المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

لكنهم فعلوه بحضرته فلم ينكره. أخرجه أحمد كما ترى)) . فأقول: - سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة - جـ ١٢

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة:

- ‌5501

- ‌5502

- ‌5503

- ‌5504

- ‌5505

- ‌5506

- ‌5507

- ‌5508

- ‌5509

- ‌5510

- ‌5511

- ‌5512

- ‌5513

- ‌5514

- ‌5515

- ‌‌‌5516

- ‌5516

- ‌5517

- ‌5518

- ‌5519

- ‌5520

- ‌5521

- ‌5522

- ‌5523

- ‌5524

- ‌5525

- ‌5526

- ‌5527

- ‌5528

- ‌5529

- ‌5530

- ‌5531

- ‌5532

- ‌5533

- ‌5534

- ‌5535

- ‌5536

- ‌5537

- ‌5538

- ‌5539

- ‌5540

- ‌5541

- ‌5542

- ‌5543

- ‌5544

- ‌5545

- ‌5546

- ‌5547

- ‌5548

- ‌5549

- ‌5550

- ‌5551

- ‌5552

- ‌5553

- ‌5554

- ‌5555

- ‌5556

- ‌5557

- ‌5558

- ‌5559

- ‌5560

- ‌5561

- ‌5562

- ‌5563

- ‌5564

- ‌5565

- ‌5566

- ‌5567

- ‌5568

- ‌5569

- ‌5570

- ‌5571

- ‌5572

- ‌5573

- ‌5574

- ‌5575

- ‌5576

- ‌5577

- ‌5578

- ‌5579

- ‌5580

- ‌5581

- ‌5582

- ‌5583

- ‌5584

- ‌5585

- ‌5586

- ‌5587

- ‌5588

- ‌5589

- ‌5590

- ‌5591

- ‌5592

- ‌5593

- ‌5594

- ‌5595

- ‌5596

- ‌5597

- ‌5598

- ‌5599

- ‌5600

- ‌5601

- ‌5602

- ‌5604

- ‌5605

- ‌5606

- ‌5607

- ‌5608

- ‌5609

- ‌5610

- ‌5611

- ‌5612

- ‌5613

- ‌5614

- ‌5615

- ‌5616

- ‌5617

- ‌5618

- ‌5619

- ‌5620

- ‌5621

- ‌5622

- ‌5623

- ‌5624

- ‌5625

- ‌5626

- ‌5627

- ‌5628

- ‌5629

- ‌5630

- ‌5631

- ‌5632

- ‌5633

- ‌5634

- ‌5635

- ‌5636

- ‌5637

- ‌5638

- ‌5639

- ‌5640

- ‌5641

- ‌5642

- ‌5643

- ‌5644

- ‌5645

- ‌5646

- ‌5647

- ‌5648

- ‌5649

- ‌5650

- ‌5651

- ‌5652

- ‌5653

- ‌5654

- ‌5655

- ‌5656

- ‌5657

- ‌5658

- ‌5659

- ‌5660

- ‌5661

- ‌5662

- ‌5663

- ‌5664

- ‌5665

- ‌5666

- ‌5667

- ‌5668

- ‌5669

- ‌5670

- ‌5671

- ‌5672

- ‌5673

- ‌5674

- ‌5675

- ‌5676

- ‌5677

- ‌5678

- ‌5679

- ‌5680

- ‌5681

- ‌5682

- ‌5683

- ‌5684

- ‌5685

- ‌5686

- ‌5687

- ‌5688

- ‌5689

- ‌5690

- ‌5691

- ‌5692

- ‌5693

- ‌5694

- ‌5695

- ‌5696

- ‌5697

- ‌5698

- ‌5699

- ‌5700

- ‌5701

- ‌5702

- ‌5703

- ‌5704

- ‌5705

- ‌5706

- ‌5707

- ‌5708

- ‌5709

- ‌5710

- ‌5711

- ‌5712

- ‌5713

- ‌5714

- ‌5715

- ‌5716

- ‌5717

- ‌5718

- ‌5719

- ‌5720

- ‌5721

- ‌5722

- ‌5723

- ‌5724

- ‌5725

- ‌5726

- ‌5727

- ‌5728

- ‌5729

- ‌5730

- ‌5731

- ‌5732

- ‌5733

- ‌5734

- ‌5735

- ‌5736

- ‌5737

- ‌5738

- ‌5739

- ‌5740

- ‌5741

