الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد روي مختصراً مرسلاً بلفظ:
((نهى عن قتل الخطاطيف)) .
وهو مخرج في ((إرواء الغليل)) (2491) ؛ دون حديث حمزة هذا، وقد أشار إليه البيهقي؛ كما كنت نقلته عنه هناك، وقال فيه:
((كان يرمى بالوضع)) .
ولم أكن قد وقفت على لفظه وإسناده، فلما وقفت عليه بادرت إلى إخراجه. والله الموفق.
5813
- (إذا صلى أحدكم، فلم يكن بين يديه ما يستره؛ فليخط خطاً، ولا يضره ما مر بين يديه) .
ضعيف (*) . أخرجه أبو داود والطيالسي في ((مسنده)) (2592) : حدثنا همام عن أيوب بن موسى عن ابن عم لهم كان يكثر أن يحدثهم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:. . . فذكره.
قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ علته ابن العم هذا؛ فإنه لم يسم، فهو مجهول العين.
وأيوب بن موسى؛ إن كان هو الغافقي؛ فإنه من هذه الطبقة، فهو ثقة عند ابن معين وابن حبان، وروى عنه جماعة من الثقات، ومع ذلك؛ بيض له الذهبي في ((الكاشف)) ، وقال الحافظ في ((التقريب)) :
(*) وانظر تضعيف الشيخ رحمه الله له أيضاً في كتابه: ((تمام المنة)) (ص 300 - 301) .
. (الناشر) .
((مستور)) .
وإن كان غيره؛ فلم أعرفه.
وهمام: هو ابن يحيى البصري، وهو ثقة من رجال الشيخين.
والخلاصة: أن علة هذا الإسناد شيخ أيوب الذي لم يسم، وقد سماه إسماعيل بن أمية في روايته عن أبي عمرو بن محمد بن حريث: أنه سمع جده حريثاً يحدث عن أبي هريرة به.
أخرجه أبو داود وغيره. وقد اضطرب الرواة على إسماعيل هذا في إسناده اضطراباً شديداً على وجوه شرحتها في ((ضعيف أبي داود)) (107 - 108)، ولذلك ((ضعفه جمع من الأئمة وغيرهم؛ بل قال الإمام مالك:
((الخط باطل)) .
فلا نعيد الكلام هنا، والشاهد منه أن حريثاً هذا مجهول، وكذلك حفيده أبو عمرو؛ كما في ((التقريب)) للحافظ، فالعجب منه كيف تغاضى عن هذه العلة الواضحة فحسّن الحديث في ((بلوغ المرام)) قائلاً:
((وصححه ابن حبان، ولم يصب من زعم أنه مضطرب، بل هو حسن)) !
وأقول: أنى له الحسن وفيه المجهولان باعترافه! هذا لو سلمنا بأنه غير مضطرب، وقد أعله به شيخه الحافظ العراقي، ومن قبله ابن الصلاح وغيرهما؛ كما تراه مبيناً في المصدر المذكور آنفاً. وقد شرح الحافظ وجهة نظره في نفي الاضطراب في كتابه ((النكت على ابن الصلاح)) (2 / 772 - 774) بما لا فائدة كبرى من نقله ومناقشته، لكن المهم منه قوله:
(( (تنبيه) : قول ابن عيينة لم نجد شيئاً نشد به هذا الحديث، ولم يجئ إلا من هذا الوجه)) ؛ فيه نظر؛ فقد رواه الطبراني من طريق أبي موسى الأشعري، وفي إسناده أبو هارون العبدي، وهو ضعيف)) !
قلت: وهذا منه عجب أيضاً من ناحيتين:
الأولى: أنه ألان القول في العبدي هذا، واسمه عمارة بن جوين -، وهو أسوأ
مما ذكر؛ فقد قال فيه في ((التقريب)) :
((مشهور بكنيته، متروك، ومنهم من كذبه)) .
والأخرى: أنه يعلم أن من شرط الشاهد أن لا يشتد ضعفه، وهذا مفقود هنا
كما ترى.
على أنه قد روى معمر عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري قال:
((كنا نستتر بالسهم والحجر في الصلاة، أو قال: كان أحدنا يستتر بالسهم والحجر في الصلاة)) .
