المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[2] (المتتابع والمتواتر) - شرح درة الغواص للشهاب الخفاجي

[الشهاب الخفاجي]

فهرس الكتاب

- ‌[1] (قولهم في سائر):

- ‌[2] (المتتابع والمتواتر)

- ‌[3] (معنى ازف الوقت)

- ‌[4] (إضافة أفعل التفضيل)

- ‌[5] (تغشرم وتغشمر)

- ‌[6] (اللتيا بفتح اللام لا بضمها)

- ‌[7] (والصواب يستحق لا يستأهل)

- ‌[8] (الفرق بين سهرنا وسرينا)

- ‌[9] (كلمات اتفق العرب على استعمالها)

- ‌[10] (استعمال قط وأبداً)

- ‌[11] يقال للمريض: مصح اف ما بك لا مسح

- ‌[12] آل حم وآل طس لا الحواميم والطواسين

- ‌[13] تعدية أدخل بالباء

- ‌[14] القول في مائدة وخوان

- ‌[15] في النسب إلى دواة

- ‌[16] قولهم: بعثت به وأرسلت إليه

- ‌[17] قولهم المشورة بوزن مفعلة خطا

- ‌[18] قولهم في التحذير بإياك

- ‌[19] قولهم ذهبت إلى عنده

- ‌[20] قولهم لمن تغير وجهه غضباً: تمغَّر

- ‌[21] استعمال اصفرَّ واحمرَّ واصفارَّ واحمارَّ

- ‌[22] اجتمع فلان وفلان لا مع فلان

- ‌[23] قل لقيتها وحدهما، ولا تقل: لقيتهما اثنيهما

- ‌[24] في الإخبار عن لعل بالفعل الماضي

- ‌[25] في التعجب من الألوان والعاهات

- ‌[26] وجوب تذكير كلمتي بطن وأنف

- ‌[27] حيازة لا إجازة

- ‌[28] الفرق بين الذاعر والداعر

- ‌من الكنايات المستحسنة:

