الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[30] الدعاء بقولهم: بلغك اف المأثور
ويقولون في ضمن أذعيتهم لمن يخاطب أو يكاتب: بلغك الله المأثور، ويعنون به ما يؤثره المدعو له، فيوهمون فيه؛ إذ ليس هو في معنى المؤثر ولا اشتقاق لفظه منه، لأن المأثور هو ما يأثره اللسان لا ما يؤثره الإنسان.
واشتقاق لفظه من أثرت الحديث أي رويته، لا من آثرت الشيء أي اخترته، وعلى معنى الرواية فسر قوله تعالى:{إن هذا إلا سحر يؤثر} [المدثر: 24] أي يرويه واحد بعد واحد وينقله مخبر إلى مخبر.
ــ
(بلغك الله المأثور)
لا وجه لإنكاره كما لا يخفي، وقد أنطقه الله بالحق في آخر كلامه.
ثم إنه أنكر قولهم: [ومن أوهامهم أيضا قولهم: قلب متعوب] ورجل مبغوض. وقال: ووجه القول: مبغض، أي لكونه من "أبغض" المزيد.
قال "الجوهري": ما أبغضه شاذ، وفي حواشيه "لابن بري": إنما جعله شاذا لا يقاس عليه لأنه جعله من أبغض، والتعجب لا يكون من أفعل إلا بأشد ونحوه، وليس كما ظن، بل هو من بغض فلان إلي، وقد حكاه النحاة واللغويون وقالوا: يقال ما أبغضني له إذا كانت أنت المبغض له، وما أبغضني إليه إذا كان هو المبغض لك. اهـ. فعلم أنه له ثلاثيا إلا أن مبغوضا لم يسمع ولو سمع كان كان في الحذف والإيصال كمشترك، وفي "الأفعال للسرقسطي": بغض الشيء بغاضة صار بغيضا.
وقد يشتمل الخبر على المفروح به والمحزون منه. فلا يدل معنى المأثور على إخلاص الدعاء لمن دعا له به لتجويز أن تؤثر المذمات والمساءات عنه. اللهم إلا أن يجعل صفة لدعاء محبوب فيقال: أولاك الله اللطف المأثور وما أشبه ذلك، فتصير حينئذ الدعوة دعوتين، والمدعو له بصدد حسنتين.
فائدة:
ومن أوهامهم أيضا في تغيير صيغة المفاعيل. وهو من مفاضح اللحن الشنيع. قولهم: قلب متعوب وعمل مفسود ورجل مبغوض، ووجه القول أن يقال: قلب متعب، وعمل مفسد، ورجل مبغض، لأن أصول أفعالها رباعية، ومفعول الرباعي يبني على مفعل، فكما يقال: أكرم فهو مكرم، وأضرم فهو مضرم، كذلك يقال: أتعب فهو متعب، وأفسد فهو مفسد، وأبغض فهو مبغض، وأخرج فهو مخرج.
ــ
ويقولون: بغض جدك في الشتم كعثر جدك. اهـ ..
وكما لم يسمع مبغوض لم يسمع باغض. كما قاله "الصفدي" في "أعوان النصر"، وخطأ [فيه] من قال:
(وبه يقول المسلمون وهل ترى
…
عين لآل محمد من باغض؟ )