الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[12] آل حم وآل طس لا الحواميم والطواسين
ويقولون: قرأت الحواميم والطواسين. ووجه الكلام فيهما أن يقال: قرأت آل حم وآل طس.
كما قال "ابن مسعود" رحمه الله: "آل حم ديباج القرآن".
وكما روي عنه أنه قال: "إذا وقعت في آل حم وقعت في روضات دمثات أتأنق فيهن" وعلى هذا قول "الكميت بن زيد" في "الهاشميات".
ــ
(قرأت الحواميم والطواسين ووجه الكلام أن يقال قرأت آل حم وآل طس، كما قال "ابن مسعود" آل حم ديباج القرآن). قد تبع المصنف في هذا بعض من تقدمه، والصحيح خلافه فإنه ورد ما أنكره في الآثار، وسمع في فصيح الأشعار كقوله وأنشده "أبو عبيدة":
(حلفت بالسبع اللواتي طولت
…
وبمئين بعدها قد أمنيت)
(وبمثان ثنيت وكررت
…
وبالطواسين اللواتي ثلثت)
(وجدنا لكم في آل حم آية
…
تأولها منا تقئ ومعرب)
يعني بالآية قوله تعالى في حم عسق {قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى} .
ــ
(وبالحواميم اللواتي سبعت
…
وبالمفصل التي قد فصلت)
وهذا حجة على من أنكره، وقال "ثعلب" في "أماليه": الطواسين مثل القوابيل جمع قابيل، وحكى الطواسيم أيضاً على أن الميم بدل من النون وأنشد الرجز السابق كذلك، وقد يستعمل جمعه من غير آل، وأنشد "ابن عساكر" في "تاريخه":
(هذا رسول الله في الخيرات
…
جاء بين وحميمات)
وروي له جمع آخر وعن "سيبويه" في نحو طس [مما كان] على وزن مفرد كقابيل يجعل اسماً فتجوز حكايته وإعرابه ومعاملته معاملة الأسماء، وقال "العبسي" في السجاد وقد قتله:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
(يذكرني حم والرمح شاجر
…
فهلا تلا حم قبل التقدم)
فأعرب حم ومنعها الصرف بخلاف ما ليس فيه إلا الحكاية نحو كهيعص، وقوله: ديباج القرآن يعني زينته لما فيها من أمور الآخرة، والروضة معروفة، ودمثات جمع دمثة أي لينة سهلة، ومعنى أتأنق فيها أنتزه بالنظر لما فيها من أنيق المعاني التي هي كالأنوار والثمار.
واعلم أن آل في قوله آل حم ليس بمعنى الآل المشهورة الذي مر بيانه وهو الأهل، بل هو لفظ يذكر قبل ما لا يصح تثيته وجمعه من الأسماء المركبة ونحوها كتأبط شراً فإذا أرادوا تثنيته أو جمعه وهو جملة لا يتأتى فيها ذلك، إذا لم يعهد مثله في كلام العرب زادوا قبله لفظة آل أو ذو، فيقال: جاءني آل تأبط شراً أو ذو تأبط شراً، أي الرجلان أو الرجال المسمون بهذا الاسم.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كما قالوا: آل حم بمعنى الحواميم فهو هنا بمعنى ذوو المراد به ما يطلق عليه، ويُستعمل فيه هذا اللفظ وهو مجاز عن الصحبة المعنوية، وفي كلام "الرضي" وغيره إشارة إلى هذا [إلا] أنهم لم يصرحوا بتفسيره. فعليك بحفظه فإنه من الفوائد التي لا توجد في غير كتابنا هذا.
(وعلى هذا قوله:
(وجدنا لكم في آل حم آية
…
تأولها منا تقي ومعرب)
هذا من قصيدة "للكميت بن زيد" في "هاشمياته" وهي قصائد في مدح أهل البيت أفردها بالتدوين لمغلاته في محبتهم، وأولها:
(طربت وما شوقاً إلى البيض أطرب
…
ولا لعباً مني وذو الشيب يلعب)
(ولم يلهني دلّ ولا رسم منزل
…
ولم يتطربني بنان مخضب)
(ولا أنا ممن يزجر الطير همُّه
…
أصاح غرابٌ أم تروَّغ ثعلب)
(ولا السائحات البارحات عشية
…
أمَرَّ صحيح القرن أم مرّ أعضب)
(ولكن إلى أهل الفضائل والنهى
…
وخير بني حواء والخير يطلب)
(إلى النفر البيض الذين يحبهم
…
إلى الله فيما نابني أتقرب)
(بني هاشم رهط النبي فإنني
…
بهم ولهم أرضى مراراً وأغضب)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وهي طويلة وفيها شواهد منها قوله: وجدنا لكم في آل حم. البيت. والمراد بالمعرب المظهر لمحبته لآل الرسول صلى الله عليه وسلم، من أعرب بحجته إذا أفصح بها ولم يخش أحداً، ويقابله التقيّ، وهو من يتقي ذلك فيخفيه، وإخفاؤه يُسمَّى تقية، والمراد بالآية قوله تعالى:{قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى} والمراد بتأويلها معرفة ما يؤول إليه من لزوم محبة أهل رسول الله وخاصته من بني هاشم فإنه لا ينكره مسلم، وخطاب لكم لبني "فاطمة" السابق ذكرهم.