- ‌5742

- ‌5743

- ‌5743 / م

- ‌5744

- ‌5745

- ‌5746

- ‌5747

- ‌5748

- ‌5749

- ‌5750

- ‌5752

- ‌5753

- ‌5754

- ‌5755

- ‌5756

- ‌5757

- ‌5758

- ‌5759

- ‌5760

- ‌5761

- ‌5762

- ‌5763

- ‌5765

- ‌5766

- ‌5767

- ‌5768

- ‌5769

- ‌5770

- ‌5771

- ‌5772

- ‌5773

- ‌5774

- ‌5775

- ‌5776

- ‌5777

- ‌5778

- ‌5779

- ‌5780

- ‌5781

- ‌5782

- ‌5783

- ‌5784

- ‌5785

- ‌5786

- ‌5787

- ‌5788

- ‌5789

- ‌5790

- ‌5791

- ‌5793

- ‌5794

- ‌5795

- ‌5796

- ‌5797

- ‌5798

- ‌5798 / م

- ‌5799

- ‌5800

- ‌5801

- ‌5802

- ‌5803

- ‌5804

- ‌5805

- ‌5806

- ‌5807

- ‌5808

- ‌5809

- ‌5810

- ‌5811

- ‌5812

- ‌5813

- ‌5814

- ‌5815

- ‌5816

- ‌5817

- ‌5818

- ‌5819

- ‌5820

- ‌5821

- ‌5822

- ‌5823

- ‌5824

- ‌5825

- ‌5826

- ‌5827

- ‌5828

- ‌5829

- ‌5830

- ‌5831

- ‌5832

- ‌5833

- ‌5834

- ‌5835

- ‌5836

- ‌5837

- ‌5838

- ‌5839

- ‌5840

- ‌5841

- ‌5842

- ‌5843

- ‌5844

- ‌5845

- ‌5846

- ‌5847

- ‌5848

- ‌5849

- ‌5850

- ‌5851

- ‌5851 / م

- ‌5852

- ‌5853

- ‌5854

- ‌5855

- ‌5856

- ‌5857

- ‌5858

- ‌5859

- ‌5860

- ‌5861

- ‌5862

- ‌5863

- ‌5864

- ‌5865

- ‌5866

- ‌5867

- ‌5868

- ‌5869

- ‌5870

- ‌5871

- ‌5872

- ‌5873

- ‌5874

- ‌5875

- ‌5876

- ‌5877

- ‌5878

- ‌5879

- ‌5880

- ‌5881

- ‌5882

- ‌5883

- ‌5884

- ‌5885

- ‌5886

- ‌5887

- ‌5888

- ‌5889

- ‌5890

- ‌5891

- ‌5892

- ‌5893

- ‌5894

- ‌5894 / م

- ‌5895

- ‌5896

- ‌5897

- ‌5898

- ‌5899

- ‌5900

- ‌5901

- ‌5902

- ‌5903

- ‌5904

- ‌5905

- ‌5906

- ‌5907

- ‌5908

- ‌5909

- ‌5910

- ‌5911

- ‌5912

- ‌5914

- ‌5915

- ‌5916

- ‌5917

- ‌5918

- ‌5919

- ‌5920

- ‌5921

- ‌5922

- ‌5923

- ‌5924

- ‌5925

- ‌5926

- ‌5927

- ‌5928

- ‌5929

- ‌5930

- ‌5931

- ‌5932

- ‌5933

- ‌5934

- ‌5935

- ‌5936

- ‌5937

- ‌5938

- ‌5939

- ‌5940

- ‌5941

- ‌5942

- ‌5943

- ‌5944

- ‌5945

- ‌5946

- ‌5947

- ‌5948

- ‌5949

- ‌5950

- ‌5951

- ‌5953

- ‌5954

- ‌5955

- ‌5956

- ‌5957

- ‌5958

- ‌‌‌5959

- ‌5959

- ‌5960

- ‌5961

- ‌5962

- ‌5963

- ‌5964

- ‌5965

- ‌5966

- ‌5967

- ‌5968

- ‌5969

- ‌5970

- ‌5971

- ‌5972

- ‌5973

- ‌5974

- ‌5975

- ‌5977

- ‌5978

- ‌5978 / م

- ‌5979

- ‌5980

- ‌5981

- ‌5982

- ‌5983

- ‌5984

- ‌5985

- ‌5986

- ‌5987

- ‌5988

- ‌5989

- ‌5990

- ‌5991

- ‌5992

- ‌5993

- ‌5995

- ‌5996

- ‌5997

- ‌5998

- ‌5999

- ‌6000

الفصل: لكنهم فعلوه بحضرته فلم ينكره. أخرجه أحمد كما ترى)) . فأقول:

