الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت: وهذا إسناد واهٍ؛ بقية؛ مدلس، وقد عنعنه.
وصدقة بن عبد الله؛ ضعيف.
ومكحول؛ مدلس أيضاً؛ بل قال أبو حاتم:
" لم ير أبا أمامة ".
وقيل: إنه رآه.
والحديث؛ عزاه الحافظ في " المطالب الجالية "(3 / 152) لأبي يعلى،
وسكت عنه هو والمعلق عليه الأعظمي! وعزاه العجلوني في " كشف الخفاء " (2 /
327) للديلمي، ولم أره في النسخة المصورة التي عندي، ثم إن العجلوني سكت
عنه أيضاً، فلا أدري من أين أخذ الدكتور فؤاد عبد المنعم تصديره إياه بقوله في
تعليقه على " الحكم والأمثال " للماوردي (69) :
" ضعيف ".
ولم ينقله عن أحد، ولا هو بيّن سبب الضعف!
ونحو الفقرة الأولى من الحديث: ما رواه ابن حبان في " روضة العقلاء "
(ص 88) عن مالك بن أنس أنه بلغه عن أبي ذر قال:
" كان الناس ورقاً لا شوك فيه، فهم اليوم شوك لا ورق فيه ".
5638
- (لِيرُدَّك - يا أبا ذر - عن الناسِ والقَوْل فيهم ما تعرفُ مِنْ
نَفْسِك، لاتَجِدْ عليهم فيما تأتي به، فكفى بالمرءِ عيباً أن يكونَ فيه
ثلاثُ خِصَال:
1 -
أن يعرفَ مِنَ الناسِ ما يجْهَلُهُ عن نفْسِهِ.
2 -
ويَجِدَ عليهم فيما يأتي.
3 -
ويؤذيَ جليسَهُ فيما لا يَعْنِيهِ) .
ضعيف جداً.
أورده هكذا الماوردي في " الأمثال والحكم "(ص 70)، قال:
روى أبو إدريس الخولاني عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم:. . . فذكره.
كذا ذكره بصيغة الجزم عن الخولاني، وبالتالي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم! وهو
تساهل منه مخالف لما تقرر في علم المصطلح، أو وهم! اغتر به المعلق عليه الدكتور
فؤاد عبد المنعم أحمد؛ فقال:
" حسن (!) أخرجه عبد (وفي الأصل: عبيد!) ابن حميد في " تفسيره "،
والطبراني في " الكبير " عن أبي ذر، وهو جزء من حديث بلفظ: ". . . ليحجزك
عن الناس ما تعرفه من نفسك. . . ". " الجامع الصغير " (99) . وضعيف جداً
في نظر الألباني " ضعيف الجامع "(233) الحديث (2121)، ويبدأ بلفظ:
أوصيك بتقوى الله تعالى. . . "!
فأقول - والله المستعان -:
في هذا التخريج على إيجازه مؤاخذات:
الأولى: قوله: " وهو جزء مثل حديث بلفظ "؛ لغو لا قيمة له تذكر مع قوله
بعد: " ويبدأ بلفظ. . . "؛ فلو قال: " وهو جزء من حديث يبدأ بلفظ. . . "؛
لكان أوجز وأفيد، ولا سيما في مجال التعليق والاختصار؛ إلا إن كان يعني بيان
الفرق بين لفظ الحديث في " الأمثال ": " ليردك ". ولفظه في " الجامع الصغير ":
" ليحجزك "، وحينئذٍ نقول: إنّه فرق لفظي لا قيمة له من حيث المعنى،
ولا سيما وقد اقترن بإهمإل ما ينبغي بيانه من الفروق كما يأتي في المؤاخذة
الرابعة!
الثانية: أن عزوه الحديث للطبراني خطأ، نتج من اعتماده في التخريج على
" الجامع الصغير " كما رأيت، وقد عزاه لـ " تفسير ابن حميد "، و " معجم
الطبراني الكبير "، وهو حديث طويل فيه عديد من الوصايا الجميلة بعضها ثابت
في غيره، فانظر - مثلاً - الحديث (555) في " الصحيحة "، وعند الرجوع إلى
" المعجم " تبين أنه ليس فيه هذا القدر الذي ذكره الماوردي! وهذا من شؤم التقميش
والتحويش والاعتماد على المختصرات من كتب التخريح دون الرجوع إلى الأصول
للتثبت من اتفاق الروايات أو اختلافها؛ لكيلا يقع في مثل هذا العزو الخاطئ!
الثالثه: وهي فرع عن اعتماده السابق؛ فإن الظاهر من بياننا الآنف الذكر: أن
الحديث أو القدر المشار إليه ليس عند الطبراني وعند ابن حميد يقيناً. وليس ذلك
بلازم؛ فقد عزاه في " الجامع الكبير " لمصدرين آخرين أيضاً، وهما (هب، ابن
عساكر) ، فيحتمل أن يكون القدر المشار إليه عند أحدهما، وليس لابن حميد،
واحتمال كونه عند " شعب البيهقي " غير وارد؛ لأنني رجعت اليه فوجدته لم
يذكر منه إلا قوله: " ليحجزك عن الناس ما تعلم من نفسك ". كما يأتي الإشارة
إلى ذلك قريباً بإذن الله تعالى، فدار الاحتمال المذكور بين ابن حميد وابن عساكر،
فهل هو لهما كليهما معاً أم لأحدهما؟ وإذا كان الثاني منهما فمن هو؟ هذا ما لا
يمكننا الإجابة عليه؛ لعدم تيسر الوصول إلى كتابيهما لا مخطوطاً ولا مطبوعاً، ولا
رأيت أحداً من الحفاظ نص عليه نصاً يمكن الاعتماد عليه في الإجابة.
