الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة الثّالثة [الإشارة]
أولاً: لفظ ورود القاعدة:
للإشارة عموم كما للعبارة (1). أصولية فقهية
ثانياً: معنى هذه القاعدة ومدلولها:
المراد بالعبارة: دلالة النّص بحسب معناه اللغوي الّذي سيق له.
والمراد بالإشارة - عند الأصولييّن -: دلالة اللفظ لا في محل النّطق، وهو العمل بما ثبت بنظم النّص لغة، لكنّه غير مقصود ولا سيق له النّص، وليس بظاهر من كلّ وجه، حتى لا يفهم بنفس الكلام من أوّل وهلة (2).
فمفاد القاعدة: أنّ لدلالة اللفظ بإشارته كما لدلالته بعبارته من حيث كونه يجوز أن يكون عامّاً قابلاً للتّخصيص.
ثالثاً: من أمثلة هذه القاعدة ومسائلها:
في قوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} (3). دلّ هذا النّص بإشارته على جواز إصباح الإنسان جُنُباً، ولا يضرّ ذلك بصومه؛ لأنّ له أن
(1) كشف الأسرار شرح المنار جـ 1 ص 381 وعنه قواعد الفقه ص 103.
(2)
نفس المصدر ص 375.
(3)
الآية 187 من سورة البقرة.
يجامع أهله إلى طلوع الفجر، فلا يبقى له وقت للغسل إلا بعد الفجر، فدلّ ذلك على جواز إصباحه جنباً وجواز صومه. وهذا متّفق عليه.
ومنها: في قوله تعالى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (1) فدلالة النّص بحسب معناه اللغوي هو وجوب نفقة الصّغير على والده، ودلالته بحسب نظمه - وهو دلالة الإشارة - أنّ نسب الولد إلى الأب؛ لأنّ اللام تدلّ على الاختصاص في قوله سبحانه {له} . وأيضاً فالمولود له لفظ عام بدلالة اللام، ولكن خُصّ منه عدم إباحة وطء الأب جارية ابنه فلا تحلّ له، وإن كان لا يحدّ للشّبهة فيجب عليه قيمتها لولده (2). وإن كانت اللام تستلزم أن يكون الولد وأمواله ملكاً للأب مختصّاً به.
ومنها: قوله تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ} (3)، فإنه سيق لبيان علو درجات الشّهداء ولكن يفهم منه إشارة أنّه لا يصلَّى عليه؛ لأنّه حيّ، والحيّ لا يصلى عليه، ثم خصّ من عمومه حمزة ومن معه رضي الله عنهم، فإنّه عليه الصلاة والسلام صلّى عليه سبعين صلاة (4).
(1) الآية 233 من سورة البقرة.
(2)
كشف الأسرار جـ 1 ص 382.
(3)
الآية 154 من سورة البقرة.
(4)
أحاديث الصّلاة على شهداء أحد لا تخلو من ضعف والأرجح أنّه عليه الصلاة والسلام لم يصلّ عليهم، ينظر المنتقى جـ 5 ص 71 فما بعدها.