الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
68 - تاعس لا متعوس
ويقولون: رجل متعوس. ووجه الكلام أن يقال: تاعس، وقد تعس كما يقال: عاثر وقد عثر، والتعس الدعاء على العاثر بأن لا ينتعش من صرعته، وعليه فسر قوله تعالى: » فتعسًا لهم «، والعرب تقول في الدعاء على العاثر:[تعسًا له]، وفي الدعاء له: لعًا. كما قال "الأغشى":
(بذات لوث عفرناة إذا عثرت
…
فالتعس أدنى لها من أن أقول لعا)
يعنى أنها تستحق أن يدعى عليها لا لها. واختار "الفراء" أن يقال للغائب:
تعس بكسر العين وللمخاطب تعست بفتح العين، فأما في التعدية فيقال: أتعسه الله وعليه قول مجمع بن هلال:
(تقول وقد أفردتها عن خليلها
…
تعست كما أتعستني يا مجمع)
من نوادر الأعراب
وعلى ذكر التعس فإني رويت في أخبار "أبي أحمد العسكري" عن "أبي علي
ــ
(ويقولون: رجل متعوس، ووجه الكلام أن يقال: تاعس وقد تعس، كما يقال: عاثر وقد عثر).
هذا مبني على غير أساس، فإنه إنما يمتنع إذا كان تعس لازمًا لم يتعد، فلم يبن منه اسم المفعول، وقد قال "الأزهري": في "تهذيبه" عن "أبي عبيدة": تعسه الله وأتعسه، من باب فعلت وأفعلت بمعنى واحد. وقال "شمر" - فيما أخبرني عنه "أبو بكر الإيادي"-: لا أعرف تعسه الله ولكن يقال: تعس نفسه وأتعسه الله، وقال "الفراء":
الأعرابي" قال حدثني بعض الأدباء قال: وقف علينا أعرابي في طريق الحج، وقد عن لنا سرب ظباء، فقال بكم تشترون واحدة منهن؟ فقلنا بأربعة دراهم، قال فتركنا وسعى نحوهن فما كذب أن جاء وعلى عاتقه ظبية وهو يقول:
[وهي على البعد تلوي خدها]
(تعيش شدي وأقيس شذها
…
كيف ترى عدو غلام ردها)
فقلت:
(أراه قد أتعبها وكدها
…
وأتعس الله لديه جدها)
فأنت أشد الناس عدوًا بعدها
قال: فتركها وانصرف، فقلت له: خذ حقك. فقال: سبحان الله أتمدحني وآخذ منك؟
ــ
يقال: تعست إذا خاطبت الرجل فإذا صرت إلى أن تقول: فعل، قلت: تعس بكسر العين. قال "شمر": هكذا سمعته، والتعس: الهلاك، وقال "الزجاج": التعس في اللغة الانحطاط والعثور.
إذا أصخت لما ذكرناه علمت أن ما قاله المصنف ناشيء عن قلة الاطلاع وقصور الباع.
(والعرب تقول في الدعاء على العاثر: تعسًا له، وفي الدعاء له: لعًا).
قد عرفت معنى تعسًا وهو ظاهر في الدعاء عليه، وأما لعًا فقال "ابن سيده": لعًا كلمة يدعى بها للعاثر معناها الارتفاع، وهي اسم فعل [مبني] وتنوينه للتنكير كصه، فيقال للذي عثر ووقع: لعًا، بمعنى رفعك الله وجبرك، وقال "أبو عثمان القزاز": يقال: لعًا لك أي نعشك الله ورفعك، فهي اسم فعل لنعش كهيهات لبعد، ولا لعًا نفي للدعاء فيكون دعاء عليه، ويكتب بالألف لأن لامه منقلبة عن واو كما قاله "الخليل"، وفي أمثال "أبي عبيد" من دعائهم: لا لعًا لفلان، أي لا أقامه الله فجعلها اسمًا لأقامه الله
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وهو قريب مما قدمناه، وقد قيل عليه: إنه لم يقله أحد قبله، وإنما قالوا: إنها كلمة تقال للعاثر بمعنى اسلم، وكذلك دعدع، وقد روي في حديث مرفوع أن النبي صلى الله عليه وسلم كره قول العرب للعاثر: دعدع، وقال: لتقل له: اللهم ارفع وانفع. اهـ فلعًا ضد تعسًا.
(واللوث) في البيت القوة. و (العفرناة) بعين مهملة وفاء ونون: الناقة القوية.
(واختار "الفراء" أن يقال: تعس بكسر العين) في الماضي المسند لضمير الغائب، (وتعست بفتح العين) في الماضي المسند لضمير المخاطب، وقد نقلناه لك عن "التهذيب" ومر تفسيره وبيان معناه، وعلى تعس بكسر العين اقتصر في "عمدة الحفاظ" وفسره بالسقوط والعثار كما مر، وأورد قول "الفراء" المذكور واستغربه بأنه لا يختلف بناء الفعل لاختلاف الفاعل المسند إليه إلا في عسى فقط، لأنها يجوز كسر سينها إذا أسندت للمتكلم أو المخاطب أو نون الإناث. وبه قرأ "نافع".
فإن لم تسند إلى هذه الضمائر فتحت سينها نحو» فعسى الله أن يأتي بالفتح «.
وأما (عثر) فبالفتح لا غير، واستغرابه في محله إلا أنه يوجه بأنه جاء من بابين كما في كثير من الأفعال، إلا أنه اقتصر على استعمال كل منها في محل، ولا بعد فيه.
(فما كذب أن جاء) كذب بالتخفيف أي ما لبث وأبطأ، وكأنه مجاز من الكذب المعروف، ويقال: حمل فلان فما كذب، أي صدق الحملة، وصدق هنا مشدد.