المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وإن فرض أنه غيره؛ فلا يقوي أحدهما الآخر؛ لاحتمال أن - سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة - جـ ١٢

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة:

- ‌5501

- ‌5502

- ‌5503

- ‌5504

- ‌5505

- ‌5506

- ‌5507

- ‌5508

- ‌5509

- ‌5510

- ‌5511

- ‌5512

- ‌5513

- ‌5514

- ‌5515

- ‌‌‌5516

- ‌5516

- ‌5517

- ‌5518

- ‌5519

- ‌5520

- ‌5521

- ‌5522

- ‌5523

- ‌5524

- ‌5525

- ‌5526

- ‌5527

- ‌5528

- ‌5529

- ‌5530

- ‌5531

- ‌5532

- ‌5533

- ‌5534

- ‌5535

- ‌5536

- ‌5537

- ‌5538

- ‌5539

- ‌5540

- ‌5541

- ‌5542

- ‌5543

- ‌5544

- ‌5545

- ‌5546

- ‌5547

- ‌5548

- ‌5549

- ‌5550

- ‌5551

- ‌5552

- ‌5553

- ‌5554

- ‌5555

- ‌5556

- ‌5557

- ‌5558

- ‌5559

- ‌5560

- ‌5561

- ‌5562

- ‌5563

- ‌5564

- ‌5565

- ‌5566

- ‌5567

- ‌5568

- ‌5569

- ‌5570

- ‌5571

- ‌5572

- ‌5573

- ‌5574

- ‌5575

- ‌5576

- ‌5577

- ‌5578

- ‌5579

- ‌5580

- ‌5581

- ‌5582

- ‌5583

- ‌5584

- ‌5585

- ‌5586

- ‌5587

- ‌5588

- ‌5589

- ‌5590

- ‌5591

- ‌5592

- ‌5593

- ‌5594

- ‌5595

- ‌5596

- ‌5597

- ‌5598

- ‌5599

- ‌5600

- ‌5601

- ‌5602

- ‌5604

- ‌5605

- ‌5606

- ‌5607

- ‌5608

- ‌5609

- ‌5610

- ‌5611

- ‌5612

- ‌5613

- ‌5614

- ‌5615

- ‌5616

- ‌5617

- ‌5618

- ‌5619

- ‌5620

- ‌5621

- ‌5622

- ‌5623

- ‌5624

- ‌5625

- ‌5626

- ‌5627

- ‌5628

- ‌5629

- ‌5630

- ‌5631

- ‌5632

- ‌5633

- ‌5634

- ‌5635

- ‌5636

- ‌5637

- ‌5638

- ‌5639

- ‌5640

- ‌5641

- ‌5642

- ‌5643

- ‌5644

- ‌5645

- ‌5646

- ‌5647

- ‌5648

- ‌5649

- ‌5650

- ‌5651

- ‌5652

- ‌5653

- ‌5654

- ‌5655

- ‌5656

- ‌5657

- ‌5658

- ‌5659

- ‌5660

- ‌5661

- ‌5662

- ‌5663

- ‌5664

- ‌5665

- ‌5666

- ‌5667

- ‌5668

- ‌5669

- ‌5670

- ‌5671

- ‌5672

- ‌5673

- ‌5674

- ‌5675

- ‌5676

- ‌5677

- ‌5678

- ‌5679

- ‌5680

- ‌5681

- ‌5682

- ‌5683

- ‌5684

- ‌5685

- ‌5686

- ‌5687

- ‌5688

- ‌5689

- ‌5690

- ‌5691

- ‌5692

- ‌5693

- ‌5694

- ‌5695

- ‌5696

- ‌5697

- ‌5698

- ‌5699

- ‌5700

- ‌5701

- ‌5702

- ‌5703

- ‌5704

- ‌5705

- ‌5706

- ‌5707

- ‌5708

- ‌5709

- ‌5710

- ‌5711

- ‌5712

- ‌5713

- ‌5714

- ‌5715

- ‌5716

- ‌5717

- ‌5718

- ‌5719

- ‌5720

- ‌5721

- ‌5722

- ‌5723

- ‌5724

- ‌5725

- ‌5726

- ‌5727

- ‌5728

- ‌5729

- ‌5730

- ‌5731

- ‌5732

- ‌5733

- ‌5734

- ‌5735

- ‌5736

- ‌5737

- ‌5738

- ‌5739

- ‌5740

- ‌5741

- ‌5742

- ‌5743

- ‌5743 / م

- ‌5744

- ‌5745

- ‌5746

