المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

قلت: سكت عنه الحافظ؛ لظهور علته؛ فإن مؤملاً هذا؛ قال - سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة - جـ ١٢

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة:

- ‌5501

- ‌5502

- ‌5503

- ‌5504

- ‌5505

- ‌5506

- ‌5507

- ‌5508

- ‌5509

- ‌5510

- ‌5511

- ‌5512

- ‌5513

- ‌5514

- ‌5515

- ‌‌‌5516

- ‌5516

- ‌5517

- ‌5518

- ‌5519

- ‌5520

- ‌5521

- ‌5522

- ‌5523

- ‌5524

- ‌5525

- ‌5526

- ‌5527

- ‌5528

- ‌5529

- ‌5530

- ‌5531

- ‌5532

- ‌5533

- ‌5534

- ‌5535

- ‌5536

- ‌5537

- ‌5538

- ‌5539

- ‌5540

- ‌5541

- ‌5542

- ‌5543

- ‌5544

- ‌5545

- ‌5546

- ‌5547

- ‌5548

- ‌5549

- ‌5550

- ‌5551

- ‌5552

- ‌5553

- ‌5554

- ‌5555

- ‌5556

- ‌5557

- ‌5558

- ‌5559

- ‌5560

- ‌5561

- ‌5562

- ‌5563

- ‌5564

- ‌5565

- ‌5566

- ‌5567

- ‌5568

- ‌5569

- ‌5570

- ‌5571

- ‌5572

- ‌5573

- ‌5574

- ‌5575

- ‌5576

- ‌5577

- ‌5578

- ‌5579

- ‌5580

- ‌5581

- ‌5582

- ‌5583

- ‌5584

- ‌5585

- ‌5586

- ‌5587

- ‌5588

- ‌5589

- ‌5590

- ‌5591

- ‌5592

- ‌5593

- ‌5594

- ‌5595

- ‌5596

- ‌5597

- ‌5598

- ‌5599

- ‌5600

- ‌5601

- ‌5602

- ‌5604

- ‌5605

- ‌5606

- ‌5607

- ‌5608

- ‌5609

- ‌5610

- ‌5611

- ‌5612

- ‌5613

- ‌5614

- ‌5615

- ‌5616

- ‌5617

- ‌5618

- ‌5619

- ‌5620

- ‌5621

- ‌5622

- ‌5623

- ‌5624

- ‌5625

- ‌5626

- ‌5627

- ‌5628

- ‌5629

- ‌5630

- ‌5631

- ‌5632

- ‌5633

- ‌5634

- ‌5635

- ‌5636

- ‌5637

- ‌5638

- ‌5639

- ‌5640

- ‌5641

- ‌5642

- ‌5643

- ‌5644

- ‌5645

- ‌5646

- ‌5647

- ‌5648

- ‌5649

- ‌5650

- ‌5651

- ‌5652

- ‌5653

- ‌5654

- ‌5655

- ‌5656

- ‌5657

- ‌5658

- ‌5659

- ‌5660

- ‌5661

- ‌5662

- ‌5663

- ‌5664

- ‌5665

- ‌5666

- ‌5667

- ‌5668

- ‌5669

- ‌5670

- ‌5671

- ‌5672

- ‌5673

- ‌5674

- ‌5675

- ‌5676

- ‌5677

- ‌5678

- ‌5679

- ‌5680

- ‌5681

- ‌5682

- ‌5683

- ‌5684

- ‌5685

- ‌5686

- ‌5687

- ‌5688

- ‌5689

- ‌5690

- ‌5691

- ‌5692

- ‌5693

- ‌5694

- ‌5695

- ‌5696

- ‌5697

- ‌5698

- ‌5699

- ‌5700

- ‌5701

- ‌5702

- ‌5703

- ‌5704

- ‌5705

- ‌5706

- ‌5707

- ‌5708

- ‌5709

- ‌5710

- ‌5711

- ‌5712

- ‌5713

- ‌5714

- ‌5715

- ‌5716

- ‌5717

- ‌5718

- ‌5719

- ‌5720

- ‌5721

- ‌5722

- ‌5723

- ‌5724

- ‌5725

- ‌5726

- ‌5727

- ‌5728

- ‌5729

- ‌5730

- ‌5731

- ‌5732

- ‌5733

- ‌5734

- ‌5735

- ‌5736

- ‌5737

- ‌5738

- ‌5739

- ‌5740

- ‌5741

- ‌5742

- ‌5743

- ‌5743 / م

- ‌5744

