الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كما قال محمد عنه، ويزيده بياناً قوله عنه:" وكان يرى أن يخرج الإمام فيدعو ".
فهذا فقط الذي يراه الإمام رحمه الله، فكيف يصح أن ينسب إليه أنه يرى شرعية
صلاة الاستسقاء لا سنيتها، أو صلاتها انفراداً لا جماعة!
ثم ليت شعري كيف يجوز أن ينسب إليه شرعية صلاتها منفرداً وليس في
ذلك خبر ولا أثر؟ !
وختاماً أقول:
كفاكم أيها القوم لفاً ودوراناً دفاعاً عن إمامكم مع أنه ليس بمُليم؛ لأنه وقف
عند ما علم، فعليكم باتباع ما ثبت في السنة؛ فإنها هي الأصل، فإذا فاتت
الإمام؛ فلم تفتكم، وقامت بها الحجة عليكم، فقولوا للناس:
صلاة الاستسقاء سنة؛ فعلها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَإِ غير مرة، وبين يديها خطبة، ودعاء
وتضرع، فإن اقتصر على الدعاء جاز؛ لكن ما ذكر من الخطبة والصلاة منه أفضل.
هذا هو الذي يتحصل من الأحاديث الواردة في هذا الباب. واللله تبارك وتعالى
هو الهادي إلى الصواب.
5631
- (سُنَّةُ الاستسقاء سُنَّةُ الصَّلاةِ في العيدَين؛ إلا أَنّ رسولَ الله
صلى الله عليه وسلم قلبَ رداءَه، فجَعَلَ يمينهُ على يسَارِه، ويسارَهُ على يمينِه، وصلى
ركعتينِ، وكبّرّ في الأولى سبْعَ تكبيراتٍ، وقرَأ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الَأَعْلَى} ،
وقرأَ في الثانية {هَلْ أتاكَ حديثُ الغاشية} ، وكبّر فيها خَمْسَ تكبيرات) .
ضعيف جداً.
أخرجه البزار في " مسنده "(1 / 316 - كشف الأستار) ،
والدارقطني في " السنن "(2 / 66) ، والحاكم (1 / 326) ، والبيهقي (3 /
348) من طريق محمد بن عبد العزيز عن أبيه عن طلحة بن يحيى قال:
أرسلني مروان إلى ابن عباس أسأله عن سنة الاستسقاء، فقال:. . . فذكره.
وقال الحاكم:
" صحيح الإسناد "! ورده الذهبي بقوله:
" قلت: ضُعِّف عبد العزيز ".
وأقول: عبد العزيز هذا - وهو ابن عمر بن عبد الرحمن بن عوف -؛ ما علمت
أحداً ضعفه، ولا أورده الذهبي في " الضعفاء " ولا في " الميزان "، ولذا؛ استدركه
عليه الحافظ في " اللسان "، ولم يذكر في ترجمته سوى قول ابن القطان:
" مجهول الحال ".
فأنا أظن أنه سقط من قلم الذهبي أو الناسخ اسم ابن عبد العزيز: محمد؛
فإنه هو المعروف بالضعف، والمترجم في " الميزان " و " اللسان "، وقال فيه الذهبي
في " الضعفاء ":
" ضعفوه ". وهو بمعنى قوله في " التلخيص ":
" ضُعِّف ".
فهو هو. والله أعلم.
((قال [ابن] أبي حاتم في كتابه - يعني: ((الجرح والتعديل)) (4 / 1 / 7) - سألت أبي عنه؟ فقال: هم ثلاثة إخوة: محمد، وعبد الله، وعمران؛ بنو عبد العزيز، والثلاثة ضعفاء ليس لهم حديث مستقيم)) .
وبهذا أعله الزيلعي في ((نصب الراية)) (2 / 240)، وزاد فقال:((قال فيه البخاري: منكر الحديث. وقال النسائي: متروك الحديث)) .
وبقول النسائي هذا أعله الهيثمي، فقال في ((المجمع)) (2 / 212) .
((رواه البزار، وفيه محمد بن عبد العزيز بن عمر الزهري، وهو متروك)) .
قلت: فالسند ضعيفٌ جدًا، ومتنه منكر كما يأتي بيانه.
ولقد ألان القول فيه بعض الشافعية! ولعل المذهبية لا دخل لها في ذلك، خلافًا لما تجلى من موقف الحنفية من أحاديث صلاة الاستسقاء، كما شرحته في الحديث السابق، وكما يأتي من بعضهم في الحديث التالي! فقال النووي في المكان المشار إليه آنفًا من
((المجموع)) :
((حديث ضعيف)) . وقال الحافظ ابن حجر في ((الفتح)) (2 / 500) :
((فيه مقال)) ! وسكت عنه في ((الدراية)) (1 / 226) ؛ مع أن أصله - ((نصب الراية)) - أعله بالعلتين السابقتين!
وحاول البهيقي تقويته بقوله عقب ما نقلته عنه آنفًا:
((وهو بما قبله من الشواهد يقوى)) !
