الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد جعَلَ اللهُ تعالى النفقةَ للزوجةِ وللمطلَّقةِ الرجعيَّةِ؛ لكونِها في بيتِه وفي عِصْمَتِه، ما لم تخرُجِ المطلَّقةُ مِن عدَّةِ طلاقِها.
خروجُ المتوفَّى عنها من بيت زوجها:
وخروجُ المرأةِ مِن بيتِ زوجِها جائزٌ، وفي الآيةِ أنَّه حقٌّ، والحقُّ يسقُطُ إنِ اختِيرَ غيرُهُ؛ ولذا قالَ:{فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ} ، فسمَّى اللهُ ما تفعلُهُ في نفسِها بعدَ خروجِها قبلَ الحَوْلِ معروفًا، ولو كانت غيرَ مختارةٍ للخروج، والتربُّصُ واجبًا عليها، لم يَرفَعِ اللهُ الحرَجَ، ولم يُسمِّ فِعْلَها معروفًا.
وعِدَّةُ المتوفَّى عنها زوجُها أربعةُ أشهرٍ وعشرٌ، ولها أن تتزوَّجَ بعدَ عِدَّتِها، ولا يُجِيزُ لها الشارعُ الزواجَ بعد زوجِها المتوفَّى بعدَ عِدَّةِ الوفاةِ أربعةِ أشهرٍ وعشرٍ، ثمَّ يُوجِبُ عليها التربُّصَ حولًا في بيتِهِ؛ وهذا مِن قرائنِ نَسْخِ الآيةِ بآيةِ عِدَّةِ الوفاةِ السابقةِ.
* * *
قال تعالى: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} [البقرة: 241].
وللمطلَّقةِ حقٌّ في إمتاعِها بالنفقةِ والسُّكْنَى والكِسْوةِ، وهذا تمامُ المتاعِ، وهو حقٌّ لها؛ لقولِهِ:{وَلِلْمُطَلَّقَاتِ} ، واللامُ للاستحقاقِ؛ فهو حقٌّ لَهُنَّ؛ إنْ شِئْنَ أَخَذْنَهُ، وإنْ شِئْنَ أسقَطْنَه.
والمطلَّقةُ على حالَيْنِ:
الأُولى: مطلَّقةٌ مبتوتةٌ لا رَجْعةَ لها، والمبتوتةُ إمَّا أن تكونَ حامِلًا أو حائِلًا (غيرَ حاملٍ)؛ فالحاملُ لها النفقةُ حتَّى تضعَ حَمْلَها باتفاقِ العلماءِ.
وإذا كانت حائلًا، فقد اختلَفَ العلماءُ في نفقتِها على قولَيْنِ:
القولُ الأوَّلُ: أنْ لا نفقةَ لها؛ وهذا قولُ جمهورِ الفقهاءِ.
القولُ الثاني: أنَّ لها النفقةَ والسُّكْنَى، وهو قولُ الحنفيَّةِ، ونُسِبَ لابنِ أبي ليلى والثَّوْريِّ.
الثانيةُ: مطلَّقةٌ رجعيَّةٌ غيرُ مبتوتةٍ، فجمهورُ العلماءِ: على أنَّ لها النَّفَقةَ وجوبًا؛ لكونِها في عِصْمَتِه، ومعدودةً زَوْجةً له، تَرِثُهُ ويَرِثُها حتَّى تخرُجَ مِن عِدَّتِها.
ومتعةُ المطلَّقةِ واجبةٌ على الصحيحِ؛ لظاهرِ الآيةِ وعمومِها، ولقولِهِ تعالى:{وَمَتِّعُوهُنَّ} [البقرة: 236]، وهو أمرٌ يُحمَلُ على ظاهرِهِ، ولقولِه:{وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} ، والحقوقُ الأصلُ فيها الوجوبُ.
ورُوِيَ هذا القولُ عن عُمَرَ وعليٍّ وسعيدِ بنِ جُبَيْرٍ والحسَنِ، وروايةٌ عن أحمدَ حكاها عنهُ حَنْبَلٌ، بل قال ابنُ تيميَّةَ: بالمتعةِ لكلِّ مطلَّقةٍ وجوبًا، إلَّا التي لم يُدخَلْ بها وقد فُرِضَ لها، وهي روايةٌ عن أحمدَ أيضًا.
وقال مالكٌ وأبو عُبَيْدٍ وشُرَيْحٌ القاضي: بالاستحبابِ.
وصَرَفوا الأمرَ إلى الاستحبابِ؛ لقولِه: {حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} ، مع قولِه في حُكْمِ المتاعِ:{حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 236]، فالإحسانُ مرتبةٌ تزيدُ على الواجباتِ؛ فجعَلَها حقًّا ولكنْ على المحسِنينَ، فلم يَجْعَلْها عامَّةً على كلِّ أحدٍ.
والمُختلِعةُ والمُلاعَنةُ والمُصالَحةُ: لا مُتْعةَ لها.
ونصَّ غيرُ واحدٍ مِن الشافعيَّةِ: أنَّ كلَّ طلاقٍ سببُهُ المرأةُ لِطَلَبِها إيَّاه فلا مُتْعةَ لها فيه؛ لأنَّها مَن زَهِدَ في صُحْبةِ الزوجِ ولم يَزْهَدْ هو