المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[25] في التعجب من الألوان والعاهات - شرح درة الغواص للشهاب الخفاجي

[الشهاب الخفاجي]

فهرس الكتاب

- ‌[1] (قولهم في سائر):

- ‌[2] (المتتابع والمتواتر)

- ‌[3] (معنى ازف الوقت)

- ‌[4] (إضافة أفعل التفضيل)

- ‌[5] (تغشرم وتغشمر)

- ‌[6] (اللتيا بفتح اللام لا بضمها)

- ‌[7] (والصواب يستحق لا يستأهل)

- ‌[8] (الفرق بين سهرنا وسرينا)

- ‌[9] (كلمات اتفق العرب على استعمالها)

- ‌[10] (استعمال قط وأبداً)

- ‌[11] يقال للمريض: مصح اف ما بك لا مسح

- ‌[12] آل حم وآل طس لا الحواميم والطواسين

- ‌[13] تعدية أدخل بالباء

- ‌[14] القول في مائدة وخوان

- ‌[15] في النسب إلى دواة

- ‌[16] قولهم: بعثت به وأرسلت إليه

- ‌[17] قولهم المشورة بوزن مفعلة خطا

- ‌[18] قولهم في التحذير بإياك

- ‌[19] قولهم ذهبت إلى عنده

- ‌[20] قولهم لمن تغير وجهه غضباً: تمغَّر

- ‌[21] استعمال اصفرَّ واحمرَّ واصفارَّ واحمارَّ

- ‌[22] اجتمع فلان وفلان لا مع فلان

- ‌[23] قل لقيتها وحدهما، ولا تقل: لقيتهما اثنيهما

- ‌[24] في الإخبار عن لعل بالفعل الماضي

- ‌[25] في التعجب من الألوان والعاهات

- ‌[26] وجوب تذكير كلمتي بطن وأنف

- ‌[27] حيازة لا إجازة

- ‌[28] الفرق بين الذاعر والداعر

- ‌من الكنايات المستحسنة:

- ‌مطلب مفيد

- ‌[29] هوش لا شوش

- ‌[30] الدعاء بقولهم: بلغك اف المأثور

- ‌[31] أضيف لا انضاف، وفسد لا انفسد

- ‌[32] صحة ضبط الأمر من بر وشم

- ‌[33] يقال، شر ولا يقال: أشر

- ‌[34] جمع ريح أرواح لا أرياح

- ‌[35]- صحة النطق في مدود ومسوس ومكرج

- ‌36 - غير لا تعرف بال

- ‌[37] قولهم في كبرى وصغرى

- ‌[38]- القول في تيامن وتشاءم

- ‌[39]- مشئوم لا مشوم

- ‌40 - سرداب بكسر السين لا بفتحها

- ‌[41]- تمييز كم الاستفهامية وكم الخبرية

- ‌[42]- القول في أرض جمع

- ‌[43]- الصواب حدث لا حدث

- ‌[44] هل تقع كلمة "نفر" تمييزا لعشرين وثلاثين

- ‌[45] صحة جمع "حاجة

- ‌[46]- شيء ثمين لا مثمن

- ‌[47] يقولون: هو قرابته والصواب ذو قرابته

- ‌[48]- صحة جمع رحى وقفا

- ‌[49]- جمع أوقية

- ‌[50]- اسم المفعول من صان

- ‌[51]- بين لا تضاف إلى مفرد

- ‌[52]- قل: بين بين، ولا تقل بين البينين

- ‌[53]- حكم مجيء إذ بعد بينا

- ‌[54]- تفل وثفل

- ‌[55]- قولهم: أزمعت المسير

- ‌56 - قولهم في أخدر، وحدر

- ‌[57]- جمع فم أفواه

- ‌[58]- صحة تصغير عقرب

- ‌[59]- النسب إلى دنيا

- ‌[60]- الفرق بين آليت والوت

- ‌[61]- الضبع لا الضبعة

- ‌[62]- أوهامهم في التاريخ

- ‌[63]- خرمش صوابها خربش

- ‌[64]- قولهم: ما رأيته من أمس ومنذ أمس

- ‌[65]- الفرق بين "تتابعت" وتتابعت

- ‌[66]- القسم بقولهم: وحق الملح

- ‌[67]- ها هو ذا لا هوذا

- ‌68 - تاعس لا متعوس

- ‌[69]- شعر ولا شعر

- ‌[70]- من أخطاء النسب

- ‌[71]- من أسماء الذهب

- ‌[72]- إدغام الحرف المضعف

- ‌[73]- قولهم للاثنين: ازددا

- ‌[74]- معنى نقل فلان رحله

- ‌[75] الفرق بين سائل وسأل

- ‌[76]- يوشك بكسر الشين لا بفتحها

- ‌[77]- خطأ كل من ثلجم وشلجم

- ‌[78]- الفيء والظل

- ‌[79]- تعريف العدد

- ‌[80]- صحة ضبط المنسوب إلي ملك

- ‌[81]- ساغ ولا انساغ

- ‌[82]- مثلوث لا مثلث

- ‌[83]- قمو لا قمى

- ‌[84]- رخل وليس رخلة

- ‌[85]- الرؤيا والرؤية

- ‌[86]- قولهم: قال فلان كيت وكيت

- ‌[87]- صحة ضبط مضارع ذخر

- ‌[88]- صحة تصغير مختار

- ‌[89]- قولهم في دستور بفتح الدال

- ‌90 - الإخبار عن كلا وكلتا

- ‌91 - أنت تكرم على لا تكرم على

- ‌92 - شغب بسكون العين لا بفتحها

- ‌[93]- سداد بالكسر لا بالفتح

- ‌نادرة لطيفة

- ‌[94]- الفرق بين رق ورك

- ‌[95]- هو معي لا عيان

- ‌[96]- أفراد الفعل مع الفاعل المثني والجمع

- ‌[97]- قولهم أحد حمي

- ‌[98]- قولهم: إلاه وإلاك

- ‌[99]- قولهم: هب أني فعلت

- ‌[100]- امرأة شكور وصبور

- ‌[101]- متى يستعمل الفعل «أخطأ»