وفيه نظر من وجوه:
الأول: أن الذي يقوى إنما هو الضعيف بسبب سوء حفظ الراوي، وليس كذلك هنا؛ فإن محمد بن عبد العزيز ضعيف جدًا؛ كما يشعر بذلك قول البخاري والنسائي المتقدم فيه، ويؤكده قول ابن حبان فيه (2 / 246) :((كان ممن يروي عن الثقات المعضلات، وإذا انفرد أتى بالطامات عن أقوام أثبات حتى سقط الاحتجاج به، وهو الذي جُلِد مالك بمشورته)) .
قلت: فمثله لا يتقوى حديثه بغيره ولا كرامة!
الثاني: أن البهيقي لم يذكر قبله ما يصح أن يقال فيه: ((من الشواهد)) ! اللهم إلا طريقًا أخرى عن ابن عباس بلفظ: ((خرج متبذلاً متواضعًا متضرعًا حتى جلس على المنبر، فلم يخطب كخطبتكم هذه؛ ولكن لم يزل في الدعاء والتضرع والتكبير، وصلى ركعتين كما كان يصلي العيد)) .
وإسناده حسن؛ كما بينته في ((صحيح أبي داود)) (1058) ، و ((الإرواء))
(665)
.
الثالث: أن جملة: ((كما كان يصلي في العيد)) ؛ لا تصلح شاهدًا لحديث الترجمة؛ لأنها مجملة، وتفصيلها في حديث الترجمة، فلو أنه ثبت لكان مفسرًا لها، ومعناها: في العدد والجهر بالقراءة؛ لأن هذا ثابت في الأحاديث الصحيحة، والتشبيه لا يستلزم المماثلة من كل جانب، ولذلك؛ فقول العيني في ((عمدة القاري)) (7 / 34) عطفًا على ما ذكرته من المعنى:
((وفي كون الركعتين قبل الخطبة)) ؛ غير مسلم؛ لأمرين:
الأول: أنه خلاف المحفوظ في حديث عبد الله بن زيد المازني وغيره من الأحاديث الثابتة؛ كما تقدم بيانه قبل حديث.
والآخر: قوله في حديث ابن عباس من الطريق الحسن:
((جلس على المنبر، فلم يخطب كخطبتكم. . .)) ؛ فهو بمفهومه يشعر بأنه خطب على المنبر؛ ولكن ليس كالخطب المعتادة، ولذلك؛ قال أبو الحسن السندي في ((حاشية ابن ماجه)) :((أي: بل كان جل خطبته الدعاء والاستغفار والتضرع)) .
قلت: فإذا كان في حديث ابن عباس الحسن خطبة؛ فقد كانت قبل الصلاة وفق الأحاديث الأخرى، فسقط قول العيني المذكور. والله اعلم.
وبالجملة؛ فإسناد الحديث ضعيف جدًا، ومتنه منكر، لخلوه من شاهد معتبر.
والله ولي التوفيق.
وقد عارضه الحديث الآتي بعده.
وله شاهد من حديث أنس بنحوه أطول منه؛ إلا أنه لم يذكر التكبيرات، وقدم الصلاة، وأخر قلب الرداء، مع زيادات كثيرة؛ فقال:((وقلب رداءه - قال: لكي ينقلب القحط إلى الخصب - ، ثم جثا على ركبتيه، ورفع يديه، وكبر تكبيرة قبل أن يستسقي، ثم قال: ((اللهم! اسقنا. . .)) . فذكر دعاءً طويلاً، ثم قال:
((فما برحوا حتى أقبل قزع من السحاب، ثم مطرت عليهم سبعة أيام لا تقلع عن المدينة. . .)) . الحديث بطوله، وآخره في ((الصحيحين)) بنحوه ويأتي الإشارة إليه في تحت الحديث الآتي، وفيه:((اللهم! حوالينا ولا علينا. . .)) . الحديث.
أخرجه الطبراني في ((الأحاديث الطوال)) المطبوع في آخر (المجلد الخامس والعشرين) من ((المعجم الكبير)) (ص 242 - 243 رقم 27) وفي (الأوسط)
(2 / 181 / 7769) قال: حدثنا أبو يعلى محمد بن إسحاق بن إبراهيم شاذان: حدثني أبي: ثنا مجاشع بن عمرو: ثنا ابن لهيعة: ثنا عقيل بن خالد عن ابن شهاب عن أنس به. وقال: ((لم يروه عن الزهري إلا عقيل، ولا عن عقيل إلا ابن لهيعة، ولا عنه إلا مجاشع بن عمرو، تفرد به شاذان)) .
قلت: هذا لقب إسحاق بن إبراهيم، قال ابن ابي حاتم (1 / 1 / 211) :
((كتب إلي وإلى أبي، وهو صدوق)) . وذكره ابن حبان في ((الثقات)) .
لكن قال الحافظ في ((اللسان)) : ((له غرائب ومناكير)) .
قلت: ولعلها ممن فوقه، كما هو الحال في هذا الحديث؛ فإن مجاشع بن عمرو هو آفة الحديث؛ قال ابن معين:((قد رأيته، أحد الكذابين)) .