الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة الثّالثة والأربعون بعد المئة [عمل القاضي]
أولاً: لفظ ورود القاعدة:
لا يعمل القاضي في سجل مَن قبله برأيه (1).
ثانياً: معنى هذه القاعدة ومدلولها:
هذه القاعدة تمثّل مبدأً من مبادئ العدالة، ونظاماً من نظم القضاء. حيث أفادت أنّ القاضي - أيّ قاضٍ كان - لا يجوز له أن يتصرّف في سجلات القضاة السّابقين له ويعمل فيها برأيه - حتى وإن كان ما فيها مخالفاً لرأيه، متى وافق فصلاً مجتهداً فيه - وذلك استخفافاً بقضائهم، أو مهملاً لما توصّلوا إليه من الأحكام في القضايا الّتي عرضت عليهم - وكلّ ذلك إذا لم تكن تلك الأحكام قد نُفِّذت - وإنّما عليه أن يسعى في تنفيذ ما توصّلوا إليه. إن لم يكن قد نُفِّذ؛ لأنّ ما في السّجل حُكم، وكذلك إذا رُفع إليه حكم حاكم يجب عليه إمضاؤه متى وافق فصلاً مجتهداً فيه، وهذا بخلاف كتاب القاضي إلى قاضٍ آخر، فإنّه يعمل فيه برأيه إذا كان مخالفاً، ولا يُنَفَّذ كتاب القاضي المرسِل إذا كان على خلاف رأيه.
ثالثاً: من أمثلة هذه القاعدة ومسائلها:
لو أن رجلاً جاء إلى قاضٍ وقال: إنّ لفلان بن فلان الغائب عليَّ
(1) الفرائد ص 85 عن الفتاوى الخانية جـ 2 ص 456.
كذا من المال، وإنّي قد قضيته، وهو الآن في بلدة كذا، وأنا أريد الذّهاب إلى تلك البلدة، وأخاف أن يأخذني الطّالب بالمال ثمّ يجحد الإيفاء، فاسمع من شهودي ها هنا، واكتب لي حجّة، حتّى لو خاصمني يكون حجّة لي. فإنّ القاضي يسمع بيّنته، ويجعل على الغائب خصماً. وليس لقاضٍ في البلد الآخر أن يحكم بخلاف حكم الأوّل.
ومنها: إذا ادّعت المرأة أنّ زوجها الغائب قد طلّقها، وطلبت من القاضي سماع شهودها على الطّلاق، فإنّ القاضي يسمع بيّنتها، ويجعل عن زوجها الغائب خصماً، فلو ذهبت إلى البلدة التي فيها زوجها الغائب، وادّعى عدم تطليقها، لا تقبل دعواه بعد حكم القاضي الأوّل.
ومنها: لو أن قاضياً قضى بجواز بيع المُدَبَّر، ونفذ قضاؤه، حتى لو رفع إلى قاض آخر يرى خلاف ذلك لا يكون للثّاني أن يبطل حكم الأوّل.