لكنهم فعلوه بحضرته فلم ينكره. أخرجه أحمد كما ترى)) .

فأقول: هذا رد واه ٍ؛ لأن مجرد رواية أحمد له لا يستلزم صحته، فكيف وقد

بينا أنه شاذ لا يصح. فتنبه.

ومن العجيب أن ابن حزم ذكر قلب الناس لأرديتهم في صلاة الاستسقاء من

((المحلى)) (5 / 93) دون أن يذكر الحجة في ذلك، وهو مذهب مالك، وكذا

الشافعي في ((الأم)) (1 / 287)، وزاد عليهم فقال (1 / 123) :

((ولا يحول رداءه إذا انصرف من مكانه الذي يخطب فيه، وإذا حولوا أرديتهم

أقروها محولة كما هي حتى ينزعوها متى نزعوها)) !

‌5630

- (خرج َ بني الله صلى الله عليه وسلم يوماً يستسقي، فصلى بنا ركعتين

بغير أذان ٍ ولا إقامة ٍ، ثم خَطَبَنَا، ودعا الله، وحوّل وجهَه نحو القبلةِ

رافعا ً يَدَهُ، ثم قَلَبَ رداءَهُ، فجعلَ الأيمنَ على الأيسرِ، والأيسرَ على الأيمنِ ِ) .

منكر بذلك الخطبة بعد الصلاة. أخرجه أحمد (2 / 326) ، وابن ماجه

(1 / 384) ، وابن خزيمة (1409 / 1422) ، والطحاوي (1 / 192) ، والبيهقي

(3 / 347) من طريق النعمان بن راشد عن الزهري عن حميد بن عبد

الرحمن عن أبي هريرة قال:. . . . . . . فذكره. وقال ابن خزيمة عقبه:

((في القلب من النعمان بن راشد؛ فإن في حديثه عن الزهري تخليطا ً كثيرا ً)) .

وقال البيهقي:

((تفرد به النعمان)) .

ص: 285

قلت: قال البخاري في ((التاريخ)) (4 / 2 / 80) :

((في حديثه وهم كثير، وصدوق في الأصل)) . وقال أحمد:

((مضطرب الحديث، روى مناكير)) .

وضعفه آخرون. ولذلك؛ قال الحافظ في ((التقريب)) :

((صدوق سيئ الحفظ)) .

قلت: فمن كان هذا حاله فأحسن أحواله أن يستشهد بحديثه ويتقوى بغيره،

وأما أن يحتج به فلا، ولذلك، قال ابن خزيمة بعد تضعيفه إياه فيما نقله عنه

آنفا ً:

((فإن ثبت هذا الخبر؛ ففيه دلالة على أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب ودعا وقلب رداءه مرتين: مرة قبل الصلاة ومرة بعدها)) .

وإنما قال هذا على فرض ثبوته؛ توفيقا ًبينه وبين حديث عبد الله بن زيد الذي

ذكرته قبل هذا بألفاظ، منها لفظ ابن خزيمة:

خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء، فخطب، واستقبل القبلة، ودعا

واستسقى، وحول رداءه، وصلى بهم.

والأََوْلََى أن يقال ـ إن ثبت ـ: إنه تجوز الصلاة قبل الخطبة والدعاء والتحول

والتحويل، كما يجوز العكس؛ لثبوت هذا في ثلاثة أحاديث صحيحة كما تقدم

بيانه في الحديث السابق. ومادام أنه لم يثبت هذا الحديث المخالف لها؛ فلا يؤخذ

به. هذا هو الذي يقتضيه قاعدة الجمع بين الأحاديث المقبولة التي ذكرها الحافظ

في ((شرح النخبة)) ؛ فتنبه.

