المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[62]- أوهامهم في التاريخ - شرح درة الغواص للشهاب الخفاجي

[الشهاب الخفاجي]

فهرس الكتاب

- ‌[1] (قولهم في سائر):

- ‌[2] (المتتابع والمتواتر)

- ‌[3] (معنى ازف الوقت)

- ‌[4] (إضافة أفعل التفضيل)

- ‌[5] (تغشرم وتغشمر)

- ‌[6] (اللتيا بفتح اللام لا بضمها)

- ‌[7] (والصواب يستحق لا يستأهل)

- ‌[8] (الفرق بين سهرنا وسرينا)

- ‌[9] (كلمات اتفق العرب على استعمالها)

- ‌[10] (استعمال قط وأبداً)

- ‌[11] يقال للمريض: مصح اف ما بك لا مسح

- ‌[12] آل حم وآل طس لا الحواميم والطواسين

- ‌[13] تعدية أدخل بالباء

- ‌[14] القول في مائدة وخوان

- ‌[15] في النسب إلى دواة

- ‌[16] قولهم: بعثت به وأرسلت إليه

- ‌[17] قولهم المشورة بوزن مفعلة خطا

- ‌[18] قولهم في التحذير بإياك

- ‌[19] قولهم ذهبت إلى عنده

- ‌[20] قولهم لمن تغير وجهه غضباً: تمغَّر

- ‌[21] استعمال اصفرَّ واحمرَّ واصفارَّ واحمارَّ

- ‌[22] اجتمع فلان وفلان لا مع فلان

- ‌[23] قل لقيتها وحدهما، ولا تقل: لقيتهما اثنيهما

- ‌[24] في الإخبار عن لعل بالفعل الماضي

- ‌[25] في التعجب من الألوان والعاهات

- ‌[26] وجوب تذكير كلمتي بطن وأنف

- ‌[27] حيازة لا إجازة

- ‌[28] الفرق بين الذاعر والداعر

- ‌من الكنايات المستحسنة:

- ‌مطلب مفيد

- ‌[29] هوش لا شوش

- ‌[30] الدعاء بقولهم: بلغك اف المأثور

- ‌[31] أضيف لا انضاف، وفسد لا انفسد

- ‌[32] صحة ضبط الأمر من بر وشم

- ‌[33] يقال، شر ولا يقال: أشر

- ‌[34] جمع ريح أرواح لا أرياح

- ‌[35]- صحة النطق في مدود ومسوس ومكرج

- ‌36 - غير لا تعرف بال

- ‌[37] قولهم في كبرى وصغرى

- ‌[38]- القول في تيامن وتشاءم

- ‌[39]- مشئوم لا مشوم

- ‌40 - سرداب بكسر السين لا بفتحها

- ‌[41]- تمييز كم الاستفهامية وكم الخبرية

- ‌[42]- القول في أرض جمع

- ‌[43]- الصواب حدث لا حدث

- ‌[44] هل تقع كلمة "نفر" تمييزا لعشرين وثلاثين

- ‌[45] صحة جمع "حاجة

- ‌[46]- شيء ثمين لا مثمن

- ‌[47] يقولون: هو قرابته والصواب ذو قرابته

- ‌[48]- صحة جمع رحى وقفا

- ‌[49]- جمع أوقية

- ‌[50]- اسم المفعول من صان

- ‌[51]- بين لا تضاف إلى مفرد

- ‌[52]- قل: بين بين، ولا تقل بين البينين

- ‌[53]- حكم مجيء إذ بعد بينا

- ‌[54]- تفل وثفل

- ‌[55]- قولهم: أزمعت المسير

- ‌56 - قولهم في أخدر، وحدر

- ‌[57]- جمع فم أفواه

- ‌[58]- صحة تصغير عقرب

- ‌[59]- النسب إلى دنيا

- ‌[60]- الفرق بين آليت والوت

- ‌[61]- الضبع لا الضبعة

- ‌[62]- أوهامهم في التاريخ

- ‌[63]- خرمش صوابها خربش

- ‌[64]- قولهم: ما رأيته من أمس ومنذ أمس

- ‌[65]- الفرق بين "تتابعت" وتتابعت

- ‌[66]- القسم بقولهم: وحق الملح

- ‌[67]- ها هو ذا لا هوذا

- ‌68 - تاعس لا متعوس

- ‌[69]- شعر ولا شعر

- ‌[70]- من أخطاء النسب

- ‌[71]- من أسماء الذهب

- ‌[72]- إدغام الحرف المضعف

- ‌[73]- قولهم للاثنين: ازددا

- ‌[74]- معنى نقل فلان رحله

- ‌[75] الفرق بين سائل وسأل

- ‌[76]- يوشك بكسر الشين لا بفتحها

- ‌[77]- خطأ كل من ثلجم وشلجم

- ‌[78]- الفيء والظل

- ‌[79]- تعريف العدد

- ‌[80]- صحة ضبط المنسوب إلي ملك

- ‌[81]- ساغ ولا انساغ

- ‌[82]- مثلوث لا مثلث

- ‌[83]- قمو لا قمى

- ‌[84]- رخل وليس رخلة

- ‌[85]- الرؤيا والرؤية

- ‌[86]- قولهم: قال فلان كيت وكيت

- ‌[87]- صحة ضبط مضارع ذخر

- ‌[88]- صحة تصغير مختار

- ‌[89]- قولهم في دستور بفتح الدال

- ‌90 - الإخبار عن كلا وكلتا

- ‌91 - أنت تكرم على لا تكرم على

- ‌92 - شغب بسكون العين لا بفتحها

- ‌[93]- سداد بالكسر لا بالفتح

- ‌نادرة لطيفة

- ‌[94]- الفرق بين رق ورك

- ‌[95]- هو معي لا عيان

- ‌[96]- أفراد الفعل مع الفاعل المثني والجمع

- ‌[97]- قولهم أحد حمي

- ‌[98]- قولهم: إلاه وإلاك

- ‌[99]- قولهم: هب أني فعلت

- ‌[100]- امرأة شكور وصبور

- ‌[101]- متى يستعمل الفعل «أخطأ»