- ‌5745

- ‌5746

- ‌5747

- ‌5748

- ‌5749

- ‌5750

- ‌5752

- ‌5753

- ‌5754

- ‌5755

- ‌5756

- ‌5757

- ‌5758

- ‌5759

- ‌5760

- ‌5761

- ‌5762

- ‌5763

- ‌5765

- ‌5766

- ‌5767

- ‌5768

- ‌5769

- ‌5770

- ‌5771

- ‌5772

- ‌5773

- ‌5774

- ‌5775

- ‌5776

- ‌5777

- ‌5778

- ‌5779

- ‌5780

- ‌5781

- ‌5782

- ‌5783

- ‌5784

- ‌5785

- ‌5786

- ‌5787

- ‌5788

- ‌5789

- ‌5790

- ‌5791

- ‌5793

- ‌5794

- ‌5795

- ‌5796

- ‌5797

- ‌5798

- ‌5798 / م

- ‌5799

- ‌5800

- ‌5801

- ‌5802

- ‌5803

- ‌5804

- ‌5805

- ‌5806

- ‌5807

- ‌5808

- ‌5809

- ‌5810

- ‌5811

- ‌5812

- ‌5813

- ‌5814

- ‌5815

- ‌5816

- ‌5817

- ‌5818

- ‌5819

- ‌5820

- ‌5821

- ‌5822

- ‌5823

- ‌5824

- ‌5825

- ‌5826

- ‌5827

- ‌5828

- ‌5829

- ‌5830

- ‌5831

- ‌5832

- ‌5833

- ‌5834

- ‌5835

- ‌5836

- ‌5837

- ‌5838

- ‌5839

- ‌5840

- ‌5841

- ‌5842

- ‌5843

- ‌5844

- ‌5845

- ‌5846

- ‌5847

- ‌5848

- ‌5849

- ‌5850

- ‌5851

- ‌5851 / م

- ‌5852

- ‌5853

- ‌5854

- ‌5855

- ‌5856

- ‌5857

- ‌5858

- ‌5859

- ‌5860

- ‌5861

- ‌5862

- ‌5863

- ‌5864

- ‌5865

- ‌5866

- ‌5867

- ‌5868

- ‌5869

- ‌5870

- ‌5871

- ‌5872

- ‌5873

- ‌5874

- ‌5875

- ‌5876

- ‌5877

- ‌5878

- ‌5879

- ‌5880

- ‌5881

- ‌5882

- ‌5883

- ‌5884

- ‌5885

- ‌5886

- ‌5887

- ‌5888

- ‌5889

- ‌5890

- ‌5891

- ‌5892

- ‌5893

- ‌5894

- ‌5894 / م

- ‌5895

- ‌5896

- ‌5897

- ‌5898

- ‌5899

- ‌5900

- ‌5901

- ‌5902

- ‌5903

- ‌5904

- ‌5905

- ‌5906

- ‌5907

- ‌5908

- ‌5909

- ‌5910

- ‌5911

- ‌5912

- ‌5914

- ‌5915

- ‌5916

- ‌5917

- ‌5918

- ‌5919

- ‌5920

- ‌5921

- ‌5922

- ‌5923

- ‌5924

- ‌5925

- ‌5926

- ‌5927

- ‌5928

- ‌5929

- ‌5930

- ‌5931

- ‌5932

- ‌5933

- ‌5934

- ‌5935

- ‌5936

- ‌5937

- ‌5938

- ‌5939

- ‌5940

- ‌5941

- ‌5942

- ‌5943

- ‌5944

- ‌5945

- ‌5946

- ‌5947

- ‌5948

- ‌5949

- ‌5950

- ‌5951

- ‌5953

- ‌5954

- ‌5955

- ‌5956

- ‌5957

- ‌5958

- ‌‌‌5959

- ‌5959

- ‌5960

- ‌5961

- ‌5962

- ‌5963

- ‌5964

- ‌5965

- ‌5966

- ‌5967

- ‌5968

- ‌5969

- ‌5970

- ‌5971

- ‌5972

- ‌5973

- ‌5974

- ‌5975

- ‌5977

- ‌5978

- ‌5978 / م

- ‌5979

- ‌5980

- ‌5981

- ‌5982

- ‌5983

- ‌5984

- ‌5985

- ‌5986

- ‌5987

- ‌5988

- ‌5989

- ‌5990

- ‌5991

- ‌5992

- ‌5993

- ‌5995

- ‌5996

- ‌5997

- ‌5998

- ‌5999

- ‌6000

الفصل: قلت: سكت عنه الحافظ؛ لظهور علته؛ فإن مؤملاً هذا؛ قال

قلت: سكت عنه الحافظ؛ لظهور علته؛ فإن مؤملاً هذا؛ قال الحافظ في " التقريب ":