- ‌5747

- ‌5748

- ‌5749

- ‌5750

- ‌5752

- ‌5753

- ‌5754

- ‌5755

- ‌5756

- ‌5757

- ‌5758

- ‌5759

- ‌5760

- ‌5761

- ‌5762

- ‌5763

- ‌5765

- ‌5766

- ‌5767

- ‌5768

- ‌5769

- ‌5770

- ‌5771

- ‌5772

- ‌5773

- ‌5774

- ‌5775

- ‌5776

- ‌5777

- ‌5778

- ‌5779

- ‌5780

- ‌5781

- ‌5782

- ‌5783

- ‌5784

- ‌5785

- ‌5786

- ‌5787

- ‌5788

- ‌5789

- ‌5790

- ‌5791

- ‌5793

- ‌5794

- ‌5795

- ‌5796

- ‌5797

- ‌5798

- ‌5798 / م

- ‌5799

- ‌5800

- ‌5801

- ‌5802

- ‌5803

- ‌5804

- ‌5805

- ‌5806

- ‌5807

- ‌5808

- ‌5809

- ‌5810

- ‌5811

- ‌5812

- ‌5813

- ‌5814

- ‌5815

- ‌5816

- ‌5817

- ‌5818

- ‌5819

- ‌5820

- ‌5821

- ‌5822

- ‌5823

- ‌5824

- ‌5825

- ‌5826

- ‌5827

- ‌5828

- ‌5829

- ‌5830

- ‌5831

- ‌5832

- ‌5833

- ‌5834

- ‌5835

- ‌5836

- ‌5837

- ‌5838

- ‌5839

- ‌5840

- ‌5841

- ‌5842

- ‌5843

- ‌5844

- ‌5845

- ‌5846

- ‌5847

- ‌5848

- ‌5849

- ‌5850

- ‌5851

- ‌5851 / م

- ‌5852

- ‌5853

- ‌5854

- ‌5855

- ‌5856

- ‌5857

- ‌5858

- ‌5859

- ‌5860

- ‌5861

- ‌5862

- ‌5863

- ‌5864

- ‌5865

- ‌5866

- ‌5867

- ‌5868

- ‌5869

- ‌5870

- ‌5871

- ‌5872

- ‌5873

- ‌5874

- ‌5875

- ‌5876

- ‌5877

- ‌5878

- ‌5879

- ‌5880

- ‌5881

- ‌5882

- ‌5883

- ‌5884

- ‌5885

- ‌5886

- ‌5887

- ‌5888

- ‌5889

- ‌5890

- ‌5891

- ‌5892

- ‌5893

- ‌5894

- ‌5894 / م

- ‌5895

- ‌5896

- ‌5897

- ‌5898

- ‌5899

- ‌5900

- ‌5901

- ‌5902

- ‌5903

- ‌5904

- ‌5905

- ‌5906

- ‌5907

- ‌5908

- ‌5909

- ‌5910

- ‌5911

- ‌5912

- ‌5914

- ‌5915

- ‌5916

- ‌5917

- ‌5918

- ‌5919

- ‌5920

- ‌5921

- ‌5922

- ‌5923

- ‌5924

- ‌5925

- ‌5926

- ‌5927

- ‌5928

- ‌5929

- ‌5930

- ‌5931

- ‌5932

- ‌5933

- ‌5934

- ‌5935

- ‌5936

- ‌5937

- ‌5938

- ‌5939

- ‌5940

- ‌5941

- ‌5942

- ‌5943

- ‌5944

- ‌5945

- ‌5946

- ‌5947

- ‌5948

- ‌5949

- ‌5950

- ‌5951

- ‌5953

- ‌5954

- ‌5955

- ‌5956

- ‌5957

- ‌5958

- ‌‌‌5959

- ‌5959

- ‌5960

- ‌5961

- ‌5962

- ‌5963

- ‌5964

- ‌5965

- ‌5966

- ‌5967

- ‌5968

- ‌5969

- ‌5970

- ‌5971

- ‌5972

- ‌5973

- ‌5974

- ‌5975

- ‌5977

- ‌5978

- ‌5978 / م

- ‌5979

- ‌5980

- ‌5981

- ‌5982

- ‌5983

- ‌5984

- ‌5985

- ‌5986

- ‌5987

- ‌5988

- ‌5989

- ‌5990

- ‌5991

- ‌5992

- ‌5993

- ‌5995

- ‌5996

- ‌5997

- ‌5998

- ‌5999

- ‌6000

الفصل: وإن فرض أنه غيره؛ فلا يقوي أحدهما الآخر؛ لاحتمال أن

وإن فرض أنه غيره؛ فلا يقوي أحدهما الآخر؛ لاحتمال أن تعود روايتهما إلى أحدهما، أعني: أن يكون أحدهما رواه عن الآخر.