- ‌مطلب مفيد

- ‌[29] هوش لا شوش

- ‌[30] الدعاء بقولهم: بلغك اف المأثور

- ‌[31] أضيف لا انضاف، وفسد لا انفسد

- ‌[32] صحة ضبط الأمر من بر وشم

- ‌[33] يقال، شر ولا يقال: أشر

- ‌[34] جمع ريح أرواح لا أرياح

- ‌[35]- صحة النطق في مدود ومسوس ومكرج

- ‌36 - غير لا تعرف بال

- ‌[37] قولهم في كبرى وصغرى

- ‌[38]- القول في تيامن وتشاءم

- ‌[39]- مشئوم لا مشوم

- ‌40 - سرداب بكسر السين لا بفتحها

- ‌[41]- تمييز كم الاستفهامية وكم الخبرية

- ‌[42]- القول في أرض جمع

- ‌[43]- الصواب حدث لا حدث

- ‌[44] هل تقع كلمة "نفر" تمييزا لعشرين وثلاثين

- ‌[45] صحة جمع "حاجة

- ‌[46]- شيء ثمين لا مثمن

- ‌[47] يقولون: هو قرابته والصواب ذو قرابته

- ‌[48]- صحة جمع رحى وقفا

- ‌[49]- جمع أوقية

- ‌[50]- اسم المفعول من صان

- ‌[51]- بين لا تضاف إلى مفرد

- ‌[52]- قل: بين بين، ولا تقل بين البينين

- ‌[53]- حكم مجيء إذ بعد بينا

- ‌[54]- تفل وثفل

- ‌[55]- قولهم: أزمعت المسير

- ‌56 - قولهم في أخدر، وحدر

- ‌[57]- جمع فم أفواه

- ‌[58]- صحة تصغير عقرب

- ‌[59]- النسب إلى دنيا

- ‌[60]- الفرق بين آليت والوت

- ‌[61]- الضبع لا الضبعة

- ‌[62]- أوهامهم في التاريخ

- ‌[63]- خرمش صوابها خربش

- ‌[64]- قولهم: ما رأيته من أمس ومنذ أمس

- ‌[65]- الفرق بين "تتابعت" وتتابعت

- ‌[66]- القسم بقولهم: وحق الملح

- ‌[67]- ها هو ذا لا هوذا

- ‌68 - تاعس لا متعوس

- ‌[69]- شعر ولا شعر

- ‌[70]- من أخطاء النسب

- ‌[71]- من أسماء الذهب

- ‌[72]- إدغام الحرف المضعف

- ‌[73]- قولهم للاثنين: ازددا

- ‌[74]- معنى نقل فلان رحله

- ‌[75] الفرق بين سائل وسأل

- ‌[76]- يوشك بكسر الشين لا بفتحها

- ‌[77]- خطأ كل من ثلجم وشلجم

- ‌[78]- الفيء والظل

- ‌[79]- تعريف العدد

- ‌[80]- صحة ضبط المنسوب إلي ملك

- ‌[81]- ساغ ولا انساغ

- ‌[82]- مثلوث لا مثلث

- ‌[83]- قمو لا قمى

- ‌[84]- رخل وليس رخلة

- ‌[85]- الرؤيا والرؤية

- ‌[86]- قولهم: قال فلان كيت وكيت

- ‌[87]- صحة ضبط مضارع ذخر

- ‌[88]- صحة تصغير مختار

- ‌[89]- قولهم في دستور بفتح الدال

- ‌90 - الإخبار عن كلا وكلتا

- ‌91 - أنت تكرم على لا تكرم على

- ‌92 - شغب بسكون العين لا بفتحها

- ‌[93]- سداد بالكسر لا بالفتح

- ‌نادرة لطيفة

- ‌[94]- الفرق بين رق ورك

- ‌[95]- هو معي لا عيان

- ‌[96]- أفراد الفعل مع الفاعل المثني والجمع

- ‌[97]- قولهم أحد حمي

- ‌[98]- قولهم: إلاه وإلاك

- ‌[99]- قولهم: هب أني فعلت

- ‌[100]- امرأة شكور وصبور

- ‌[101]- متى يستعمل الفعل «أخطأ»