" صدوق سيئ الحفظ ". قلت: فمثله لا يحتج به عند التفرد، فكيف وقد خالف الثقات وزاد عليهم في حديثهم ما ليس فيه، فتكون زيادته منكرة.

والحديث؛ ذكره السخاوي من رواية البيهقي عن مؤمل بن إسماعيل به، وقال:

وهو عند أحمد والنسائي في " الكبرى " بدون الشاهد منه، وصححه ابن حبان ثم شيخنا ".

وعلى ضوء تخريجنا السابق يتبين أنه يعني الحديث بدون الشاهد؛ خلافاً لما فهمه الزرقاني في " مختصره " فصحح الشاهد كما سبق.

‌5557

- (إن الرجلَ ليكونُ مِنْ أَهْلِ الصلاة والزكَاةِ والحَجِّ والعُمْرَةِ والصيامِ والجهادِ - حتى ذَكَرَ سهام الخير -؛ وما يُجْزَى يومَ القيامةِ إلا بقدر عَقْلِهِ.)

باطل. أخرجه أبو أمية الطرسوسي في " مسند ابن عمر "(254 / 1 - 2) ، والعقيلي في " الضعفاء "(ص 416) ، وابن حبان أيضاً (3 / 40) ، وابن أبي الدنيا في " العقل وفضله "(ص 12) ، ومشرق بن عبد الله الفقيه في " حديثه "(ق 60 / 1) ، والخطيب في " التاريخ "(13 / 79) ، والواحدي في " تفسيره "(4 / 156) ، وابن عساكر في " تاريخه "(9 / 458 / 2) ، وابن الجوزي في

ص: 101

منهاج القاصدين " (1 / 21 / 2) وفي " الموضوعات " (1 / 172) من طريق الخطيب؛ كلهم عن منصور بن صقير الجزري: حدثتا موسى بن أعين عن عبيد الله بن عمرو عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً به. وقال العقيلي:

" منصور هذا في حديثه بعض الوهم، ولا يتابع عليه ".

وقال ابن حبان: " يروي عن موسى بن أعين وعبيد الله بن عَمر [و] المقلوبات، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد ". وقال ابن الجوزي:

" هذا حديث ليس بصحيح، قال ابن حبان:. . . " إلى آخر كلامه.

ثم قال ابن حبان:

" وهذا خبر مقلوب تتبعته مرة؛ لأن أجد لهذا الحديث أصلا أرجع إليه، فلم أره؛ إلا من حديث إسحاق بن أبي فروة عن نافع عن ابن عمر. وإسحاق بن أبي فروة ليس بشيء في الحديث، وعبيد الله بن عَمرو سمع من إسحاق بن أبي فروة، فكأن موسى بن أعين سمعه من عبيد الله بن عمرو في المذاكرة عن إسحاق بن أبي فروة فحكاه. فسمعه منصور عنه فَسقط عليه إسحاق بن أبي فروة، فصار: عبيد الله عن نافع! ".

قلت: قد وصله العقيلي من طريقين عن عبيد الله بن عمرو عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن نافع به، وقال:

" هذه الرواية بهذا الحديث أشبه، وابن أبي فروة أحمل ".

قلت: وهو متروك؛ كما قال أبو زرعة وغيره، فهو آفة الحديث، وقد أسقطه منصور بن صقير، فإن كان فعل

ذلك عمداً. لزم إلحاقه بالمدلسين تدليس التسوية،

ص: 102

ولم يورده أحد فيهم فيما علمت؛ حتى ولا الحافظ في " طبقات المدلسين "، ولعل ذلك لعدم ظهور تعمده لإسقاطه، والدته أعلم.