فاغتنم هذا التحقيق؛ فإنك قد لا تراه في مكان آخر، والله تعالى هو الموفق.

‌5814

- (صلى في فضاء ليس بين يديه شيء) .

ضعيف. أخرجه أحمد (1 / 224) ، وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (1 / 278) ، وأبو يعلى (2601)، والبيهقي في ((سننه)) (2 / 273) من طريق أبي معاوية عن الحجاج بن أرطاة عن الحكم بن عتيبة عن يحيى الجزار عن ابن عباس رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى. . . فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ قال الهيثمي في ((المجمع)) (4 / 63) :

((رواه أحمد وأبو يعلى، وفيه الحجاج بن أرطاة، وفيه ضعف)) .

وفاته أنه رواه الطبراني أيضاً، أخرجه في ((الكبير)) (12 / 149 / 12728)

من طريق أبي شهاب عن الحجاج به.

وابن أرطاة؛ قال الحافظ في ((التقريب)) :

((صدوق كثير الخطأ والتدليس)) .

وقد تابعه شعبة بن الحجاج ((لكنه خالفه في إسناده ومتنه؛ فقال الطيالسي

في ((مسنده)) (2762) : حدثنا شعبة عن الحكم عن يحيى بن الجزار عن صهيب - قلت: من صهيب؟ قال: رجل من أهل البصرة - عن ابن عباس:

أنه كان على حمار هو وغلام من بني هاشم، فمر بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وهو

ص: 679

يصلي، فلم ينصرف لذلك)) .

ومن هذا الوجه أخرجه أحمد والنسائي والطحاوي، وهو مخرج في ((صحيح

أبي داود)) (715) ، وبينت هناك أنه صحيح الإسناد، وأن لشعبة فيه شيخاً آخر يرويه عن عمرو بن مرة عن يحيى الجزار قال: قال ابن عباس. . . فذكره نحوه لم يذكر صهيباً في إسناده، وأزيد هنا فأقول:

وهكذا رواه علي بن الجعد في ((حديثه)) (1 / 288 / 92)، ومن طريقه أبو يعلى في ((مسنده)) (4 / 311 / 2423) ؛ إلا أنه زاد في آخره:

((قال رجل لشعبة: كان بين يديه عنزة؛ قال: لا)) .

ولم يذكر فيه أبو يعلى: ((لشعبه)) .

قلت: وفي ثبوت هذه الزيادة عن شعبة نظر؛ بل هي شاذة؛ لتفرد ابن الجعد

بها دون الطرق المثار إليها آنفاً عن شعبة.

ومثلها: رواية سليمان بن حرب عن شعبة بإسناده الصحيح المذكور آنفاً؛ بل رواه كذلك علي بن الجعد نفسه في مكان آخر من ((حديثه)) (1 / 314 / 163) : أخبرنا به. موصولاً بذكر صهيب فيه؛ دون الزيادة.

ولعل أصل هذه الزيادة ما رواه منصور بن المعتمر عن الحكم عن يحيى بن الجزار عن أبي الصهباء - وهو صهيب المتقدم -. . . فذكر الحديث بلفظ:

((يصلي بالناس في أرض خلاء)) .

أخرجه ابن خزيمة وابن حبان في ((صحيحيهما)) ، وغيرهما، وهو مخرج في

((صحيح أبي داود)) أيضاً، وليس عنده هذا اللفظ، وليس فيه نفي السترة والعنزة

ص: 680

كما هو ظاهر، وإنما فيه نفي البنيان والجدران، فهو مثل رواية البخاري بلفظ:

((يصلي بمنى إلى غير جدار)) .

ويأتي قريباً إن شاء الله بيان ما فيها.

