الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدتان التاسعة والأربعون والخمسون [القضاء بالنكول]
أولاً: ألفاظ ورود القاعدة:
1 -
القضاء بالنكول كالقضاء بشهادة الزور (1).
2 -
القضاء بالنكول ممنوع، إلا في مسائل (2).
ثانياً: معنى هاتين القاعدتين ومدلولهما:
النكول معناه: رفض المدّعى عليه حَلف اليمين بعد توجيهها عليه في مجلس القضاء عند عدم وجود بيَّنة للمدعي.
والقضاء بالنكول محل خلاف بين الأئمة رحمة الله عليهم.
فعند أبي حنيفة وأحمد في أرجح قوليه وعليه المذهب (3) أنه لا تُرَد اليمين على المدَّعي ويُقضى بالنكول على المدعى عليه.
وقال مالك رحمه الله تعالى: تُرَدّ اليمين على المدعي
ويُقضى على المدّعى عليه بنكوله فيما يثبت بشاهد ويمين وشاهد وامرأتين وهي الأموال والحقوق.
(1) رد المحتار جـ 4 ص 333.
(2)
الجمع والفرق ص 50، المجموع للعلائي لوحة 374 ب، قواعد الحصني جـ 4 ص 258، أشباه ابن السبكي جـ 1 ص 437.
(3)
المقنع جـ 3 ص 617.
وقال الشافعي رحمه الله تعالى: تُرَدّ اليمين على المدَّعي ويقضى على المدَّعى عليه بنكوله في جميع الأشياء (1).
وهاتان القاعدتان تمثلان الرأيين المتقابلين.
فمفاد القاعدة الأولى: أن القضاء بشهادة الزور نافذ ظاهراً وباطناً في العقود - كبيع ونكاح - وفي الفسوخ - كإقالة وطلاق - حيث كان المحل قابلاً، والقاضي غير عالم بزورهم، عند أبي حنيفة رحمه الله. وعند أبي يوسف ومحمد وزفرَ رحمهم الله تعالى تنفذ ظاهراً فقط وعليه الفتوى. - وهي من مسائل الخلاف - فكذلك القضاء بالنكول عندهم حكمه في النفاذ وعدمه حكم القضاء بشهادة الزور. وهذه القاعدة تمثل رأي الحنفية ومَن وافقهم.
أما مفاد القاعدة الثانية: فهي تمثل رأي الشافعية في القضاء بالنكول وهو أن القضاء بالنكول ممنوع ولا يجوز، وتُرَدّ اليمين على المدعي مع شاهده؛ لأن الشافعي رحمه الله يعتبر نكول المدعى عليه عن اليمين وامتناعه عن أدائها إقراراً تقديرياً منه، ولذلك فهو يرد اليمين على المدَّعي مع شاهده (2).
(1) الإفصاح جـ 2 ص 368.
(2)
ينظر الأم جـ 13 ص 199 مع الهامش.
ولكن الشافعية مع ذلك رأوا أنه يجوز الحكم بالنكول في مسائل عدُّوها.
منها: إذا طولب صاحب المال بالزكاة، فقال: إني أدّيت الزكاة. فاستحلف فلم يحلف. قضي عليه بالزكاة. وفي سبب وجوب الزكاة عليه في هذه الصورة خلاف هل هو بالنكول أو بالوجوب بالسابق؟.
ومنها: الذمي إذا غاب ثم عاد مسلماً وادعى أنه أسلم قبل تمام السنة، وأنكر عامل الجزية ذلك، يحلف الذمي، فإن حَلَف وإلا وجبت عليه الجزية بنكوله عن اليمين.
ومنها: إذا مات مَن لا وارث له فادعى الحاكم على إنسان بدين للميت وُجِد في دفتره فأنكره المدّعى عليه فَحُلِّف فنكل، يحكم عليه بالمال.
ومنها: إذا ادعى الأسير الصبي استعجال إنبات شعر العانة بالدواء فَيُحلَّف فإن حلف لم يقتل، وإن أبى ونكل عن اليمين قتل (1).
والسبب في القضاء بالنكول في تلك المسائل أن المدَّعي غير محصور لكي تُرَدّ عليه اليمين.
(1) وينظر في باقي المسائل: الروضة جـ 12 ص 48 - 50، والمجموع للعلائي لوحة 374، وقواعد الحصني جـ 4 ص 258 وأشباه السيوطي ص 504 - 505.