والحديث؛ قال ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 129 (:

" سمعت أبي سئل عن حديث رواه منصور. . . (فذكره وقال:) قال أبي:

سمعت ابن أبي الثلج (اسمه محمد بن عبد الله بن إسماعيل - من شيوخ البخاري -) يقول: ذكرت هذا الحديث ليحيى بن معين فقال: هذا حديث باطل؛ إنما رواه موسى بن أعين عن صاحبه عبيد الله بن عمرو عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم، فرُفع إسحاق من الوسط فقيل: موسى عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر. قال أبي: وكان موسى وعبيد الله ابن عمرو صاحبين يكتب بعضهما عن بعض، وهو حديث باطل في الأصل.

قيل لأبي: ما كان منصور هذا؟ قال: ليس بقوي، كان جندياً، وفي حديثه اضطراب ".

قال ابن أبي حاتم:

" حدثنا ابن أبي الثلج قال: كنا نذكر هذا الحديث ليحيى بن معين سنتين أو ثلاثاً فيقول: " هو باطل "، ولا يدفعه شيء، حتى قدم علينا زكريا بن عدي فحدثنا بهذا الحديث عن عبيد الله بن عمرو عن إسحاق بن أبي فروة، فأتيناه فأخبرناه، فقال: هذا بابن أبي فروة أشبه منه بعبيد الله بن عمرو ".

قلت: وزكريا بن عدي وهو أخو يوسف؛ ثقة جليل يحفظ، احتج به مسلم، وقد ساق الإسناد على وجهه، فساعد على الكشف عن علته التي لما وقف ابن معين عليها أكد قوله ببطلان الحديث، وتبعه على ذلك العقيلي وأبو حاتم وابن

ص: 103

حبان وغيرهم كما تقدم، ولعله أحد الطريقين المشار إليهما آنفاً عند العقيلي " وليس كتابه بين يدي - وهو من مخطوطات الظاهرية العامرة - لأتأكد من ذلك (*)، ولكنه قد توبع أيضاً. فقال الخطيب عقب قول أبي حاتم المتقدم:

" قلت: وقد روى حديث موسى بن أعين: بقية بن الوليد عن عبيد الله بن عمرو عن إسحاق بن عبد الله؛ كما ذكر يحيى بن معين؛ إلا أنه خالفه في المتن ".

ثم ساقه بإسناده عن موسى بن سليمان: حدثنا بقية: حدثنا عبيد الله بن عمرو عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة به، بلفظ:

" لا تعجبوا بإسلام امرئ حتى تعرفوا عقدة عقله ".

لكن موسى بن سليمان هذا؛ قال الحافظ في " التقريب ":

" صالح الحديث؛ إلا عن بقية ".

قلت: لأنه تلقن في حديث رواه ابن عدي في " مقدمة الكامل "(ص 63) عن شيخه محمد بن حاتم الهزهاز المنبجي، فقال الشيخ في موسى:

" لقنوه - أصحاب الحديث - فتلقن، ثم رجع عنه ".

لكني لم أجد لهذا الشيخ ترجمة، وقد ذكر الذهبي في " التذكرة " جماعة بهذا الاسم (محمد بن حاتم) ، ليس فيهم هذا. والله أعلم.

ــ

(*) لا يشوش على كلام شيخنا الألباني رحمه الله هذا أنه ذكر " ضعفاء العقيلي " قبل ذلك - وبعد - ونقل عنه؛ لأنه - كما هو معلوم عن شيخنا - يخرج الحديث، ثم يتركُهُ، ويرجع إليه بعد ذلك مراتٍ ومراتٍ مُضيفأ وحاذفاَ، فلعلًه كتبَ هذا لاحقاً؛ خاصة أنه تُوفي قبل تهيئة الكتاب للطبع. . (الناشر) .

ص: 104

وقد توهم بقية على هذا اللفظ؛ فأخرجه ابن أبي الدنيا (ص 11) ، والعقيلي (ص 36، 416) ، وابن عدي (ق 15 / 1) ، والحكيم الترمذي في " الرياضة "(368)، والقضائي في " مسند الشهاب " (ق 79 / 1 - 2) من طريق خالد بن حيان عن عبيد الله بن عمرو. وقال بعضهم في لفظه:

" لا يعجبنكم إسلام امرئ. . .! إلخ. وقال العقيلي: " منكر، لا يتابع عليه ابن أبي فروة ".

قلت: قد رواه ابن عدي (105 / 1) من طريق حبيب ين رزيق: ثنا ابن أبي ذئب ومالك بن أنس عن نافع به. وقال: " هذا باطل عن مالك وابن أبي ذئب؛ حبيب هذا يضع الحديث، وإنما يروي هذا عبيد الله بن عمرو الرقي عن إسحاق بن أبي فروة عن نافع، وإسحاق متروك الحديث ".