- ‌[102]- الفرق بين نشب ونشم

- ‌[103]- وقولهم للأمر الغائب: يعتمد ذلك

- ‌[104]- المأصر بالكسر لا بالفتح

- ‌[105]- الوارد والصادر لا العكس

- ‌[106]- همزة الوصل لا تدخل على متحرك

- ‌[107]- تقول: استقبلت قافلة الحجاج لا ودعتها

- ‌[108]- تقول: هو أحسن إنصافً وليس أنصف منه

- ‌[109]- الفرق بين جنب واجنب

- ‌[110]- حذف ياء ثمان

- ‌[111]- قولهم: ابتعت عبداً وجارية أخرى

- ‌[112] صحة جمع بيضاء وسوداء

- ‌[113]- الطول والطوال

- ‌[114]- قولهم في نداء الأبوين

- ‌[115]- عيرته كذا لا بكذا

- ‌[116]- قولهم: ابدأ به أولا

- ‌[117]- سؤسن لا سوسن

- ‌[118]- مثل…جرى الوادي فطم على القليب

- ‌[119]- قولهم: طر شاربه

- ‌[120]- قولهم: ركض الفرس

- ‌[121]- قولهم حكني جسدي

- ‌[122] قولهم: سار ركاب السلطان

- ‌[123]- قولهم شطرنج بفتح الشين

- ‌فائدة

- ‌[124]- قولهم: سأل عنك الخير

- ‌[125]- قولهم: مطرمذ أو طرمذار

- ‌[126]- قولهم: هاتا بمعنى أعطيا

- ‌[127]- قولهم: رأيت الأمير وذويه

- ‌[128]- قولهم: الحوامل تطلقن

- ‌[129]- قولهم: شلت الشيء

- ‌[130]- القول في ها وهاء

- ‌[131]- قولهم: حسد حاسدك

- ‌132 - قولهم: أعطاه البشارة

- ‌[133]- قولهم: تفرقت الأهواء

- ‌[134]- قولهم تذكار بكسر التاء

- ‌[135]- الفرق بين أجلس واقعد

- ‌136 - قولهم: نعم من مدحت

- ‌[137]- قولهم: النسيان

- ‌[138]- قولهم: بين ظهرانيهم

- ‌[139]- قولهم: دخلت الشام

- ‌[140]- قولهم: قدم الحاج واحدًا واحدًا

- ‌[141]- قولهم لما يتعجل من الزروع، هرف

- ‌[142]- قولهم: أخ

- ‌[143]- قولهم في التأوه: أوه

- ‌[144]- قولهم: لقيته لقاة واحدة

- ‌[145]- قولهم: فلان يكدف

- ‌[146]- قولهم: بالرجل عنة

- ‌[147]- قولهم: صحفي

- ‌[148]- النسب إلى المركب

- ‌[149]- قولهم: غسلة بفتح الغين

- ‌[150]- قولهم: دابة لا تردف

- ‌[151]- اسم الآلة بكسر الميم لا بفتحها

- ‌[152]- قولهم: أعمل بحسب ذلك

- ‌[153]- قولهم: كثرت عيلة فلان

- ‌[154]- قولهم: فلان في رفهة

- ‌[155]- قولهم: ارتضع بلبنه

- ‌[156]- الفرق بين لدغ ولسع ونهش

- ‌[157]- قولهم: الحمد لله الذي كان كذا وكذا

- ‌[158]- قولهم: فلان شحاث

- ‌[159]- الفرق بين الفرث والسرجين

- ‌[160]- قولهم: جبة خلقة

- ‌[161]- قولهم: ثلاثة شهور وسبعة بحور

- ‌[162]- قولهم: معلول

- ‌[163]- قولهم: ما لي فيه منفوع ولا منفعة

- ‌[164]- قولهم للمريض: به سل

- ‌[165]- قولهم: حلا الشيء في صدري وبعيني

- ‌[166]- قولهم: مرايا في جمع مرآة

- ‌[167]- قولهم لفم المزادة: عزلة

- ‌[168]- قولهم: جاء القوم بأجمعهم

- ‌[169]- قولهم لمن انقطعت حجته: مقطع

- ‌[170]- قولهم: كلمته فاختلط

- ‌[171]- قولهم: الأسود والأبيض في الكناية عن العربي والعجمي

- ‌[172]- قولهم للمعرس: قد بنى بأهله

- ‌[173]- إمالة حتى ومتى

- ‌[174]- قولهم: قتله شر قتله بفتح القاف

- ‌[175]- إعراب أسماء الأعداد المرسلة

- ‌[176]- قولهم: ما أحسن لبس الفرس

- ‌[177]- قولهم: مائة ونيف بإسكان الياء

- ‌[178]- قولهم: هو يصبو عنه

- ‌[179]- قولهم، فعلته مجراك

- ‌[180]- قولهم الصيف ضيعت اللبن

- ‌[181]- قولهم: طرده السلطان

- ‌[182]- قولهم لما ينبت من الزرع بالمطر: بخس

- ‌[183]- قولهم: هاون وراوق

- ‌[184]- قولهم: شفعت الرسولين بثالث

- ‌[185]- قولهم للمدينة المشهورة: سامرا

- ‌[186]- قولهم لما يجمد من البرد: قريص

- ‌[187]- قولهم: قتله الحب

- ‌[188]- قولهم: ما يعرضك لهذا الأمر

- ‌[189]- قولهم: ما كان ذلك في حسابي

- ‌[190]- قولهم: تنوق في الشيء

- ‌[191]- قولهم للمخاطب: هم فعلت وهم خرجت

- ‌192 - قولهم قرضته بالمقراض وقصصته بالمقص

- ‌(193) قولهم في تصغير شيء وعين شوئ وعوينة:

- ‌(194) قولهم أشرف على الإياس

- ‌(195) قولهم: رزبطانة

- ‌(196) قولهم: جرح الرجل في ثديه

- ‌(197) قطع همزة الوصل في ابن وابنة واثنين واثنتين

- ‌(198) قولهم تجزت القصيدة

- ‌(199) جمع أسماء الأجناس

- ‌200 - الفرق بين نعم وبلى

- ‌[201]- الفرق بين مساء صباح مركبة ومضافة

- ‌[202]- الفرق بين الترجي والتمني

- ‌[203]- الفرق بين العَر والعُر

- ‌[204]- الفرق بين قولهم: بكم ثوبك مصبوغاً، ومصبوغ

- ‌[205]- الفرق بين لا رجل ولا رجل في الدار

- ‌[206]- الفرق بين مخوف ومخيف

- ‌[207] الفرق بين خلف وأخلف

- ‌[208]- الفرق بين (أو) و (أم) في الاستفهام

- ‌[209]- معنى بات فلان

- ‌[210]- معنى القينة

- ‌[211]- الراحلة اسم يقع على الجمل والناقة

- ‌[212]- البهيم لا يختص بالأسود

- ‌[213]- وهمهم: أن هوى لا يستعمل إلا في الهبوط

- ‌[214]- حذف الألف في بسم الله

- ‌[215]- حذف ألف ابن في كل موضع

- ‌[216]- حذف ألف «الرحمن»

