الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد بناهُ إبراهيمُ عليه السلام؛ مِن أجلِ عبادةِ اللهِ وتوحيدِه، يَذْهَبونَ ويَجِيئونَ إليه في مواسمَ معلومةٍ وغيرِ معلومةٍ.
ولذا قال تعالى: {مَثَابَةً لِلنَّاسِ} ؛ مِن "ثَابَ يثوبُ: إذا رجَعَ"، ويلُوذونَ به مِن كلِّ سوءٍ متى ما لَحِقَ بهم مرةً بعدَ مرةٍ.
رُوِيَ هذا المعنى عن أبي العاليةِ (1)، وسعيدِ بنِ جُبَيْرٍ في إحدى روايتَيْه (2)، وعطاءٍ (3)، ومجاهدٍ (4)، والحسنِ (5)، وعطيةَ (6)، والربيعِ بنِ أنسٍ (7)، والسُّدِّيِّ (8)، وغيرِهم.
وقيل: مَجْمَعًا للناسِ؛ رُوِيَ هذا عن سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ، وعِكْرِمةَ، وغيرِهما (9).
مشروعيَّةُ المتابَعَةِ بين الحجِّ والعمرةِ:
وعلى التفسيرِ الأولِ: ففي الآيةِ دليلٌ على مشروعيَّةِ المتابَعَةِ بينَ الحجِّ والعمرةِ؛ وهذا المعنى مِن قولِه: {مَثَابَةً لِلنَّاسِ} ؛ ففي "المسندِ"، و"السننِ"، عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ؛ قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (تَابِعُوا بَيْنَ الحَجِّ وَالْعُمْرَةِ؛ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ والذُّنُوبَ؛ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الحَدِيدِ وَالذَّهَبِ والْفِضَّةِ، وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ المَبْرُورَةِ ثَوَابٌ دُونَ الجَنَّةِ)(10).
ورُوِيَ في "المسندِ"، عن عمرَ وعامرِ بنِ ربيعةَ، نحوُهُ (11).
= و"ثمار القلوب"(1/ 16)، و"خزانة الأدب" للبغدادي (3/ 7).
(1)
"تفسير ابن أبي حاتم"(1/ 225).
(2)
"تفسير الطبري"(3/ 519 - 520).
(3)
"تفسير الطبري"(2/ 519).
(4)
"تفسير الطبري"(2/ 518).
(5)
"تفسير الرازي"(4/ 41).
(6)
"تفسير الطبري"(2/ 519).
(7)
"تفسير الطبري"(2/ 520).
(8)
"تفسير الطبري"(2/ 518).
(9)
"تفسير ابن أبي حاتم"(1/ 225).
(10)
أخرحه أحمد (3669)(1/ 387)، وغيره.
(11)
أخرجه أحمد (167)(1/ 25).
وتَكْرارُ الحجِّ والعمرةِ لا حدَّ له، إلا أنَّه ينبغي للمعتمرِ أنْ يعتمِرَ في كلِّ سَفْرةٍ مرةً واحدةً، ولو تقاربَتِ الأيامُ.
وإنْ حجَّ الإنسانُ في كلِّ عامٍ، فذاك عملٌ جليلٌ، وإنْ حجَّ كلَّ خمسةِ أعوامٍ، فقد روى سعيدُ بنُ منصورٍ، وابنُ حِبَّانَ، والبيهقيُّ، والطَّبَرانيُّ؛ مِن حديثِ العلاءِ بنِ المسيَّبِ، عن أبيهِ، عن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ؛ أنَّ رسولَ اللهِ قال:(يَقُولُ اللهُ عز وجل: إِنَّ عَبْدًا أصْحَحْتُ لَهُ بَدَنَهُ، وأَوْسَعْتُ عَلَيْهِ فِي الرِّزْقِ، لَمْ يَفِدْ إِلَيَّ فِي كُلِّ أَرْبَعَةِ أعْوَامٍ لمَحْرُومٌ)(1).
وروى البيهقيُّ؛ مِن حديثِ العلاءِ بنِ عبدِ الرحمنِ، عن أبيهِ، عن أبي هريرةَ، مرفوعًا، وقال:(فِي كُلِّ خَمْسَةِ أَعْوَامٍ)(2).