- ‌[102]- الفرق بين نشب ونشم

- ‌[103]- وقولهم للأمر الغائب: يعتمد ذلك

- ‌[104]- المأصر بالكسر لا بالفتح

- ‌[105]- الوارد والصادر لا العكس

- ‌[106]- همزة الوصل لا تدخل على متحرك

- ‌[107]- تقول: استقبلت قافلة الحجاج لا ودعتها

- ‌[108]- تقول: هو أحسن إنصافً وليس أنصف منه

- ‌[109]- الفرق بين جنب واجنب

- ‌[110]- حذف ياء ثمان

- ‌[111]- قولهم: ابتعت عبداً وجارية أخرى

- ‌[112] صحة جمع بيضاء وسوداء

- ‌[113]- الطول والطوال

- ‌[114]- قولهم في نداء الأبوين

- ‌[115]- عيرته كذا لا بكذا

- ‌[116]- قولهم: ابدأ به أولا

- ‌[117]- سؤسن لا سوسن

- ‌[118]- مثل…جرى الوادي فطم على القليب

- ‌[119]- قولهم: طر شاربه

- ‌[120]- قولهم: ركض الفرس

- ‌[121]- قولهم حكني جسدي

- ‌[122] قولهم: سار ركاب السلطان

- ‌[123]- قولهم شطرنج بفتح الشين

- ‌فائدة

- ‌[124]- قولهم: سأل عنك الخير

- ‌[125]- قولهم: مطرمذ أو طرمذار

- ‌[126]- قولهم: هاتا بمعنى أعطيا

- ‌[127]- قولهم: رأيت الأمير وذويه

- ‌[128]- قولهم: الحوامل تطلقن

- ‌[129]- قولهم: شلت الشيء

- ‌[130]- القول في ها وهاء

- ‌[131]- قولهم: حسد حاسدك

- ‌132 - قولهم: أعطاه البشارة

- ‌[133]- قولهم: تفرقت الأهواء

- ‌[134]- قولهم تذكار بكسر التاء

- ‌[135]- الفرق بين أجلس واقعد

- ‌136 - قولهم: نعم من مدحت

- ‌[137]- قولهم: النسيان

- ‌[138]- قولهم: بين ظهرانيهم

- ‌[139]- قولهم: دخلت الشام

- ‌[140]- قولهم: قدم الحاج واحدًا واحدًا

- ‌[141]- قولهم لما يتعجل من الزروع، هرف

- ‌[142]- قولهم: أخ

- ‌[143]- قولهم في التأوه: أوه

- ‌[144]- قولهم: لقيته لقاة واحدة

- ‌[145]- قولهم: فلان يكدف

- ‌[146]- قولهم: بالرجل عنة

- ‌[147]- قولهم: صحفي

- ‌[148]- النسب إلى المركب

- ‌[149]- قولهم: غسلة بفتح الغين

- ‌[150]- قولهم: دابة لا تردف

- ‌[151]- اسم الآلة بكسر الميم لا بفتحها

- ‌[152]- قولهم: أعمل بحسب ذلك

- ‌[153]- قولهم: كثرت عيلة فلان

- ‌[154]- قولهم: فلان في رفهة

- ‌[155]- قولهم: ارتضع بلبنه

- ‌[156]- الفرق بين لدغ ولسع ونهش

- ‌[157]- قولهم: الحمد لله الذي كان كذا وكذا

- ‌[158]- قولهم: فلان شحاث

- ‌[159]- الفرق بين الفرث والسرجين

- ‌[160]- قولهم: جبة خلقة

- ‌[161]- قولهم: ثلاثة شهور وسبعة بحور

- ‌[162]- قولهم: معلول

- ‌[163]- قولهم: ما لي فيه منفوع ولا منفعة

- ‌[164]- قولهم للمريض: به سل

- ‌[165]- قولهم: حلا الشيء في صدري وبعيني

- ‌[166]- قولهم: مرايا في جمع مرآة

- ‌[167]- قولهم لفم المزادة: عزلة

- ‌[168]- قولهم: جاء القوم بأجمعهم

- ‌[169]- قولهم لمن انقطعت حجته: مقطع

- ‌[170]- قولهم: كلمته فاختلط

- ‌[171]- قولهم: الأسود والأبيض في الكناية عن العربي والعجمي

- ‌[172]- قولهم للمعرس: قد بنى بأهله

- ‌[173]- إمالة حتى ومتى

- ‌[174]- قولهم: قتله شر قتله بفتح القاف

- ‌[175]- إعراب أسماء الأعداد المرسلة

- ‌[176]- قولهم: ما أحسن لبس الفرس

- ‌[177]- قولهم: مائة ونيف بإسكان الياء

- ‌[178]- قولهم: هو يصبو عنه

- ‌[179]- قولهم، فعلته مجراك

- ‌[180]- قولهم الصيف ضيعت اللبن

- ‌[181]- قولهم: طرده السلطان

- ‌[182]- قولهم لما ينبت من الزرع بالمطر: بخس

- ‌[183]- قولهم: هاون وراوق

- ‌[184]- قولهم: شفعت الرسولين بثالث

- ‌[185]- قولهم للمدينة المشهورة: سامرا

- ‌[186]- قولهم لما يجمد من البرد: قريص

- ‌[187]- قولهم: قتله الحب

- ‌[188]- قولهم: ما يعرضك لهذا الأمر

- ‌[189]- قولهم: ما كان ذلك في حسابي

- ‌[190]- قولهم: تنوق في الشيء

- ‌[191]- قولهم للمخاطب: هم فعلت وهم خرجت

- ‌192 - قولهم قرضته بالمقراض وقصصته بالمقص

- ‌(193) قولهم في تصغير شيء وعين شوئ وعوينة:

