الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[86]- قولهم: قال فلان كيت وكيت
.
ويقولون: قال فلان كيت وكيت. فيوهمون فيه لأن العرب تقول: كان من الأمر كيت وكيت، وقال فلان ذيت وذيت، فيجعلون كيت وكيت كناية [عن الأفعال وذيت وذيت كناية] عن المقال، كما أنهم يكنون عن مقدار الشئ وعدته بلفظة (كذا وكذا) فيقولون: قال فلان من الشعر كذا وكذا بيتاً، واشتري الأمير كذا وكذا عبداً. والأصل في هذه اللفظة (ذا) فأدخل عليها كاف التشبيه، إلا أنه قد انخلع من ذا معنى الإشارة ومن الكاف معني التشبيه، بدلالة أنك لست تشير إلي شئ ولا تشبه شيئاً بشئ، وإنما تكني بها عن عدد ما فتنزلت الكاف في هذا الموطن منزلة الزائدة اللازمة. وصارت كقولهم افعله آثرا ما [يقال افعله آثراً ما وآثراً بغير ما ويقال ابدأ بهذا آثراً أي أول. معناه آثرتك بهذا فخذه] ولفظة ذا مجرورة بها إلا أن الكاف لما امتزجت بذا وصارت معه كالجزء الواحد ناسبت لفظتها لفظة حبذا التي لا يجوز أن تلحقها علامة التأنيث. فتقول: عنده كذا وكذا جارية ولا يجوز أن تقول كذه، كما لا يقال حبذه هند، وعند الفقهاء أنه إذا قال من له معرفة بكلام العرب: لفلان على كذا وكذا درهماً، ألزم له أحد عشر درهماً، لأنه أقل
ــ
(كيت وكيت كناية عن الأفعال وذيت وذيت كناية عن المقال)
قال (ابن بري): هذا الفرق مذهب (ثعلب) ومن تبعه، وأما (الخليل) و (سيبويه) ومن تابعهم فلا يفرقون بينهما، وقد نسي المصنف ما قاله هنا، فقال في مقاماته:(فقهقهوا من كيت وكيت وإنما أضحكهم خبر ذيت وذيت).
(كما أنهم يكنون عن الشئ وعدته بلفظة كذا وكذا).
قال (ابن هشام) في رسالته التي صنفها في معني هذه الكلمة: كذا وكذا يكنى بها
الأعداد المركبة، وإن قال له على كذا وكذا درهماً ألزم له واحداً وعشرين درهماً، لكونه أول مراتب العدد المعطوفة. وذاك أن المقر بالشئ المبهم لا يلزم إلا أقل ما يحتمله إقراره ويشتمل عليه اعترافه. كما إذا قال علي دراهم لزمة ثلاثة لأنها أدنى الجمع.
ــ
عن غير العدد، وفيها (ح) الإفراد والعطف نحو مررت بمكان كذا وكذا ويكنى بها عن العدد وليس فيها إلا العطف، وكذا مثل بها (سيبويه) و (الأخفش) قال كذا وكذا لطفاً به: نسى الجهد، وصرح به النحاة.
وقال (ابن مالك): سمع فيها العطف وعدمه كالأولى، لكنه قليل، فهى لا تختص بالعدد كما توهمه المصنف، وكذا ورد في الحديث.
[(وعند الفقهاء أنه إذا قال من له معرفة بكلام العرب: لفلان على كذا وكذا درهماً لزمه أحد عشر لأنه أقل الأعداد المركبة، وإن قال: له علي كذا وكذا درهماً لزمه أحد وعشرون درهماً لكونه أول مراتب العدد المعطوف).
فيلزم بأقل ما يحتمله كلامه كما قال المصنف، وقال (ابن هشام) في رسالته: اختلفوا في هذا وقالوا: لو أفرد كذا أو كررها بلا عطف وكان المميز مرفوعاً أو منصوباً
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لزمه ردهم، فإن عطف ونصب أو رفع فكذلك عند (أبي حامد) وقيل: درهمان وقيل: درهم. وبعض آخر، وقيل درهم مع الرفع ودرهمان مع النصب، وإن قال ذلك كله بالخفض قيل تفسيره بدون الدرهم، وهذا كله إن كان يعرف العربية، فإن لم يعرفها لزمه درهم في الجميع، واختلف الأئمة فيه مفصل في الفروع فلا حاجة إلى الإطالة بذكره، فإن مثله هنا من الفضول].
ثم ذكر دخول كاف التشبيه [وأنه انسلخ عنها معني التشبيه] وصارت كناية له فقال: (إنما يكنى بها عن عدد ما فنزلت الكاف في هذا الموطن منزلة الزائدة اللازمة وصارت كقولهم: آثروا ما.
الآثر ممدود بزنة فاعل من الأثرة بالثاء والراء المهملة، وفى (القاموس) فعل آثرا ما، وآثر ذي أثير وأول ذي أثير وذي أثر، أى أول شئ فليست زيادة فيه لازمة كما زعمه المصنف. قال (عروة بن الورد).
(وقالوا ما تشاء؟ فقلت: الهو
…
إلي الإصباح آثر ذي ذي أثير)
وهو من قولهم: فلان أثيري أي خالص لي، أي أوثر اللهو أول كل شئ، وقال (الميدانى): معناه أفعل كل شئ أفعله مؤثراً له، وقال (الأصمعي): أفعل ذلك عازماً عليه، وما تأكيد، ويقال أيضاً: أفعله آثر ذي أثير، أى أول شئ، وفيه كلام في (كشف الكشاف).