الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[7](والصواب يستحق لا يستأهل)
ويقولون: فلانٌ يستأهل الإكرام وهو مستأهل للإنعام، ولم تسمع هاتان اللفظتان في كلام العرب ولا صوبهما أحدٌ من أعلام الأدب، ووجه الكلام أن يقال: فلان يستحق المكرمة وهو أهلٌ لإسداء المكرمة. فأما قول الشاعر:
ــ
(ويقولون: فلان يستأهل الإكرام وهو مستأهل للإنعام، ولم تسمع هاتان اللفظتان في كلام العرب ولا صوبهما أحدٌ من أعلام الأدب)
في لسان العرب قال "الأزهري" خطأ بعضهم من قال يستأهل بمعنى يستحق، وإنما هو استفعال من الإهالة وهم الشحم المذاب. وأما أنا فلا أنكره ولا أخطى من قاله لأني سمعت أعرابيأً فصيحاً من "بني أسدة يقول لرجل شكر عنده يداً أولاها: تستأهل يا "أبا حازم" ما أوليت. بمحضر جماعة من الأعراب، وما أنكروا قوله. وأنكره "المازني" وقال: استأهل لا يدل على معنى استوجب، إنما معناه أن يطلب أن يكون من أهل كذا وليس هذا مراداً. اهـ.
وهكذا قال "الزمخشري" أيضاً، ما ذكره "المازني" غير وارد لأن استفعل لا يلزمه الطلب كما في كتب الصرف، أو يقال هو طلب تقديري كاستخرجت الويد. كأن فعله الذي أوجب له ذلك طلب الإكرام وأن يكون أهلاً له كما جعل التحيل في الإخراج بمنزلة الطلب، وفي "الحواشي" ما ذكره المصنف تبع فيه "أدب الكاتب"، وهكذا أكثر ما في كتابه هذا، وقال "أبو محمد": إنهم قالوا: هو أهل لكذا وقد تأهل له فاستأهل
(لا بل كلي يا مي واستأهلي
…
إن الذي أنفقت من ماليه)
فإنه عني بلفظة استأهلي أي اتخذي الإهالة، وهي ما يؤتدم به من السمن والودك. وفي أمثال العرب: استأهلي إهالتي وأحسني إنالتي اي خذي صفوة طعمتي وأحسني القيام بخدمتي.
ــ
استفعل منه وأصله الهمزة فسهلت وهو جائز كثير كاستأسد الرجل واستأبر النحل واستنوق الجمل أي صار كالناقة، فإذا استعمل استأهل بمعنى صار أهلاً كان جائزاً قياساً. مع أن السماع فيه ثابت عن كثير من الثقات. فثبت أنه مسموع فصيح ومقيس صحيح فلا عبرة بإنكاره وتكثير السواد بمثله.
وأما قول الشاعر:
(لا بل كلي يا مي واستأهلي
…
إن الذي أنفقت من ماليه)
مي اسم امرأة. وروي أم بدله وقال "ابن السيد" في شرح "أدب الكاتب": هذا البيت لا أعلم قائله وروي فيها أم بفتح الميم وكسرها، والفتح على تقدير أنه أراد يا أما فحذفت الألف واكتفي عنها بالفتحة، أو أراد يا أمة وهي لغة في أم فرخم. إلا أن أمه بمعنى أم لا تستعمل غالباً إلا في النداء، وقد استعملت في غيره، وقيل: أراد يا أمته وهو خطأ لكثرة الحذف، ولأنه ليس موضع الندبة [وأنفقت روي بضم التاء وكسرها وهو ظاهر].