الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[82]- مثلوث لا مثلث
ويقولون للند المتخذ من ثلاثة أنواع من الطيب: مثلث.
والصواب أن يقال فيه مثلوث، كما قالت العرب جبل مثلوث إذا أبرم على ثلاث قوى، وكساء مثلوث إذا نسج من صوف ووبر وشعر، ومزادة مثلوثة إذا اتخذت من ثلاثة جلود. وأصل هذا الكلام مأخوذ من قولك: ثلثت القوم فأنا ثالث وهم مثلوثون.
نادرة
قال الشيخ الإمام رحمه الله .. وقرأت في بعض النوادر:
إن (إبراهيم بن المهدي) وصف لنديم له طيب ند اتخذه وأتاه بقطعة منه فألقاها في مجمرة، ووضعها تحته فخرجت منه ريح أثناء تجمره فقال: ما أجد هذه المثلثة طيبة. فقال له [أي] فديتك، قد كانت طيبة حين كانت مثلثة فلما ربعتها خبثت.
ــ
(ويقولون للند المتخذ من ثلاثة أنواع من الطيب: مثلث والصواب أن يقال فيه مثلوث، كما قالت العرب جبل مثلوث إذا أبرم على ثلاث قوى).
الذي صرح به أئمة اللغة مخالف لما ادعاه، فإنه يقال: ثلث مشدداً ومخففاً بمعني أخذ الثلث ونقصه من أصله، وبمعني صيره أثلاثاً .. وفي (القاموس) مثلث بهذين المعنيين، حيث قال: والمثلث شراب طبخ حتى ذهب ثلثاه وشئ ذو ثلاثة أركان. اهـ.
وفي غيره: شئ مثلث موضوع على ثلاث طاقات، قاله (الأنصاري) وزاد: والمثلث الشارب الذي طبخ حتى ثلثاه، ومثلث الند من الأول لأنه مركب من ثلاثة أجزاء.
وقال (ابن بري): الفصيح أن يستعمل فعلت مخففاً في المصنوعات عند عدم إفهام المبالغة
قال الشيخ الأجل الرئيس أبو محمد. رحمه الله. وإنما قلت مثلثة لأن النادرة تحكى على الأصل ولا يغير ما فيها من اللحن ولا من سخافة اللفظ، ولهذا قال بعضهم: إن ملحة النادرة في لحنها، وحرارتها في حلاوة مقطعها.
ونظير وهمهم في هذه اللفظة قولهم: صبي مجدر والصواب فيه مجدور، لأنه داء يصيب الإنسان مره في عمره من غير أن يتكرر عليه، فلزم إن يبني المثال منه على مفعول فيقال مجدور كما يقال مقتول، ولا وجه لبنائه على مفعل الموضوع للتكرير. كما يقال لمن يجرح جرحاً على جرح: مجرح [ولما يضرب نوبة بعد نوبة: مضرب] والأفصح أن يقال: جدري بضم الجيم، واشتقاقه م الجدر وهو آثار الكدم في عنق الحمار
ــ
أو التأكيد، حتى إذا صرت غلي تكثير الأعداد قلت: ثلثت القوم وربعتهم إلي العشرة مشدداً. فيصح مثلث لورود ثلث وخمس إلخ.
وقد قال المصنف في مقاماته: فتربع صاحب ميمنته في نظمه، وتسبع صاحب ميسرته [على رغمه] وقال: أيجب الغسل على من أمنى؟ قال: لا ولو ثنى. فاستعمل فعل من العدد وخالف نفسه.
(في بعض النوادر أن (إبراهيم بن المهدي) وصف لنديم له طيب ند اتخذه من ثلاث، ثم أتاه بقطعة منه، فألقاها على مجمرة، ووضعها تحته، فخرجت منه ريح في أثناء تجمره، فقال: ما أجد هذه المثلثة طيبة. فقال له أي فديتك، قد كانت طيبة حين كانت مثلثة، فلما ربعتها خبثت).
ويضاهي هذه النادرة: ما حكي من إن (البديع) دخل على (الصاحب بن عباد)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وأراد أن يجلس فضرط، فقال: صرير التخت، فقال (الصاحب) بل صفير التخت فخجل (البديع) وانقطع بعد ذلك فكتب إليه (الصاحب):
(قل للصفيري لا تذهب على خجل
…
من ضرطة أشبهت نايا على عود)
(فإنها الريح لا تستطيع تدفعها
…
إذ لست أنت سليمان بن داود)
ونام عند (المعتمد) بعض الندماء فخرج منه ريح، فلما شعر به قال معتذراً: هذا النوم سلطان. فقال رجل: نعم وقد ضربت طبوله. ثم قال: إني رأيت أن الأمير حملني على فرس. فقال: نعم وقد سمعنا صهيلة.
ولولا حب الظرفاء المداعبة لم يكن مثل هذا من مكارم الأخلاق، وأين هو من قصة (حاتم) إذ كلمته امرأة في حاجة لها فضرطت، فقال لها: ارفعي صوتك فإني أصم، فسري عنها، وكان هذا سببه تلقيبه بالأصم.
[وللخليل بن أحمد السجزي) شعر:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
(إذا نامت العينان من مستيقظ
…
تراخت بلا شك تشايخ فقحته)
(فمن كان ذا عقل سيعذر ضارطاً
…
ومن كان ذا جهل ففي وسط لحيته)
(قولهم: صبي يجدد والصواب مجدود لأنه داء يصيب الإنسان مره في العمر من غير أن يتكرر عليه، فلزم أن يبني منه المثال على مفعول).
في (الصحاح) الجدري بضم الجيم وفتح الدال وبفتحهما لغتان، يقال منه: جدر الرجل فهو مجدر. وفي (الأساس) ذكر مجدراً ومجدوراً فلا وجه لإنكاره.
وليس كل فعل للتكرير والتكثير، فقد يجيئ بمنع فعل، مع أن التكرير والتكثير محقق هنا باعتبار أفراد حباته، وهو في غاية الظهور.