الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت: فعلى هذا لا ينبغي تعصيب التهمة بالصوفي وحده، وقد أشار إلى هذا ابن الجوزي في ((الموضوعات)) (1 / 337) :
((هذا حديث لا يصح، وأبو بكر الصوفي ومحمد بن مجيب كذابان، قاله يحيى بن معين)) .
ووافقه السيوطي في ((اللآلئ)) (1 / 320)، وتعقبه ابن عراق في ((تنزيه الشريعة)) بقوله (1 / 351) :
((قلت: قال الحافظ ابن حجر: المتهم به عبد الرحمن. والله أعلم)) .
وفيه ما تقدم بيانه.
وللصوفي هذا حديث آخر في عثمان بلفظٍ آخر، وهو:
5618
- (لما عُرِج بي إلى السماء، دخلت جنَّة عدن، فوقعت في يدي تفاحة، فانفلقت عن حوراء مرضيَّة، كأنَّ أشفار عينيها مقاديمُ أجنحة النُّسور، فقلت: لمن أنت؟ فقال: أنا للخليفة من بعدك المقتول عثمان بن عفَّان) .
موضوع. أخرجه العقيلي في ((الضعفاء)) (2 / 320) من طريق عبد الرحمن بن عفان قال: حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي عن ليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة بن عامر مرفوعاً.
أورده في ترجمة الدمشقي هذا؛ ول:
((مجهول، وحديثه موضوع لا أصل له)) .
وكذا قال الذهبي ثم العسقلاني، ثم السيوطي في اللآلئ (1 / 313) ، وتبعهم ابن عراق (1 / 374) ومن قبلهم ابن الجوزي في ((الموضوعات)) (1 / 331) ؛ كلهم أعلوه بابن الدمشقي هذا!
وإعلاله بالراوي عنه عبد الرحمن بن عفّان أولى؛ لأنه كذاب؛ كما تقدم
بيانه في الحديث الذي قبله، وإن كان قد جاء من غير طريقهما:
فرواه عبد الله بن سليمان البغدادي: حدثنا الليث بن سعد.
أخرجه الخطيب في ((التاريخ)) (9 / 464) من طريقين عنه. ولم يذكر في ترجمته شيئاً سوى أنه ساق له هذا، وقال:
((حديث منكر)) . وقد قال فيه ابن عدي في ((الكامل)) (4 / 1545) :
((ليس بذاك المعروف)) .
وأما ابن حبان؛ فقد ذكره في ((الثقات)) ، وقال الذهبي في ((الميزان)) :
((فيه شيء له حديث منكر)) . ثم ساق له هذا، ثم قال:
((وقد رواه خيثمة في ((فضائل الصحابة)) عن خليل بن عبد القاهر عن يحيى بن مبارك عن الليث)) . قال الحافظ عقبه:
((فلم ينفرد به عبد الله بن سليمان؛ لكن يحيى بن مبارك أيضاً ضعّفه الدارقطني)) .
(تنبيه) : قد أعلّ ابن الجوزي رواية الخطيب هذا بأن فيها عبد الله بن أحمد بن ماهبزد؛ فقال (1 / 331) :
((لايوثق به)) .
قلت: وهذا مردود بأمرين:
الأول: أنه لم يتفرّد به، لأنه قد توبع، كما تقدمت الإشارة إلى ذلك.
والآخر: أن الخطيب لما ترجمه في ((تاريخه)) قال (9 / 392) :
((وكان ثقة، سألت البرقاني عنه؟ فقال: كان يسمع معنا الحديث ببغداد، وهو شيخٌ صدوق؛ غير أنه لم يكن يعرف الحديث)) .