فتوهم بعض الرواة أن ذلك يعني أنه صلى إلى غير سترة، كما هو ظاهر حديث الترجمة، وليس صريحاً، وقد روى مصرحاً به في بعض الطرق، والعجيب حقاً أن البيهقي عقب الحديث حديث الترجمة:

((وله شاهد بإسناد أصح من هذا عن الفضل بن عباس، وسيرد بعد هذا إن شاء الله تعالى)) .

ثم رواه (2 / 278) من طريق أبي داود بسنده عن عباس بن عبيد الله بن عباس عن الفضل نحوه بلفظ:

((فصلى في صحراء ليس بين يديه سترة، وحمارة لنا وكليبة تعبثان بين يديه، فما بالى ذلك)) .

ووجه التعجب أن عباساً هذا لم يلق عمه الفضل؛ كما قال ابن حزم في

((المحلى)) (4 / 13) ووافقه الحافظ، ولذلك؛ خرجته في ((ضعيف أبي داود)) (114) .

واقتصر المعلق على ((شرح السنة)) (2 / 461) على إعلاله بجهالة العباس فقط، وهو تقصير ظاهر!

وأعجب من ذلك أن الشيخ أحمد الغماري في ((تخريجه أحاديث بداية المجتهد)) (2 / 393) سكت عنه أولاً، وعزاه لأحمد والنسائي ثانياً، وليس

ص: 681

عندهما موضع الشاهد منه وهو الذي أورده ابن رشد بقوله:

((وقد روي أنه صلى لغير سترة)) !

وشايعه على ذلك المحققان اللذان أشرفا على تخريج الكتاب ببيان أماكن الأحاديث في المصادر التي عزاها الغماري إليها!

ولقد كان الشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم أقرب إلى الصواب في تخريجه إياه

في كتابه: ((طريق الرشد)) ؛ فإنه عزاه فيه (ص 88) لأبي داود وحده؛ ولكنه أخطأ في قوله:

((وللنسائي نحوه، وكذا عبد الرزاق في ((مصنفه)) ، والطحاوي في ((معاني الآثار)) ، ولا يخلو سنده من مقال)) !

قلت: رواية النسائي إسنادها صحيح من رواية صهيب كما تقدم؛ ولكن ليس فيها موضع الشاهد كما تقدم وكذلك رواية الطحاوي، فقوله:((نحوه)) ؛ لا يفيده شيئاً لأنه يعني في اصطلاح المحدثين: مثله في المعنى، وليس في اللفظ. وهو ليس مثله في المعنى وأما رواية عبد الرزاق، ففيها موضع الشاهد؛ لكن ليس فيها عباس بن عبيد الله، فزاد انقطاعاً على انقطاع!

ومن أحاديث الباب: ما رواه ابن جريج قال: أخبرني عبد الكريم: أن مجاهداً أخبره عن ابن عباس قال:

((جئت أنا والفضل على أتان، فمررنا بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة وهو يصلي المكتوبة، ليس شيء يستره يحول بيننا وبينه)) .

أخرجه عبد الرزاق في ((المصنف)) (2 / 28 / 2357) ، وابن خزيمة في

ص: 682

((صحيحه)) (2 / 25 / 838 - 839) وضعفه بقوله:

((غير جائز أن يحتج بعبد الكريم عن مجاهد على الزهري عن عبيد الله بن عبد الله)) .

يشير إلى أن المحفوظ أن المرور المذكور كان في منى؛ كما في حديث الزهري الآتي إن شاء الله، ثم قال:

((لأن عبد الكريم قد تكلم أهل المعرفة بالحديث في الاحتجاج بخبره)) .

يشير إلى أنه عبد الكريم بن أبي المخارق أبو أمية، فإنه هو الذي تكلموا فيه؛ بل أجمعوا على ضعفه، حتى قال النسائي والدارقطني:

((متر وك)) .

وليس هو عبد الكريم بن مالك الجزري؛ فإنه ثقة متقن، كما قال الحافظ في

((التقريب)) ، وكأن الدكتور الأعظمي في تعليقه على ((صحيح ابن خزيمة)) ذهب إلى أنه هو؛ فإنه قال:

((إسناده صحيح. انظر ((مجمع الزوائد)) 2: 63)) .

ويشير بالإحالة إلى ((المجمع)) إلى زيادة أبي يعلى في آخر حديث يحيى الجزار المتقدم:

((فقال رجل: أكان بين يديه عنزة؛ قال: لا)) .