ص: 286

ولذلك؛ فإني أقول:

لقد تبين لي وأنا أعد لهذا البحث والتحقيق: أن بعض العلماء لم يكن

موقفهم تجاه هذا الحديث ونحوه الموقف الذي يوجبه التحقيق والتجرد والإنصاف،

لا من الناحية الحديثية ولا من الناحية الفقهية، وإليك بعض الأمثلة بالقدر الذي

تحصل به العبرة.

أما الناحية الحديثية؛ فقد مر بك قول البيهقي في هذا الحديث أنه تفرد به

النعمان بن راشد، وما قاله أحمد والبخاري وغيرهما فيه من الضعف، ومع ذلك

فقد وجدت ما يأتي:

أولا ً: نقل الحافظ في ((التلخيص الحبير)) (2 / 98) عن البيهقي أنه قال

في كتابه ((الخلافيات)) :

((رواته ثقات)) .

كذا قال! وما أظن أنه خفي عليه الضعف المشار إليه آنفا ً، ومع ذلك أقره عليه

الحافظ! وهو القائل في رواية (النعمان) :

((صدوق سيئ الحفظ)) كما تقدم.

ثم نقله عنه الشوكاني في ((نيل الأوطار)) (4 / 4) ، والشيخ البنا الساعاتي

في ((الفتح الرباني)) (6 / 233) ؛ دون أي تعقيب أو تعليق! وكذلك فعل الشيخ

أحمد الغماري في ((مسالك الدلالة على مسائل متن الرسالة)) (ص 89) وزاد

عليهم أنه لم يعزه للحافظ، فأوهم أنه نقله من ((الخلافيات)) مباشرة! وكذلك

فعل في تخريج سائر الأحاديث، نقلها عن ((تلخيص الحافظ)) دون أي عزو إليه أو

ص: 287

ذكر له! !

ثانيا ً: لم يقف الأمر بالحافظ عند ما ذكرنا؛ بل إنه زاد في الطين بِِلة؛ فقال في

كتابه ((الدراية)) (1 / 226) :

((وإسناده حسن)) !

قال هذا، وهو يرى أصله الذي بين يديه (أعني:((نصب الراية)) للزيلعي)

يتعقب قول البيهقي: ((تفرد به النعمان. . . . . .)) بقوله:

((قال البخاري: هو صدوق؛ لكن في حديثه وهم كبير)) .

وهذا الحديث مما يؤكد هذا القول؛ فإن النعمان قد رواه عن الزهري بسنده عن

أبي هريرة.

وقد رواه الثقات من أصحاب الزهري عنه بسندٍ آخر له عن عبد الله بن يزيد

الأنصاري نحوه، وفيه تقديم الخطبة على الصلاة؛ كما تقدم بيانه وتحقيقه في

الحديث الذي قبله.

فتفرد النعمان بهذا الإسناد والمتن عن الزهري دون أصحابه الثقات مما يجعل

حديثه شاذا ً لو كان ثقة، فكيف وهو سيء الحفظ بشهادة الحافظ نفسه! فكيف

يقول: ((إسناده حسن)) ؟ ! ليغتر به المعلق الفاضل على كتابه ((فتح الباري)) (2 /

500 -

المطبعة السلفية) ، فيجمع بينه وبين الأحاديث الصحيحة المعارضة له بجواز

الأمرين!

ثالثا ً: وأنكر من ذلك كله: قول البوصيري في ((الزوائد)) (ق 79 / 2) و (1 /

150 -

طبعة دار العربية) :

ص: 288

((هذا إسناد صحيح، ورجاله ثقات. . . . ورواه الحاكم. . . . .)) .

ولم أره في ((مستدرك الحاكم)) ولا رأيت غيره عزاه إليه! وكأنه لما رأى شيخَه

الحافظ َ سكت عن قول البيهقي: ((رواته ثقات)) ؛ استلزم منه صحة إسناده!

وليس بلازم كما لا يخفى على أهل العلم.

وقد اغتر به أبو الحسن السندي في ((حاشية ابن ماجه)) (1 / 384) ، فنقل

تصحيحه هذا ساكتا ً عليه أيضا ً!

