الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التخريج عن ((القول البديع)) ، فاعتمدته، وعدلت التخريج عليه. والله الهادي.
5789
- (خرج يوم فطرٍ أو أضحى، فخطب قائماً، ثم قعد قعدةً، ثم قام) .
منكر. أخرجه ابن ماجه (1289) من طريق أبي بحر: ثنا عبيد الله بن عمرو الرقي: ثنا إسماعيل بن مسلم الخولاني: ثنا أبو الزبير عن جابر قال: فذكره.
قلت: وهذا إسناد واهٍ؛ مسلسل بالعلل:
الأولى: عنعنة أبي الزبير.
الثانية: ضعف إسماعيل بن مسلم الخولاني، والظاهر أنه المكي أبو إسحاق والبصري، وهو ممن اتفقوا على تضعيفه، وبه أعله الحافظ في ((التلخيص)) (2 / 86) ، وإن كنت لم أر من ذكر أنه خولاني؛ كالسمعاني في ((الأنساب)) ، وأفاد أنهم قبيلة نزل أكثرهم الشام.
الثالثة: أبو بحر - واسمه عبد الرحمن بن عثمان البكراوي -؛ وهو ضعيف؛ كما في ((التقريب)) .
وبهذه العلة والتي قبلها أعله البوصيري في ((زوائده)) ، فقال:
((فيه إسماعيل بن مسلم، وقد أجمعوا على ضعفه. وأبو بحر؛ ضعيف)) .
والحديث؛ أورده الزيلعي في ((نصب الراية)) (2 / 221) بإسناد ابن ماجه، وعقب عليه بقوله:
((قال النووي في ((الخلاصة)) : وروي عن ابن مسعود: أنه قال: ((السنة أن يخطب في العيدين خطبتين؟ فيفصل بينهما بجلوس)) ؛ ضعيف غير متصل، ولم يثبت في تكرير الخطبة شيء، ولكن المعتمد فيه القياس على الجمعة. انتهى كلامه)) .
ومن الغرائب أن الحافظ في ((الدراية)) (1 / 222) تعقبه بحديث جابر هذا، فقال:
((وهذا يرد قول النووي: إنه لم يرد في تكرير الخطبة يوم العيد شيء، وإنما عمل فيه بالقياس على الجمعة)) !
وأقول: لي على ما تقدم ملاحظات:
الأولى: قوله: (ابن مسعود) ؛ أظنه محرفاً من (المسعودي) ؛ فإن الأثر المذكور أخرجه الإمام الشافعي في ((الأم)) (1 / 211)، ومن طريقه البيهقي في ((السنن)) (3 / 299) : أخبرنا إبراهيم بن محمد قال: حدثني عبد الرحمن ابن محمد بن عبد الله عن إبراهيم بن عبد الله عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال:. . . فذكره.
قلت: وعبيد الله هذا: هو ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي، وهو تابعي ثقة، فلعله الذي عناه النووي، بدليل قوله:
((ضعيف غير متصل)) . يعني: أنه مرسل تابعي. والله أعلم.
ثم إن السند إليه واهٍ بمرة؛ فإن اللذين دونه لم أعرفهما.
وإبراهيم بن محمد: هو ابن أبي يحيى الأسلمي؛ متروك، وكذبه بعضهم.
الثانية: أنني لاحظت فرقاً بين قول النووي: ((لم يثبت. . .)) الذي نقله الزيلعي عنه، وبين قوله:((لم يرد. . .)) في نقل الحافظ عنه! فهذا التعبير - إن صح عن النووي - يرد عليه رد الحافظ؛ بخلاف التعبير الأول؛ فإن نفى الثبوت لا يستلزم نفي الورود كما هو ظاهر. فالله أعلم أيهما هو قول النووي.
الثالثة: لم يعجبني سكوت الحافظ عن سند حديث جابر - وهو ضعيف عنده -، وبخاصة أنه كان في صدد رده على النووي؛ فإنه لا يخطر في بال عامة القراء إلا أنه حديث قوي! وإلا؛ لما رد به عليه!
ثم وجدت لابن أبي يحيى هذا أثراً آخر عن ابن عتبة بنفس إسناده المذكور عنه؛ لكنه أسقط إبراهيم بن عبد الله، فقال عبد الرزاق في ((مصنفه)) (3 / 290 - 291) : عن ابن أبي يحيى عن عبد الرحمن بن محمد عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال:
((السنة التكبير على المنبر يوم العيد: يبدأ خطبته الأولى بتسع تكبيرات قبل أن يخطب، ويبدأ الآخرة بتسع)) !
وهذا أشد نكارة من رواية الشافعي عنه؛ فإنه زاد عليها التكبير، وعلى المنبر، ولم يثبت ذلك في السنة المحمدية فيما علمت.
وللحديث شاهد من حديث سعد: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى العيد بغير أذان ولا إقامة، وكان يخطب خطبتين قائماً يفصل بينهما بجلسة.
أخرجه البزار في مسنده المسمى بـ ((البحر الزخار)) (3 / 321 / 1116) : حدثنا عبد الله بن شبيب قال: نا أحمد بن محمد بن عبد العزيز قال: وجدت في كتاب أبي قال: حدثني مهاجر بن مسمار عن عامر بن سعد عن أبيه، وقال:
((لا يروى عن سعد إلا من هذا الوجه)) .
قلت: وهو ضعيف جداً؛ مسلسل بالعلل:
الأولى: محمد بن عبد العزيز - وهو القاضي المدني -؛ قال البخاري وغيره: ((منكر الحديث)) .
الثانية: ابنه أحمد بن محمد بن عبد العزيز؛ ذكره الخطيب في رواية له عن أبيه في ترجمة هذا (2 / 349) ، وهذه فائدة تضاف إلى ترجمة أبيه في ((اللسان)) ، وإن كنت لم أقف على ترجمته لأحمد هذا، ويبدو أن الهيثمي لم يعرفهما؛ فقال في ((المجمع)) (2 / 203) :
((رواه البزار وجادة، وفي إسناده من لم أعرفه)) .
وفي قوله: ((وجادة)) ؛ تسامح ظاهر، لأنه يوهم أن البزار هو الذي قال:
((وجدت. . .)) ، وإنما هو أحمد بن عبد العزيز.
الثالثة: عبد الله بن شبيب - وهو الربعي الأخباري -؛ قال الذهبي في
((المغني)) :
((واهٍ. قال أبو أحمد الحاكم: ذاهب الحديث)) .
لكن الجملة الأولى من حديثه: ((صلى العيد بغير أذان ولا إقامة)) ؛ قد ثبتت في أحاديث أخرى:
منها: حديث جابر: عند مسلم وغيره، وهو مخرج في ((الإرواء)) (3 / 99 - 100، 119) من طريق أخرى عنه.