- ‌(194) قولهم أشرف على الإياس

- ‌(195) قولهم: رزبطانة

- ‌(196) قولهم: جرح الرجل في ثديه

- ‌(197) قطع همزة الوصل في ابن وابنة واثنين واثنتين

- ‌(198) قولهم تجزت القصيدة

- ‌(199) جمع أسماء الأجناس

- ‌200 - الفرق بين نعم وبلى

- ‌[201]- الفرق بين مساء صباح مركبة ومضافة

- ‌[202]- الفرق بين الترجي والتمني

- ‌[203]- الفرق بين العَر والعُر

- ‌[204]- الفرق بين قولهم: بكم ثوبك مصبوغاً، ومصبوغ

- ‌[205]- الفرق بين لا رجل ولا رجل في الدار

- ‌[206]- الفرق بين مخوف ومخيف

- ‌[207] الفرق بين خلف وأخلف

- ‌[208]- الفرق بين (أو) و (أم) في الاستفهام

- ‌[209]- معنى بات فلان

- ‌[210]- معنى القينة

- ‌[211]- الراحلة اسم يقع على الجمل والناقة

- ‌[212]- البهيم لا يختص بالأسود

- ‌[213]- وهمهم: أن هوى لا يستعمل إلا في الهبوط

- ‌[214]- حذف الألف في بسم الله

- ‌[215]- حذف ألف ابن في كل موضع

- ‌[216]- حذف ألف «الرحمن»

- ‌فائدة:

- ‌[217]- فصل «ما» عما قبلها ووصلها

- ‌[218]- حذف نون «أن» مع لا

- ‌[219]- وصل (لا) بهل وبل وفصلها

- ‌[220]- ما يكتب بواو واحدة وما يكتب بواوين

- ‌[221]- كتابة الألف المقصورة

- ‌[222]- ما يجب أن يكتب موصولا

الفصل: ‌[62]- أوهامهم في التاريخ

[62]- أوهامهم في التاريخ

ويقولون لأول يوم من الشهر: مستهل الشهر فيغلطون فيه على ما ذكره "أبو علي الفارسي" في تذكرته، واحتج فيه [على ذلك] بأن الهلال إنما يرى بالليل، فلا يصلح أن يقال [مستهل] إلا في تلك الليلة، ولا أن يؤرخ بمستهل الشهر إلا ما يكتب فيها، ومنع أن يؤرخ ما يكتب فيها بليلة خلت لأن الليلة ما انقضت بعد، كما منع أن يؤرخ ما يكتب في صبيحتها بمستهل الشهر، لأن الاستهلال قد انقضى. ونص على أن يؤرخ بأول الشهر أو بغرته أو بليلة خلت منه.

ومن أوهامهم في التاريخ أنهم يؤرخون لعشرين ليلة خلت ولخمس وعشرين خلون. والاختيار أن يقال من أول الشهر إلى منتصفه خلت وخلون، وفي النصف الثاني بقيت وبقين، على أن العرب تختار أن تجعل النون للقليل والتاء للكثير، فيقولون: لأربع خلون ولإحدى عشرة خلت، نعم ولهم اختيار آخر أيضًا وهو أن يجعل ضمير الجمع الكثير الهاء والألف، وضمير الجمع القليل الهاء والنون المشددة. كما نطق القرآن في قوله تعالى: » إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم «فجعل ضمير الأشهر الحرم الهاء والنون لقلتهن وضمير

ــ

(ويقولون لأول يوم من الشهر: مستهل الشهر، فيغلطون فيه على ما ذكره "أبو علي الفارسي" في "تذكرته"، واحتج على ذلك بأن الهلال إنما يرى بالليل فلا يصح أن يقال مستهل إلا في تلك الليلة، ولا أن يؤرخ بمستهل إلا ما يكتب فيها، ومنه أن يؤرخ ما يكتب فيها بليلة خلت، لأن الليلة ما انقضت بعد، كما منع أن يكتب في صبيحتها بمستهل الشهر لأن الاستهلال قد انقضى، ونص على أن يؤرخ بأول الشهر أو بغرته أو بليلة خلت منه).

