الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخصمين مدّعياً ومدّعى عليه ففي هذه الحالة - وعند عدم وجود بيِّنة لأحدهما، فلا بد من توجيه اليمين على أحدهما، ولا توجّه اليمين إلا على مدّعى عليه مُنكر.
فالمدّعى عليه هو مَن يتمسك بأصل أو يشهد له ظاهر الحال، فيكون القول قوله مع اليمين وعلى خصمه البيِّنة.
ثالثاً: من أمثلة هاتين القاعدتين ومسائلهما:
اختصم شخصان في ملكية بعض الكتب - وأحدهما طبيب والآخر قاض أو إمام أو عالم شرعي - والكتب منها ما هو مختص بالطب ومنها ما هو شرعي أو لغوي، وادعى كل منهما ملكيتها، - ولا بيِّنة لأحدهما - فإنه عند الحكم يكون القول قول الطبيب مع يمينه فيما هو مختص بالطب، والقول قول القاضي مع يمينه فيما هو من كتب الشرع كالفقه والتفسير والحديث.
ومنها: إذا اختلف الرجل والمرأة في ملكية متاع البيت فإن ما كان من شأن النساء فهو للمرأة، وما كان من شأن الرجال فهو للرجل، وما كان مشتركاً بينهما فلِمَن يقيم البينة أو بحسب العرف والعادة، فما جرت العادة بملكية الرجل له فهو للرجل، وما جرت العادة بملكية المرأة له فهو للمرأة.
ومنها: إذا دفع إليه ألف دينار وقال: خذ هذه الألف مضاربة بالثلث أو بالخمس أو بالثلثين، فأخذها وعمل بها فهي مضاربة
جائزة، وما شرطه من ذلك فهو للمضارب، وما بقي لرب المال؛ لأن المضارب هو الذي يستحق الربح بالشرط. فأما لرب المال فإنما يستحق الربح باعتبار أنه بما ملكه، فمطلق الشرط ينصرف إلى جانب مَن يحتاج إليه، وعرف الناس يشهد بذلك، وإذا قال رب المال: عنيت الثلثين لي. لم يصدَّق لأنه يدعي خلاف الظاهر المتعارف.
ومنها: إذا خرج عبيد لأهل الحرب إلى دار الإسلام وقالوا: إنهم كانوا عبيداً للكفار وخرجوا هرباً منهم مراغمين لهم ليكونوا ذمة للمسلمين، فهم أحرار لا سبيل لمواليهم عليهم، وإن قدم مواليهم فزعموا أنهم أذنوا لهم في الخروج إلى دار الإسلام للتجارة، فالقول قول الموالي؛ لأنهم متمسكون بما هو الأصل؛ لأنهم تصادقوا أنهم كانوا مملوكين لهم، ولا يصدق العبيد أنهم خرجوا مراغمين لهم إلا ببيّنة.
ومنها: إذا وهب رجل لرجل متاعاً ثم قال: إنما استودعتك إياه. فالقول قول صاحب المتاع مع اليمين؛ لأن المستودَع يدّعي تملك العين بالهبة، وصاحب المتاع منكر، فعلى المستودع البينة لإثبات السبب، وعلى المنكر اليمين، فإذا حلف أخذ المتاع، وإن كان هالكاً فالمستودَع ضامن للقيمة.
ومنها: إذا اختلف المضارب ورب المال في الإطلاق والتقييد، فقال المضارب: أطلقت. وقال رب المال: قيدت المضاربة بنوع من التجارة أو ببلد أو سوق بعينه. فالقول قول المدعي لإطلاق العقد؛ لأن الأصل في المضاربة الإطلاق لا التقييد - عند الحنفية - وعلى المنكر للإطلاق البيّنة لأنه مدع ومتمسك بخلاف الأصل.
ومنها: إذا ادعت امرأة على زوجها أنه طلقها ثلاثاً. فقال الزوج: أصابني وجع أو جنون أذهب عقلي، فكان ذلك مني في هذه الحال - فإن لم يعرف أن ذلك أصابه - كان القول قولها. وأما إن عُرِف أن ذلك أصابه وشهد الشهود أنهم رأوه مجنوناً مرة، فالقول قوله؛ لأن القول قول المنكر الذي يشهد له الظاهر - وقد شهد له الظاهر أنه قد جُنَّ مرة فهي إذاً حالة معهودة تنافي الفرقة. فكان مقبول القول في ذلك مع يمينه.