الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجب العمل بالفرض وترك المباح لترجّح جانب الفرض بالطّلب الجازم.
وكذلك لا معارضة بين الفرض والمستحبّ؛ لأنّ الفرض أقوى، ولذلك لا يجوز ترك واجب لإدراك مستحبّ أو مندوب؛ لأنّ ترك الواجب - أي الفرض - يترتّب عليه إثم، وفعل المستحبّ - وإن كان يترتّب على فعله أجر - لكن لا إثم في تركه بخلاف الواجب.
ثالثاً: من أمثلة هاتين القاعدتين ومسائلهما:
إذا استولى المسلمون على حصن، وأخذوا مَن فيه أسرى، وأرادوا قتل الرّجال المحاربين منهم، وكان بينهم ذمّيّ أسير، أو دخل الحصن أو المدينة لتجارة أو عمل، ولا يعرف من بينهم، فإنّه لا ينبغي للإمام أن يقتل أحداً منهم؛ لأنّ قتل الأسير مباح، والتّحرّز عن قتل الذّمّيّ واجب، ولا معارضة بين الفرض والمباح.
ومنها: إذا أسلم قبل الفتح بعض أهل الحصن، ولم يخرجوا حتّى ظهر عليهم المسلمون واستولوا على الحصن، فادّعى كلّ واحد منهم أنّه هو الّذي أسلم. كانوا جميعاً فيئاً إلا مَن عُرِف بعينه أنّه أسلم قبل فتح الحصن، فحينئذ يكون حرّاً هو وأولاده الصّغار ويسلّم له ماله؛ لأنّه لو لم يفعل ذلك لما أمكن سبي أهل مدينة علمنا أنّ فيهم مسلماً واحداً أو ذمّيّاً واحداً لا يعرف بعينه. فيسبون جميعاً حتى يُعرف المسلم أو الذّمّيّ بعينه.
ومن أمثلة الثّانية:
إذا أراد أهل الحرب مفاداة بعض أسارى المسلمين الأحرار ببعض أساراهم المسلمين عندهم الرّجال بالرّجال، والنّساء بالنّساء، والصّبيان بالصّبيان. فإذا رضي المسلمون بذلك، ثمّ جاءوا بالأسراء فأراد الأمير المسلم أن يأخذهم ولا يعطيهم فداءهم، فهذا واسع له أن يفعله - أي يجوز له -؛ لأنّ أهل الحرب لم يملكوهم، وهم ظالمون في حبسهم. (وإعطاء الأمان على التّقرير على الظّلم لا يجوز).
وأمّا إذا فادوهم بمال فالمستحبّ لهم الوفاء بما عاملوهم عليه لئلا ينسبوا إلى الغدر، وليطمئنوا إليهم في مثل هذا في المستقبل، بخلاف الأسارى أو السّلاح إذا وقعت المفاداة بها؛ لأنّ الامتناع من ردّ ذلك عليهم واجب شرعاً ولا يجوز ترك الواجب للاستحباب. والمستحبّ هنا الوفاء بما وقع الصّلح به من الأسارى المسلمين لا المال؛ لأنّ الامتناع من دفع المال إليهم مستحبّ وليس بواجب شرعاً وتخليص المسلمين واجب شرعاً.