الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
" متروك، وكذبه الأزدي ". قلت: فهو الآفة.
والثالثة: الفضل بن جبير، وهو مجهول؛ كما سبق بيانه قبل حديث.
5564
- (إني لأرجو إنْ طالتْ بي حياة أن أُدْرِكَ عيسى ابن مريم عليه السلام، فإن عَجلَ بي موتٌ؟ فَمَنْ لَقِيَهُ منكم؟ فَلْيُقْرِئْهُ مني السلام) .
شاذ. أخرجه أحمد (2 / 298) : ثنا محمد بن جعفر: ثنا شعبة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:. . . فذكره.
قلت: وهذا إسناد ظاهره الصحة؛ فإن رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ لكن قد خولف في رفعه محمد بن جعفر - وهو: غندر -، فقال أحمد عقبه مباشرة و (ص 299) :
ثنا يزيد بن هارون: أنا شعبة به؛ إلا أنه لم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم؛ بل أوقفه على أبي هريرة.
وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، ولذا؛ قال الهيثمي في " المجمع "(8 / 5، 205) :
" رواه أحمد بإسنادين: مرفوع وموقوف، ورجالهما رجال الصحيح ".
قلت: ولعل الإمام أحمد رحمه الله تعالى أشار إلى ترجيح وقفه بإيراده إياه بعد المرفوع، وهو الذي يترجح عندي. لأنه جاء موقوفا من طرق:
أولاً: قال كثير بن زيد: عن الوليد بن رباح عن أبي هريرة مرفوعاً:
يوشك المسيح عيسى ابن مريم أن ينزل حَكَمَاً قسطاً، وإماماً عدلاً، فَيَقْتُلَ الخنزيرَ، ويكسِرَ الصليبَ، وتكون الدعوة واحدة ". فأقرئوه - أو أقرئه - السلام من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحدثه فَيُصَذقُنِي.
فلما حضرته الوفاة قال: أقرئوه مني السلام.) :
أخرجه أحمد (2 / 394) . قال الهيثمي (8 / 5) :
" وكثير بن زيد؛ وثقه أحمد وجماعة، وضعفه النسائي وغيره، وبقية رجاله ثقات ".
وقال الحافظ في " التقريب ":
" صدوق يخطئ ". قلت: فمثله حسن الحديث في الشواهد كما هنا.
ثانياً قال عبد الوهاب: أخبرنا ابن عون قال: مررت على عامر في مجلس بني أعبد فقال: حدثني غير واحد من (الأصل: عن) هؤلاء: أن أبا هريرة قال:
" من لقي عيسى ابن مريم منكم؛ فَلْيُقْرِئْهُ مني السلام ".
أخرجه الداني في " الفتن "(ق 144 / 1) .
وهذا إسناد جيد إن كان من دون عبد الوهاب - وهو ابن عطاء الخفاف - ثقاتاً، فإنه قد أصاب بعض أسمائهم لطخ حالت بيننا وبين معرفتهم.
ثالثاً: قال علي بن معبد: حدثنا خالد بن حيان عن جعفر بن برهان عن يزيد ابن الأصم قال: سمعت أبا هريرة يقول: قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم (قلت: فذكر حديث نزول عيسى عليه السلام نحو حديث كثير) قال أبو هريرة:
أفلا تروني شيخاً كبيراً قد كادت أن تلتقي ترقوتاي من الكبر، إني لأرجو أن
لا أموت حتى ألقاه، وأحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيصدقني، فإن أنا مت [دون أن] ألقاه ولقيتموه بعدي؛ فاقرؤوا عليه مني السلام.
أخرجه الداني أيضاً وسنده حسن أيضاً في المتابعات والشواهد.
رابعاً: قال محمد بن إسحاق: عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن عطاء مولى أم صبية (الأصل: حبيبة) قال:
سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قلت: فذكر حديث النزول بزيادة) :
" وليسلكن فجاً حاجاً أو معتمراً أو ليثنينهما (1) ، وليأتين قبري حتى يسلم علي، ولأردن عليه ". يقول أبو هريرة:
أي بني أخي! إن رأيتموه فقولوا: أبو هريرة يقرئك السلام.
أخرجه الحاكم (2 / 595)، وقال:
" صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي! وقلدهما جمع؛ كالكشميري في: " التصريح بما تواتر في نزول المسيح " وأبو غدة المعلق عليه (ص 101 - 102)، والغماري في كتابيه:" إقامة البرهان على نزول عيسى في آخر الزمان "(ص 33)، و:
(1) الأصل: (أو بنيتهما) ، والتصويب من " صحيح مسلم "(4 / 60) ، وأحمد (2 / 240، 272، 513) والداني (44 1 / 1) ؛ فقد أخرجوا الزيادة من طريق أخرى عن أبي هريرة دون ما بعد التثنية، وفي رواية لأحمد (2 / 290) :" أو يجمعهما ". ومن المحتمل أن يكون الأصل صحيحاً ويكون معناه بمعنى رواية أحمد؛ أي: بنية الحج والعمرة. يعني: يقرنهما؛ كما قال الداني عقب الرواية ألأ ولى: " أو ليثنينهما ".
ومن العجيب أن هذه اللفظة (أو بنيتهما) خفي معناها أو صوابها على جمع ممن نقلوا الحديث من " المستدرك "؛ كالذهبي في " التلخيص "، والشيخ الكشميري في " التصريح "(ص 102) ، والغماري في " إقامة البرهان "(34) وغيره، وكالسيوطي في " الدر "(2 / 245) ؛ فإنهم جميعا حذفوها!