وقد عرفت أنها شاذة لا تصح)) .

والمقصود أن تصحيحه لحديث عبد الكريم هذا من الظاهر أنه يرى أنه الجزري

ص: 683

الثقة، ولعله تبع في ذلك الحافظ؛ فإنه ذكره برواية البزار بلفظ:

((والنبي يصلي المكتوبة ليس لشيء يستره)) .

وسكت عنه في موضعين من ((الفتح (( (1 / 171، 571)، والقاعدة عنده:

أن ما سكت عنه فيه فهو حسن، وهذا محتمل؛ لأن عبد الكريم هذا لم ينسب عند مخرجيه، فيحتمل أنه الجزري، وهو ابن مالك الثقة، ويحتمل أنه ابن أبي المخارق أبو أمية البصري، وهو ضعيف، ومن الاتفاقات الغريبة أن كلاً منهما روى عن مجاهد، وعن كل منهما ابن جريج، وليس من السهل الجزم بأنه أحدهما والحالة هذه، وقد أشار إلى هذه الحقيقة الذهبي في ((الميزان)) ، وقال الحافظ في ((التقريب)) في أبي أمية:

((ضعيف، وقد شارك الجزري في بعض المشايخ، فربما التبس به على من لا

فهم له)) .

والأرجح عندي أنه هذا الضعيف، وذلك لسببين:

الأول: أنه لو كان الثقة لبادر ابن جريج إلى التصريح بنسبته.

الثاني: أن ابن خزيمة جزم بأنه هو؛ كما تقدم نقله عنه، ثم أكد ذلك بقوله:

((وهذا الفعل الذي ذكره عبد الكريم عن مجاهد عن ابن عباس قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قد زجر عن مثل هذا الفعل في خبر سهل بن أبي حثمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

((إذا صلى أحدكم، فليصل إلى سترة، وليدن منها؛ لا يقطع الشيطان عليه صلاته)) . وفي خبرأبي جحيفة:

ص: 684

أن النبي صلى الله عليه وسلم ركز عنزة، فجعل يصلي إليها، يمر من ورائها الكلب والمرأة والحمار. وفي خبر أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم:

((إذا صلى أحدكم؛ فليصل إلى سترة، وليدن منها)) . وفي خبر ابن عمر:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((لا تصلوا إلا إلى سترة)) .

وقد زجر النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي المصلي إلا إلى سترة، فكيف يفعل ما زجر عنه؟ !)) .

وهذه الأحاديث كلها صحيحة، وهي مخرجة عنده (798، 800، 803، 810، 820) ، وبعضها في ((الصحيحين)) ، ومخرجة عندي في ((صحيح أبي داود)) (688 - 689، 692، 694) ، فلا يجوز إهدار العمل بها لمثل حديث أبي أمية وغيره مما تقدم.

فإن قيل: إذا كان الأمر كما ذكرت؛ فما قولكم في حديث عبد الله بن عباس قال:

((أقبلت راكباً على حمارٍ أتان، وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس بمنى إلى غير جدار، فمررت بين يدي بعض الصف، فنزلت، وأرسلت الأتان ترتع، ودخلت في الصف، فلم ينكر ذلك علي أحدٌ)) ؟

أخرجه البخاري في ((صحيحه)) (76، 493، 861) من طرق عن مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس.

والجواب من وجهين:

ص: 685

الأول: أنه ليس صريحاً في نفي السترة مطلقاً؛ كما تقدمت الإشارة إلى ذلك

في أول هذا التخريج، وإنما هو ينفي سترة الجدار بخاصة، ولذلك؛ لما روى البيهقي (2 / 273) عن الإمام الشافعي قوله:

((قول ابن عباس: ((إلى غير جدار)) يعني - والله أعلم - إلى غير سترة)) .

فتعقبه ابن التركماني بقوله:

((قلت: لا يلزم من عدم الجدار عدم السترة (1) ، ولا أدري ما وجه الدليل في

رواية مالك على أنه صلى إلى غير سترة)) .

قلت: ويؤيده صنيع البخاري؛ فإنه ترجم للحديث بقوله:

((باب سترة الإمام سترة من خلفه)) .

