الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فمفاد القاعدة: أنّه إذا تزوّج رجل امرأة بعقد فقد بعض شروطه المتّفق عليها أو مَلَك أَمَة بصفة غير متّفق عليها - وكان الواطئ لا يعتقد حِلَّ وطء هذه المرأة لفقدان ذلك الشّرط فإنّه لا حدَّ على هذا الواطئ لسببين: الأوّل: شبهة العقد أو الملك. والثّاني: كون بعض الأئمة أحلّ الوطء مع فقدان ذلك الشّرط أو نقصان تلك الصّفة. ولكن بشرط أن يكون للمخالف مستند قوي بعض القوّة للقول بالحلّ، وإذا كان المستند ضعيفاً فلا يعتبر.
ولكن سقوط الحدّ - في الحقيقة - لا يمنع تعزير الواطئ بما يراه الإِمام؛ لأنّه أقدم على وطء يعتقد حرمته، فهو مستهتر يستحق العقوبة التعزيريّة وإن سقط الحدّ.
ثالثاً: من أمثلة هذه القاعدة ومسائلها:
رجل تزوّج امرأة بغير ولي - ووطئها وهو يعتقد عدم صحّة العقد عليها - فلا يُحَدّ؛ لأنّ بعض الأئمة وهو أبو حنيفة رحمه الله صحّح العقد بدون ولي.
ومنها: تزوّج امرأة بغير شهود ودخل بها - وهو يعتقد حرمة وطئها - كذلك لا يحدّ؛ لأنّ مالكاً رحمه الله أجاز العقد بغير شهود (1).
(1) اختلاف العلماء للمروزي ص 123. وينظر عقد الجواهر جـ 2 ص 14.
ومنها: اشترى أمة مجوسيّة أو وثنيّة ووطئها - وهو يعتقد حرمة وطئها -؛ لأنّ الأكثرين على عدم جواز وطء الأمّة المجوسيّة أو الوثنيّة، بل وذكر الاتّفاق على عدم جواز نكاح المجوسيّة والوثنيّة (1). فهذا أيضاً لا يقام عليه حدّ الزّنا؛ لأنّ من الأئمة من صحّح وطء الأمّة المجوسيّة أو الوثنيّة أخذاً بعموم قوله تعالى:{أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} (2). وذكر ابن السّبكي (3): أنّ الإِمام أبو بكر الفارسي (4) صاحب كتاب عيون المسائل ذهب إلى أنّ للحاكم أن يزوّج الحرّة المجوسيّة (5).
(1) الإفصاح جـ 2 ص 127.
(2)
الآية 3 من سورة النساء.
(3)
ابن السبكي هو الإِمام تاج الدين عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي السبكي المتوفي سنة 771 هـ. وقد سبقت له ترجمة.
(4)
أبو بكر الفارسي الإمام أحمد بن الحسن بن سهل صاحب كتاب عيون المسائل وهو إمام جليل اختلف في وفاته وفي ترجمته، ينظر الطبقات الكبرى جـ 1 ص 186، وفي كشف الظّنون أحمد بن الحسين المتوفى سنة 305 هـ جـ 2 ص 1188. له ترجمة في طبقات ابن هداية الله وقال: مات في حدود سنة 350. وينظر تهذيب الأسماء واللغات للنووي جـ 2 ص 195.
(5)
أشباه ابن السبكي جـ 1 ص 396.
كما ذهب ابن حزم (1) رحمه الله إلى جواز نكاح حرائر المجوس بناء على وجوب الجزية عليهم إذا اعتبر أن المجوس من أهل الكتاب (2)، وكذلك قال أبو ثور (3). (4)
وينسب إلى مالك رحمه الله إباحه نكاح المجوسيّة بملك اليمين، وإباحة إجبارها على الإِسلام، وذكر ابن عبد البر (5) خلاف ذلك حيث قال: ليس لمسلم أن يتزوّج مشركة وثنيّة أو غير وثنيّة أو مجوسيّة، وحرام عليه وطء هؤلاء بنكاح أو ملك يمين (6).
وقال في المدوّنة في المجوسي يسلم وتحته مجوسيّة:
(1) ابن حزم الإِمام علي بن أحمد بن سعيد الطاهري أبو محمَّد عالم الأندلس في عصره وأحد أئمة الإسلام، ولد بقرطبة، من مؤلفاته: الإحكام والمحلى والفِصَل، توفي سنة 456 هـ. الأعلام جـ 4 ص 254 مختصراً. وله ترجمة في عامة كتب التراجم.
(2)
المحلَّى لابن حزم جـ 9 ص 445.
(3)
أبو ثور إبراهيم بن خالد الكلبي البغدادي الفقيه توفي سنة 240 هـ، له ترجمة في تاريخ بغداد جـ 6 ص 65 وغيره وقد سبقت ترجمته.
(4)
المجموع شرح المهذب جـ 15 ص 123 - 124.
(5)
ابن عبد البر يوسف بن عبد الله بن محمَّد النمري القرطبي حافظ المغرب المتوفي سنة 463 هـ وقد سبقت له ترجمة.
(6)
الكافي جـ 2 ص 543.