" عقيدة أهل الإسلام في نزول عيسى عليه السلام "؛ بل إن هذا الأخير أورده في كتابه الآخر الذي سماه بـ " الكنز الثمين " برقم (3245) الذي جرده من الأحاديث الضعيفة بزعمه! وكل ذلك إنما يقع من الجهل بهذا العلم الشريف أو إهمال التحقيق فيه! وإلا؛ فهل يخفى على المحقق الناظر في هذا السند أنه لا يصح، وذلك من ناحيتين:
الأولى: عنعنة ابن إسحاق؛ فإنه مدلس مشهور بذلك.
والأخرى: جهالة عطاء مولى أم صبية؛ فإن الذهبي نفسه قد أورده في " الميزان " وقال: " لا يعرف، تفرد عنه المقبري ". ونحوه قول الحافظ في " التقريب ":
" مقبول ". يعني: عند المتابعة؟ !
وقد وجدت له متابعا على بعضه - بسند لا بأس به - خرجته في " الصحيحة "(2733) ، ولم أذكره هنا؛ لأنه ليس فيه موضع الشاهد منه، وهو قول أبي هريرة:
إن رأيتموه؛ فقولوا: أبو هريرة يُقْرِئُك السلام.
وبالجملة؛ فهذه الطرق الأربعة عن أبي هريرة - وإن كانت مفرداتها لا تخلو من ضعف؛ فإن - مجموعها يعطي لما اتفقت عليه من متونها قوة وصحة لا ريب فيها، فهي صالحة لترجيح أن حديث الترجمة موقوف غير مرفوع، وقد خفي هذا التحقيق على الغماري، فاغتر في كتابيه المشار إليهما اَنفأ (ص 34، 93) بقول الهيثمي: " رجال إسناده رجال (الصحيح) !
فأورد الحديث في " كنزه (1179) ؛ مع أنه قد صرح في مقدمته (ص ن) أنه لا يكفي في صحة الحديث أو حسنه مجرد ثقة رجاله؛ بل لا بد أن يكون سالماً من النكارة والشذوذ والمخالفة كما هو مبين في علم الحديث! وهذا حق؛ لكنه لم يلتزمه في هذا الكتاب ولا في غيره إلا ما ندر، كما يتبين لكل ذي بصيرة من هذا الحديث وغيره مما تقدم وما قد يأتي.
وأما الشيخ الكشميري؛ فقد تنبه لشيء من ذلك؛ فقال (ص 180) - بعد أن ذكر الحديث من الطريقين موقوفاً ومرفوعاً -:
" ومن أمعن النظر في أحاديث الباب؛ علم أن الإيصاء بإبلاغ السلام وقراءته على عيسى ابن مريم عليه السلام صحيح مرفوعا وموقوفاً.
وأما الجملة من قوله: " إني لأرجو إن طال بي عمر أن ألقى عيسى ابن مريم عليه السلام ". فالنظر في أحاديث الباب يحكم بأنها موقوفة لا مرفوعة ".
قلت: وفيما ادعاه من صحة الإيصاء مرفوعا نظر عندي؛ لأنه - أعني:
الإيصاء - لم يرد في شيء من الأحاديث التي ساقها في كتابه، وقد بلغ عددها خمسةً وسبعين حديثاً، وزاد عليها المعلق أبو غدة عشرة أخرى، فيها الصحيح والحسن والضعيف والموضوع، وفيه ما سكت عنه ولم يبين حاله! أقول: في هذه الأحاديث كلها لم يرد الإيصاء إلا في حديثين اثنين (*) :
حديث الترجمة أحدهما، وقد عرفت أنه ضعيف؛ لشذوذه.
والآخر: الحديث (67) ، وهو عن أبي هريرة أيضاً في قَتْلِ عيسى الدجالَ
(*) وهنالك حديث ثالث صحيح عند الشيخ رحمه الله، ذكره في " الصحيحة "(2308) . رأيناه في " قصة المسيح "(ص 142) . (الناشر) .
وكَسْرِهِ الصليبَ. . . وفيه:
" ألا من أدركه منكم؛ فليقرأ عليه السلام ".
قال: " أخرجه الطبراني؛ كما في " الدر المنثور "،:
فذكر المعلق عليه أن الهيثمي أورده في " المجمع "(8 / 255) من رواية الطبراني في " الأوسط " و " الصغير " وقال:
" وفي سنده محمد بن عقبة السدوسي؛ وثقه ابن حبان، وضعفه أبو حاتم ".
قال أبو غدة: " وقال شيخنا الغماري في " عقيدة أهل الإسلام (ص 93) : إسناده حسن "!
قلت: كذا قال الغماري في الكتاب المذكور، وما أحسن! وأما في كتابه الآخر " إقامة البرهان "(ص 34) ؛ فلم يحسنه، وإنما ساق إسناد الطبراني فيه، فأحسن، وإنما نقل إعلال الهيثمي إياه بالسدوسي، وهو وإن كان كافياً في تضعيف الحديث عند أهل المعرفة؛ لما هو معلوم من تساهل ابن حبان في التوثيق من جهة؛ ولأن أبا حاتم قال في السدوسي:
" تركت حديثه ".
فهو عنده شديد الضعف؛ فهذا الجرح مقدم على توثيق ابن حبان؛ لأنه جرح مفسر، ولو فرض أن ابن حبان غير متساهل في التوفيق من جهة أخرى.
أقول: فهذا يكفي في تضعيف الحديث ورد تحسينه لمن تجرد عن التقليد،