الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة الرّابعة والعشرون [اللفظ واقتضاؤه]
أولاً: لفظ ورود القاعدة:
اللفظ محمول على ما يقتضيه ظاهره لغة أو شرعاً أو عرفاً، ولا يحمل على الاحتمال الخفي ما لم يقصد، أو يقترن به دليل (1).
ثانياً: معنى هذه القاعدة ومدلولها:
كلّ لفظ له دلالة ظاهرة متبادرة إلى ذهن السّامع، واحتمالات دلالات اللفظ ثلاثة: وهي معناه في اللغة، أو في الشّرع، أو في العرف. وهي حقائق فيها لغوية أو شرعيّة أو عرفيّة. فكلّ لفظ يتكلّم به متكلّم لا بدّ من أن يحمله السّامع على أحد هذه الدّلالات الثّلاث بما يتبادر إلى ذهنه، ما لم تقم قرينة على خلاف ذلك.
ولا يجوز أن يحمل اللفظ على معنى خفي غير مقصود.
ثالثاً: من أمثلة هذه القاعدة ومسائلها:
إذا حلف لا يركب دابّة. يحمل على المعنى العرفي للدّابّة، وهي ما يركب من الدّواب وهي: الفرس والبغل والحمار. دون سواها لتقييد العرف للمعنى اللغوي العامّ للفظ (دابّة).
ومنها: إذا حلف ليصومَنَّ. فلا يبرّ إلا بالصّوم الشّرعي؛ لأنّه
(1) المنثور جـ 3 ص 121 عن قواعد الأحكام للعز بن عبد السلام جـ 2 ص 102.
الظّاهر المتبادر إلى الذّهن، ولا يجوز حمله على الإمساك عن الكلام أو الحركة مثلاً، ما لم تقم قرينة على ذلك. وقد قالت مِريم عليها السلام:{إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (26)} (1). حيث دلّت بالقرينة على أنّها صائمة عن الكلام دون غيره.
ومنها: إذا حلف ليركبنّ البحر. فإنّما يُراد به ركوب السّفينة لا النّزول في الماء؛ لأنّ الماء لا يركب. ولا يراد به ركوب الموج إلا أن ينويه.
ومنها: إذا حلف بالقرآن أو بالمصحف، لم تنعقد يمينه - عند الحنفيّة -؛ لأنّه ظاهر في هذه الألفاظ في عرف الاستعمال ولا سيما في حقّ النّساء والجهّال الّذين لا يعرفون الكلام القديم ولا يخطر لهم ببال، ولا يخطر ببالهم التّجوّز بالمصحف عنه. ورجّحه العزّ بن عبد السّلام (2) رحمه الله خلافاً لمالك والشّافعي رحمهما الله. وخالفه الزّركشي رحمه الله وقال: بل قولهما هو القريب؛ لأنّه الحقيقة الشّرعيّة.
(1) الآية 26 من سورة مريم.
(2)
العزّ بن عبد السّلام سبقت ترجمته.