ولذلك؛ لم يورده الذهبي في ((الميزان)) ، ولا استدركه عليه الحافظ في ((اللسان)) ، فالعلة ممن فوقه كما عرفت، وإن مما يؤكد ذلك أن له طريقاً ثالثة عن ابن سليمان، فقال الطبراني في ((المعجم الكبير)) (17 / 285 / 785) و ((الأوسط)) (1 / 175 / 1 / 3241) : حدثنا بكر بن سهل: ثنا عبد الله بن سليمان بن يوسف العبدي به؛ دون قوله: ((المقتول عثمان. .)) ، وقال:
((لم يروه عن الليث إلا عبد الله)) .
كذا قال! ولعله يعني بغير الزيادة المذكورة، وإلا، فقد تابعه اثنان: عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي ويحيى بن المبارك كما تقدم.
وتابعهم رابع، فقال الغَسوَلِّي في ((جزئه)) : حدثنا أسامة: حدثنا عبد الله بن أحمد: حدثنا زهير بن عباد: حدثنا محمد بن تمام عن الليث به.
ذكره السيوطي وسكت عنه.
ومن طريق زهير بن عباد أخرجه أبو العرب التميمي الإفريقي في كتاب
((المحن)) (ص44 - 45)، وقال:((محمد بن تمام الدمشقي)) ؛ لكن وقع في سنده بعض الأخطاء المطبعية، والظاهر أنه الذي في ((ميزان الذهبي)) و ((ضعفائه)) :
((محمد بن تمام البهرائي الحمصي. قال ابن منده: حدث عن محمد بن آدم المصيصي بمناكير)) .
وكذا في ((اللسان)) ؛ لكن وقع فيه ((النهرواني)) ! وأظنه خطأً مطبعياً.
وأما زهير بن عباد - وهو الرواسي -؛ فمختلف فيه؛ فقال الدارقطني:
((مجهول)) .
وضعفه ابن عبد البر. وقال ابن حبان في ((الثقات)) :
((يخطئ ويخالف)) .
وتابعهم خامس؛ وهو عبد العزيز بن محمد الدمشقي عن ليث به.
رواه ابن بطة؛ كما ذكر السيوطي، وسكت عنه.
قلت: وإسناده مظلم؛ فإن الدمشقي هذا لم أجد من ترجمة، وكذا بعض من دونه.
وبالجملة؛ فكل هذه المتابعات والطرق إلى الليث بن سعد ليس فيها ما يمكن الاعتماد عليه، لأن عامتها تدور على مجهولين، وغالبهم دمشقيون، فمن الممكن أن يكون بعضهم سرقه من الآخر. فلا غرابة في حكم ابن الجوزي ومن قبله ومن بعده على الحديث بالوضع أو النكارة كما رأيت، بل صرح ابن حبان وغيره ببطلانه وأنه لا أصل له.
فقد أورده ابن حبان في ترجمة العباس بن محمد العلوي من " الضعفاء " (2 /
191) بروايته عن عمار بن هارون المستملي عن حماد بن سلمة عن ثابت عن
أنس مرفوعاً. وقال عقبه:
" لا أصل له من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا من حديث أنس، ولا ثابت، ولا
حماد بن سلمة ".
وتبعه ابن الجوزي في " الموضوعات "(1 / 331) ، ثم الذهبي والعسقلاني
في كتابيهما.
ثم رواه ابن حبان (3 / 128 - 129) من طريق يحيى بن شبيب اليمامي
عن سفيان الثوري عن حميد الطويل عن أنس به. وقال في اليمامي هذا:
" يوى عن الثوري ما لم يحدث به قط، لا يجوز الاحتجاج به بحال ".
وقال الذهبي - وقد ساق له هذا الحديث -:
" وهذا كذب ". وقال الحافظ عقبه:
" وهذا ظاهر البطلان ".
قلت: فمحاولة السيوطي تقوية الحديث بمثل هذه الطرق الواهية محاولة
فاشلة، وإن تبعه على ذلك ابن عراق في " تنزيه الشريعة "!
وإن مما يدل البصير على ما ذكرته: استشهاده بالحديث الآتي بعده.
لكن بقي حديث آخر؛ يرويه محمد بن سليمان بن همام: حدثنا وكيع عن
ابن أبي ذئب عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً نحوه.