ورُوِيَ عن العلاءِ بنِ المسيَّبِ، عن أبيهِ، عن أبي هريرةَ (3).
وهو وَهَمٌ، والصحيحُ: أنَّه عن العلاءِ بنِ المسيَّبِ، واختُلِفَ عليه فيه:
تارَةً: عن أبيهِ، عن أبي سعيدٍ؛ أخرَجَهُ سعيدٌ، وابنُ حِبَّانَ، والبيهقيُّ، والطبرانيُّ، مرفوعًا (4)، وجاء هذا موقوفًا؛ أخرَجَهُ عبدُ الرزَّاقِ (5).
وتارَةً: عن أبيهِ، عن أبي هريرةَ؛ ذكَرَه ابنُ أبي حاتمٍ في "عِلَلِهِ" موقوفًا ومرفوعًا (6).
(1) أخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(. . .)، وابن حبان في "صحيحه"(3703)(9/ 16)، والبيهقي في "الكبرى"(5/ 262)، والطبراني في "الأوسط"(486)(1/ 155).
(2)
أخرجه البيهقي في "الكبرى"(5/ 262).
(3)
"السنن الكبرى" للبيهقي (5/ 262).
(4)
تقدم تخريجه.
(5)
أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"(8826)(5/ 13).
(6)
انظر: "علل ابن أبي حاتم"(3/ 264)، و (3/ 282).
وتارةً: عن يونُسَ بنِ خَبَّابٍ، عن أبي سعيدٍ، أخرَجَهُ الدارقطنيُّ في "العللِ"، والبيهقيُّ، والخطيبُ البغداديُّ في "تاريخِ بغدادَ"(1).
وروايةُ يونسَ تارَةً مرفوعًا، ومنهم مَن يَقِفُهُ (2).
قال أبو حاتمٍ وأبو زُرْعَةَ في حديثِ أبي هريرةَ: "هذا عندَنا منكَرٌ مِن حديثِ العلاءِ بنِ عبدِ الرحمنِ، وهو مِن حديثِ العلاءِ بنِ المسيَّبِ أَشْبَهُ"(3).
وأنكَرَهُ البخاريُّ وابنُ عديٍّ (4).
والذي يَرْوِيهِ عن العلاءِ بنِ عبدِ الرحمنِ: صدقةُ بنُ يزيدَ؛ وهو ضعيفٌ؛ تفرَّدَ به عن العلاءِ، عن أبيهِ، عن أبي هريرةَ (5).
وقال أبو حاتمٍ: "والناسُ يضطرِبونَ في حديثِ العلاءِ بنِ المسيَّبِ"(6).
ووصَفَهُ مَرَّةً بالاضطرابِ (7).
ويميلُ أبو حاتمٍ إلى أنَّ الأرجحَ فيه: مِن حديثِ العلاءِ بنِ المسيَّبِ، عن يونسَ بنِ خَبَّابٍ، عن أبي سعيدٍ، وهو موقوف مرسل أشبهُ.
(1)"علل الدارقطني"(11/ 310)، و"السنن الكبرى" للبيهقي (5/ 262)، "تاريخ بغداد"(9/ 263).
(2)
ينظر: "علل ابن أبي حاتم"(3/ 283).
(3)
ينظر: "علل ابن أبي حاتم"(3/ 282).
(4)
ينظر: "التاريخ الكبير"(4/ 295)، و"الكامل في ضعفاء الرجال"(5/ 123).
(5)
"التاريخ الكبير" للبخاري (4/ 295)، و"الضعفاء الكبير" للعقيلي (2/ 206)، و"الضعفاء والمتروكون" للنسائي (1/ 58)، و"الجرح والتعديل"(4/ 431)، و"المجروحين" لابن حبان (1/ 374)، و"الكامل في ضعفاء الرجال"(5/ 122).
(6)
ينظر: "علل ابن أبي حاتم"(3/ 282).
(7)
ينظر: "علل ابن أبي حاتم"(3/ 283).