- ‌[102]- الفرق بين نشب ونشم

- ‌[103]- وقولهم للأمر الغائب: يعتمد ذلك

- ‌[104]- المأصر بالكسر لا بالفتح

- ‌[105]- الوارد والصادر لا العكس

- ‌[106]- همزة الوصل لا تدخل على متحرك

- ‌[107]- تقول: استقبلت قافلة الحجاج لا ودعتها

- ‌[108]- تقول: هو أحسن إنصافً وليس أنصف منه

- ‌[109]- الفرق بين جنب واجنب

- ‌[110]- حذف ياء ثمان

- ‌[111]- قولهم: ابتعت عبداً وجارية أخرى

- ‌[112] صحة جمع بيضاء وسوداء

- ‌[113]- الطول والطوال

- ‌[114]- قولهم في نداء الأبوين

- ‌[115]- عيرته كذا لا بكذا

- ‌[116]- قولهم: ابدأ به أولا

- ‌[117]- سؤسن لا سوسن

- ‌[118]- مثل…جرى الوادي فطم على القليب

- ‌[119]- قولهم: طر شاربه

- ‌[120]- قولهم: ركض الفرس

- ‌[121]- قولهم حكني جسدي

- ‌[122] قولهم: سار ركاب السلطان

- ‌[123]- قولهم شطرنج بفتح الشين

- ‌فائدة

- ‌[124]- قولهم: سأل عنك الخير

- ‌[125]- قولهم: مطرمذ أو طرمذار

- ‌[126]- قولهم: هاتا بمعنى أعطيا

- ‌[127]- قولهم: رأيت الأمير وذويه

- ‌[128]- قولهم: الحوامل تطلقن

- ‌[129]- قولهم: شلت الشيء

- ‌[130]- القول في ها وهاء

- ‌[131]- قولهم: حسد حاسدك

- ‌132 - قولهم: أعطاه البشارة

- ‌[133]- قولهم: تفرقت الأهواء

- ‌[134]- قولهم تذكار بكسر التاء

- ‌[135]- الفرق بين أجلس واقعد

- ‌136 - قولهم: نعم من مدحت

- ‌[137]- قولهم: النسيان

- ‌[138]- قولهم: بين ظهرانيهم

- ‌[139]- قولهم: دخلت الشام

- ‌[140]- قولهم: قدم الحاج واحدًا واحدًا

- ‌[141]- قولهم لما يتعجل من الزروع، هرف

- ‌[142]- قولهم: أخ

- ‌[143]- قولهم في التأوه: أوه

- ‌[144]- قولهم: لقيته لقاة واحدة

- ‌[145]- قولهم: فلان يكدف

- ‌[146]- قولهم: بالرجل عنة

- ‌[147]- قولهم: صحفي

- ‌[148]- النسب إلى المركب

- ‌[149]- قولهم: غسلة بفتح الغين

- ‌[150]- قولهم: دابة لا تردف

- ‌[151]- اسم الآلة بكسر الميم لا بفتحها

- ‌[152]- قولهم: أعمل بحسب ذلك

- ‌[153]- قولهم: كثرت عيلة فلان

- ‌[154]- قولهم: فلان في رفهة

- ‌[155]- قولهم: ارتضع بلبنه

- ‌[156]- الفرق بين لدغ ولسع ونهش

- ‌[157]- قولهم: الحمد لله الذي كان كذا وكذا

- ‌[158]- قولهم: فلان شحاث

- ‌[159]- الفرق بين الفرث والسرجين

- ‌[160]- قولهم: جبة خلقة

- ‌[161]- قولهم: ثلاثة شهور وسبعة بحور

- ‌[162]- قولهم: معلول

- ‌[163]- قولهم: ما لي فيه منفوع ولا منفعة

- ‌[164]- قولهم للمريض: به سل

- ‌[165]- قولهم: حلا الشيء في صدري وبعيني

- ‌[166]- قولهم: مرايا في جمع مرآة

- ‌[167]- قولهم لفم المزادة: عزلة

- ‌[168]- قولهم: جاء القوم بأجمعهم

- ‌[169]- قولهم لمن انقطعت حجته: مقطع

- ‌[170]- قولهم: كلمته فاختلط

- ‌[171]- قولهم: الأسود والأبيض في الكناية عن العربي والعجمي

- ‌[172]- قولهم للمعرس: قد بنى بأهله

- ‌[173]- إمالة حتى ومتى

- ‌[174]- قولهم: قتله شر قتله بفتح القاف

- ‌[175]- إعراب أسماء الأعداد المرسلة

- ‌[176]- قولهم: ما أحسن لبس الفرس

- ‌[177]- قولهم: مائة ونيف بإسكان الياء

- ‌[178]- قولهم: هو يصبو عنه

- ‌[179]- قولهم، فعلته مجراك

- ‌[180]- قولهم الصيف ضيعت اللبن

- ‌[181]- قولهم: طرده السلطان

- ‌[182]- قولهم لما ينبت من الزرع بالمطر: بخس

- ‌[183]- قولهم: هاون وراوق

- ‌[184]- قولهم: شفعت الرسولين بثالث

- ‌[185]- قولهم للمدينة المشهورة: سامرا

- ‌[186]- قولهم لما يجمد من البرد: قريص

- ‌[187]- قولهم: قتله الحب

- ‌[188]- قولهم: ما يعرضك لهذا الأمر

- ‌[189]- قولهم: ما كان ذلك في حسابي

- ‌[190]- قولهم: تنوق في الشيء

- ‌[191]- قولهم للمخاطب: هم فعلت وهم خرجت

- ‌192 - قولهم قرضته بالمقراض وقصصته بالمقص

- ‌(193) قولهم في تصغير شيء وعين شوئ وعوينة:

- ‌(194) قولهم أشرف على الإياس

- ‌(195) قولهم: رزبطانة

- ‌(196) قولهم: جرح الرجل في ثديه

- ‌(197) قطع همزة الوصل في ابن وابنة واثنين واثنتين

- ‌(198) قولهم تجزت القصيدة

- ‌(199) جمع أسماء الأجناس

- ‌200 - الفرق بين نعم وبلى

- ‌[201]- الفرق بين مساء صباح مركبة ومضافة

- ‌[202]- الفرق بين الترجي والتمني

- ‌[203]- الفرق بين العَر والعُر

- ‌[204]- الفرق بين قولهم: بكم ثوبك مصبوغاً، ومصبوغ

- ‌[205]- الفرق بين لا رجل ولا رجل في الدار

- ‌[206]- الفرق بين مخوف ومخيف

- ‌[207] الفرق بين خلف وأخلف

- ‌[208]- الفرق بين (أو) و (أم) في الاستفهام

- ‌[209]- معنى بات فلان

- ‌[210]- معنى القينة

- ‌[211]- الراحلة اسم يقع على الجمل والناقة

- ‌[212]- البهيم لا يختص بالأسود

- ‌[213]- وهمهم: أن هوى لا يستعمل إلا في الهبوط

- ‌[214]- حذف الألف في بسم الله

- ‌[215]- حذف ألف ابن في كل موضع

- ‌[216]- حذف ألف «الرحمن»

- ‌فائدة:

- ‌[217]- فصل «ما» عما قبلها ووصلها

- ‌[218]- حذف نون «أن» مع لا

- ‌[219]- وصل (لا) بهل وبل وفصلها

- ‌[220]- ما يكتب بواو واحدة وما يكتب بواوين

- ‌[221]- كتابة الألف المقصورة

- ‌[222]- ما يجب أن يكتب موصولا

الفصل: ‌[25] في التعجب من الألوان والعاهات

[25] في التعجب من الألوان والعاهات

ويقولون في التعجب من الألوان والعاهات: ما أبيض هذا الثوب وما أعور هذا الفرس! ، كما يقولون في الترجيح بين اللونين والعوين: زيد أبيض من عمرو، وهذا أعور من ذاك. وكل ذلك لحنٌ مجمعٌ عليه وغلطٌ مقطوع به، لأن العرب لم تبن فعل التعجب إلا من الفعل الثلاثي الذي خصته بذلك لخفته، والغالب على أفعال الألوان والعيوب التي يدركها العيان أن تتجاوز الثلاثي، نحو أبيض واسودَّ واعورَّ واحولَّ، ولهذا لم يجز أن ينبنى منها فعل التعجل من فعل ثلاثي يطابق من المدح والذم، ثم أتى بما يريد أن يتعجب منه كقولهم: ما أحسن بياض هذا الثوب وما أقبح عور هذا الفرس!

وحكم أفعل الذي للتفضيل حكم فعل التعجب في ما يجوز فيه ويمتنع منه فكما لا يقال: ما أبيض هذا الثوب ولا ما أعور هذا الفرس لا يجوز أن يقال أيضاً:

ــ

(ويقولون في التعجب من الألوان والعاهات: ما أبيض هذا الثوب وما أعور هذا الفرس .. ).

هذا مما اختلفوا فيه، فأجاز الكوفيون التعجب من البياض والسواد لأنهما أصول الألوان، كما ورد في حديث الحوض الذي قال أهل الحديث: إنه متواتر، ماؤه أبيض من الورق بكسر الراء وهو الفضة، وفي بعض شروحه: إنه لغة قليلة وأنشدوا عليه:

(إذا الرجال شتوا واستد أكلهم

فأنت أبيضهم سربال طباخ)

وقوله:

(جارية في درعها الفضفاض

أبيض من أخت بني بياض)

فلما جاء منهما أفعل التفضيل جاز بناء صيغتي التعجب منه لاستوائهما في أكثر

ص: 160

هذه أبيض من تلك ولا هذا أعور من ذلك، وأما قوله تعالى:{ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلاً} (الإسراء: 72) فهو ها هنا من عمى القلب الذي تترك الضلالة منه، لا بد من عمى البصر الذي تحجب المرئيات عنه وقد صدع بتبيان هذا العمى قوله تعالى:{فإنها لا تعمي الأبصار ولمن تعمي القلوب التي في الصدور} [الحج: 46].

وقد عيب على "أبي الطيب قوله في صفة الشيب:

ــ

الأحكام. فقول المصنف أنه لحن مجمع عليه ليس بصحيح، وقد توزعوا في الدليل فإنه مع إنه ليس بمقيس فأبيض في الأول محتمل للوصفية. وفي الثاني محتمل لأن يكون من البيض، وهو كناية عن أن أولادها لغير رشدهم كالبيض الذي لا يدرى مم حصل كما في "كشف المشكل".

(والغالب على أفعال الألوان والعيوب التي يدركها العيان أن نتجاوز الثلاثي نحو ابيض واحول). وهذا ليس بمرضي لتوجيه ما ادعاه، وإنما المرض عندهم أن الوصف منه جاء على زنة أفعل، فلو صيغ منه اسم تفضيل التبس في بعض الأحوال.

(فأما قوله تعالى: {ومن كان في هذه أعمى} [الإسراء: 72] الآية. فهو ههنا من عمى القلب الذي تتولد الضلالة منه لا من عمى البصر).

ص: 161

(أبعد بعدت بياضا لا بياض له

لأنت أسود في عيني من الظلم)

ومن تأول له فيه جعل أسود ها هنا من قبيل الوصف المحض الذي تأنيثه سوداء، أو أخرجه عن حيز أفعل الذي للتفضيل والترجيح بين الأشياء، ويكون على هذا التأويل قد تم الكلام وكملت الحجة في قوله:"لأنت أسود في عيني"، وتكون "من" التي في قوله:"من الظلم" لتبين جنس السواد لا أنها صلة أسود ومعنى قوله: "بياضا لا بياض له" أي ما له نور ولا عليه طلاوة

ــ

جواب عن سؤال يرد على ما قالوه من أنه لا يبنى من الألوان ولا من العيوب المحسوسة بالبصر. كما في "الحواشي" لا وجه لقوله من عمى القلب؛ لأن الفعل - وإن كان ثلاثيا منهما - إلا أنه يقال: عمي وعمه قلبه، والأول للبصر وهو في القلب استعارة.