قال أهل اللغة: القمر يسمى هلالاً لليلتين من الشهر وقيل لثلاث وقيل إلى السابعة

ص: 312

شهور السنة الهاء والألف لكثرتها. وكذلك اختاروا أيضًا أن ألحقوا بصفة الجمع الكثير الهاء فقالوا: أعطيته دراهم كثيرة وأقمت أيامًا معدودة. وألحقوا بصفة الجمع القليل الألف والتاء، فقالوا: أقمت أيامًا معدودات وكسوته أثوابًا رفيعات وأعطيته دراهم يسيرات. وعلى هذا جاء في التنزيل في سورة البقرة: » وقالوا لن تمسنا النار إلا أيامًا معدودة «وفي سورة آل عمران: » إلا أيامًا معدودات «كأنهم قالوا أولا بطول المدة التي تمسهم فيها النار ثم تراجعوا عنه فقصروا تلك المدة.

ــ

حتى ينتهي ضوؤه. وقد نقل هذه الأقوال "الأنصاري"، ووافقوه في بعضه فلا يختص [المستهل] بأوله، وفي بعض شروخ "التسهيل" أنه يقال غرة من يوم إلى ثلاثة فأما المفتتح فيختص بأوله ويصح عند بعضهم أن يقال: مستهل في أول يوم وثانيه وثالثه كما يقال: غرة، ومنعه بعضهم فقد علمت مما قصصناه عليك أنه مختلف فيه، وعلى فرض اختصاصه بما ذكر يصح إطلاقه على اليوم لمجاورته لليلة وكلامهم يقتضي صحته. وفي "تذكرة ابن هشام" من تأمل أقيسة كلام العرب علم أن الواضع لم يحجر في ما منعه "أبو علي" من أنه لا يقال مستهل في أول يوم من الشهر، وذلك لأن استهلال الهلال إنما يكون في الليلة، وتبعه "الحريري".

وقد أجاز النحاة أن يقال في أول يوم من الشهر: مفتتح وهلال. قالوا: فإن [خفي] الهلال أول يوم منه قيل في الثاني: هلال.

واختلفوا: هل يصح استعمال هلال في الثاني ولو أنه ظهر أول يوم؟ وهل يستعمل أيضًا في الثالث؟ فالمحققون منعوه، وظاهر كلامهم أن الغرة تستعمل أول يوم والثاني والثالث بلا خلاف، كما في "شرح الجمل لابن عصفور" وتحريره أنك تؤرخ تارة تفصيلاً وتارة إجمالاً.

ص: 313

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ففي الإجمال يستعمل في الأول والثاني والثالث غرة وهلال عند بعضهم، والتفصيل أن يقال في الأول: مفتتح، وفي الثاني: ثاني، وهلم جرًا. وإن إطلاق المستهل على اليوم الأول جائز لأنه تابع لليلته وهي محل الاستهلال، وهو كذلك هلال. اهـ.

ثم إن مهل ومستهل بفتح الهاء على صيغة المفعول، فالأول من قولهم: أهل الهلال بالبناء للمفعول، والثاني من قولهم: استهل الهلال بالبناء للمفعول أيضًا، والمراد حينئذ بقولك: كتبت لمهل شهر كذا أو مستهله لوقت هلال الشهر أو استهلاله.