ثم إن بقية بن الوليد قد اتهم بالتدليس في هذا الحديث تدليس التسوية؛ فقد قال ابن أبي حاتم في " العلل " أيضاً (2 / 154) / " سمعت أبي وذكر الحديث الذي رواه إسحاق بن راهويه عن بقية قال: حدثني أبو وهب الأسدي قال: حدثنا نافع عن ابن عمر [عن النبي صلى الله عليه وسلم قال] : " لا تحمدوا إسلام امرئ حتى تعرفوا عقدة رأيه ". قال أبي:

هذا الحديث له علة قل من يفهمه] : رواه عبيد الله بن عَمرو عن إسحاق بن أبي فروة عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم. وعبيد الله بن عمرو كنيته أبو وهب، وهو أسدي، فكأن بقية كنى عبيد الله بن عمرو ونسبه إلى بني أسد؛

ص: 105

لكيلا يفطن له، حتى إذا ترك إسحاق بن أبي فروة من الوسط لا يهتدى له، وكان بقية من أفعل الناس لهذا.

وأما ما قال إسحاق في روايته عن بقية عن أبي وهب: " حدثنا نافع "؛ فهو وهم، غير أن وجهه عندي أن إسحاق لعله حفظ عن بقية هذا الحديث، ولم يفطن لما عمل بقية من تركه إسحاق من الوسط وتكنيته عبيد الله بن عمرو، فلم يتفقد لفظة بقية في قوله:" حدثنا نافع " أو: " عن نافع " ".

قلت: يتلخص من كلامه أمران:

1 -

أن بقية كان يدلس الشيوخ والأسماء

2 -

اتهامه بأنه كان يدلس تدليس التسوية، كالوليد بن مسلم.

أما الأول؛ فهو من المسالم به؛ فقد ذكر ذلك عنه كثير ممن ترجم له من الأئمة، القدامى منهم والمحدَثين؛ لكن في شيوخه، وليس في شيوخهم، منهم الحافظ يعقوب الفسوي؛ فقال في " المعرفة والتاريخ " (2 / 424) : "

وبقية يقارب إسماعيل والوليد في حديث الشاميين، وهو ثقة إذا حدث عن ثقة، فحديثه يقوم مقام الحجة، يذكر بحفظ، إلا أنه يشتهي المُلَح والطرائف من الحديث، ويروي عن شيوخ فيهم ضعف، وكان يشتهي الحديث، فيكني الضعيف المعروف بالاسم، ويسمي المعروف بالكنية باسمه. وسمعت إسحاق بن راهويه قال: قال ابن المبارك: أعياني بقية! كان يكني الأسامي، ويسمي الكنى، قال: حدثني أبو سعيد الوحاظي، فإذا هو عبد القدوس.

وقد قال أهل العلم: بقية إذا لم يُسَمِ الذي يروي عنه وكناه؛ فلا يسوى حديثه شيئا ".

ص: 106

ورواه عنه الخطيب في " تاريخ بغداد "(7 / 124) ، وابن عساكر في " تاريخ دمشق "(10 / 208 - 209، 212 - 213) ، وتجد عندهما روايات أخرى في ذلك عن ابن معين وغيره.

وأما الآخر - وهو اتهامه بأنه كان يدلس تدليس التسوية -؛ فما أعتقد أن ذلك صح عنه، وذلك لأمور:

أولاً: أن استدلال أبي حاتم برواية إسحاق بن راهويه عن بقية - إن كانت محفوظة - لا تنهض بذلك؛ لأن فيها تصريح أبي وهب - شيخ بقية - بالتحديث عن نافع، وكذلك صرح بقية بالتحديث عن أبي وهب، فهي رواية مسلسلة بالتحديث، فأين التدليس المدَّعى؟ ! والمدلس إذا أسقط من الإسناد راوياً - سواء كان شيخه أو شيخ شيخه -؛ رواه بصيغة توهم السماع؛ كأن يقيل: قال فلان، أو: عن فلان، ونحوه. فلو قال مكان ذلك: سمعت، أو: حدثني، أو نحو ذلك مما هو صريح في الاتصال؛ كان كذباً، وسقطت به عدالته (1) ، وبقية صدولَى اتفاقاً، وقد قال أبو زمعة:" ما لبقية عيب إلا كثرة روايته عن المجهولين، فأما الصدق فلا يؤتى من الصدق، وإذا حدث عن الثقات فهو ثقة "؛ كما رواه عنه ابن أبي حاتم (1 / 1 / 435) ، وتقدم نحوه عن يعقوب الفسوي.

