الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عبد الله بن وهب قال: أخبرني عمرو بن الحارث عن أيوب بن موسى عن ابن أبي مليكة عن عائشة به نحوه.
قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أحمد بن صالح - وهو المصري -؛ فمن شيوخ البخاري، وإلا أحمد بن رشدين؛ فهو ضعيف، اتهمه بعضهم؛ لكن يبدو من تعقيب الطبراني أنه لم يتفرد به؛ فقد قال:
((لم يروه عن أيوب بن موسى إلا عمرو بن الحارث، تفرد به ابن وهب)) .
فإن كان ابن رشدين قد توبع من ثقة؛ فالسند صحيح، وهذا ما أستبعده،
والله أعلم.
لكن جملة الفحش لها طريق آخر عن ابن أبي مليكة بسند حسن؛ كما بينت في ((الصحيحة)) (537) .
5944
- (ليس على المرأة حُرُمٌ إلا في وجهها) .
منكر. أخرجه الطبراني في ((المعجم الكبير)) (12 / 370 / 13375) و ((المعجم الأوسط)) (2 / 78 / 1 / 6258) : حدثنا محمد بن زكريا الغلابي: ثنا عبد الله بن رجاء: ثنا أيوب بن محمد أبو الجمل عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:. . . فذكره. وقال:
((لم يرفع هذا الحديث إلا أيوب أبو الجمل، تفرد به عبد الله بن رجاء)) .
قلت: وهو صدوق يهم قليلاً؛ كما في ((التقريب)) .
لكن الراوي عنه الغلابي متهم بالكذب؛ لكنه قد توبع، فالعلة من أبي الجمل.
فقد أخرجه العقيلي في ((الضعفاء)) (1 / 116) ، وابن عدي في ((الكامل)) (1 / 349) ، ومن طريقه البيهقي (5 / 47)، والخطيب في ((التاريخ)) (7 / 9) من طريقين عن عبد الله بن رجاء به. وذكر الخطيب عن الدارقطني أنه قال:
((لم يرفعه غير أبي الجمل وكان ضعيفاً، وغيره يرويه موقوفاً)) . وقال البيهقي:
((وأيوب بن محمد أبو الجمل؛ ضعيف عند أهل العلم بالحديث؛ فقد ضعفه يحيى بن معين وغيره، وقد روي الحديث من وجه آخر مجهول عن عبيد الله بن عمر مرفوعاً، والمحفوظ موقوف)) .
ثم رواه هو من طريق هشام بن حسان عن عبيد الله به موقوفاً على ابن عمر. وقال عقبه:
((هكذا رواه الدراوردي وغيره موقوفاً على ابن عمر)) .
قلت: وهو يلتقي مع ما صح عن ابن عمر موقوفاً ومرفوعاً بلفظ:
((لا تنتقب المرأة المحرمة، ولا تلبس القفازين)) .
رواه البخاري وغيره، وهو مخرج في ((الإرواء)) (1012) .
والحديث، قال الهيثمي في ((المجمع)) (3 / 219) :
((رواه الطبراني في ((الكبير)) و ((الأوسط)) ، وفيه أيوب بن محمد اليمامي، وهو ضعيف)) .
(تنبيه) : قوله: ((حُرُم)) ؛ كذا في كل المصادر المتقدمة، ومنها ((ضعفاء العقيلي)) ؛ لكن المعلق عليه الدكتور القلعجي صححه بزعمه إلى ((إحرام)) !
معتمداً في ذلك - كما قال - على ((الميزان)) ! وكذلك وقع في ((الجامعين)) ! والظاهر أنه رواية بالمعنى، أو غفلة عنه؛ ففي ((النهاية)) :
((و (الحُرم) ؛ بضم الحاء وسكون الراء: الإحرام بالحج. وبالكسر: الرجل المحرم. يقال: أنت حل، وأنت حرم. والإحرام: مصدر أحرم الرجل يحرم إحراماً إذا أهل بالحج أو العمرة وباشر أسبابهما وشروطهما؛ من خلع المخيط واجتناب الأشياء التي منعه الشرع منها؛ كالطيب والنكاح والصيد وغير ذلك)) .
والحديث من طريق هشام بن حسان الموقوف عند البيهقي؛ هو عنده من طريق علي بن عمر الحافظ: ثنا الحسين بن إسماعيل: ثنا أبو الأشعث: ثنا حماد بن زيد عن هشام بن حسان.
وعلي بن عمر الحافظ؛ هو الإمام الدارقطني، وقد أخرجه في ((سننه)) (260) بهذا الإسناد؛ لكن وقع فيه مرفوعاً هكذا: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:. . . فذكره!
فالظاهر أن رفعه فيه خطأ مطبعي.
والخلاصة: أن الحديث صحيح موقوفاً. وقد قال ابن الهمام في ((فتح القدير))
(2 / 405) :
((ولا شك في ثبوته موقوفاً)) .
قلت: ويشهد له قول عائشة رضي الله عنها:
((المحرمة تلبس من الثياب ما شاءت؛ إلا ثوباً مسه ورس أو زعفران، ولا تتبرقع، ولا تتلثم، وتسدل الثوب على وجهها إن شاءت)) .
أخرجه البيهقي في ((سننه)) (5 / 47) بسند صحيح عنها.
قلت: وهذا القول منها يدل على أمرين اثنين:
الأول: أنه لا يجوز للمحرمة أن تتبرقع وأن تتلثم. وهذا يوافق حديث ابن عمر المار آنفاً:
((لا تنتقب المرأة المحرمة. . .)) .
فما يفعله كثير من المحرمات السعوديات في الحج والعمرة من الانتقاب أو التلثم خلاف الشرع. ولعل ذلك بسبب تشديد علماء تلك البلاد على النساء في إيجابهم عليهن أن يسترن وجوههن، وتحريمهم عليهن أن يراهن الرجال.
والآخر: أنه لا يجب على المحرمة أن تسدل الثوب على وجهها؛ لقولها:
((إن شاءت)) . وهذه فائدة هامة من أم المؤمنين، على أولئك العلماء أن يتمسكوا بها، وأن يبثوها بين طلبة العلم؛ لأن أكثرهم عنها غافلون ولمدلولها مخالفون.
وأيضاً: فهي تدل على أن ما روي عنها أنها كانت تسدل هي ومن كان معها
من المحرمات على وجوههن؛ أن ذلك كان منهن عملاً بالأفضل والأستر والأحشم. وهو الذي كنا ذهبنا إليه في كتاب ((حجاب المرأة المسلمة)) في فصل خاص عقدته فيه، فلم يعجب ذلك كثيراً من العلماء السعوديين وغيرهم، فحملوا علينا حملات شعواء حتى نسبنا بعضهم إلى أنني من الدعاة إلى السفور! ولم يصدهم عن ذلك تلك الشروط القاسية التي وضعتها لحجاب المرأة المسلمة، والتي لا يقوم بها كثير من النساء حتى من زوجات بعض الشيوخ الكبار! هدانا الله وإياهم سواء الصراط.
وأنا الآن في صدد تهيئة رد عليهم، وبيان غلوهم في الدين في هذه المسألة في