وأما الناحية الفقهية؛ فأغرب، من حيث الابتعاد عن المنهج العلمي، وهاك

بعض الأمثلة:

الأول: عمل بهذا الحديث المنكر المالكية والشافعية، فذهبوا إلى تأخير الخطبة

عن الصلاة، ونص على ذلك مالك في ((الموطأ)) ، والشافعي في ((الأم)) ، وتبعهم

الإمام أبو يوسف كما نقله عنه أبو جعفر الطحاوي، واحتج له بقياس صلاة

الاستسقاء على صلاة العيدين (1) ! مع كونه يعلم أنه خلاف الأحاديث الصحيحة

المتقدمة، وقد خرجها كلها، ومن بَدَهِيات الفقه: أنه لا اجتهاد ولا قياس في

مخالفة النص.

ولقد كان أسعد الناس في هذه المسألة الإمام محمد بن الحسن؛ فإنه وفق

للسنة فيها؛ فقد ذكر في كتابه ((الحجة على أهل المدينة)) مذهبهم فيها مثلما

ذكرته عن مالك، ثم قال (1 / 333) :

((وقد كان أهل المدينة يقولون قبل هذا: يبدأ الإمام في الاستسقاء بالخطبة

قبل الصلاة بمثل فعله في الجمعة)) . قال: ((وقول أهل المدينة الآخر أحب إلينا من

(1) وذكر الباجي في ((المنتقى)) (1 / 332) نحوه موجهاً لقول مالك وفق قول أبي يوسف.

ص: 289

قولهم الأول)) .

ثم ساق حديث ابن عباس، وحديث عبد الله بن زيد المازني المتقدمين، مع

شاهد لهما من فعل الصحابة يحسن أن أسوقه هنا إتماما للفائدة، فقال:

أخبرنا سفيان الثوري قال: حدثنا أبو إسحاق (السبيعي) عن عبد الله بن

يزيد الأنصاري (وهو الخَطمي) قال:

خرج يستسقي بالكوفة ـ وقد كان رأى النبي صلى الله عليه وسلم، فقام قائما ً على رجليه

على غير منبر، فاستسقى واستغفر، فصلى ركعتين. قال: ووافقنا زيد بن أرقم في

الاستسقاء.

وتابعه: عبد الرزاق في ((المصنف)) (3 / 86) عن الثوري به؛ لكن وقع في

متنه خطأ بينه الحافظ في ((الفتح)) (2 / 513) ، فراجعه إن شئت.

وتابعه: زهير ـ وهو ابن معاوية الجعفي ـ قال: ثنا أبو إسحاق به. وزاد في

أوله:

وخرج فيمن كان معه: البراء بن عازب، وزيد بن أرقم. قال أبو إسحاق: وأنا

معه يومئذ ٍ. وفي آخره:

((ونحن خلفه، فجهر فيهما بالقراءة، ولم يؤذ?ن يومئذ ٍ ولم يُقِمْ)) .

أخرجه البخاري (2 / 513 / 1022) ، والطحاوي (1 / 193) ، والبيهقي

(3 / 349) وقال:

((رواه الثوري عن أبي إسحاق قال: فخطب ثم صلى، ورواه شعبة عن أبي

إسحاق قال: فصلى ركعتين، ثم استسقى، ورواية الثوري وزهير أشبه)) .

ص: 290

يعني أن شعبة انقلب عليه هذا الأثر، فذكر الصلاة قبل الخطبة، وهو خطأ منه

على السبيعي؛ كما أخطأ معمر على الزهري في قلبه لحديثه عن عباد عن عبد الله

ابن زيد؛ كما تقدم تحقيق ذلك في الحديث الذي قبله.

ويشير برواية الثوري إلى رواية عبد الرزاق المتقدمة عنه، ولفظه:

فخطب، ثم صلى بغير أذان ولا إقامة. قال: وفي الناس يومئذٍ البراء بن عازب

وزيد بن أرقم.

ورواها ابن أبي شيبة في " المصنف " مختصراً فقال (2 / 473) : حدثنا

وكيع قال: ثنا سفيان عن أبي إسحاق قال:

خرجنا مع عبد الله بن يزيد الأنصاري نستسقي، فصلى ركعتين، وخلفه زيد

ابن أرقم.

ورواه الفسوي في " تاريخه "(2 / 630) : حدثنا قبيصة قال: ثنا سفيان به

قال:

بعث عبد الله بن الزبير إلى عبد الله بن يزيد الخطمي: أن استسق بالناس،

فخرج وخرج الناس معه، وفيهم زيد بن أرقم والبراء بن عازب.

