الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[16] قولهم: بعثت به وأرسلت إليه
ويقولون بعثت إليه بغلام وأسلت إليه هدية، فيخطئون فيهما لأن العرب تقول فيما يتصرف بنفسه بعثته وأرسلته كما قال تعالى:{ثم أرسلنا رسلنا} وتقول فيما يحمل بعثت به وأرسلت به كما قال سبحانه وتعالى عن "بلقيس"{وإني مرسلة إليهم بهدية} وقد عيب على "أبي الطيب" قوله:
ــ
(ويقولون: بعثت إليه بغلام وأرسلت إليه هدية، فيخطئون فيهما؛ لأن العرب تقول: فيما يتصرف بنفسه: بعثته وأرسلته. كما قال الله تعالى: {ثم أرسنا رسلنا} .
(ويقولون فيما يحمل: بعثت به وأرسلت به). ما زعمه ممنوعاً صرح "ابن جني" بجوازه في شرح "ديوان المتنبي"، وليس الفرق ما ذكره كما سنذكره. وقال "ابن بري": بعثت يقتضي مبعوثاً متصرفاً كان أو لا. تقول بعثت زيداً بغلام وبكتاب، فلهذا لزمته الباء وكذا أرسلت يقتضي مرسلاً ومرسلاً به متصرفاً كان أو غير متصرف، فلا إنكار لما أنكره المصنف، وليه قول "النابغة الجعدي":
(فإن يكن ابن عفان أميناً
…
فلم يبعث بك البر الأمينا)
وقد عيب على "أبي الطيب" قوله:
(فآجرك الإله على عليل
…
بعثت إلى المسيح به طبيبا)
ومن تأوَّل فيه قال: أراد به أن العليل لاستحواذ العلة على جسمه وحسه قد
ــ
(فآجرك الإله على عليل
…
بعثت إلى المسيح به طبيبا)
وهو من قصيدة له يمدح بها "علي بن سيَّار" وكان له وكيل يتعرض للنظم فأرسله إلى "أبي الطيب" بقصيدة مدحه بها فلما أتاه قال هذه القصيدة وأولها:
(ضروب الناس عشاق ضروبا
…
فأعذرهم أشفهم حبيبا)
[ومنها فآجرك الإله البيت وبعده].
(ولست بمنكر منك الهدايا
…
ولكن زدتني فيها أديبا)
وقد حمل ما قاله "المتنبي" على أنه جعله من جملة الظرف والتحف المهداة له، ويشهد له ما بعده من قول:"ولست بمنكر" البيت، وما ذكره من تنزيله منزلة ما لا يعقل لا يناسب المقام كما يشهد له الذوق، ومثله قول "الخوارزمي" في قصيدة له:
(وما كنت في تركيك إلا كتارك
…
طهوراً وأرضى بعده بالتيمم)
التحق بحيِّز ما لا يتصرف بنفسه. فلهذا عُدِّي الفعل إليه بحرف الجر كما يعدي إلى ما لا حس له ولا عقل.
ــ
(وذي علة يأتي طبيباً ليشتفى
…
به وهو جار للمسيح بن مريم)
(ولم أر قبلي من يحارب بخته
…
ويشكو إلى البؤس افتقاد التنعم)
(ولا أحد يحوي مفاتيح جنة
…
ويقرع بالتطفيل باب جهنم)