ولذلك؛ اضطر أبو حاتم إلى توهيم الإمام إسحاق بن راهويه في الإسناد: حدثنا نافع) ؛ لتصوره الانقطاع بين أبي وهب ونافع؛ الناتج من إسقاط بقية لابن أبي فروة من بينهما! وإذا جاز مثل هذا التوهيم منه، أفلا يجوز لغيره أن يقول:

(1) انظر " جامع التحصيل في أحكام المراسيل " للعلائي (ص 113.)

ص: 107

لعل الإسقاط المذكور كان من أبي حاتم مجرد دعوى؛ فإن بقية قد ذكر ابن أبي فروة في إسناد الحديث كما تقدم في رواية موسى بن سليمان، على ما فيها من الكلام الذي سبق بيانه؟ ! وعلى افتراض سقوطه في رواية ابن راهويه عن بقية؛ فليس هناك دليل على أنه كان مقصوداً من بقية، فيمكن أن يكون وهما منه كما تقدم مثله في أول هذا التخريج من منصور بن صقير، وذلك لا يبرر اتهامه بتدليس التسوية كما لا يخفى على الناقد البصير بهذا الفن الشريف، بل ويمكن أن يكون الإسقاط المدعى من غير بقية؛ فقد أشار إلى ذلك الحافظ في " النكت على ابن الصلاح "، فقال (2 / 622) :

" تنبيه آخر: ذكر شيخنا ممن عرف بالتسوية جماعة، وفاته أن ابن حبان قال في ترجمة بقية: إن أصحابه كانوا يسوون حديثه ".

قلت: ذكر ذلك ابن حبان في " الضعفاء "(1 / 200 - 201) بعد أن صرح بأن بقية كان مدلساً يسقط الضعفاء من شيوخه بينه وبين شيوخهم الثقات، فقال:

" فراْيته ثقةً مأموناً، ولكنه كان مدلساً؛ سمع من عبيد الله بن عمرو وشعبة ومالك أحاديث يسيرة مستقيمة، ثم سمع عن أقوام متروكين عن عبيد الله بن عمر وشعبة ومالك؛ مثل المجامع بن عمرو، والسري بن عبد الحميد، وعمر بن موسى المَيتمي (1) وأشباههم، وأقوام لا يعرفون إلا بالكنى، فروى عن أولئك الثقات الذين رآهم بالتدليس ما سمع من هؤلاء الضعفاء، وكان يقول: قال عبيد الله بن عمر عن نافع، وقال مالك عن نافع، فحملوا عن بقية عن عبيد الله، وبقية عن

(1) الأصل: (المثيمي) وهو خطأ! والتصحيح من " تاريخ ابن عساكر " وتهذيب المزي " وغيرهما، وهو نسبة إلى (ميتم) : قبيلة من حمير.

ص: 108

مالك، وأسقط الواهي بينهما، فالتزق الموضوع ببقية، وتخلص الواضع من الوسط.

وإنما امتحن بقية بتلاميذ له كانوا يسقطون الضعفاء من حديثه ويسوونه، فالتزق ذلك كله به ".

قلت: هذا كله كلام ابن حبان رحمه الله، وهو صريح في تبرئته من تدليس التسوية، وأن ذلك كان من بعض تلاميذه. ولعل هذا هو سبب إعراض كل من ترجم عن رميه بهذا النوع من التدليس، وبخاصة المتأخرين منهم الذين أحاطوا بكل ما قيل فيه من مدح وقدح من الأئمة المتقدمين، واقتصروا على وصفه بتدليس شيوخه فقط، فقال الذهبي في كتابه " الكاشف ":

" وثقه الجمهور فيما سمعه من الثقات، وقال النسائي: إذا قال: (ثنا) و: (نا) ؛ فهوثقة ".

وهذا الحافظ ابن حجر؛ لما أورده في " طبقات المدلسين "؛ لم يزد على قوله:

" وكان كثير التدليس عن الضعفاء والمجهولين، وصفه الأئمة بذلك ".

