الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[45] صحة جمع "حاجة
"
ويقولون في جمع حاجة: حوائج، فيوهمون فيه كما وهم بعض المحدثين في قوله:
(إذا ما دخلت الدار يوما ورفعت
…
ستورك لي فانظر بما أنا خارج)
(فسيان بيت العنكبوت وجوسق
…
رفيع إذا لم تقص فيه الحوائج)
والصواب أن يجمع في أقل العدد على حاجات، كقول الشاعر:
ــ
(ويقولون في جمع حاجة: حوائج، فيوهمون فيه، كما وهم بعض المحدثين في قوله:
(إذا ما دخلت الدار يوما ورفعت
…
ستورك لي فانظر بما أنا خارج)
(فسيان بيت العنكبوت وجوسق
…
رفيع إذا لم تقض فيه الحوائج)
رد ما ذكره، وصحة ما ادعى الوهم فيه أشهر من "قفا نبط"، وحاجة عند "الخليل" كما في "العين" أصلها حائجة، فلهذا جمعت على حوائج، وكذا قاله "ابن دريد" و"أبو عمرو بن العلاء" وقالوا: حائجة مسموعة من العرب كحاجة كما حكاه "الأصمعي" إلا أن المشهور حاجة، واستعمال حائجة نادر جدا، ولهذا قال "ابن جني": إنه لم يسمع، وحوائج جمع لمفرد مقدر، وذهب بعض اللغويين إلى أن حوائج جمع "حوجاء" بمعنى حاجة، وهو مفرد مستعمل أيضا. قال "قيس بن رفاعة": من كان في نفسه حوجاء يطلبها.
والقياس فيه أن يجمع حوجاء على حواجي، مثل صحراء وصحاري، فقدمت الياء فيه على الجيم قلبا فصارت حوائج.
والقلب في كلام العرب كثير، ففيه ثلاثة أقوال:
(وقد تخرج الحاجات يا أم مالك
…
كرائم من رب بهن ضنين)
(وأن يجمع في أكثر العدد على "حاج" مثل هامة وهام، وعليه قول "الراعي":
(ومرسل ورسول غير متهم
…
وحاجة غير مزجاة من الحاج)
وأنشدت "لأبي الحسين بن فارس اللغوي":
ــ
أولها: أنه جمع حائجة المقدر.
وثانيها: أنه سمع مفرده.
وثالثها: أنه جمع حوجاء.
ثم إن حوائج كثر استعماله في الكلام الفصيح كقول النبي صلى الله عليه وسلم: "استعينوا على أنجاح الحوائج بالكتمان [لها] ".
(وقالوا: كيف أنت فقلت: خير
…
تقضى حاجة وتفوت حاج)
(إذا ازدحمت هموم الصدر قلنا:
…
عسى يوما يكون لها انفراج)
(نديمي هرتي وسرور قلبي
…
دفاتر لي ومعشوقي السراج)
ــ
وحكى "سيبويه" أنه يقال: تنجز فلان حوائجه واستنجزها، وفي الحديث:"اطلبوا الحوائج عند حسان الوجوه". وما أحسن قول "الصرصري" في بعض قصائده النبوية:
(ألا يا رسول الإله الذي
…
هدانا به الله غي كل تيه)
(سمعنا حديثا من المسندات
…
يسر فؤاد النبيل النبيه)
(بأنك قلت فيه اطلبوا الحوائج
…
عند حان الوجوه)
(ولم أر أحسن من وجهك
…
الكريم فجد لي بما أرتجيه)
ومما استشهدوا به لصحة جمع الحوائج من كلام العرب قول "الأعشى":
(الناس حول فنائه
…
أهل الحوائج والمسائل)
وقول "الشماخ":
(تقطع بيننا الحاجات إلا
…
حوائج تعتسفن مع الجرير)
وقول "الفرزدق":
(ولي ببلاد السند عند أميرها
…
حوائج جمات وعندي ثوابها)
إلى غير ذلك مما لا يحصى نثرا ونظما، ولو أورد كله لمكان كتابا ضخما.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والمصنف كما في مسائل "ابن بري" تبع فينا ذكره "الأصمعي" وهو مما عد من سقطاته وغلطاته، وحكى عنه "الرقاشي" و"السجستاني" أنه رجع عن هذا القول، ولو أن "الحريري" سلك مسالك النظر السديد، وحاد عن مذهب التسليم والتقليد، كان الحق إليه أقرب من حبل الوريد.
والشعر الذي أورده نسب "لابن عنين" ووقع في بعض نسخ ديوانه، وهو من الهفوات وأوهام الرواة "وما آفة الأخبار إلا رواتها".
وهو "لأبي سعد بن هبة الله بن الوزير المطلب" وهو كما قال "العماد" في "الجريدة" من بيت السؤود والفضل وله خط رائق وأدب فائقـ وكان يلقب بالجرذ، وإلى ذلك يشير بقوله:
(فديت من في وجهها سنة
…
أشهى إلى قلبي من الفرض)
(تنسى عهودا سلفت بيننا
…
كأنها قد أكلت قرضي)
وأنشد قوله:
(تنانيركم للنمل فيها مدارج
…
وفي قدركم للعنكبوت مناسج)
(وعندكم للضيف يوم يزوركم
…
حوالات سوء كلها وسفاتج)
(إذا سهل الإذن العسير ورفعت
…
ستورك فانظر لي بما أنا خارج)
(فسيان بيت العنكبوت وجوسق
…
رفيع إذا لم تقض فيه الحوائج)
وقضاء الحاجة غني عن البيان، إلا إذا كني به في العرف عن دخول بيت الخلاء
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
للبراز. ومن ملح "الشهاب الحجازي" قوله فيما يكتب على باب بيت الخلاء، كما جرت به عادة الملوك والرؤساء:
(لذ ببابي استطابة
…
عند ضيق المناهج)
(فهو باب مجرب
…
لقضاء الحوائج)
وبهذا يظهر لك حسن قولي في هذا المعنى:
(إذا القصر لم تقض المنى في جنابه
…
ولم تنفتح عند المضيق المناهج)
(ففبيت الخلا منه أحب لناظري
…
فكم قضيت للنفس فيه حوائج)