وقد أولع المتأخرون بكسر هائهما، حتى قال "ابن عبد الظاهر":

(لا تسلني عن أول للعشق إني

أنا فيه قديم هجر وهجرة)

(أنا من أدمعي ووجهم أرخـ

ـت غرامي بمستهل وغرة)

وقال "الدماميني": يمكن أن يكون المستهل بكسر الهاء اسم فاعل من قولهم: استهل الهلال، بمعنى تبين كما في "صحاح الجوهري" والمستهل حينئذ الهلال، وفي الكلام مضاف مقدر أي لوقت المستهل.

(ومن أوهامهم أنهم يؤرخون لعشرين ليلة خلت ولخمس وعشرين خلون، والاختيار أن يقال - من أول الشهر إلى منتصفه - خلت وخلون، وأن يستعمل في النصف الثاني: بقيت وبقين، على أن العرب تختار أن تجعل النون للقليل والتاء للكثير، فيقولون: لأربع خلون ولإحدى عشرة خلت).

هذا هو الأفصح وليس وهمًا كما زعمه، وفي تعبيره بالاختيار ما ينافي مدعاه، وحاصل هذا الباب ما قاله "ابن مالك" في "كافيته":

ص: 314

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

(وراع في التاريخ ذي الليالي

لسبقها بليلة الهلال)

(فقل: خلون وخلت وخلتا

من بعد لام خافض ما أثبتا)

(وفوق عشر فضلوا خلت على

خلون واعكس في الذي قد سفلا)

(وغرة الشهر ومستهله

أوله وهكذا مهلة)

(فواحد منها انصبن بعد كتب

أو قل لأولى ليلة من تصب)

(وفي انقضا الأكثر قالوا: بقيت

ثم بقين كخلون وخلت)

(وسلخه قبل انسلاخه إذا

ما آخرا عنيت - وقيت الأذي)

والتاريخ بالليالي لسبقها كما عرفت، فإنها كذلك عند الناس وفي حكم الشرع لا في عرفه.

ومن ملح "صردر" الشاعر قوله في جارية سوداء:

(علقتها سوداء مصقولة

سواد عيني صفة فيها)

(ما انكسف البدر على تمه

ونوره إلا ليحكيها)

(من أجل ذا الأزمان أوقاتها

مؤرخات بلياليها)

وقلت أنا في العذار:

(ليلة ذا العارض لما بدت

زاد على عشاقه تيها)

(وأقبلت أيام حن له

مؤرخات بلياليها)

بدء التاريخ الهجري

هذا التاريخ الذي تعارفه الناس اليوم من الهجرة حدث أيام "عمر بن الخطاب"

ص: 315

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

رضي الله عنه، وكانت قريش تؤرخ بموت "هشام بن المغيرة" لفخامة قدره عندهم، ويؤرخون أيضًا بعام الفيل، ولم يكن ابتداء السنة "المحرم" وفي "شرح البخاري" أن أول السنة كان أول "الربيعين" وبسبب هذا التبست بعض الأمور على الناس.

ولفظه قيل: إنه عربي مأخوذ من الأرخ وهو ولد البقرة الوحشية بفتح الهمزة وكسرها، كأنه شيء حدث، وقيل: هو الوقت، وقيل: إنه معرب.

وفي "نهاية الإدراك" أنه في اللغة تعريف الوقت، وأما في الاصطلاح فقيل: إنه تعيين وقت لينسب إليه زمان يأتي عليه، وقيل: هو يوم معلوم ينسب إليه زمان يأتي عليه.

وقيل: تعريف الوقت بإسناده إلى أول حدوث أمر شائع كظهور ثلمة في الأمر أو دولة أو وقوع حادثة، ولكل وجه.

ولفظة التاريخ معربة مأخوذة من "ماه روز".