ورواية شعبة التي أشار إليها البيهقي؛ وصلها مسلم (5 / 199) من طريق

محمد بن جعفرعنه.

وقد خالفه سليمان بن حرب وأبو الوليد الطيالسي ومحمد بن كثير عن شعبة

بلفظ:

وصلى بالناس ركعتين.

ص: 291

أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير "(5 / 211 - 212) ؛ لكن سقط منه

ذكر عبد الله بن يزيد، ولعله من الناسخ أو الطابع.

قلت: فهذا اللفظ ليس صريحاً في مخالفة لفظ الثوري وزهير، فليحمل عليه،

بخلاف لفظ محمد بن جعفر؛ فإنه صريح في ذلك؛ فلا بد من الترجيح، ولا

شك أن رواية الجماعة أرجح من رواية الفرد، وبخاصة إذا كان فيه نوع كلام؛ فقد

قال الحافظ في ترجمته - أعني: ابن جعفر، وهو المعروف بـ (غُنْدَر) -:

" ثقة صحيح الكتاب؛ إلا أن فيه غفلة ".

وبالجملة؛ فالصحيح المحفوظ في هذا الأثر تقديم الخطبة على الصلاة وفق

الرواية المحفوظة في حديث عبد الله بن زيد المازني وحديث عائشة وابن عباس. فلا

جرم أن يكون الإمام محمد أسعد الناس بالسنة؛ لإيثاره إياها على ما خالفها.

الثاني: استمرار الشافعية والحنفية - خلافاً للإمام محمد - على ترجيح

وتفضيل تقديم الصلاة على الخطبة، وهم يعلمون أن ما في " الصحيحين " وغيرهما

عن عبد الله بن زيد وعائشة وابن عباس أصح وأكثر؛ كما تقدم بيانه، ولو أنهم

عكسوا لأصابوا؛ لأنه ليس لهم حجة إلا ذاك الحديث الشاذ وهذا الحديث المنكر،

حتى إن الامام الشيرازي لم. يحتج في " المهذب " إلا به، ومع أنه ذكره في موضع

آخر منه؛ فقد مر عليه النووي في شرحه عليه: " المجموع "(5 / 66، 77) فلم

يخرجه مطلقاً، ولا استدل بغيره على مذهبه؛ بل إنه صرح (5 / 93) بأنه

الأفضل؛ قال:

" فلو خطب قبل الصلاة؛ صحت الخطبة، وكان تاركاً للأكمل "! وتبعه

العيني في " عمدة القاري "(4 / 34) .

ص: 292

فلا أدري - والله! - كيف يتجرأون على مثل هذا القول المخالف للأحاديث

الصحيحة وفعل الصحابة كما تقدم في أثر عبد الله بن يزيد الأنصاري، وليس

بأيديهم ما يساويها ثبوتاً، فضلاً عن أن تكون أقوى منها دلالة؟ ! فلو أنها كانت

ثابتة لما دلت على أكثر من الجواز، فالأفضلية من أين؟ !

ومن ذاك القبيل؛ قول محدِّثهم الأكبر - بحق - في " فتح الباري "(2 / 500) :

" ويمكن الجمع بين ما اختلف من الروايات في ذلك بأنه صلى الله عليه وسلم بدأ بالدعاء، ثم

صلى ركعتين ثم خطب، فاقتصر بعض الرواة على شيء، وبعضهم على شيء،

وعبر بعضهم عن الدعاء بالخطبة، فلذلك وقع الاختلاف "! ونقله عنه الشوكاني

(4 / 5) !

فأقول:

أولاً: الجمع فرع التصحيح، فما دام أنه لم تثبت خطبته صلى الله عليه وسلم بعد الصلاة؛

فلا جمع؛ لأنه يشترط فيه أن تكون الروايتان المختلفتان من قسم (المقبول) ؛ كما

ذكر ذلك الحافظ نفسه في " شرح النخبة ".