أورده في " المرتبة الرابعة "، وهي التي يورد فيه:

" من اتفق على أنه لا يحتج بشيء من حديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع؛ لكثرة تدليسهم على الضعفاء والمجاهيل؛ كبقية بن الوليد. كما قال في مقدمة الرسالة.

قلت: فلم يرمه لا هو ولا الذهبي بتدليس التسوية، وقوله فيما تقدم نقله عنه في " النكت ":" ذكر شيخنا " إنما يعني به الحافظ العراقي؛ فإنه لما ذكر في كتابه " التقييد والإيضاح (ص 78 - الحلبية) تدليس التسوية، ضرب على

ص: 109

ذلك مثالاً هذا الحديث نقلا عن (العلل) لابن أبي حاتم، وكان نقله عنه باختصار تبعه عليه السيوطي في (التدريب)(1 / 224 - 225)، ذلك؛ أنهما لم ينقلا عنه قوله المتقدم:(وأما ما ثال إسحاق في روايته. . .) إلخ. وبناء على ذلك تصرفا فيما نقلاه عنه، فقالا:(عن نافع) بدل: (حدثنا نافع) ، وهو تصرف غير مرضي (1) ؛ لأنه خلاف ما وقع في رواية ابن راهوية عند أبي حاتم ولا يجوز تغييره إلا بالبيان كما فعل أبو حاتم في تمام كلامه، فاختصارهما إياه من الاختصار المخل كما هو ظاهر، ويكفي العاقل دليلا على ذلك أن هذا التحقيق الذي أجريناه على كلامه ما كان بإمكاننا ذلك لو لم نقف عليه في (العلل) واعتمدنا فقط على ما نقلاه عنه!

ولذلك؛ انطلى الأمر على بعض الطلاب في العصر الحاضر وأخذوا يعللون بعض أحاديث بقية التي صرح فيها بالتحديث عن شيخه بتدليس التسوية! كحديث:

((وكاء السَّه العينان، فَمَنْ نام؛ فَلْيَتَوَضَّأْ))

وهو مخرج في (صحيح أبي داود)(198) ، وأوردته في (صحيح الجامع)(4025) ، فلم يعجب بعضهم اغترارا بأن فيه تدليس التسوية!

ونحوه تعليق بعضهم على ترجمة بقية في (سير أعلام النبلاء) بقوله (8 / 458) :

(بل قد وصفوه بأخبث أنواع التدليس، وهو تدليس التسوية، وهو أن يحذف من سنده غير شيخه. . .) .

ــ

(1)

وكذلك فعل العلائي في " جامع التحصيل "(118) ! ولعله سلفهما.

111

ص: 110

واستند في ذلك على (التدريب) ، وقد خفي عليه ما ذكرته من التحقيق. زد على ذلك أن من علماء التخريج لم يجرء على إعلال حديث بقية بتدليس التسوية فيما علمت، وإنما يعللونه بعنعنته عن شيخه، فإذا صرح بالتحديث عنه صححوه، فهو دليل عملي منهم على عدم الاعتداد بقول من اتهمه بتدليس التسوية، ولا نذهب بعيدا في ضرب الأمثلة.

فهذا هو الإمام مسلم قد ذكر في مقدمة (صحيحه)(ص 14، 20) بقية بالتدليس.

ثم روى في (النكاح) من (صحيحه)(4 / 152) بسنده عن بقية: حدثنا الزبيدي عن نافع عن ابن عمر مرفوعا:

((من دُعي إلى عرس أو نحوه؛ فَلْيُجِبْ)) .

ولما أخرجه الذهبي في (السير)(8 / 467) من طريق أبي عوانة الحافظ بسنده عن جمع قالوا: حدثنا بقية: حدثنا الزبيدي به؛ قال المعلق المشار إليه آنفا:

(إسناده صحيح؛ فقد صرح بقية بالتحديث) ! !

وقد فاته إخراج مسلم إياه! كما غفل عن اتهامه بتدليس التسوية كما تقدم نقلع عنه؛ فإن شيخ بقية (الزبيدي) لم يصرح بالتحديث! !

(تنبيه) : قال المحقق ابن قيم الجوزية في (المنار)(ص 66 - 67) :

(أحاديث العقل كلها كذب. . .)

ثم ساق منها أحاديث، هذا أحدها. وذكر عن أبي الفتح الأزدي وأبي جعفر العقيلي وابن حبان: أنه لا يصح في العقل حديث.

ص: 111