فهذا يعني أن الإمام البخاري لم يفهم من الحديث نفي السترة، ووجه الحافظ بقوله (1 / 571 - 572) :

وكأن البخاري حمل الأمر في ذلك على المألوف المعروف من عادته صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يصلي في الفضاء إلا والعنزة أمامه. ثم أيّد ذلك بحديثي ابن عمر وأبي جحيفة. وفي حديث ابن عمر ما يدل على المداومة، وهو قوله بعد ذكر الحربة:((وكان يفعل ذلك في السفر)) ، وقد تبعه النووي فقال في ((شرح مسلم)) في كلامه على فوائد هذا الحديث: فيه أن سترة الإمام سترة لمن خلفه. والله أعلم)) . والوجه الآخر: أن قول ابن عباس في هذا الحديث: ((إلى غير جدار)) ؛ قد اختلف الرواة عن مالك فيه، فمنهم من ذكره عنه، ومنهم من لم يذكره، وها أنا

(1) وكذا قال ابن دقيق العيد في ((شرح عمدة الأحكام)) (2 / 458) .

ص: 686

أذكر أسماءهم:

أولاً: الذين ذكروه:

1 -

إسماعيل بن أبي أويس. البخاري (76) .

2 -

عبد الله بن يوسف. البخاري (493) .

3 -

عبد الله بن مسلمة. البخاري (861) ، وبعضهم لم يذكره عنه؛ كما سيأتي قريباً إن شاء الله تعالى.

4 -

مطرف بن عبد الله. السراج في ((مسنده)) (3 / 41 / 2) ، وهذا فيما يغلب على الظن؛ فإن النسخة المصورة لم يظهر فيها ما بين عبد الله بن مطرف وعبيد الله بن عبد الله.

5 -

ابن بكير.

ثانياً: الذين لم يذكروه:

1 -

يحيى بن يحيى. في ((موطأ مالك)) (1 / 171) ، وعنه مسلم (2 / 57) ، والبيهقي (2 / 277) .

2 -

ابن القاسم عنه. في ((المدونة)) (1 / 114) ، وكذا النسائي في ((الكبرى)) ؛ كما في ((تحفة الأشراف)) (5 / 59) .

3 -

يحيى بن قزعة. البخاري (4412) .

4 -

القعنبي: عبد الله بن مسلمة. أبو داود ((صحيح أبي داود)) (رقم 709) ، والبيهقي (2 / 277) .

ص: 687

5 -

ابن وهب. أبو عوانة في ((صحيحه)) (2 / 60) ، وابن خزيمة في

((صحيحه)) (834) ، والطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (1 / 266) .

6 -

عبد الرحمن بن مهدي. ابن خزيمة أيضاً وأحمد (1 / 342) .

7 -

أحمد بن أبي بكر. ابن حبان (4 / 55 / 2386 - الإحسان) ، والبغوي

في ((شرح السنة)) (2 / 249) .

قلت: فأنت ترى أن هؤلاء الذين لم يذكروا تلك الزيادة أكثر عدداً وأجل قدراً

من أولئك الذين ذكروها، وبخاصة أن فيهم من هو ألصق بالإمام مالك، وبرواية ((الموطأ)) أشهر؛ مثل يحيى بن يحيى - وهو النيسابوري -، وعبد الله بن وهب، وعبد الرحمن بن مهدي، وعبد الله بن مسلمة القعنبي على الخلاف عليه فيها كما تقدم.

الأمر الذي يلقي في النفس أن روايتهم أصح، أو - على الأقل - هو مما يبعد القول بجواز أنهم لم يحفظوا تلك الزيادة عن مالك، كما أن اتفاق أولئك الثلاثة على روايتها عنه يبعد القول أيضاً بجواز خطئهم على مالك فيها.

فالأقرب إلى الصواب أن يقال: إن مالكاً رحمه الله هو نفسه كان يذكرها تارة،

ولا يذكرها أحياناً، فحفظ كل من هؤلاء وهؤلاء ما سمعوا منه. وكأن البيهقي أشار إلى هذه الحقيقة عقب رواية ابن بكير التي فيها هذه الزيادة بقوله:

((وهذه اللفظة ذكرها مالك بن أنس رحمه الله في هذا الحديث في (كتاب المناسك) ، ورواه في (كتاب الصلاة) دون هذه اللفظة، ورواه الشافعي رحمه الله عنه في القديم كما رواه في (المناسك) ، وفي الجديد كما رواه في (الصلاة)) .

ص: 688

قلت: ولم أر في (مناسك الموطأ) هذا الذي ذكره البيهقي، والله سبحانه وتعالى أعلم.

