الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال بالمعنى الضيِّقِ جماعةٌ مِن السلفِ؛ صَحَّ عنِ ابنِ عبَّاسٍ؛ رواهُ عنهُ عليُّ بنُ أبي طَلْحةَ، قال:"اللَّغْوُ مِن الأَيْمانِ: هي التي تُكَفَّرُ، لا يُؤَاخِذُ اللهُ بها"(1).
وصَحَّ عن النَّخَعيِّ، وجاء عنِ الضَّحَّاكِ وغيرِه؛ أخرَجَه ابنُ جريرٍ (2).
وجاء عن عليِّ بن أبي طَلْحةَ خلافُ ما رواهُ عنِ ابنِ عبَّاسٍ هنا (3).
وقال بالمعنى المتَّسِعِ أكثَرُ المفسِّرينَ مِنَ السَّلَفِ؛ صحَّ عن عائشةَ والشَّعْبيِّ والحسَنِ والنَّخَعيِّ ويحيى بنِ سعيدٍ وعليِّ بنِ أبي طَلْحةَ (4)، وقال به ابنُ جريرٍ الطبريُّ (5).
وحمَلَ بعضُ السلفِ لغوَ اليمينِ التي لا يؤاخَذُ عليها الإنسانُ على يمينِ المعصيةِ؛ فلا يؤاخَذُ بتركِهِ للوفاءِ بها؛ لتحريمِ عملِ المحرَّمِ، واليمينُ لا تَرفعُ التحريمَ، وهو قولٌ مرويٌّ عن الشَّعْبيِّ ومسروقٍ وسعيدِ بنِ جُبَيْرٍ (6).
وهو داخلٌ في اعتبارِ القصدِ على ما سَبَقَ؛ لأنَّ عقدَ القلبِ على المحرَّمِ باطلٌ، ووجودُ العقودِ المحرَّمةِ الباطِنةِ والظاهِرةِ كعَدَمِها.
تكفيرُ يمينِ المعصيةِ:
إلَّا أنَّ العلماءَ اختَلَفُوا في الكفَّارةِ في اليمينِ على فِعْلِ الحرامِ، مع اتفاقِهم على دخولِها في عدمِ المؤاخَذةِ بتركِ الوفاءِ بها، بل تحريمِ فعلِ المحرَّمِ ولو بيمينٍ:
(1)"تفسير الطبري"(8/ 621).
(2)
"تفسير الطبري"(8/ 622).
(3)
"تفسير الطبري"(8/ 620).
(4)
"تفسير الطبري"(8/ 618 - 620).
(5)
"تفسير الطبري"(8/ 622 - 623).
(6)
"تفسير الطبري"(4/ 27 - 29)، و"تفسير ابن أبي حاتم"(2/ 409).
رُوِيَ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ ومسروقٍ وابنِ جُبَيْرٍ: عدَمُ الكفَّارةِ.
روى شُعْبَةُ، عن عاصِمٍ، عن عِكْرِمةَ، عن ابنِ عَبَّاسٍ:"أَيُكفِّرُ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ؟ ! لَيْسَ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ".
وقال مسروقٌ: "كُلُّ يَمِينٍ لَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَفِيَ بِهَا، فَلَيْسَ فِيهَا كَفَّارَةٌ".
أخرَجَهُ ابنُ جريرٍ (1).
وأمَّا ما أخرَجَهُ أحمَدُ والطَّيَالِسيُّ والنَّسائيُّ وابن ماجَهْ مِن طريقِ عمرِو بنِ شُعَيْبٍ، عن أبيه، عن جَدِّه؛ الحديثَ، وفيه عِندَهم:(فَلْيَدَعْهَا، وَلْيَأْتِ الذي هُوَ خَيْرٌ؛ فَإِنَّ تَرْكَهَا كَفَّارَتُهَا)(2).
فهدا اللفظُ منكَرٌ؛ أنكَرَهُ الحُفَّاظُ كأبي داودَ؛ قال: "الأحاديثُ كلُّها: (فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ)، إلَّا شيئًا لا يُعبَأُ به"(3).
ولفظُ النَّسَائيِّ: (فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ، وَلْيَأْتِ الذي هُوَ خَيْرٌ)(4)، وهو أصحُّ.
ورُوِيَ نحوُ اللفظِ المنكَرِ السابقِ مِن حديثِ عائشةَ وأبي هُرَيْرةَ، ولا يصحُّ منها شيءٌ.
وفي مسلمٍ؛ مِن حديثِ عدِيِّ مِن وجهَيْنِ: ذِكْرُ التَّرْكِ، وليس فيه ذِكْرُ الكفَّارةِ؛ ولكن أخرَجَهُ مِن وجهٍ آخَرَ بذِكْرِ الكفَّارةِ (5).
وذِكْرُ الكفَّارةِ عند تركِ اليمينِ، وفِعْلُ الأَخْيَرِ مِن الأمرَيْنِ: صَحَّ في
(1)"تفسير الطبري"(4/ 29).
(2)
أخرجه الطيالسي في "مسنده"(2373)(4/ 18)، وأحمد (6990)(2/ 212)، وأبو داود (3274)(3/ 228)، والنسائي (3781)(7/ 10)، وابن ماجه (2111)(1/ 682).
(3)
"سنن أبي داود"(3/ 228).
(4)
أخرجه النسائي (3781)(7/ 10).
(5)
أخرجه مسلم (1651)(3/ 1273).