الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[34] جمع ريح أرواح لا أرياح
ويقولون: هبت الأرياح مقايسة على قولهم: رياح، وهو خطأ بين ووهم مستهجن. والصواب أن يقال: هبت الأرواح كما قال" ذو الرمة":
(إذا هبت الأرواح من نحو جانب
…
به أهل "مي" هاج قلبي هبوبها)
(هوى تذرف العينان منه وإنما
…
هوى كل نفس حيث كان حبيبها)
والعلة في ذلك أن أصل ريح "روح" لاشتقاقها من الروح، وإنما أبدلت الواو ياء في ريح للكسرة التي قبلها، فإذا جمعت على أرواح فقد سكن ما قبل الواو
ــ
(ويقولون: هبت الأرياح مقايسة على قولهم رياح، وهو خطأ بين ووهم مستهجن، والصواب أن يقال: هبت الأرواح).
في شرح "بانت سعاد""لابن هشام": من العرب من يقول: أرياح كراهة الاشتباه بجمع روح. كما قالوا في جمع عيد: أعياد كراهة الاشتباه بجمع عود.
فقول المصنف: الأرياح في جمع ريح لحن مردود، وحكي قول "الجوهري"
وزالت العلة التي توجب قلبها ياء، فلهذا وجب أن تعاد إلى أصلها كما أعيدت لهذا السبب في التصغير فقيل: رويحة.
ونظير قولهم ريح وأرواح قولهم في جمع ثوب وحوض: ثياب وحياض، فإذا جمعوها على أفعال قالوا: أثواب وأحواض، فإن قيل: فلم جمع عيد على أعياد وأصله الواو بدلالة اشتقاقه من عاد يعود؟ فالجواب عنه أن يقال: إنهم فعلوا ذلك لئلا يلتبس جمع عيد بجمع عود، كما قالوا: هو أليط بقلبي منك، وأصله الواو ليفرقوا بينه وبين قولهم: هو ألوط من فلان، وكما قالوا: هو نشيان للخبر ليفرقوا بينه وبين قولهم: هو ألوط من فلان، وكما قالوا: هو نشيان للخبر ليفرقوا بينه وبين نشوان من السكر.
ومما يقصد أن جمع ريح على أرواح ما روي أن "ميسون بنت بحدل" لما اتصلت بمعاوية. رحمه الله. ونقلها من البدو إلى الشام، وكانت تكثر الحنين إلى ناسها والتذكر لمسقط رأسها فاستمع عليها ذات يوم وهي تنشد:
ــ
الريح واحدة الرياح والأرباح وقد يجمع على أروح، وقال: إنه يقتضي أن الأرباح هو الكثير، وليس كذلك، وإنما الكثير أرواح. وقال "ابن بري": لم يحك الأرياح أحد من أهل اللغة غير "الليحاني" ووردت في شعر "عمارة بن عقيل" اهـ ..
[وفي "النهاية الأثيرية" جمع نار نيران ويجمع على أنيار وأصله أنوار لأنه واوي كما جاء في ريح وعيد أرياح وأعياد. اهـ].
إذا عرفت هذا عرفت أن ما قاله المصنف لا أصل له، ثم إنه بقي في كله شيء. فقوله (وإنما أبدلت الواو [ياء] في ريح) إلخ. قيل عليه: إن الوجه في قلبها في المفرد سكونها بعد كسرة كما في ميزان، وفي الجمع الكسرة قبلها والألف بعدها واعتلالها في
(لبيت تخفق الأرواح فيه
…
أحب إلي من قصر منيف)
(وليس عباءة وتقر عيني
…
أحب إلي من لبس الشفوف)
(وأكل كسيرة في كسر بيتي
…
أحب إلي من أكل الرغيف)
(وأصوات الرياح بكل فج
…
أحب إلي من نقر الدفوف)
(وكلب ينبح الطراق عني
…
أحب إلي من قط ألوف)
(وبكر يتبع الأظعان صعب
…
أحب إلي من بغل زفوف)
(وخرق من بني عمي نحيف
…
أحب إلي من علج عليف)
ــ
المفرد، ومن ثمة صحت في أرواح لانتفاء الشرط الأول، وفي كورة وجمعها كور لانتفاء الثاني، وفي طوال لانتفاء الثالث. قيل: وإنما قلبت في سياط للأولين وسكونها في مفرده القائم مقام إعلالها، بخلاف ديار المعل مفرده وهو دار. وأما قوله:
(وإن أعزاء الرجال طيالها .. فشاذ)
وقوله (إنهم فعلوا ذلك لئلا يلتبس جمع عيد بجمع عود) فرق بما هو مشترك بينهما فإن أرياح أيضا قلبت لئلا يلتبس بجمع روح.
