الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[117]- سؤسن لا سوسن
ويقولون لنوع من المشموم: «سوسن» بضم السين، فيوهمون فيه، كما أن بعض المحدثين ضمها فتطير من اسمه حين أهدي إليه وكتب إلى من أهداه له:
(لم يكفك الهجر فأهديت لي
…
تفاؤلاً بالسوء لي سوسنة)
(أولها سوء وباقي اسمها
…
يخبر أن السوء يبقى سنة)
والصواب أن يقال فيه: سوسن بفتح السين، وكذلك يقال: روشن، بفتح الراء ليلحقها بما جاء على وزن «فوعل» بفتح الفاء نحو جوهر وجورب وكوثر وتولب؛ إذ ما سمع في أمثلة «فوعل» إلا جؤذر في لغة بعضهم.
ــ
(ويقولون لهذا النوع من المشموم: سوسن بضم السين فيوهمون فيه، كما أن بعض المحدثين ضمها فتطير من اسمه وكتب إلى من أهدي إليه:
(لم يكفك الهجر فأهديت لي
…
تفاؤلا بالسوء لي سوسنة)
(أولها سوء وباقي اسمها
…
يخبر أن السوء يبقى سنة)
والصواب أن يقال فيه: سوسن بفتح السين، وكذلك يقال: روشن بفتح الراء ليلحقا بما جاء على فوعل نحو جوهر وجورب وكوثر وتولب، إذ ما سمع في أمثلة العرب فوعل بالضم إلا جؤذر في قول بعضهم)
هذا مع أنه غير صحيح يرد عليه فيه أمور:
منها: أنه أنكر الضم في سوسن وقد حكاه «ابن المغربي» عن «ثعلب» كما حكاه صاحب «القاموس» .
ومنها: أن تخصيصه التطير بالضم لا وجه له؛ لأن التطير كما يكون في الضم يكون في الفتح لأن السوء والسوء بالضم والفتح متقاربان، وبهما قرى في القرآن الكريم.
ومنها: أن قوله: لم يأت على فوعل بالضم إلا جؤذر خطأ من وجهين: لأن جؤذر وزنه فعلل ولو خففت همزته بإبدالها واوآ لم يخرج عن وزنه. ولأنه حكى عن «ثعلب» أنه قال: لم يأت على فوعل إلا سوسن وصوبج، وهو ما يبسط الخباز عليه الرقاق، والعامة تقول له: سوبق، وجؤذر، وهو ولد البقرة الوحشية- وقيل إنه معرب- وتولب وهو جحش الحمار.
[قال الشيخ. رحمه الله: وقد أذكرني السوسن أبياتاً أنشدنيها «علي بن عبد العزيز» الأديب المعري «لأبي بكر بن القوطية» الأندلسي، يصف فيها السوسن، مما أبدع فيه وأحسن، فأوردتها على وجه التشذير لسمط هذا الفصل والتأبين لمن درج من أولي الفضل، وهي:
(قم واسقنيها على الورد الذي نعما
…
وبادر السوسن الغض الذي نجما)
(كأنما ارتضعا خلفي سمائهما
…
فأرضعت لبناً هذا وذاك دما)
(جسمان قد كفر الكافور ذاك وقد
…
عق العقيق احمراراً ذا وما ظلما)
(كأن ذا طبة نصت لمعترض
…
وذاك خد غداة البين قد لطما)
(أولا فذاك أنابيب اللجين وذا
…
جمر الغضا حركته الريح فاضطرما)
ــ
وفي شرح «المفصل لابن يعيش» : إذا ثبتت زيادة حرف في كلمة في لغة ثبتت زيادتها في لغة أخرى نحو جؤذر، حكي فيه الفتح والضم، فالهمزة فيه زائدة لزيادتها في لغة من ضم؛ إذ ليس في الأصول مثل جعفر بضم الجيم وفتح الفاء، وإذا ثبتت زيادتها في هذه اللغة كانت زائدة في اللغة الخرى لأنها لا تكون زائدة في لغة أصلاً في لغة أخرى، هذا محال، وفيه نظر يعلم كما مر.
(لأبي بكر بن القوطية الأندلسي) هو محمد بن عمر بن عبد العزيز بن إبراهيم بن عيسى بن مزاحم المعروف بابن القوطية القرطبي النحوي مولى «عمر بن عبد العزيز» والقوطية أم إبراهيم، وأصله من «أشبيلية» والقوطية بالقاف المضمومة يليها واو ساكنة ثم طاء مهملة نسبة إل «قوط بن حام بن نوح» واسمها «ميادة بنت المنذر» و «قوط» أبو السودان والسند والهند، فمعناه أنها جارية سوداء في الأصل، وهو إمام معمر لغوي محدث فقيه له تآليف منها «شرح أدب الكاتب» وكتاب «الأفعال» وهو كتاب جليل القدر، وكانت وفاته سنة سبع وستين وثلاثمائة يوم الثلاثاء لسبع بقين من ربيع الأول.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقال «الفتح بن خاقان» في «مطمح الأنفس» : هو أحد المجدين في الطلب المشهورين بالعلم والأدب المنتدبين للتعليم والتصنيف، المقر لهم بحسن الترتيب والتأليف، له شعر نبيه أكثره أوصاف وتشبيه كقوله في الربيع:
(ضحك الثرى وبدا لك استبشاره
…
واخضر شاربه وطر عذاره)
(وزهت حدائقه وآزر نبته
…
وتعطرت أنواره وثماره)
(واهتز ذابل كل ماء قرارة
…
لما أتى متطلعا آذره)
(وتعممت صلع الربى بنباتها
…
وترنمت من عجبه أطياره)
أقول: هو شعر بليغ فيه من الاستعارة ما يعرفه من له خبرة بعلم البلاغة، وليس فيه شيء يحتاج إلى البيان غير قوله: واهتز
…
إلخ، فإنه شبه أنهاره برماح تهتز إذا مرت بها الرياح، وآذار، شهر من شهور الخريف بلسان الفرس القديم، وهو في لغتهم آذر بمدة واحدة، ووقع نادراً في آذار فعربوه.
[وبقي هنا أن في السوسن لغة مشهورة في لسان المولدين وهي سوسان بضم أوله وزيادة ألف قبل النون كقول «ابن النبيه» : في ملتقى ورده وسوسانه
وقول بعض المغاربة:
(ونزهت طرفي في حدائق أزهرت
…
ها زهرة السوسان والآس والورد)