الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَطَّوَّفَ بِهِمَا"، فعاودتُّهُ بعدَ ذلك، فقلتُ: إنَّه قد ترَكَ سُنَّةَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: ألا تسمعُهُ يقولُ: {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا} [البقرة: 184]؟ فأَبَى أن يجعَلَ عليه شيئًا (1).
وقراءةُ: "فلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَلَّا يَطَّوَّفَ بِهِمَا"، حمَلَها بعضُ الأئمةِ على أنَّ "لَا" التي بعدَ "أَنْ" صِلَةٌ في الكلامِ، حيثُ سبَقَها جَحْدٌ في الكلامِ، وهو قولُه:{فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ} ؛ وذلك كقولِهِ تعالى {قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} [الأعراف: 12]، والمرادُ: ما منَعَك أنْ تسجُدَ.
قال جَرِيرٌ:
مَا كَانَ يَرْضَى رَسُولُ اللهِ فِعْلَهُمَا
…
والطَّيِّبَانِ أَبُو بَكْرٍ وَلا عُمَرُ
قاله ابنُ جريرٍ الطَّبَريُّ (2).
وقولُ اللهِ تعالى: {وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} ؛ المرادُ: التطوُّعُ بينَهما في الحجِّ والعمرةِ، وليس المرادُ السعيَ تطوُّعًا؛ كما يتطوَّعُ الطائفُ بلا نُسُكٍ؛ فإنَّ التطوُّعَ بدعةٌ في قولِ الجماهيرِ.
قراءةُ الآية عند بَدْءِ السعي:
والنبيُّ صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآيةَ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} ، عندَ صعودِه على الصَّفا، وتلاوتُها ليستْ مِن النُّسُكِ؛ وإنَّما للاستِدلالِ بها علي البَدَاءَةِ بالصَّفَا، ولو تلاها الإنسانُ كذلك، فلا بأسَ؛ على هذا المعنى؛ وهي كقولهِ في حديثِ جابرٍ:{وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125] عندَ المَقَامِ (3)؛ فهما في سياقٍ واحدٍ؛ رواهُ مسلمٌ وغيرُهُ.
البدءُ بالصفا عندَ السعي:
وإنَّما بدَأَ النبيُّ بالصَّفا؛ لبَداءةِ القرآنِ بها؛ كما في حديثِ جابرٍ
(1)"تفسير الطبري"(2/ 722).
(2)
ينظر: "تفسير الطبري"(2/ 727).
(3)
أخرجه مسلم (1218)(2/ 886).