الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[130]- القول في ها وهاء
ويقولون لمن يتناول شيئًا: ها بقصر الألف، فيلحنون فيه، لأن الألف ممدودة كما جاء في الحديث "الذهب بالذهب ربا إلا هاء وهاء"، ويجوز فيه فتح الهمزة وكسرها مع مد الألف في كلتيهما، ولا تقصر هذه الألف إلا إذا اتصلت بها كاف الخطاب فيقال: هاك، كما يروى أن "عليا" رضي الله عنه آب إلى "فاطمة" من بعض مواطن الحرب وسيفه يقطر من الدم فقال:
(أفاطم هاك السيف غير مذمم)
وعند النحويين أن المدة في قولك: هاء جعلت بدلا من كاف الخطاب لأن أصل وضعها أن تقرن كاف الخطاب بها.
ــ
(ويقولون لمن تناول شيئًا: ها بقصر الألف فيلحنون فيه لأن ألفه ممدودة).
محصل ما قاله المحققون في كتب العربية أن "ها" بمعنى خذ، وفيه ثلاث لغات:
والأولى: تجريده من كاف الخطاب فتقول: ها زيدًا للمفرد والمثنى والمجموع والمذكر والمؤنث.
والثانية: لغة "بني زبير" فتأتي بكاف الخطاب بحسب التثنية والجمع والمذكر والمؤنث، فتقول: هاك وهاك وهكما وهاكم وهاكن.
والثالثة: أن يؤتث بهمزة موضع الكاف فتتصرف تصرفها بحسب المخاطب في الإفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث، فتقول: - إذا خاطبت مذكرًا -: هاء بفتح الهمزة، أو مؤنثًا: هاء بكسرها، وللإثنين: هاؤما بضم الهمزة كما تقول هاكما، ولجمع المؤنث: هاؤن، كما تقول هاكنن ولجمع المذكر: هاؤم كما تقول هاكم، وهي أفصح اللغات، وبها جاء القرآن الكريم كقوله تعالى:{هاؤم اقرءوا كتابيه} ويجوز أن تقول:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
هاء يا رجال في موضع هاؤم، كما جاز ذلك مع الكاف في قوله تعالى:{ذلك خير لكم} في موضع ذلكم.
قالوا: وليس في العربية همزة تقع موقع كاف الخطاب إلا في هذه اللغة، ثم إنها قد تخرج عن أن تكون اسم فعل فتأتي فعلاً صريحًا وتلحقه الضمائر البارزة. وذلك على ثلاث لغات:
الأولى: أن يصرف كتصريف "عاط" أمر من عاطي يعاطي، فيقال للواحد المذكر: هاء كعاط، وللواحدة: هائي كعاطي، وللإثنين: هائيًا كعاطيا، وللذكور: هاءوا كعاطوا، وللإناث: هائين كعاطين.
الثانية: أن يصرف تصرف "خف" فيقال: هأكخف، وللمؤنث: هائي كخافي، وللإثنين: هاءًا كخافًا، وللذكور: هاءوا كخافوا، وللإناث: هأن كخفن. فهذه اللغة توافق التي قبلها في لفظ المفرد المؤنث وفي لفظ جماعة الذكور، ويختلفان في الباقي.
الثالثة: أن [تصرف] تصريف "هب" من وهب، فتقول للمذكر: هأ كهب، وللمؤنث: هئي كهبي، وللذكور: هئوا كهبوا، وللإناث: هأن كهبن. فهذه اللغة توافق التي قبلها في الواحد المذكر وفي جماعة الإناث ويختلفان في الباقي. منها في هذه فعل لبروز الضمائر فيها.
هذا محصل ما قالوه، وفي شرح "الكتاب""للسيرافي" وفي "سر الصناعة""لابن جني" أنه يمد ويقصر فإنكار المصنف للقصر قصور.
(أفاطم هاك السيف غير مذمم)
هذا ما نسب "لعلي بن أبي طالب" - كرم الله وجهه ورضي الله عنه_ على كلام فيه، فإن ما صح عنه من الشعر قليل وتمامه.
(فلست برعديد ولا بحبان)
وفي الديوان المنسوب "لعلي" - كرم الله وجهه - بديار العجم تمامه:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
(فلست برعديد ولا بمليم)
وبعده:
(لعمري لقد أعززت في نصر أحمد
…
وطاعة رب بالعباد عليم)
في شعر طويل أورده جامعه.
والرعديد: المرتعد لشدة خوفه، والمليم: الموقع فيما يلام به ويذم، والجبان معروف.