وقوله: (كما قالوا: هو أليط بقلبي) إلخ .. [الذي] في كتب اللغة مخالف [لما] قاله، وإن كان ما قال أظهر، وقال "الكسائي": لاط الشيء بقلبه يلوط ويليط، ويقال: هو ألوط وأليط أي ألصق بقلبي حبا. وفي "القاموس" رجل نشوان ونشيان سكران بين النشوة بالفتح ونشيان بالأخبار بين النشوة بالكسر، أي يتخبر الأخبار أول ورودها، وهو مخالف لما هنا.
فلما سمع "معاوية" هذه الأبيات قال لها: ما رضيت ابنه "بحدل" حتى جعلتني علجا عليفا.
ــ
ومثله "قيل" بفتح القاف وسكون الياء الملك أو مخصوص بملوك "حمير" سمي به لنفوذ قوله، وجمع على أقيال على اللفظ، وعلى أقوال على الأصل.
وقيل: له اشتقاقان، فمن قال أقوال أخذه من القول لما مر، ومن قال أقيال فهو عنده من تقيل أباه إذا اتبعه، فهو بمعنى تبع، ولو كان من القول لم يجز فيه إلا أقوال كميت وأموات.
وقال "ابن الشجري": هو على اللفظ ورده "الدماميني" على ما فصل في شرح "المغني" واختار "السهيلي" أنه من القول، وقال: لم يجمع على أقوال لئلا يلتبس بجمع قول، فهو مما نحن فيه، وقال: إن ريحا وأرباحا لغة لبني أسد.
وقوله (منسون) بالميم والسين المهملة بزنة "جيحون" علم لميسون بنت بحدل زوجة معاوية، وميسون وبحدل - كجعر - علمان مرتجلان، ميسون يحتمل اشتقاقه من مسنه إذا ضربه بالسوط، كما قاله "ابن السيد" في كتاب "الحلل" أو من ماس بمعنى تبختر.
و(يخفق) بكسر الفاء، من خففت الريح إذا تحركت وهبت.
و(المنيف) العالي، و (الشفوف) جمع شف بالفتح وهو الثوب الرقيق.
و(كسر البيت) والحباء بكسر الكاف ما يلي الأرض منه.
و(الفج) الطريق الواسع، و (الدفوف) جمع دف بالفتح والضم.
و(البكر) بفتح الياء فتي الإبل، و (الخرق) بكسر الخاء الكريم، وتقابل في هذه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الأبيات ما تألفه الحاضرة وأهل البادية، و (البغل الزفوف) المسرع.
و(عليف) روي باللام بمعنى معلوف، وبالنون من العنف.
وهذا من حنين أهل البادية إليها وتبرئة من الحضر.
ومثله ما ذكره "الراغب"[من] أن امرأة ضبية تسمى أم حسابه قعدت على بركة في روضة بين الرياحين والأزهار في ألطف زمان، فقيل لها: كيف حالك هنا؟ أليس هذا أطيب مما كنت فيه بالبادية؟ فأطرقت ساعة ثم تنفست، وقالت:
(أقول لأدنى صاحبي أبوه
…
اللعين دمع يحدر الكحل ساكبه)
(لعمري لنهر باللوى نازح القذى
…
بعيد النواحي غير طرق مشاربه)
(أحب إلينا من صهاريج ملئت
…
للعب ولم تملح لدى ملاعبه)
(فيا حبذا نجد إذا ما تنسمت
…
ضحى أو سرت جنح الظلام خبائبه)
(فأقسم لا أنساه ما دمت حية
…
وما دام ليل من نهار يعاقبه)
(فلا زال هذا القطر يسفر لوعة
…
بذكراه حتى يترك الماء شاربه)
ثم ذكر كلمات بنى منها اسم المفعول من الفعل اللازم على خلاف الصواب عنده فقال: