الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليه؛ فإنه لم يروه في (مسنده) مطلقا، وهو المقصود عند العلماء عند إطلاق العزو إليه، وإنما رواه في (الزهد) موقوفا كما ذكر عن السيوطي، فليتأمل القارئ كم في هذا العزو الموجز من جهالات!
وأخطر من ذلك كله أنه أورد الحديث في (مختصره) ! وقد تعهد في مقدمته أن لا يورد إلا الصحيح، وهيهات أن يستطيع الوفاء به، وهو من أجهل الناس بهذا العلم الشريف كما كنت بينته في غير هذا المكان! والله المستعان.
وإنما يؤكد ما ذكرته في هذا الرجل ما يأتي بيانه في الحديث التالي:
5560
- (عليكم بـ (لا إله إلا الله) والاستغفار، فأكثروا منه؛ فإن إبليس قال: أهلكتُ الناس فأهلكوني بـ (لا إله إلا الله) والاستغفار، فلما رأيت ذلك أهلكتهم بالأهواء، وهم يحسبون أنهم مهتدون) .
موضوع. أخرجه أبو يعلى في (مسنده)(1 / 43 - 44) : حدثنا محرز بن عون: نا عثمان بن مطر: نا عبد الغفور عن أبي نصير عن أبي رجاء عن أبي بكر مرفوعا.
قلت: وأخرجه ابن أبي عاصم في (السنة)(رقم 7 - بتحقيقي) ومن طريقه أبو القاسم الأصبهاني في (الحجة في بيان المحجة)(ق35 / 1) من طريق أخرى عن محرز بن عون به.
وهذا إسناد موضوع؛ آفته عبد الغفور هذا، وهو ابن عبد العزيز أبو الصباح الواسطي؛ كما في (الجرح والتعديل)(3 / 1 / 55)، وروي عن ابن معين أنه قال:
(ليس حديثه بشيء) . وعن أبيه قال:
(ضعيف الحديث) . وقال ابن حبان في (الضعفاء)(2 / 148) :
(كان ممن يضع الحديث على الثقات) .
وعثمان بن مطر؛ قريب منه؛ قال ابن حبان (2 / 99) :
(كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات) .
وضعفه الجمهور، وقال ابن عدي:
(متروك الحديث) .
وبه وحده أعله الهيثمي، فقال (10 / 207) :
(رواه أبو يعلى، وفيه عثمان بن مطر، وهو ضعيف) !
وأما أبو نصير؛ فهكذا وقع في مصورتنا من (مسند أب يعلى)، ووقع في (تفسير ابن كثير) (4 / 177) وقد عزاه إليه:(أبو بصيرة)، ووقع في (السنة) لابن أبي عاصم:(أبو بصير)، وفي (الحجة) :(أبو نصير) بالصاد المهملة بعد النون، ولعل هذا هو الصواب؛ فقد وجدت في (باب النون) من (المقتنى في الكنى) للذهبي:
(أبو نصير الواسطي، عن أبي رجاء، وعنه سويد بن عبد العزيز وغيره) .
ويؤيد ما ذكرته من الاحتمال أنه الراوي لهذا الحديث عن أبي نصير إنما هو عبد الغفور، واسطي كما تقدم، وأبو نصير رواه عن أي رجاء، واسمه عمران بن ملحان العطاردي.
لكن أبو نصير الواسطي لم أعرفه.
ثم تأكدت أنه ليس به، وأن كل ما تقدم ذكره من الكنى الأربعة أصابها تحريف النساخ، وأن الصواب فيها:
(أبو نُصَيرة الواسطي) .
فقد ترجمه الحافظ في كنى (التهذيب) وسماه مسلم بن عبيد تبعا للدولابي في (الكنى)(2 / 140) ، وذكر الحافظ في شيوخه أبا رجاء العطاردي، وفي الرواة عنه أبا الصباح الواسطي، وهو عبد الغفور الراوي لهذا الحديث عنه كما رأيت، فهو هذا يقينا. فالحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كنا لتهتدي لولا أن هدانا الله.
ثم هو ثقة؛ كما قال الحافظ في (التقريب) تبعا للإمام أحمد وغيره.
وهذا يؤكد أن العلة من أبي الصباح كما تقدم.
(تنبيه) : هذا الحديث من جملة الأحاديث الكثيرة جدا، التي صححها الشيخ الصابوني ببالغ جهله في اختصاره لـ (تفسير ابن كثير) ، بل وأوهم القراء أن ابن كثير نفسه قد صححه، وزاد على ذلك أن عزاه لأبي يعلى في تعليقه عليه، وإنما أخذه من ابن كثير بعد حذف إسناده الدال على وضعه! والله المستعان.
وإنم مما يدلك على عجزه في تخريج الأحلديث وجهله بها وأنه لا يخرج في ذلك عن تخريج ابن كثير الذي ينسبه لنفسه: أنك تراه يبيِّض للأحاديث التي لم يخرجها ابن كثير ولم يعزها لأحد؛ كقول ابن كثير عقب حديث الترجمة:
(وفي الأثر المروي: قال اإبليس: وعزتك وجلالك! لا أزال أغويهم ما دامت