الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(196) قولهم: جرح الرجل في ثديه
.
ويقولون: جرح الرجل في ثديه، فيوهمون فيه والصواب أنه يقال: جرح في ثندؤته، لأن الثدي يختص بالمرأة، والثندؤة تختص بالرجل، وفيها لغتان: وثندؤة بضم الثاء والهمزة وثنوة بفتح التاء وترك الهمزة، وتجمع الثندؤة على الثنادي وقد قيل فيها: إنها طرق الثدي. فأما تسمية المقتول من الخوارج بالنهر وأنه "ذا الثدية" فليست الإشارة فيم إلى أن له ثدياً فأضيف إليه، ولا التصغير واقع على الثدي أيضاً، لأن الثدي مذكر والمذكر لا تلحقه الهاء إذا صغر، وإنما المراد منه أنه يده كانت لنقص خلقها تشبه بالقطعة من ثدي المرأة فأنثت عند التصغير أسوة المؤنث المصغر، ويعضد هذا القول
ــ
(ويقولون: جرح زيد في ثديه، فيوهمون فيه والصواب أن يقال في ثندوته) لأن الثدي يختص بالمرأة والثندوة تختص بالرجل. هذا مما ذهب إليه بعض اللغويين، وذهب غيره إلى عمومه فقال: الثدي يذكر ويؤنث، وهو للرجل والمرأة، واقتصر في "القاموس" على تذكيره وهو الشهر. وفي "صحيح مسلم": أن رجلا من الصحابة وضع ذباب السيف بين ثدييه" فاستعمل الثدي للرجل، وفي شرحه؛ الثدي مذكر على اللغة الفصيحة وعليها اقتصر "الفراء" و"الثعلب" وكثير من أهل اللغة. وحكى "ابن فارس" و"الجوهري" فيه التذكير والتأنيث، وقال "ابن فارس": الثدي للمرأة يقال لذلك الموضع من الرجل ثندوة بالفتح بلا همزة وبالضم مع الهمزة. قال "الجوهري": الثدي للمرأة والرجل، فعلى قول "ابن فارس" يكون الثدي استعير
أنه قد سمي في بعض الروايات: ذا اليدية تنبيها على المعنى المبدوء به، وذكر بعضهم أنه التصغير وقع على لحمة كانت ملتصقة بالثندوة تشبه لحملة، فجأة والتأنيث من قبل اللحمة لا من قبل الثدي، والدليل على تذكير الثدي قول الشاعر:
(وصدر مشرق النمر
…
كأن ثدييه حقان)
ــ
للرجل، وفي الحديث الصحيح "أنه حفر للغامدية إلى ثندوتها" كما رواه "أبو داود" وصحيحه" "ابن حجر" وقال: إنه استعمل فيه الثندوة للمرأة فليست مخصوصة بالرجل كما قيل. ومن الغريب هنا قول بعض علماء العصر على تقدير تذكير الثدي واختصاصه بالمرأة مع تأنيث الثندوة واختصاصها بالرجل يكون ما للرجل مؤنثاً وما للمرأة مذكراً كما في باب العدد، وهما كلمتان مختلفتان. [ومن الفوائد هنا ما] في "القصريات" ["لأبي علي الفارسي"] فإنه قال في جمع فِعْل على فِعَلَة نحو: قِرْد وقِرَدَة، وبابه ألزم الهاء ليفرق بين جمع المؤنث والمذكر مثل كِسْرة وخرقة وكِسَر وخِرَق، وهي لتأكيد الجمع كما في أسماء العدد لأنها بمعنى الجماعة ثم حذفت من المذكر للفرق بينهما.
ويروي ثدياه بالرفع على تقدير إضمار الهاء أي كأنه، وقد قيل: إنه كأن جاءت بمعنى لكنه فلهذا رفع، ورواه "المبرد" كأنه ثدييه، فقيل له: بأي شيء نصيته؟ فقال: أراد كأنه فأعملها مع التخفيف. ومن أوهامهم أيضاً الثدي جميعهم إياه على ثدايا، والصواب جمعه على ثُدِي، وكان الأصل فيه ثدوء على وزن فعول، فقلبت الواو ياء لسكونها قبل الياء ثم أدغمت إحدى الياءين في الأخرى.
ــ
(فأما تسمية المقتول بالنهروان "ذي الثدية" فليست لإشارة فيه إلى أن له ثديا). [يعنى أن المراد به أن يده لنقص خلقتها شبهت بثدي المرأة بدليل أنه روى ذا اليدية بياء تحتية فليس مما نحن فيه حتى يرد نقصا]. وقيل: إنه مصغر ثدي بناء على أنه مؤنث كما مر، وقيل: هو مصغر ثندوة بحذف نونه وقلب واوه ياء. وفي "مسلم" في حديث الخوارج: فيهم رجل له عضد وليس له ذراع وعلى [عضده] مثل حلمة الثدي عليه شعرات [بيض] .. الحديث، وفي "أبي دواد" مثله، وهو "نافع المخدع" ولقب ذا الثدية، كما في "جامع الأصول".