخَعيُّ.

وصحَّ القولُ له عن سعدِ بنِ المسيَّبِ؛ رواهُ عبدُ الرزَّاقِ؛ مِن حديثِ سُهَيْلِ بنِ أبي صالحٍ، عن ابنِ المسيَّبِ؛ قال: "يُقْتَلُ به، لو كَانُوا

(1) ينظر: "الأم" للشافعي (6/ 26)، و"مسائل أحمد وإسحاق بن راهويه"(7/ 3332)، و"المغني"(8/ 278).

(2)

أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(27515)(5/ 413)، والدارقطني في "سننه"(3255)(4/ 155)، والبيهقي في "سننه الكبرى"(8/ 34)، وغيرهم.

(3)

أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"(18136، 18138)(9/ 490)، و (18140، 18141)(9/ 491)، و (18158)(10/ 6).

(4)

أخرجه الحاكم في "المستدرك"(2856)(2/ 234)، والبيهقي في "سننه الكبرى"(8/ 36)، وغيرهما.

ص: 186

مِئَةً، لَقَتَلْتُهُمْ به" (1).

وفيه حديثُ الحسنِ، عن سَمُرةَ بنِ جندبٍ، مرفوعًا:(مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ قَتَلْنَاهُ، وَمَنْ جَدَعَهُ جَدَعْنَاهُ)(2)؛ رواهُ أحمدُ، وأبو داودَ، وغيرُهما؛ ولا يصحُّ؛ فقد أنكَرَ شُعْبةُ وابنُ مَعِينٍ وغيرُهما سماعَ الحسنِ مِن سَمُرةَ، والحسنُ البصريُّ - راوِي الحديثِ عن سَمُرةَ - قال بخلافِه (3).

ولا يصحُّ في البابِ شيءٌ في السُّنَّةِ، وإنَّما هو قولٌ لبعض السلفِ مِن الصحابةِ والتابِعِينَ.

ورُوِيَ عن عليٍّ قولانِ في البابِ، ولا يصحُّ.

والأصحُّ القولُ الأوَّلُ؛ لأنَّه قولُ أبي بكرٍ وعمرَ، ولا يَنْبَغي أن يجتمِعَا على قولٍ، ويكونُ الصوابُ في قولِ غيرِهما، ولا يجتمعانِ إلا على أثرٍ وسُنَّةٍ؛ ولأجلِ هذا مالَ أئمَّةُ الأثرِ إلى قولِهما؛ مالكٌ، والشافعيُّ، وأحمدُ.

وقولُ اللَّهِ تعالى: {ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ} ؛ التخفيفُ بالدِّيَةِ، ولم تكنِ الديةُ حُكْمًا لدى بني إسرائيلَ؛ وإنَّما القِصَاصُ في العَمْدِ، ولكنَّ اللهَ خَفَّفَ على هذه الأُمَّةِ بجوازِ عفوِ أولياءِ الدمِ وقَبُولِ الديةِ أو العفوِ عنها أيضًا؛ وهذا مِن تمامِ رحمةِ اللهِ بأمَّةِ محمدٍ وتخفيفِهِ عليها.

روى ابنُ أبي حاتمٍ، عن سُفْيانَ بنِ عُيَيْنَةَ، عن عمرِو بنِ دِينارٍ، عن مجاهِدٍ، عن ابنِ عَبَّاسٍ؛ قال: كان فِي بني إِسْرائِيلَ القِصَاصُ، وَلم تَكُنْ

(1) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"(18132)(9/ 489).

(2)

أخرجه أحمد (20122)(5/ 11)، وأبو داود (4515)(4/ 176)، وغيرهما.

(3)

"تاريخ ابن معين""دوري"(4/ 229).

ص: 187

فيهمُ الدِّيَةُ، فقالَ اللَّهُ عز وجل لهذِهِ الأُمَّةِ:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} (1).

وروى ابنُ أبي حاتمٍ في "تفسيرِه"؛ مِن حديثِ عَلِيِّ بنِ أبي طَلْحة، عَنِ ابن عَبَّاسٍ؛ فِي قَوْلِهِ:{وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} "وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا لا يَقْتُلُونَ الرَّجُلَ بِالمَرْأَةِ، وَلَكِنْ كَانُوا يَقْتُلُونَ الرَّجُلَ بِالرَّجُلِ، وَالمَرْأَةَ بِالمَرْأَةِ؛ فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ} [المائدة: 45]، فَجَعَلَ الأَحْرَارَ فِي القِصَاصِ سَوَاءً فِيمَا بَيْنَهُمْ فِي العَمْدِ، سَوَاءً رِجَالُهُمْ وَنِسَاؤُهُمْ، فِي النَّفْسِ وَمَا دُونَ النَّفْسِ، وَجَعَلَ العَبِيدَ مُسْتَوِينَ فِيمَا بَيْنَهُمْ فِي العَمْدِ، وَفِي النَّفْسِ وَفِيمَا دُونَ النَّفْسِ، رِجَالُهُمْ وَنِسَاؤُهُمْ"(2).

والعفوُ: قَبُولُ الديةِ، ومَنْ عُفِيَ عنه، فليُؤَدِّ الديةَ بالمعروفِ؛ شكرًا لفضلِ أهلِ الفضلِ؛ روى ابنُ أبي حاتمٍ، عن عمرِو بنِ دِينارٍ، عن مجاهِدٍ، عنِ ابنِ عَبَّاسٍ؛ قَوْلَهُ:{فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} : فالعَفْوُ في أَنْ يَقْبَلَ الدِّيَةَ في العَمْدِ.

ورُوِيَ عن جابِرِ بنِ زَيْدٍ، وأبي العالِيةِ، ومجاهِدٍ، وعطاءٍ، وسعيدِ بنِ جُبَيْرٍ، ومقاتِلٍ، والحسنِ - نحوُ ذلكَ (3).

وعن عمرِو بنِ دِينارٍ، عن مجاهِدٍ، عن عبدِ اللهِ بنِ عمرٍو:{وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} ؛ قال: "ذلكَ في الدِّيَةِ"(4).

والعدوانُ بعدَ الديةِ مِن أولياءِ المقتولِ ظُلْمٌ وعُدْوانٌ جديدٌ؛ فالديةُ تَجُبُّ ما قبلَها، وتَنزِعُ أصلَ الحقِّ كلِّه، فلا يجوزُ لِمَنْ قَبِلَ الديةَ أنْ تأخُذَهُ الحميَّةُ فيَعتدِيَ؛ فذلك متوعَّدٌ بالعذابِ الأليمِ، وهو الموجِعُ المؤلِمُ.

(1)"تفسير ابن أبي حاتم"(1/ 293).

(2)

"تفسير ابن أبي حاتم"(1/ 294).

(3)

"تفسير ابن أبي حاتم"(1/ 293).

(4)

"تفسير ابن أبي حاتم"(1/ 296).

ص: 188

والقِصَاصُ حياةٌ للبشرِ؛ أيْ: حافِظٌ وضابِطٌ لأمنِ أنفسِهم، فإذا اقتُصَّ مِن أحدٍ، اعتبَرَ غيرُهُ وخافَ، وحَيِيَتْ نفوسٌ بالنفسِ المُقَادةِ بالقِصاصِ، ولا يُدرِكُ أبعادَ هذه الحِكَمِ إلا صاحبُ عَقْلٍ ولُبٍّ، وأمَّا مَن نظَرَ إلى الحُكْمِ بالنظرِ إلى حالةِ فردٍ أو أفرادٍ، فقد ظلَمَ في حُكْمِه؛ لعدمِ انتفاعِه بلُبِّهِ وعَقْلِه.

* * *

قال اللهُ تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} [البقرة: 180].

أصلُ الوصِيَّةِ معروفٌ في الجاهليَّةِ، وإنَّما دخَلَها تبديلٌ وتغييرٌ؛ بتقديمِ قريبٍ على قريبٍ، وحِرْمانِ مستحِقٍّ بالهَوَى والتعصُّبِ، والأموالُ حقوقٌ، والتغييرُ فيها والتعطيلُ والتبديلُ لها: ظلمٌ، وهذا الظلمُ يحتاجُ إلى بيانِ حُكْمِهِ، وإلى ضبطِ الوصيَّةِ؛ حتى يعلَمَ المُوصِي والموصَى له: ما له وما عليه؛ فبيَّنَ اللهُ شِرعتَهُ العادلةَ بقولِه: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ} .

وقد تقدَّم سابقًا الكلامُ على معنى: "كُتِبَ".

وإنَّما قال تعالى: "كُتِبَ"، ولم يقلْ:"كُتِبَتْ"، مع أنَّ المكتوبَ هو الوصيَّةُ، وهي موُنَّثةٌ؛ لأنَّ التأنيثَ لا على الحقيقةِ، ولأنَّه فُصِلَ بينَ المكتوبِ وفِعْلِه "كُتِبَ" بفاصلٍ.

وذكَرَ اللهُ حضورَ الموتِ، والمرادُ بحضورِهِ: ظهورُ علاماتِه؛ كالمَرَضِ المَخُوفِ، والكِبَرِ بمقاربةِ الهَرَمِ، أو قُرْبِ إقامةِ حدِّ القتلِ، أو مواجهةِ عدوٍّ يَغْلِبُ على الظنِّ معه عدمُ السلامةِ.

وهناك أحوالٌ دُونَها مَرْتَبةً يَظْهَرُ معها الخوفُ مِن المَوْتِ، لكنَّها

ص: 189

ليستْ سببًا غالبًا له؛ كركوبِ البحرِ، أو قصدِ السفرِ في متاهةٍ بَرِّيَّةٍ، ونحوِ ذلك.

والعربُ تسمِّي علاماتِ الموتِ وأسبابَهُ: مَوْتًا؛ قال رُوَيْشِدُ بنُ كَثِيرٍ الطَّائيُّ:

وَقُلْ لهُمْ بَادِرُوا بِالعُذْرِ وَالْتَمِسُوا

قَوْلًا يُبَرِّئُكُمْ إِنِّي أَنَا المَوْتُ (1)

فجعَلَ نفسَهُ هو الموتَ؛ لكونِهِ سببًا في حصولِه.

ومعنى قولِه تعالى: {إِنْ تَرَكَ} ؛ أيْ: قارَبَ أنْ يدَعَ مالَهُ وتَرِكَتَهُ لِمَنْ بعدَهُ، وهذا التركُ يفسِّرُهُ ما في سورةِ النساءِ؛ قال تعالى:{وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ} [النساء: 9].

وقولُه: {خَيْرًا} ؛ الخيرُ: هو المالُ؛ مِن النقدَيْنِ، وبهائمِ الأنعامِ، والزروعِ، والدُّورِ، وغيرِها، ويقولُ الناسُ: أُعطِيَ فلانٌ خيرًا؛ يعني: مالًا، وسُمِّيَ خيرًا؛ باعتبارِ أنَّ المقصِدَ مِن رزقِ الخالقِ له هو الانتفاعُ وكسبُ الخيرِ، ولكنْ قد يجعلُهُ الإنسانُ في شرٍّ، فيكونُ فعلُ الإنسانِ وتصرُّفُهُ فيه هو الشرَّ، وليس أصلَ المالِ.

روى ابنُ أبي حاتمٍ في "تفسيرِه"، عن عليِّ بنِ أبي طَلْحةَ، عن ابنِ عباسٍ: قوله: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا} ؛ يعني: مالًا (2).

وروى عن ابنِ أبي نَجِيحٍ، عن مجاهِدٍ؛ في قولِ اللَّهِ:{إِنْ تَرَكَ خَيْرًا} ؛ قال: مالًا (3).

ويُطلِقُ الناسُ كلمةَ الخيرِ على المالِ الكثيرِ لا القليلِ الذي لا يَكْفِي الإنسانَ وذريتَهُ؛ روى ابنُ أبي حاتمٍ في "تفسيرِه"، عن هشامِ بنِ عُرْوةَ، عن أبيهِ؛ أَنَّ عَلِيًّا دَخَلَ على رَجُلٍ مِن قَوْمِهِ يَعُودُهُ، فقالَ له:

(1)"غريب الحديث" للخطابي (2/ 72).

(2)

"تفسير ابن أبي حاتم"(1/ 299).

(3)

أخرجه مجاهد في "تفسيره"(1/ 220)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(1/ 299).

ص: 190

أَأُوصِي؟ فقالَ له عَلِيٌّ: إنَّما قَالَ اللَّهُ: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ} ، وإنَّكَ إنَّما تَرَكْتَ شيئًا يَسِيرًا، فاتْرُكْهُ لِوَلَدِكَ (1).

ورُوِيَ مِن حديثِ الحَكَمِ بنِ أَبَانَ، حدَّثنِي عِكْرِمةُ، عنِ ابنِ عَبَّاسٍ:{إِنْ تَرَكَ خَيْرًا} ؛ قال ابنُ عَبَّاسٍ: "مَن لم يَتْرُكْ سِتِّينَ دِينارًا، لم يَتْرُكْ خَيْرَا"، وقالَ الحَكَمُ:"لم يَتْرُكْ خَيْرًا مَن لم يَتْرُكْ ثَمَانِينَ دِينارًا"(2).

وبعضُ العلماءِ لم يفرِّقْ بين المالِ القليلِ والكثيرِ، إلا أنَّها تتأكَّدُ في المالِ الكثيرِ؛ لعِظَمِ الأمانةِ فيه، وأنَّ مَن ترَكَ مالًا كثيرًا يُخشى مِن فسادِهِ أو فسادِ الناسِ به، ربَّما أَثِمَ في عدمِ وصيَّتِهِ به، فالوصيةُ تضبِطُ الأمرَ وتسلِّطُ المالَ على هَلَكَتِه في الحقِّ.

والوصيَّةُ هي الأمرُ بفعلِ شيءٍ في حالِ غيابِ الآمِرِ أو وفاتِه، وغلَبَ استعمالُها بعدَ الموتِ، واستقَرَّ الاصطلاحُ الشرعيُّ على ما يأمُرُ بفعلِهِ الإنسانُ غيرَهُ عندَ قُرْبِ أَجَلِه؛ ومِن ذلك: ما في حديثِ العِرْباضِ بنِ سَارِيَةَ؛ قال: "وَعَظَنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَوْعِظةً وَجِلَتْ منها القلوبُ، وذَرَفَتْ منها العيونُ؛ فقُلْنا: يا رَسُولَ اللهِ، كأنَّها مَوْعِظةُ مُوَدِّعٍ فأَوْصِنا. . ."؛ الحديثَ؛ أخرَجَهُ أحمدُ، وأبو داودَ، والترمذيُّ (3).

وهذا ما ينبَغي للعاقلِ أنْ يُوصِيَ غيرَهُ بالحقِّ، فهو عندَ حضورِ الأَجَلِ أشدُّ وقعًا، وأصدَقُ معنًى؛ لخلوصِهِ مِن كلِّ مطمعٍ يُرجَى، وهكذا كان يُوصِي الأنبياءُ؛ قال تعالى:{أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي} [البقرة: 133]، وقال تعالى:{وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَابَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [البقرة: 132].

(1)"تفسير ابن أبي حاتم"(1/ 298).

(2)

"تفسير ابن أبي حاتم"(1/ 299).

(3)

أخرجه أحمد (17144)(4/ 126)، وأبو داود (4607)(4/ 200)، والترمذي (2676)(5/ 44)، وغيرهم.

ص: 191