- ‌فائدة:

- ‌[217]- فصل «ما» عما قبلها ووصلها

- ‌[218]- حذف نون «أن» مع لا

- ‌[219]- وصل (لا) بهل وبل وفصلها

- ‌[220]- ما يكتب بواو واحدة وما يكتب بواوين

- ‌[221]- كتابة الألف المقصورة

- ‌[222]- ما يجب أن يكتب موصولا

الفصل: ‌[2] (المتتابع والمتواتر)

[2](المتتابع والمتواتر)

[2]

ويقولون للمتتابع متواتر فيوهمون فيه. لأن العرب تقول: جاءت الخيل متتابعة، إذا جاء بعضها في أثر بعض بلا فصل، وجاءت متواترة إذا تلاحقت وبينها فصل، ومنه قولهم: فعله تارات أي حالاً بعد حال وشيئاً بعد شيء، وجاء في الأثر أن الصحابة رضوان الله عليهم لما اختلفوا في الموؤدة قال لهم "علي"

ــ

(ويقولون للمتتابع متواتر فيوهمون فيه). يقال أوهمت الشيء تركته وأوهمت الكتاب إذا أسقطت منه شيئاً، ووهم [إلى] الشيء يهم وهماً إذا ذهب إليه وهمه، ووهم يوهم وهما بالتحريك إذا غلط قاله "ابن الأثير" و"ابن السيدة" فاحفظه، فإنه قد شاع الوهم في الوهم فسرى معناه للفظة. (لأن العرب تقول جاءت الخيل متتابعة إذا جاء بعضها في أثر بعض بلا فصل وجاءت متواترة إذا تلاحقت وبينها فصل). هذا أصل معناه ويشهد له الاشتقاق، لأن التواتر أن يؤتى بالشيء وَتْراً وَتْراً، أي منفرداً فيقتضي الفصل، والتبع يكون متبوعاً، ففيه إشعار بالاتصال، لكن ورد في استعمال العرب وضع كل منهما موضع الآخر كما حكاه "الزمخشري" في قضاء رمضان إن شئت فواتر وإن شئت ففرق وفي "الكشف" أنه محتمل لهما قال "أبو عبيد في غريب

ص: 62

رضي الله عنه: إنها لا تكون موؤدة حتى تأتي عليها التارات السبع، فقال له "عمر" رضي الله عنه: صدقت أطال الله بقاءك، وكان أول من نطق بهذا الدعاء. وأراد "علي" رضي الله عنه بالتارات السبع طبقات الخلق السبع المبينة في قوله تعالى:{ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين * ثم جعلناه نطفة في قرار مكين* ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً ثم أنشأنا خلقاً آخر} يعني سبحانه وتعالى ولادته حياً. فأشار "علي" رضي الله

ــ

الحديث": الوتيرة المداومة على الشيء وهو مأخوذ من التواتر والتتابع. هذا لفظه فسوى بينهما، ولا شاهد له في الأثر، وقصارى ما يتحصل له تسليم العدول عن المختار إلى الجائز. ثم إن التتابع هو التوالي الذي لم يتخلله فاصل يبطل حكم تواليه نسقاً فإن اليومين قد فصلت بينهما ليلة ولكن فصلها لا يبطل حكم تواليهما وتتابعهما.

(ومنه قولهم: فعله تارات أي حالاً بعد حال وشيئاً بعد شيء).