هذا ((ولعل في رواية الإمام الشافعي للحديث دون الزيادة في مذهبه الجديد ما يشير إلى أن الإمام مالكاً كان يرويه كذلك في آخر أمره، وسواء ثبت هذا أو لم يثبت، فهو الراجح عندي واللائق بمنزلة الإمام مالك في العلم والحفظ؛ لمتابعة جمع من الثقات والأئمة الحفاظ له على رواية الحديث دون الزيادة، ولا بأس من ذكر أسماء الذين وقفت عليه منهم، مع التخريج:

1 -

ابن أخي ابن شهاب (واسمه محمد بن عبد الله بن مسلم) . البخاري (1857) ، وأحمد (1 / 264) ، والسراج في ((مسنده)) (3 / 241) .

2 -

يونس بن يزيد. مسلم (2 / 57) ، وأبو عوانة (2 / 60) ، والبخاري تعليقاً (1853، 4412) .

3 -

سفيان بن عيينة. مسلم أيضاً وأبو عوانة وأبو داود (رقم 709 - صحيحه) ، والنسائي (2 / 64) ، والد ارمي (1 / 329) ، وابن ماجه (947) ، وابن خزيمة في ((صحيحه)) (833) ، وابن الجارود في ((المنتقى)) (66 / 168) ، والطحاوي في ((شرح المعا ني)) (1 / 266) ، والبيهقي (2 / 276) ، وأحمد (1 / 219) ، والحميدي (275) ، وابن أبي شيبة (1 / 278، 280) ، وأبو يعلى (4 / 269 / 2382) ، والسراج أيضاً.

4 -

معمر بن راشد. عبد الرزاق (2 / 29 / 2359) ، ومن طريقه مسلم وأبو عوانة وابن خزيمة، وأحمد (1 / 365) عنه وعن عبد الأعلى، وصححه الترمذي (رقم 337) .

ص: 689

قلت: فاتفاق كل هؤلاء الثقات على عدم ذكر تلك الزيادة مما لا يجعل النفس تطمئن لثبوتها؛ بل إن ذلك لما يرجح بكل تأكيد أنها شاذة غير محفوظة، حتى ولو فرض اتفاق الرواة عن مالك بذكرها، فكيف وقد اختلفوا عليه فيها، فكيف وأكثرهم على عدم ذكرها كما سبق بيانه، والشذوذ يثبت بأقل من هذا؛ كما لا يخفى على العلماء العارفين بهذا الفن الشريف.

ولذلك؛ أعرض عنها جمهور المؤلفين في ((الصحيح)) ؛ كمسلم وأبي عوانة وابن خزيمة وابن حبان وغيرهم؛ بل إن ابن خزيمة أشار في ((صحيحه)) إلى عدم ثبوتها؛ بجزمه أنه صلى الله عليه وسلم كان يستتر بالحربة؛ كما تقدم كلامه عند تخريج حديث عبد الكريم، وقال أيضاً بعد أن ساق الحديث دون زيادة، ونفى أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم رأى الأتان تمر بين يدي الصفوف (2 / 25) :

((فإن كان في الخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم علم بمرور الحمار بين يدي بعض من كان خلفه؛ فجائز أن تكون سترة النبي صلى الله عليه وسلم كانت سترة لمن خلفه؛ إذ النبي صلى الله عليه وسلم قد كان يستتر بالحربة إذا صلى بالمصلى، ولو كانت سترته لا تكون سترة لمن خلفه؛ لاحتاج كل مأموم أن يستتر بحربة كاستتار النبي صلى الله عليه وسلم بها، فحمل العنزة للنبي صلى الله عليه وسلم يستتر بها دون أن يأمر المأمومين بالاستتار خلفه؛ كالدال على أن سترة الإمام تكون سترة لمن خلفه)) .

وختاماً أقول: تبين مما تقدم أنه لا يصح حديث صريح في صلاته صلى الله عليه وسلم إلى غير سترة، والزيادة التي عند البخاري ليست صريحة في ذلك، وعلى التنزل فهي شاذة لا تصح، ولذلك؛ أعرض عنها جمهور المؤلفين في ((الصحيح)) ، والله أعلم.

(تنبيه) : لقد عزا كثير من المؤلفين حديث ابن عباس بزيادة البخاري للمتفق

ص: 690