الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[66]- القسم بقولهم: وحق الملح
ويقولون في ضمن أقسامهم: وحق الملح. إشارة إلى ما يؤتدم به فيحرفون المكنى عنه لأن الإشارة إلى الملح فيما تقسم به العرب هو الرضاع لا غير، والدليل عليه قول وفد "هوازن" للنبي صلى الله عليه وسلم:"لو كنا ملحنا للحارث أو للنعمان لحفظ ذلك فينا" أي لو أرضعنا له، وعليه قول "أبي الطمحان" في قوم أضافهم فلما أجنهم الليل اشتاقوا نعمة:
(وأني لأرجو ملحها في بطونكم
…
وما بسطت من جلد أشعث أغبر)
والقطعة مجرورة وأولها:
(ألا حنت المرقال واشتقاق ربها
…
تذكر أزمانا واذكر معشري)
يريد إني لأرجو أن تؤاخذوا بغدركم في مقابلة ما شربتهم من لبنها الذي أسمنكم وحسن بدنكم.
وأما قولهم ملحه على ركبته، فقيل: المراد به أنه من يضيع حق الرضاع كما يضيع الملح ممن يضعه على ركبته.
ــ
(ويقولون في ضمن أقسامهم: وحق الملح، إشارة إلى ما يؤتدم به فيحرفون المكني عنه، لأن الإشارة إلى الملح فيما يقسم به العرب هو الرضاع لا غير).
الملح [مشترك] بين المعروف والرضاع، والوارد في كلام العرب بالمعنى الثاني، وأما قصد العامة الأول كناية عن حقوق العشرة والمودة، وقسمهم بذلك لتنظيمه، فلا ضير فيه، كما في بعض النتف فيمن يخون.
وقيل: المعنى به السييء الخلق الذي تطيشه أقل كلمة كما أن الملح الموضوع فوق الركبة يتبدد بأدنى حركة. وأما قول "مسكين الدارمي":
(لا تلمها إنها من معشر
…
ملحها موضوعة فوق الركب)
ــ
قلت في الإخوان:
(لا يعرف الخبز ولا الملح إذا
…
يأكل في غيبته لحم أخيه)
(وإني لأرجو ملحها في بطونكم
…
وما بسطت من جلد أشعث أغبرا)
هو من قصيدة "لأبي الطمحان" أولها:
(ألا حنت المرقال واشتاق ربها
…
يذكر أزمانًا وأذكر معشرًا)
(والدليل على ذلك قول وقد "هوازن" للنبي صلى الله عليه وسلم: لو كنا ملحنا "للحارث" أو "للنعمان لحفظ ذلك فينا. أي لو أرضعنا له).
أي الدليل على أن ملح بمعنى أرضع، وهو ظاهر، وسبب هذت أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سبى "هوازن" في غزوة "حنين" على ما هو معروف في السير فذكروه حرمة رضاعة فيهم من لبن "حليمة فإنها كانت من "هوازن".
فقيل: عنى بها أنها من قوم هم في الغدر وسوء العهد كمن ملحه فوق ركبته، وقيل: أشار به إلى أنها سوداء زنجية كقولهم: ملح الزنجي على ركبته.
والملح مؤنثة في أكثر الكلام فلهذا قال ملحها موضوعة وقد نطق في بعض اللغات بتذكيرها.
ــ
قصة هوازن:
حكى "ابن إسحاق" أن "هوازن" لما سببت وغنمت أموالهم "بحنين" قدمت وفودهم على النبي صلى الله عليه وسلم مسلمين وهو "بالجعرانة" فقالوا: يا رسول الله، إنا أصل وعشيرة وقد أصابنا من البلاء ما لا يخفى عليك، فامنن علينا من الله عليك، ثم قال منهم "أبو صبرة زهير بن صرد". فقال: يا رسول الله إن في الخظائر عماتك وحواضنك اللاتي كن يكفلنك، ولو أنا ملحنا "للحارث بن شمر" أو "النعمان بن المنذر" ثم نزلا بمثل المنزل الذي نزل رجونا عطفه وعائدته، أونت خير الكفيلين. ثم أنشد شعرًا قاله وهو:
(امنن علينا رسوله الله من مكرن
…
فإنك المرؤ نرجوهوندخر)
إلخ
…
[فأطلق عليه السلام جميع أسراهم، كما فصل في السير ..
و"الحارث" و] "النعمان" ملكان من ملوك العرب، يعني إذا صدر هذا منهما فأنت أحق وأعظم وأكرم.
(ملحه على ركبته) هو مثل في شرعة الغضب، كما في شرح "الفصيح" ويروى: فوق ركبته. ويضرب للغادر، وما ذكره "المصنف"معنى آخر، ووقال"الميداني":
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الأصل فيه أن العرب تسمي الشحم ملحًا، فتقول: أملحت القدر إذا جعلت في هـ الشحم، وعليه قول "ملكين الدارمي":
(لا تلمها إنها من نسوة
…
ملحها موضوعة فوق الركب)
يعني من نسوة همها السمن والشحم، فمعنى المثل: شر الناس من لا يكون عنده من العقل ما يأمره بما فيه محمدة، وإنما يأمره بما فيه طيش وخفة وميل إلى أخلاق - النساء وهو حب السمن.
والملح يذكر ويؤنث. قال "الزمخشري": معناه أنه كثير الخصومة. ومصاكتة الركب قرح ركبتيه فهو يضع الملح عليهما ليداويهما به، ويؤيده شعر "مسكين" فإنه في امرأته كثيرة الصخب والخصام وهو:
(أصبحت عاذلتي مقلقة
…
قرمت، بل هي وخمى للصخب)
(لا تلمها إنها من نسوة
…
ملحها موضوعة فوق الركب)
(كشموس الخيل يبدو شرها
…
كلما قيل لها: هاب وهب)
قال "الشريف الرضي": في "الدرر والغرر": يقول: إنها تكثر لومي فكأنها قرمة إلى اللوم، والقرم: الميل إلى اللحم، وهي وحمى تشتهي الصخب، والوحم شهوة الطعام عند الحمل، وشحم الذرى: الأسنمة.
و"مسكين الدارمي" اسمه "ربيعة" ولقب "مسكينا" لقوله:
(وسميت مسكينًا وكانت لحاجة
…
وإني لمسكين إلى الله راغب)