أصل التاريخ الهجري

والأصل فيه أن "أبا موسى الأشعري" كتب إلى "عمر بن الخطاب" -رضي الله

ص: 316

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عنه: إنه تأتينا من أمير المؤمنين كتب لا ندري أيها نعمل بها، فقد قرأنا صكًا محله "شعبان" فلم ندر أي الشعبانين الماضي أم الآتي؟

وقيل: رفع إلى "عمر" صك محله "شعبان" فقال: أي "شعبان" هو؟ ثم قال: إن الأموال قد كثرت فينا وما قسمناه غير مؤقت، فكيف التوصل إلى ضبطه؟ فقال له ملك "الأهواز" - وكان أسر في فتح فارس وأسلم على يد "عمر": إن للعجم حسابًا يسمونه "ماه روز" يسندونه إلى من غلب من الأكاسرة، فعربوا لفظ "ماه روز" بمؤرخ، وجعلوا مصدر التاريخ وصرفوه، ثم شرحه له وبين كيفيته. فقال "عمر": ضعوا للناس تاريخًا يتعاملون عليه ويضبط أوقاتهم. فذكر له تاريخ اليهود فما ارتضاه، ثم تاريخ الفرس فما ارتضاه، فقال: نؤرخ من لدن هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه لم يختلف فيها، بخلاف مبعثه وولادته.

وأما وقت وفاته - وإن تعين - يلا يحسن جعله أصلا. ووقت الهجرة وقت استقامة الإسلام وتوالي الفتوح وغلبة المسلمين، وكانوا يعينون قبل ذلك كل سنة باسم ما وقع فيها كسنة الإذن بالرحيل من مكة إلى المدينة وسنة الأمر بالقتال. اهـ.

وفي "النبراس" كانوا [على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، يؤرخون بسنة المقدم وبأول شهر] منها وهو "ربيع الأول" على الأصح.

وقوله: (على أن العرب

إلخ) في "شرح الهادي" إذا كان الجمع لغير ذي العلم جاز إلحاق العلامة وتركها، تقول: ذهبت الأيام وذهب الأيام، ويجوز في مضمره التاء والنون فتقول: الأيام ذهبت وذهبن، لكن الأولى النون مع جمع القلة كقولك: الأجذاع انكسرن، والتاء مع جمع الكثرة، كالجذوع انكسرت، لأن جمع القلة لا يميز إلا بالجمع، فجيء بالنون للدلالة على الجمع، وجمع الكثرة يجري مجرى العدد الكثير، وذلك لا يميز إلا بالمفرد، فجيء بالتاء التي تكون للمفرد، فاتضح ما ذكره المصنف.

ص: 317

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

(وكذلك اختاروا أن ألحقوا بصفة الجمع الكثير الهاء فقالوا: أعطيته دراهم كثيرة وأقمت أيامًا معدودة، وألحقوا بصفة الجمع القليل الألف والتاء فقالوا: أقمت أيامًا معدودات وكسوته أثوابًا رفيعات).

لأن جمع المؤنث السالم بدون الألف واللام للقلة عند الأكثر، فلهذا وصف به جمع القلة، ووصف جمع الكثرة بالمفرد فرقا بينهما، ولا يتوهم أن الإفراد لا يناسب الكثرة.

وأما قول "المحشي" أن ما جمع بالألف والتاء قد يراد به الكثير كالمسلمين والمسلمات، وقد يراد به القليل كما في قول "أبي ذؤيب": خرت على ثفنات مخربلات

ولذا يكون أيامًا معدودات للقليل والكثير. ليس بشاء، لأن هذا هو الأفصح. وتمثيله بالجمع المعرف أيضًا لا ينبغي. فإن قلت: أيام أفعال وهو جمع قلة فكيف مثل به للكثرة والقلة معا؟ قلت: إذا لم يكن للمفرد إلا جمع واحد استوت فيه القلة والكثرة، واستعمل لكل منهما كما صرحوا به. وقلت بديهة:

(وإن لوم الناس في مثلهم

يكثر ما قل وما يكره)

(ونادر الجمع للفظ به

فيه يساوي قلة كثرة)

وقوله: رفيعات بمعنى رقيقات، والناس يقولون: ثوب رفيع بمعنى رقيق. كذا في "أدب الكاتب" وهو مجاز، ولذا أهملوه في كتب اللغة.

ص: 318