وثانياً: يدفع الجمع المذكور برواية ابن خزيمة المتقدمة في أول هذا التخريج؛

فإنها صرحت بأن النبي صلى الله عليه وسلم لما استسقى خطب ودعا. فسقط الجمع المذكور،

فوجب الاعتماد على الأحاديث الصحيحة فقط والأثر الموافق لها. ولعل هذا

مذهبُ الحافظ ابن المنذر؛ فقد قال النووي عقب ما سبق نقله عنه:

" وأشار ابن المنذر إلى استحباب تقديم الخطبة، وحكاه عن عمر بن الخطاب

وغيره، وحكاه العبدري عن عبد الله بن الزبير، وعمر بن عبد العزيز، والليث بن

سعد ".

ص: 293

الثالث - وهو أغرب وأعجب -: استمرار الحنفية في متونهم على إنكار شرعية

الجماعة في صلاة الاستسقاء، كما في " شرح الكنز " للعيني (1 / 63) ، و " البحر

الرائق " لابن نجيم المصري (2 / 281) ، و " الدر المختار " (1 / 790) بشرحه " رد

المحتار " وغيرها! وقال ابن عابدين في " شرحه " (1 / 791) :

" وكلام المصنف لـ " الكنز " يفيد عدم المشروعية؛ كما في " البحر "، وتمامه في

" النهر "، وظاهر كلام " الفتح " ترجيحه "! يعني:" فتح القدير " لابن الهمام.

كل ذلك منهم خلاف للأحاديث والآثار؛ بل وخلاف قول الإمامين أبي

يوسف ومحمد، وتعصباً منهم للإمام أبي حنيفة؛ فإنه تفرد بذلك من بين الأئمة؛

بل إن ظاهر كلامه أنه ينكر شرعية الصلاة للاستسقاء مطلقاً، وسلفه في ذلك

إبراهيم النخعي؛ فإنه كان لا يصليها. فقد روى ابن أبي شيبة فيه المصنف " (2 /

474) بسنده الصحيح عن أسلم العجلي - وهو ثقة - قال:

خرج الناس مرة يستسقون، فخرج معهم إبراهيم، فلما فرغوا؛ قاموا يصلون،

فرجع إبراهيم ولم يُصَلِّ معهم.

وفي رواية له: أن الإمام كان المغيرة بن عبد الله الثقفي.

وكذا رواه الإمام محمد في " الحجة على أهل المدينة "(1 / 333 - 334) ؛

ولكنه قال: " المغيرة الثقفي ".

وإسنادهما منقطع. وقال محمد (1 / 332) :

" قال أبو حنيفة: لا نرى في الاستسقاء صلاة. وكان يرى أن يخرج الإمام

فيدعو ".

ثم ذكر مذهب أهل المدينة في صلاة الاستسقاء - وقد سبق نقله عنه -، ثم قال:

ص: 294

" وكان إبراهيم النخعي يقول بقول أبي حنيفة: " يرى في ذلك صلاة ".

قلت: ورأيهما هذا لا يمكن توجيهه إلا على أنه لم تبلغهم تلك الأحاديث

الصحيحة والآثار عن السلف، وإلا؛ لقالوا بها، وكانوا مع الجماعة؛ إذ من المقطوع

به أنه لا عداء بين أحد وبين السنة، وبخاصة من كان منهم من الأئمة، كيف

وهم القائلون:

" إذا صح الحديث فهو مذهبي "؟ !

وإن في موقفهما هذا من هذه الصلاة المسنونة تنبيهاً على أمرين هامين:

الأول: أن الأصل في العبادات المنع إلا لنص، فلما لم يبلغهما؛ وقفا مع

الأصل، ولولا ذلك لقالا فيها كما يقول كثير من الناس اليوم لأهل السنة حين

ينكرون عليهم البدعة في العبادة: (يا أخي! شو فيها، كفاكم تشدداً؟ !) .

والآخر: قول الإمام الشافعي:

" ما من أحد إلا وتذهب عليه سُنَّةٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعزبُ عنه، فمهما قلتُ

من قول، أو أصَّلتُ من أصل فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاف ما قلت؛ فالقول ما

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو قولي ". ونحوه قول الأئمة المتقدم:

" إذا صح الحديث؛ فهو مذهبي ". وقول أبي حنيفة:

" إذا قلت قولاً يخالف كتاب الله تعالى وخبر الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فاتركوا قولي ".

انظر تخريج هذه الأقوال في " صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم "، المقدمة.