وإنما قلت: إن ذلك ليس بلازم؛ لأنني حين ألفت كتابيَّ: " صحيح الجامع "
و" ضعيف الجامع "؛ لاحظت كثيراً أنه يعزو الحديث لمؤلفَيْن فأكثر، ويكون
السياق أو اللفظ لبعضهم؛ بل رأيته أحياناً يعزوه لبعضهم والسياق لغيره ممن ذكرهم
في " الجامع الكبير "، فبدا لي أن السبب أنه نقل أحاديث من " الكبير " إلى
" الصغير "، ولم ينقل معها كل مخرجيها، وإنما بعضهم، فيتفق أن المخرجين
المذكورين في " الصغير " لا يكون عندهم - أو على الأقل عند بعضهم - السياق
المنقول إليه؛ كما هو الواقع في هذا الحديث. فثبت خطأ الدكتور فؤاد في عزوه
للطبراني يقيناً، ولابن حميد احتمالاً. والله أعلم.
الرابعة: وعلى التسليم بأن الحديث هو في رواية ابن حميد؛ فهو يختلف عن
لفظه في " الأمثال " في موضعين منه:
الأول: قوله في الخصلة الثانية: " ويجد عليهم فيما يأتي "، وفي " ابن
حميد ":، ويستحي لهم مما هو فيه ".
والآخر: ليس عنده في الخصلة الثالثة: " فيما لا يعنيه ".
فكان ينبغي على الدكتور أن يبين هذه الفوارق، ولا يشغل نفسه والقراء ببيان
ما لا طائل تحته منها؛ كما تقدم توضيحه في المؤاخذة الأولى.
الخامسة: أن الحديث في " صحيح ابن حبان "(94 - موارد) و " حلية أبي
نعيم " (1 / 167 - 168) - بطوله - دون الخصلة الثالثة.
السادسة: - وهي أهمها - تحسينه للحديث! فإنه مما لا وجه له ألبتة من حيث
الصناعة الحديثية؛ لأنه عند المذكورين اَنفأ والطبراني أيضاً في " المعجم الكبير "
(2 / 157 / 1651) من طريق إبراهيم بن هشام بن يحيى الغساني: حدثني
أبي عن جدي عن أبي إدريس الخولاني به.
قلت: فهذا إسناد ضعيف جداً؛ اَفته إبراهيم هذا؛ فقد قال فيه أبو حاتم وأبو
زرعة:
" كذاب ".
ولم يوثقه غير ابن حبان والطبراني كما يأتي، وهما من المتساهلين. ولذلك؛
قال فيه الذهبي - في ترجمة يحيى بن سعيد الآتي من " الميزان " -:
" أحد المتروكين الذين مشاهم ابن حبان؛ فلم يصب ". وقال في " الضعفاء
والمتروكين ":
قال أبو حاتم وغيره: " ليس بثقة "، وثقه الطبراني، وحكى أبو حاتم ما يدل
على أنه لا يعي الحديث ".
وأبوه هشام بن يحيى؛ لم أجد له ترجمة (*) ؛ إلا قول الطبراني عقب حديث
آخر رواه من طريق آخر عن ابنه إبراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى الغساني
بإسناده عن عائشة، في " المعجم الصغير "(ص 89 - هندية)، فقال عقبه:
" لم يروه عن يحيى بن يحيى - وكان من الثقات - إلا ولده، وهم ثقات ".
وانظر " الروض النضير "(783) .
(*) هو في " الجرح والتعديل "(9 / 70 / 270)، وقال أبو حاتم:" صالح الحديث ". (الناشر) .
وللحديث طريق أخرى واهية جداً كالتي قبلها: أخرجها ابن حبان في " الضعفاء "
(3 / 129) ، وابن عدي في " الكامل "(7 / 2699) ، وأبو نعيم أيضاً (1 /
198 -
199) ، والحاكم (2 / 597) ، ومن طريقه البيهقي في " الشعب " (2 /
65 / 1) من طريق يحيى بن سعيد الكوفي السعدي: ثنا ابن جريج عن عطاء
عن عبيد بن عمير عن أبي ذر قال:
دخلت المسجد وإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس، فقال لي:
" يا أبا ذر! إن للمسجد تحية؛ فقم فاركعها ". ثم ذكر الحديث الطويل في
وصية أبي ذر.
قلت: هذا لفظ ابن حبان، وابن عدي بنحوه، لم يسق أحد منهم لفظه؛ غير
أن أبا نعيم قال: " مثله "؛ أي: مثل حديث إبراهيم المتقدم.
وذكر الحاكم - بعد التحية -: الصلاةَ وأنها خير موضوع، والإيمان، وعدد
الأنبياء والرسل. وقال عقبه:
" وذكر باقي الحديث ". وذكر البيهقي منه قوله:
" أوصيك بتقوى الله. . . " إلى قوله:
" ليحجزك عن الناس ما تعلم من نفسك ". وقال ابن عدي:
" وهذا حديث منكر ". وقال ابن حبان:
" ليس من حديث ابن جريج ولا عطاء ولا عبيد بن عمير، وأشبه ما فيه رواية
أبي إدريس الخولاني ".