الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة الرّابعة والسّتّون بعد المئة [قتل المؤذي]
أولاً: لفظ ورود القاعدة:
كلّ ما فيه أذى للنّاس في أنفسهم أو في أموالهم يباح قتله (1).
ثانياً: معنى هذه القاعدة ومدلولها:
هذه القاعدة تدخل تحت قاعدة "لا ضرر ولا ضرار" و"الضّرر مرفوع ومدفوع". وهذه القاعدة وإن وردت فيما يؤذي المحرم من السّباع والهوام خاصّة لكن معناها عام.
ومفادها: أنّ ما يؤذي الناس في أنفسهم وأبدانهم فيسبب لهم الهلاك أو الجرح، أو يؤذيهم في أموالهم بالإتلاف وأعراضهم بالانتهاك يباح قتله دفعاً لشرّه وأذاه إذا لم يمكن دفعه بغير القتل. ولكن إذا أمكن دفع شرّه وأذاه بغير القتل فلا يجوز قتله إلا إذا كان طبعه الأذى.
ثالثاً: من أمثلة هذه القاعدة ومسائلها:
الكلب العقور والسّبع الضّاري والحيّة وغيرها إذا بدأت المحرم بالعدوان فقتلها فلا شيء عليه؛ لأنّه قتلها دفاعاً عن نفسه ودفعاً لأذاها وشرّها. ولكن إذا قتلها بدءاً بدون أن تبدأه بالأذيّة فعليه الجزاء إلا ما نُصَّ على جواز قتله في الحلّ والحرم.
(1) المغني جـ 3 ص 342، جـ 4 ص 281.
ومنها: قتل الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور جائز في الحلّ والحرم سواء بدأ بالأذى أو لم يبدأ للحديث المتّفق عليه عن عائشة رضوان الله عليها وعلى أبيها أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "خمس من الدّواب كلّهن فاسق يقتلن في الحلّ والحرم: الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور"(1). ويقاس على الكلب العقور كلّ ما آذى الناس وضرّهم في أنفسهم وأموالهم من الكواسر كالذّئب.
ومنها: إذا عدا عليه مجنون أو سكران أو جمل صائل أو ثور هائج فأمكن دفعه بدون القتل فلا يجوز قتله، وأمّا إن لم يمكن دفعه بغير القتل فلا جناح عليه في قتله دفعاً لشرّه وأذاه عن نفسه. ولكن إذا قتله في هذه الحال هل تلزمه الدّية والضّمان؟ خلاف.
ومنها: إذا عدا عليه قاطع طريق يريد ماله أو نفسه أو عرضه فدافعه فقتله، فلا شيء عليه ديناً أو دنيا للحديث "من قتل دون ماله فهو شهيد" فيه على سعيد بن زيد وابن عمر وأبي هريرة رضي الله
(1) وقد ذكرت الحية في حديث آخر عن ابن عمر رضي الله عنهما أخرجه الإمام مسلم، وعن ابن عباس رضي الله عنهما مثله: أخرجه الإمام أحمد. ينظر منتقى الأخبار جـ 2 ص 254 - 255.
عنهم (1).
وحديث أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله سائل: إن عدا عليّ عادٍ؟ فأمره أن ينهاه ثلاث مرّات. قال: فإن أبى. فأمره بقتاله. قال: فكيف بنا؟ قال: "إن قتلك فأنت في الجنّة، وإن قتلته فهو في النار"(2).
(1) ينظر سنن ابن ماجه الأحاديث 2580 - 2582.
(2)
رواه أحمد والطبراني والبزار ورجالهم ثقات. ينظر مجمع الزوائد حديث 10470 جـ 6 ص 368.