الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[175]- إعراب أسماء الأعداد المرسلة
ويقولون: هذا واحد اثنان ثلاثة أربعة، فيعربون أسماء الأعداد المرسلة، والصواب أن تبنى على السكون في حالة العدد، فيقال: واحد بسكون الدال، وكذلك اثنان ثلاثة أربعة، وكذلك حكم نظائره، اللهم إلا أن توصف أو يعطف بعضها على بعض فتعرب حينئذ بالوصف كقولك:[تسعة أكثر من ثمانية، وثلاثة نصف ستة، والعطف كقولك: واحد واثنان وثلاثة وأربعة]، لأنها بالصفة والعطف صارت متمكنة فاستحقت الإعراب.
وعلى هذا الحكم تجري أسماء حروف الهجاء، فتبنى على السكون إذا تليت مقطعة، ولم يخبر عنها كما قال تعالى:{كهيعص} [مريم: 1] و {حم * عسق} [الشورى: 1 - 2] فتعرب إذا عطف بعضها على بعض كما حكى عن "الأصمعي" قال: أنشدني "عيسى بن عمر" بيتاً هجا به النحويين وهو [قوله].
ــ
ثم ذكر الأعداد المسرودة وأنها لا تعرف ما لم تركب مع غيرها [وما ذكره دخل في أمثلته، والأمر فيه سهل، ثم استطرد بذكر أمور مناسبة] فقال: (فإن عورض بقوله تعالى في مفتتح سورة "آل عمران": {ألم* الله لا إله إلا هو الحي القيوم} [آل عمران: 1 - 2] فالجواب عنه: أن أصل الميم السكون، وإنما فتحت لالتقاء الساكنين وهما الميم واللام من اسم الله، وكان القياس أن يكسر على ما يوجبه التقاء الساكنين، إلا أنهم كرهوا الكسر لئلا يجتمع في الكلمة كسرتان بينهما ياء) إلى آخر ما فصله.
(إذا اجتمعوا على ألف وباء
…
وتاء هاج بينهم قتال)
فإن عورض ذلك بفتح الميم من قوله تعالى في مفتتح سورة "آل عمران": {ألم الله لا إله إلا هو} فالجواب عنه أصل الميم السكون، وإنما فتحت لالتقاء الساكنين وهما الميم واللام من اسم الله تعالى، وكان القياس أن تكسر على ما يوجبه التقاء الساكنين، إلا أنهم كرهوا الكسر لئلا يجتمع في الكلمة كسرتان بينهما ياء هي أصل الكسرة، فتثقل الكلمة، فلذلك عدل إلى الفتحة التي هي أخف، كما بنى لهذه العلة كيف وأين على الفتح.
ــ
وحاصلة أن الفتح لالتقاء الساكنين وكان الأصل الكسر ولكنها فتحت للخفة، وهذ هو المشهور، وليست حركته حركة نقل؛ لأن النقل شرطه كون الهمزة همزة قطع عند "القراء" والنحاة، وتمحل "الزمخشري" لهذا فقال: حقها أن يوقف عليها كما وقف على ألف ولام وأن يبدأ بما بعدها، كما تقول: واحد اثنان وهي "عاصم"، وأما فتحها فهي حركة الهمزة ألقيت عليها حين أسقطت للتخفيف، فإن قلت: كيف جاز إلقاء حركتها عليها وهي همزة وصل لا تثبت في درج الكلام فلا تثبت حركتها لأن ثبات حركتها كثباتها؟ قلت: هذا ليس بدرج لأن الميم في حكم الوقف، والسكون والهمزة في حكم الثابت، وإنما حذفت تخفيفاً وألقيت حركتها على الساكن قبلها لتدل عليها، ونظيره قولهم: واحد اثنان بإلقاء حركة الهمزة على الدال.
فإن قلت: هلا زعمت أنها حركة الساكنين؟ قلت: لا، لأن التقاء الساكنين لا يبالى به في باب الوقف، واعلم أن "الزمخشري" خالف في هذا "الزجاج" و"أبا علي" وقوله في "المفصل" أيضاً، واختار أن الفتح لنقل الحركة لالتقاء الساكنين، وأورد حجة "أبي علي" سؤالا على نفسه واعتذر لمخالفته لنفسه فيما قاله في "المفصل" بأن غرضه فيه تلخيص كلام "سيبويه" فلذا تابعه هناك، وما ذكره هنا هو مختاره، وله تفصيل في شروح "الكشاف" فاعرفه.