الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[24] في الإخبار عن لعل بالفعل الماضي
ويقولون: لعله ندم ولعله قدم.
فيلفظون بما يشتمل على المناقضة، وينبى عن المعارضة ووجه الكلام أن يقال: لعله يفعل، أو لعله لا يفعل لأن معنى "لعل" التوقع لمرجو او لمخوف، والتوقع إنما
ــ
"ويقولون: لعله ندم ولعله قدم، فيلفظون بما يشتمل على المناقضة وينبى عن المعارضة، ووجه الكلام أن يقال: لعله يفعل أو لا يفعل؛ لأن معنى "لعل" التوقع لمرجو أو مخوف، والتوقع إنما يكون لما يتجدد).
[وهذا مما سبقه إليه بعض النحاة، فتوهم أن لعل لا تدخل على الماضي] لأن التوقع - وهو ترقب الوقوع - إنما يكون لما يستقبل وينتظر، فهذا فاسدٌ لما فيه من الجمع بين الضب والنون.
وهو مردود، فإن "لعل" وإن كان معناها ما ذكر، لكن المترقب لما كان وقوعه غير محقق، بل مشكوك فيه ومظنون. وهذا مما يلزمها فتجوَّز بها عن لازمها وهو الشك والظن، وذلك يكون في الماضي والمستقبل على حد سواء، وهذا هو المصحح له بحسب الرواية كما قاله "ابن بري" وتبعه "ابن هشام" وغيره، وأما بحسب الرواية فإنه ورد في الكلام الفصيح كثيراً، كقول "الفرزدق":
(لعلك في حدراء لمت على الذي
…
تخيرت المعزى على كل حالب)
وقول "امرئ القيس":
يكون لما يتجدد ويتولد، لا لما يتقضى ويتصرم، فإذا قلت: خرج فقد أخبرت عما قُضي الأمر فيه واستحال معنى التوقع له، فلهذا لم يجز دخول "لعل" عليه.
ــ
(وبدلت قرحاً دامياً بعد صحة
…
لعل منايانا تحولن أبؤسا)
وكقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم"، كما رواه "البخاري" وغيره. ومثله في النثر والنظم أكثر من أن يحصر.
وقال "ابن هشام": إن الماضي يصح وقوعه بعدها سواء كانت عاملة أو مكفوفة، كما في قوله:
(أعد نظراً يا عبد قيس لعلما
…
أضاءت لك النار الحمار المقيدا)
لأن شبهة المانع أن "لعل" للاستقبال، وأن ذلك يلزمها بحسب المعنى، فلا تدخل على الماضي، فلا فرق بين كون الماضي معمولاً لها أو لا.
ومما يدل على بطلان قوله ثبوت ذلك في خبر ليت، وهي مثل "لعل" في الإنشاء واستلزام الاستقبال.
ولكونها منبئة عن الشك لم يصح نسبتها إلى الله تعالى، وصرف ما ورد منه "إلى المخاطبين، وأول بما هو معروف في أمثاله.