وروى جعفر بن سليمان عنه قال:
قلت لأبي سعيد الخدري: ما يستر المصلي؛ قال: مثل مؤخرة الرحل، والحجر يجزئ ذلك، والسهم تغرزه بين يديك)) .
أخرجهما عبد الرزاق في ((المصنف)) (2 / 13 - 14) . ثم قال الحافظ:
((ثم وجدت له شاهداً آخر - وإن كان موقوفاً - أخرجه مسدد في ((مسنده الكبير)) قال: ثنا هشيم: ثنا خالد الحذاء عن إياس بن معاوية عن سعيد بن جبير قال:
((إذا كان الرجل يصلي في فضاء؛ فليركز بين يديه شيئاً؛ فإن لم يكن معه شيء؛ فليخط خطاً في الأرض)) .
((رجاله ثقات)) .
قلت: فيه أولاً: الصواب بأن يقال فيه: ((مقطوع)) ؛ لأنه موقوف على التابعي؛ كما هو معروف في علم المصطلح.
وثانياً: هو أن يكون علة في الحديث أقرب من أن يكون شاهداً له؛ لأنه لو كان موقوفاً على صحابي الحديث، لكان علة ظاهرة فيه، فكيف به وهو مقطوع؟ ! فتأمل.
على أنه قد روي عن أبي هريرة موقوفاً كوجه من وجوه الاضطراب فيه؛ ولكنه وجه مرجوح، كما بينته هناك.
ثم قال الحافظ:
((ولهذا صحح الحديث ابن حبان والحاكم وغيرهما)) .
قلت: تساهلهما في التصحيح والتوثيق مما لا يخفى على طلاب هذا العلم؛ فضلاً عن الحافظ! هذا إذا لم يكن هناك علة ظاهرة تدفع التصحيح، فكيف بها وهي قائمة باعتراف الحافظ كما سبق؟ ! على أن عزوه للحاكم فيه نظر؛ فإننا لم نره في ((مستدركه)) - وهو المقصود عند إطلاق العزو إليه - بعد مزيد البحث عنه فيه، ولا جاء ذكره في فهرسته الذي وضعه المعاصرون.
ثم قال الحافظ:
((وذلك مقتضٍ لثبوت عدالته عند من صححه، فما يضره مع ذلك أن لا
ينضبط اسمه إذا عرفت ذاته. والله تعالى أعلم)) .
أقول: الشطر الأول من هذا الكلام مسلّم لا غبار عليه، ولكن ذلك مما لا ينفق
في النقاش العلمي القائم علي قواعد علم الحديث؛ لما سبق بيانه آنفاً من تساهل ابن حبان والحاكم.
وأما الشطر الثاني منه؛ فجوابنا عليه:
نعم؛ لا يضر ذلك إذا عرفت ذاته؛ ولكنها فرضية تخالف واقع الراوي؛ بل الراويين؛ فإنهما مجهولان حتى عند الحافظ كما تقدم.
فسامحه الله! لقد كان بحثه حول هذا الحديث على خلاف ما نعهده منه من العلم والتحقيق، حتى لكأنه ابن حجر آخر!
وجاء من بعده الشيخ الغماري: أحمد، فأخرجه في كتابه:((الهداية في تخريج أحاديث البداية)) (2 / 392 - 393) تخريجاً مختصراً جداً، يحسن كثير من الطلبة خيرا ًمنه، وقال عقبه مغتراً بتحسين الحافظ له:
((وصححه ابن حبان وغيره، وحسنه الحافظ، وضعفه بعض المتقدمين؛ لصورة الاضطراب الواقع في إسناده؛ لكنه عند الطيالسي من وجه آخر.
والحديث صحيح كما قال ابن حبان)) !
كذا قال! وأظن أنه - كغيره - لم يعط لهذا البحث حقه من المراجعة والتحقيق، وإلا؛ لما خفي عليه - على الأقل - الجهالة التي في سند ابن حبان، ومن قرنهم معه، وتشبثه بالوجه الآخر عند الطيالسي لا يفيده شيئاً؛ لجهالة تابعيه، الذي يمكن أن يكون هو عين حريث الذي في طريق الآخرين كما تقدم.