وقد قال "أبو عبيدة" - في قوله تعالى: {فهو في الآخرة أعمى} [الإسراء: 72]: معناه أشد عمى، لأنه كقوله: وأضل سبيلا.

قلت: هو على ما فيه من الخلل غير مسلم؛ فإنه سمع عمى قلبه من العرب. وفي "تهذيب الأزهري" العمه: التحير، وقال بعضهم: العمه في الرأي والعمي في البصر. قلت: ويكون العمى في القلب، فيقال: رجل عم إذا كان لا يبصر بقلبه. اهـ.

فإذا سمع قديما وكان غير مرئي بحاسة البصر سواء كان حقيقة أو مجازا فالاعتراض من العمى أو التعامي.

وفي "أصول ابن السراج" - بعدما أورد السؤال بالآية - أجيب عنه بجوابين: أحدهما، أنه من عمى القلب وإليه ينسب أكثر أهل الضلال فيقال: ما أعماه، كما يقال: ما أحمقه!

والآخر، أن يكون من عمى العين، ولا يراد به أعمى من كذا، بل إنه أعمى كما

ص: 162

وذكر شيخنا "أبو القاسم الفضل بن محمد النحوي" رحمه الله أنط إذا قلت: ما أسود زيدا وما أسمر عمرا وما أصفر هذا الطائر وما أبيض هذه الحمامة وما أحمر هذا الفرس فسدت كل مسألة منها من وجه وصحت من وجه. فتفسد جميعها إذا أردت بها التعجب من الألوان وتصح كلها إذا أردت بها التعجب من سؤدد زيد ومن سمر عمرو ومن صفير الطائر ومن كثرة بيض الحمامة ومن حمر الفرس وهو أن ينتن فوه من البشم

ــ

كان في الدنيا أعمى، وهو في الآخرة أضل سبيلا. اهـ.

فإن قلت: كيف يكون في الآخرة أعمى وقد تظاهرت الأخبار بأن الخلق يحشرون كما بدءوا، كما قال تعالى:{كما بدأنا أول خلق نعيده} ؟ [الأنبياء: 104] قلت: قد أورد هذا "السيد المرتضى" قدس الله روحه في "الدرر والعزر" وأجاب عنه بأجوبة منها: أنه إذا كان من عمى البصر فهو كناية عن كونهم لا يهتدون إلى محجة الصواب وسواء الطريق، وإلا فهو ظاهر مع كلام آخر لا يخلو من نظر لمن له بصر.

وقد جاءت ألفاظا من هذا الباب تجوز على وجه وتمتنع على وجه آخر، فمنها أنك تقول زيد أسمر من عمر فإن كان من اللون لم يجز، وإن كان من السمر جاز وهذه الدجاجة أبيض من تلك فإن كان من البياض لم يجز وإن كان من البيض جاز، وهذا أسود من هذا فمن السواد لا يجوز ومن السيادة يجوز وله نظائر كثيرو.

وقد عيب على أبي الطيب قوله في الشيب:

(أبعد بعدت بياضا لا بياض له

لأنت أسود في عيني من الظلم)

هو من قصيدة أولها:

(ضيف ألم برأس غير محتشم

والسيف أحسن فعلا منه باللمم)

ص: 163

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قال في شرح "شواهد المغني": امتناع هذا مذهب البصريين. وذهب "الكسائي" و"ابن هشام" إلى جواز بناء اسم التفضيل من الألوان مطلقا، وتقدم المذهب الثالث قبيل هذا، وأنه مذهب الكوفيين، و"المتنبي" كوفي فلا اعتراض عليه وقوله: أبعد بفتح العين، أمر من بعد بكسر العين يبعد بفتحها، إذا هلك. وبياضا تمييز محول عن الفاعل، والعرب تكني بالبياض عن الحسن، ومنه لفلان اليد البيضاء، أي أهلكك الله من بياض لا يسر، والظلم جمع ظلمة وتكون اسما لثلاث ليال من آخر الشهر، وقد قيل: إنه المراد هنا. والمحتشم: المستحيي، وفيه كلام في "شرح أدب الكاتب"، والمعنى أن شبيه ظهر دفعة بغير تراخ كما قاله "الواحدي". ومعنى المطلع من [قول] "البحتري":

(رددت بياض السيف يوم لقيتني

مكان بياض الشيب حل بمفرقي)

وقد أجاد "صاحب البردة" في تضمينه بقوله:

ص: 164

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ولا أعدت من الفعل الجميل قرى

ضيف ألم برأسي غير محتشم

وقد غير إعرابه، ومثله جائز في التضمين، وهو في الاقتباس أحسن.

ص: 165