في الحواشي: جعل المصنف تارات من التواتر غلط بين لأن التواتر فاؤه واو والتارة عينه ياء، بدليل جمعه على ثير وقال "ابن جني" عينه واو، من الثور وهو الرسول قال:

(والتور فيما بيننا يعمل

في ضربه المائي والمرسل)

والمناسبة بينهما أن الرسول ينتقل ويذهب كما أن التارة الحالة المبدلة من حالة

ص: 63

عنه إلى أنه إذا استهل بعد الولادة ثم دفن فقد وُئِد، وقصد بذلك أن يدفع قول من توهم أن الحامل إذا أسقطت جنينها بالتداوي فقد وأدته. ومما يؤيد ما ذكرنا من معنى التواتر قوله تعالى، {ثم أرسلنا رسلنا تترا} ومعلوم ما بين كل

ــ

أخرى المتنقلة منها. وادعاء القلب فيه خلاف الظاهر والمنقول عن أهل اللغة. وإن قالوا في التارات- من قولهم: يا لتارات فلان - إنها مقلوبة من الوتر. أقول: إذا كانوا قالوا في تارات الدماء إنها مقلوبة فأي مانع من القول به في التارات جمع تارة بمعنى الحالة وهذا الذي جنح إليه المصنف. نعم ورد همزة تارة وهو يأباه ولذا ذهب صاحب "القاموس" تبعاً لغيره من أهل اللغة إلى أنه مهموز العين. قال في "المصباح": التارة المرة وأصلها الهمزة لكنه خفف لكثرة الاستعمال، وربما همزت على الأصل وجمعت بالهمزة فقيل: تأرة وتآر وتئر قال "ابن السراج": وكأنه مقصور من تأر، وأما المخفف فجمعه تارات اهـ. فما في "الحواشي" أيضاً غير متفق عليه فاختر لنفسك ما يحلو.

(وجاء في الأثر أن الصحابة رضي الله عنهم لما اختلفوا في الموؤودة قال لهم علي رضي الله عنه: إنها لا تكون موؤودة حتى يأتي عليها التارات السبع) أي الحالات السبع المذكورة في الآية الكريمة من ابتداء تكوينه إلى ولادته وخروجه من سجن الأصلاب والأرحام إلى فناء الفناء. يعني أن "علياً" رضي الله عنه قصد الرد على توهم أن الحامل إذا أسقطت جنينها بتداوٍ وغيره فقد وأدته. قيل وهو مخالف للمروي من أن الصحابة وقعت بينهم محاجةٌ في العزل عن النساء كما ذكره المحدثون وشراح "الهداية"

ص: 64

رسولين من الفترة وتراخي المدة، وروى "عبد الخير" قال: قلت "لعلي" رضي الله عنه أن عليَّ أياماً من شهر رمضان أفيجوز أن أقضيها متفرقة؟ قال: اقضها إن شئت متتبعة وإن شئت تترى. قال: فقلت إن بعضهم قال: لا تجزى عنك إلا متتابعة قال: بلى تجزى تترى لأنه عز وجل قال: {فعدة من أيامٍ أخر} ولو

ــ

فكرهه بعضهم. ويروى عنه أنه قال [إنه] الوأد الخفي وعن "ابن مسعود" أنه قال: هي الموؤودة الصغرى وأجازه آخرون، ويروى عن "عبيد الله بن رفاعة" عن أبيه أنه جلس إلى "عمر" و "الزبير" و "سعد" في نفر من الصحابة فتذاكروا العزل وقالوا: لا بأس به، فقال رجل منهم: إنهم يزعمون أها الموؤودة الصغرى فقال "علي" رضي الله عنه لا تكون موؤودة حتى تمر عليها التارات. وأما ما رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم من أنه الوأد الخفي فقيل: إنه منسوخ، وقيل: المروي أنه قيل له عليه الصلاة والسلام: إن اليهود يقولون في العزل هي الموؤودة الصغرى فقال: كذبت اليهود والمشهور في العزل أنه يجوز في الأمة، والحرة إن رضيت وإلا لا. وما فسر به كلام المصنف غير متعين لجواز حمله على

ص: 65

أرادها متتابعة لبين التتابع لما قال سبحانه وتعالى: {فصيام شهرين متتابعين} .

وعند أهل العربية أن أصل تترى وترى فقلبت الواو تاء كما قلبت في تُخمة وتهمة وتجاه لكون أصولها من الوخامة والوهم والوجه.

