الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[208]- الفرق بين (أو) و (أم) في الاستفهام
ومن هذا النمط أنهم لا يفرقون بين «أو» و «أم» في الاستفهام، فينزلون إحداهما منزلة الأخرى فيوهمون فيه؛ لأن الاستفهام بأو يكون عن أحد شيئين فينزل قولهم: أزيد عندك أو عمرو؟ منزلة قولهم: أأحد هذين الرجلين عندك؟ ولهذا وجب أن تجيب عنه بنعم أو بلا، كما لو قيل لك: أأحدهما عندك؟
والاستفهام بأم وضع لطلب التعيين على أحد الشيئين فتعادل أم مع الهمزة لفظة أي، ولذلك وجب أن يجاب عنه بأحد الاسمين، كما لو قيل: أيهما عندك؟
قال شيخنا «أبو القاسم الفضل بن محمد النحوي» : وكان ترتيب الاستفهام أن يستفهم الإنسان في مبدأ كلامه بأو، ثم يعقب بأم لأن تقدير قولك: أزيد عندك أم عمرو؟ أي قد علمت أن أحداهما عندك فبين لي أيهما هو؟
ــ
(لا يفرقون بين أو وأم في الاستفهام فينزلون إحداهما منزلة الأخرى فيوهمون فيه).
ما ذكره مقرر في كتب العربية غثة وسمينة، إلا أن فيما ذكره أموراً:
منها: أنه قال: يجب أن يجاب: أزيد عندك أم عمرو؟ بنعم أو بلا، وليس بسديد لما في «المغني» من أنه لو أجيب بالتعيين صح لأنه جواب وزيادة.
ومنها: أنه جوز العطف بعد همزة التسوية بأو وقد منعه «ابن هشام» على ما فيه من القيل والقال.
ومنها: أنه ذكر من معاني أو التقريب وهو معنى غريب وفيه كلام في محله.
(لا يفرقون بين الحث والحض، وقد فرق بينهما «الخليل» فقال: الحث يكون في السير والسوق في كل شيء، والحض يكون فيما عداهما).
ما ذكره «الخليل» هو في أصل وضعه، وأما في الاستعمال فلا يفرقون بينهما،
فوائد.
أ. ومما يمتزج بهذا الفصل أيضاً أنهم لا يفرقون بين قولهم: ما أدري [أأذن أو أقام؟ وقولهم: ] ما أدري أأذن أم أقام؟ . والفرق بينهما أنك إذا نطقت بأم في هذا الكلام كنت شاكاً فيما أتي به من الأذان أو الإقامة، وإذا أتيت بأو فقد حققت أنه أتى بالأمرين إلا أنه لسرعة ما قرب بينهما صار بمنزلة من لم يؤذن ولم يقيم، ويكون مجيء «أو» هنا للتقريب.
ب. ومن هذا القبيل: أيضاً أنهم لا يفرقون بين الحث والحض، وقد فرق بينهما «الخليل بن أحمد» فقال: الحث يكون في السير [والسوق وفي كل شيء، والحض يكون فيما عدا السير] والسوق نحو قوله تعالى: {ولا يحض على طعام المسكين} .
ت. وكذلك لا يفرقون بين النعم والأنعام، وقد فرقت بينهما العرب فجعلت النعم اسماً للإبل خاصة أو للماشية التي فيها الإبل، وقد تذكر وتؤنث،
ــ
ولهذا سوى بينهما صاحب «القاموس» ، وقال النحاة: حروف التحضيض هي للحث على الفعل، والأمر في ذلك سهل.
(وكذلك لا يفرقون بين النعم والأنعام، وقد فرقت بينهما العرب، فجعلت النعم اسماً للإبل خاصة أو الماشية التي فيها الإبل وقد تذكر وتؤنث، وجعلت الأنعام اسماً لأنواع المواشي من الإبل والبقر والغنم، حتى إن بعضهم أدخل فيها الظباء وحمر الوحش تعلقاً بقوله تعالى:{أحلت لكم بهيمة الأنعام}
قال «الراغب» : النعم يختص بالإبل وجمعه أنعام، وسميت بذلك لأنها من أعظم النعم عندهم، لكن الأنعام تقال للإبل والبقر والغنم، ولا يقال لها أنعام حتى يكون في جملتها الإبل، وقال «ابن بري»: هو من التغليب إذا غلبوا النعم على غيرها ولا فرق بينهما
وجعلت الأنعم اسماً لأنواع المواشي من الإبل والبقر والغنم، حتى إن بعضهم أدخل فيها الظباء، وحمر الوحش تعلقاً بقوله تعالى:{أحلت لكم بهيمة الأنعام}
ــ
في الحقيقة، وكونها شاملة للظباء وحمر الوحش ليس من اللفظ بل من جعل إضافة بهيمة الأنعام كلجين الماء، كما في «الكشاف» لا أنه من مسماه كما توهمه المصنف، ومن هنا علم ما في إقحام لفظ البهيمة من البلاغة لما فيها من التنصيص على التعميم؛ لأنه لو لم تذكر لربما توهم أن المراد بها الإبل فقط، وما في شرح «الكشاف» «للقطب» من أنه للإجمال ثم للتفضيل ليس بشيء، لأنه لم يعهد مثله في مضاف ومضاف إليه، وفي «درة التأويل»: لم قال: {نسقيكم مما في بطونه} في سورة «النحل» وقال في سورة «لمؤمنون» : {مما في بطونها} .
والجواب أن الأنعام في سورة «النحل» وإن أطلق لفظ جميعها فظاهر أن المراد بعضها، ألا ترى الدر لا يكون لجميعها وإنما لبعض إناثها فكأنه قال: وإن لكم في بعض الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه، ولهذا ذهب من ذهب إلي أنه رد على النعم لأنه يؤدي ما يؤديه الأنعام من المعنى، والمراد ما ذكرناه بالدلالة ما ذكرناه بالدلالة التي بيناها، ولا كذلك في سورة «المرمنين»؛ لأنه قال:{نسقيكم مما في بطونها ولكم فيها منافع كثيرة ومنها تأكلون، وعليها وعلى الفلك تحملون} فأخبر عما تتصف به أصناف النعم ذكورها وإناثها، فلم يحتمل أن يراد بها البعض كما كان ثمة.