الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويُروى هذا عن عمرَ بنِ الخطَّابِ (1)
وإذا أمكَنَ الجمعُ بينَهما ما لم يتَجاوَزَا الثُّلُثَ، فيُجمَعُ بينَهما، وإلَّا فالأخيرةُ منهما.
روى ابنُ أبي شَيْبةَ، عن مَعْمَرٍ، عن الزُّهْريِّ؛ قال:"إذا أَوْصى الرَّجُلُ بوصيَّةٍ، ثمَّ نقَضَها، فهي الآخِرةُ، وإنْ لم يَنْقُضْها، فإنَّهما تَجُوزَانِ جميعًا في ثُلُثِهِ بالحِصَصِ"(2).
وقال أبو حنيفةَ: "إن لم يكُنْ للمُوصِي وَرَثةٌ - ولو عَصَبةً - دُونَ بيتِ المالِ، جازَ للمُوصِي أن يُوصيَ بجميعِ مالِه، ومَضَى ذلك؛ أخذًا بالإيماءِ إلى العِلَّةِ في قولِهِ: (إِنَّكَ أَنْ تَدَعَ وَرَتَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ). . . الحديثَ"(3).
وقال: "إنَّ بيتَ المالِ جامعٌ لا عاصبٌ".
ورُوِيَ أيضًا عن عليٍّ وابنِ عبَّاسٍ ومسروقٍ وإسحاقَ بنِ راهَوَيْهِ.
موتُ الفجأةِ وعدمُ الوصيَّةِ:
ومَن مات مِن غيرِ وصيَّةٍ، كمَن أُخِذَ فَجْأةً، وله مالٌ -: استُحِبَّ التصدُّقُ عنه مِن مالِه، بما لا يُجحِفُ بحقِّ الوَرَثةِ، ولا يزيدُ عن ثُلُثِ المالِ؛ لقد روى البخاريُّ ومسلمٌ وأبو داودَ وغيرُهم؛ مِن حديثِ عُرْوةَ، عن عَائِشةَ؛ أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أُمِّيَ افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا، وَلَوْلَا ذَلِكَ، لَتَصَدَّقَتْ وَأَعْطَتْ، أَفَيُجْزِئُ أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهَا؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:
(1) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(30737)(6/ 210).
(2)
أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(30736)(6/ 210).
(3)
سبق تخريجه.
(نَعَمْ، فَتَصَدَّقِي عَنْهَا)(1).
وروى أبو داودَ؛ مِن حديثِ عمرِو بنِ شُعَيْبٍ، عن أبيهِ، عن جَدِّهِ: "أَنَّ الْعَاصَ بنَ وَائِلٍ أَوْصَى أَنْ يُعْتَقَ عَنْهُ مِئَةُ رَقَبَةٍ، فَأَعْتَقَ ابْنُهُ هِشَامٌ خَمْسِينَ رَقَبَةً، فَأرَادَ ابْنُهُ عَمْرٌو أَنْ يُعْتِقَ عَنْهُ الْخَمْسِينَ الْبَاقِيَةَ، فَقَالَ: حَتَّى أَسْأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أبِي أَوْصَى بِعِتْقِ مِئَةِ رَقَبَةٍ، وَإِنَّ هِشَامًا أَعْتَقَ عَنْهُ خَمْسِينَ، وَبَقِيَتْ عَلَيْهِ خَمْسُونَ رَقَبَةً، أَفَأُعْتِقُ عَنْهُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:(إِنَّهُ لَوْ كَانَ مُسْلِمًا، فَأَعْتَقْتُمْ عَنْهُ، أَوْ تَصَدَّقْتُمْ عَنْهُ، أَوْ حَجَجْتُمْ عَنْهُ - بَلَغَهُ ذَلِكَ)(2).
قال الشافعيُّ في القديمِ: "وبهذا نأخُذُ، وقد أعتَقَتْ عائشةُ عن أخيها، ومات مِن غيرِ وصيَّةٍ"(3).
* * *
بدأ اللهُ الآيةَ بخطابِ المؤمنينَ؛ لأنَّ السُّورةَ مدَنيَّةٌ، والخطابَ
(1) أخرجه البخاري (2760)(4/ 8)، ومسلم (1004)(2/ 696)، وأبو داود (2881)(3/ 118)، وغيرهم.
(2)
أخرجه أبو داود (2883)(3/ 118)، وغيره.
(3)
ينظر: "معرفة السنن والآثارِ" للبيهقي (9/ 198).