ويجوز أن تُنَّون تترى كما تنون أرطى وأن لا تنون مثل سكرى، وقد قُراء

ــ

هذا وقوله (يعني سبحانه إلى آخره) أي قوله خلقاً آخر، والأثر ما يؤثر أن يروى عن النبي والصحابة. وقد يخص بما يضاف إلى الصحابي موقوفاً كما في شرح مسلم وغيره.

(ومعلوم ما بين كل رسولين من الفترة وتراخي المدة).

هذا باعتبار الأكثر، وقد يقال: إن أحكام شرائعهم لما لم تنسخ إلا ببعثة رسول آخر كان كأنه لا فاصل بينهم وسيأتي ما يؤيده.

(اقضها إن شئت متتابعة وإن شئت تترى).

في "الحواشي": [إن] هذا الأثر إذا صح وسَلِم من التحريف شاهد لما دعاه، ود آن أن نصرح بالمقصود فنقول: المتتابع هو المتوالي الذي لم يتخلله فاصل يبطل حكم تواليه نسقاً، فإن كل يومين تفصل بينهما ليلة ولا يعد فصلاً مبطلاً للتتابع. قلت: أفاد وأجاد، وقد مر ما يؤيده مما رواه "الزمخشري" مخالفاً لما ذكره المصنف، فتذكر.

(ويجوز أن ينون تترى كما ينون أرطى)، وألا ينون مثل سكرى، وقد قرى بهما جميعاً.

ص: 66

بهما جميعاً. وحكى "أبو بكر الصولي" قال: كتب أحد الأدباء إلى صديق له وقد أبطأ جوابه عنه: كتبت إليه فما أجبت وتابعت فما واترت وأضبرت فما أفردت وجمعت فما وحَّدت. فكتب إليه صديقه: الجفاء المستمر على الأزمان، أحسن من بعض الخطاب للإخوان.

ــ

إشارة إلى أن ألفه للإلحاق كألف أرطى على قولٍ منه، وهو اسم شجر، وواحده أرطاة، وإذا كانت ألفه للإلحاق فينون نكرة لا معرفة، وقيل ألفه أصلية فينون دائماً وفي شرح "الكتاب" للسيرافي في جعل بعضهم ألف تترى للتأنيث وبعضهم جعلها للإلحاق بجعفر، وقيل الألف عوض من التنوين ولا مانع منه وخطُّ المصحف بالياء يؤيد الأولين، وأصله وترى، وقيل قراءة الجمهور بغير تنوين فألفه للتأنيث كدعوى، ولا نعلم مصدراً في آخره ألف إلحاق. وقال "الشمني": إنه نادر، ونونه "ابن كثير" و "أبو عمرو". فوزن (وتر) فعل وألفه بدل من التنوين وكتبت ياء على لغة من يميل [ألف] التنوين

ص: 67

وهي قليلة أو هي للإلحاق وليس بمصدر وقيل وزنه تفعل، وهو غلط، إلا أن يكون على الملفوظ. والقول بأنه تتر فوزنه فعل رد بأنه لم يسمع إجراء الحركات على رأيه، وقد علم مما قالوه أن فيه اختلافاً، فقيل: هو مصدر وقيل: اسم غير مصدر وقبل جمع.

(كتبت إليك فما أجبت وتابعت فما واترت وأضبرت فما أفردت). أضبرت بضاد معجمة وباء موحدة وراء مهملة من الإضبار بالكسر والفتح وهي الجزمة من الصحف كما في الصحاح وفي الحديث "ضبائر"[ضبائر] وهو كما في شرح مسلم ضبارة بالفتح والكسر والثاني أشهر. ولم يذكر "الهروي" غيره. ويقال إضباره بكسر الهمزة وروى ضبارات ضبارات أي جماعات [جماعات] متفرقة وفي "تهذيب الأزهري" ضبائر جماعات قال "ابن السكيت": يقال جاء بإضباره وإضمامه من كتب وهي الأضابير والأضاميم، وفلان [الآن] ذو ضبارة إذا كان مشدود الخلق وقال "الليث" إضبارة من صحف أو سهام حزمة وضبارة لا يجيزها غير "الليث" اهـ.

يعني أنه لا يألو جهداً في المكاتبة في المصادقة لمن لا يزال يعامله بضد ذلك فيبخل بالجواب فضلاً عن الكتاب.

(فكم كتاب جاءكم سائلاً

لكنه يقنع بالرد)

ص: 68