ولكن؛ هل ائتمر أصحاب أبي حنيفة بأمره هذا لهم فتركوا قوله بعدم شرعية

صلاة الاستسقاء؟

ص: 295

لقد انقسموا فريقين:

أما المتقدمون منهم؛ فقد تركوه وقالوا بها؛ كالإمام محمد وأبي يوسف

والطحاوي كما تقدم، وكالحافظ الزيلعي من المتأخرين كما يأتي.

وأما المتأخرون منهم؛ فكانوا متعصبين للإمام على اختلاف بينهم:

أ - فمنهم من انتصر للإمام وقده فيما ذهب إليه من نفي الشرعية، وتجاهل

تلك الأحاديث والآثار الصحيحة؛ بل ونفى ما لم ينفه الإمام؛ كالمرغيناني في

" الهداية "؛ فقال (2 / 58 - بشرح فتح القدير) :

" ورسول الله صلى الله عليه وسلم استسقى، ولم ترو عنه الصلاة "!

فردَّ عليه الحافظ الزيلعي بقوله في " نصب الراية لتخريج أحاديث الهداية "

(2 / 238) فقال:

" أما استسقاؤه عليه السلام؛ فصحيح ثابت، وأما أنه لم يرو عنه الصلاة؛

فهذا غيرصحيح؛ بل صح أنه صلى فيه؛ كما سيأتي ".

ثم ساق الأحاديث المتقدمة.

ب - ومنهم من لم يستطع أن ينكر روايتها؛ لشهرتها في " الصحيحين "

و" السنن " و " المسانيد " وغيرها؛ ولكنه كابر فقال بشذوذها؛ كابن الهمام في

" الفتح "(2 / 59) ، والخوايزمي على " الهداية "(2 / 58) ! بل إن ابن الهمام

نقل عن الإمام محمد أنه قال في " الكافي " - جمعه بعضهم من كلام محمد -:

" لا صلاة في الاستسقاء، إنما فيه الدعاء؛ بلغنا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خرج

ودعا، وبلغنا عن عمر أنه صعد المنبر فدعا واستسقى. ولم يبلغنا عن النبي صلى الله عليه وسلم

ص: 296

في ذلك صلاة إلا حديث واحد شاذ لا يؤخذ به ".

قلت: وهذا مما لا أظنه ثابتاً عن الامام محمد، كيف وهو قد روى في " الحجة "

حديثين اثنين بإسنادين ثابتين كما تقدم؟ ! ومثل هذا النقل عن الإمام محمد مما

يجعلنا نشك في كثير مما يذكره الحنفية في كتبهم معزواً لأئمتهم.

ثم ما هو هذا الحديث الواحد؟ وما هو وجه شذوذه؟ !

ولئن سلم بالشذوذ فيه؛ فكيف يمكن أن يقال به في أحاديث ثلاثة صحيحة

الأسانيد كلها تلتقي في قضية واحدة، وهي أنه صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الاستسقاء،

وفي أكثر من حادثة واحدة؟ ! تالله! لئن كان يصح في العلم أن يقال في مثله:

" شاذ "؛ فليس في الدنيا حديث صحيح غير شاذ!

ج - وبعضهم - لشدة تعصبه لإمامه ورفعه فوق مستوى الأئمة - صعب عليه

أن يعتقد أن إمامه ينفي شرعية الصلاة! لأن لازم ذلك الاعتراف بأنه لم يطلع على

أحاديثها، ثقل عليهم هذا؛ فتأولوا كلامه بتأويلين ينبو كلامه عنهما:

الأوَّل: أنه يعني نفي سنية الصلاة، لا عدم جوازها!

والآخر: أنه لا يعني نفي شرعية الصلاة مطلقاً، وإنما يعني صلاتها بجماعة!

(انظر " شرح الكنز " و " الهداية " وشروحها)(1) .

ولذلك؛ نقموا على الحافظ الزيلعي إنكاره ما نسبوه إلى الإمام من إنكاره

لإنكاره الذي ذكره في " الهداية "! وليس يخفى على أحد أن ذلك كله تكلف

بارد، وأن عبارة الإمام صريحة في إنكار شرعية صلاة الاستسقاء، فتأويل ذلك بما

تقدم باطل ظاهر البطلان؛ لمخالفته لعموم قوله: " لا نرى في الاستسقاء صلاة ".

(1) و " فيض الباري " للشيخ أنور الكشميري (2 / 377) .

ص: 297