المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[65]- الفرق بين "تتابعت" وتتابعت - شرح درة الغواص للشهاب الخفاجي

[الشهاب الخفاجي]

فهرس الكتاب

- ‌[1] (قولهم في سائر):

- ‌[2] (المتتابع والمتواتر)

- ‌[3] (معنى ازف الوقت)

- ‌[4] (إضافة أفعل التفضيل)

- ‌[5] (تغشرم وتغشمر)

- ‌[6] (اللتيا بفتح اللام لا بضمها)

- ‌[7] (والصواب يستحق لا يستأهل)

- ‌[8] (الفرق بين سهرنا وسرينا)

- ‌[9] (كلمات اتفق العرب على استعمالها)

- ‌[10] (استعمال قط وأبداً)

- ‌[11] يقال للمريض: مصح اف ما بك لا مسح

- ‌[12] آل حم وآل طس لا الحواميم والطواسين

- ‌[13] تعدية أدخل بالباء

- ‌[14] القول في مائدة وخوان

- ‌[15] في النسب إلى دواة

- ‌[16] قولهم: بعثت به وأرسلت إليه

- ‌[17] قولهم المشورة بوزن مفعلة خطا

- ‌[18] قولهم في التحذير بإياك

- ‌[19] قولهم ذهبت إلى عنده

- ‌[20] قولهم لمن تغير وجهه غضباً: تمغَّر

- ‌[21] استعمال اصفرَّ واحمرَّ واصفارَّ واحمارَّ

- ‌[22] اجتمع فلان وفلان لا مع فلان

- ‌[23] قل لقيتها وحدهما، ولا تقل: لقيتهما اثنيهما

- ‌[24] في الإخبار عن لعل بالفعل الماضي

- ‌[25] في التعجب من الألوان والعاهات

- ‌[26] وجوب تذكير كلمتي بطن وأنف

- ‌[27] حيازة لا إجازة

- ‌[28] الفرق بين الذاعر والداعر

- ‌من الكنايات المستحسنة:

- ‌مطلب مفيد

- ‌[29] هوش لا شوش

- ‌[30] الدعاء بقولهم: بلغك اف المأثور

- ‌[31] أضيف لا انضاف، وفسد لا انفسد

- ‌[32] صحة ضبط الأمر من بر وشم

- ‌[33] يقال، شر ولا يقال: أشر

- ‌[34] جمع ريح أرواح لا أرياح

- ‌[35]- صحة النطق في مدود ومسوس ومكرج

- ‌36 - غير لا تعرف بال

- ‌[37] قولهم في كبرى وصغرى

- ‌[38]- القول في تيامن وتشاءم

- ‌[39]- مشئوم لا مشوم

- ‌40 - سرداب بكسر السين لا بفتحها

- ‌[41]- تمييز كم الاستفهامية وكم الخبرية

- ‌[42]- القول في أرض جمع

- ‌[43]- الصواب حدث لا حدث

- ‌[44] هل تقع كلمة "نفر" تمييزا لعشرين وثلاثين

- ‌[45] صحة جمع "حاجة

- ‌[46]- شيء ثمين لا مثمن

- ‌[47] يقولون: هو قرابته والصواب ذو قرابته

- ‌[48]- صحة جمع رحى وقفا

- ‌[49]- جمع أوقية

- ‌[50]- اسم المفعول من صان

- ‌[51]- بين لا تضاف إلى مفرد

- ‌[52]- قل: بين بين، ولا تقل بين البينين

- ‌[53]- حكم مجيء إذ بعد بينا

- ‌[54]- تفل وثفل

- ‌[55]- قولهم: أزمعت المسير

- ‌56 - قولهم في أخدر، وحدر

- ‌[57]- جمع فم أفواه

- ‌[58]- صحة تصغير عقرب

- ‌[59]- النسب إلى دنيا

- ‌[60]- الفرق بين آليت والوت

- ‌[61]- الضبع لا الضبعة

- ‌[62]- أوهامهم في التاريخ

- ‌[63]- خرمش صوابها خربش

- ‌[64]- قولهم: ما رأيته من أمس ومنذ أمس

- ‌[65]- الفرق بين "تتابعت" وتتابعت

- ‌[66]- القسم بقولهم: وحق الملح

- ‌[67]- ها هو ذا لا هوذا

- ‌68 - تاعس لا متعوس

- ‌[69]- شعر ولا شعر

- ‌[70]- من أخطاء النسب

- ‌[71]- من أسماء الذهب

- ‌[72]- إدغام الحرف المضعف

- ‌[73]- قولهم للاثنين: ازددا

- ‌[74]- معنى نقل فلان رحله

- ‌[75] الفرق بين سائل وسأل

- ‌[76]- يوشك بكسر الشين لا بفتحها

- ‌[77]- خطأ كل من ثلجم وشلجم

- ‌[78]- الفيء والظل

- ‌[79]- تعريف العدد

- ‌[80]- صحة ضبط المنسوب إلي ملك

- ‌[81]- ساغ ولا انساغ

- ‌[82]- مثلوث لا مثلث

- ‌[83]- قمو لا قمى

- ‌[84]- رخل وليس رخلة

- ‌[85]- الرؤيا والرؤية

- ‌[86]- قولهم: قال فلان كيت وكيت

- ‌[87]- صحة ضبط مضارع ذخر

- ‌[88]- صحة تصغير مختار

- ‌[89]- قولهم في دستور بفتح الدال

- ‌90 - الإخبار عن كلا وكلتا

- ‌91 - أنت تكرم على لا تكرم على

- ‌92 - شغب بسكون العين لا بفتحها

- ‌[93]- سداد بالكسر لا بالفتح

- ‌نادرة لطيفة

- ‌[94]- الفرق بين رق ورك

- ‌[95]- هو معي لا عيان

- ‌[96]- أفراد الفعل مع الفاعل المثني والجمع

- ‌[97]- قولهم أحد حمي

- ‌[98]- قولهم: إلاه وإلاك

- ‌[99]- قولهم: هب أني فعلت

- ‌[100]- امرأة شكور وصبور

- ‌[101]- متى يستعمل الفعل «أخطأ»

- ‌[102]- الفرق بين نشب ونشم

- ‌[103]- وقولهم للأمر الغائب: يعتمد ذلك

- ‌[104]- المأصر بالكسر لا بالفتح

- ‌[105]- الوارد والصادر لا العكس

- ‌[106]- همزة الوصل لا تدخل على متحرك

- ‌[107]- تقول: استقبلت قافلة الحجاج لا ودعتها

- ‌[108]- تقول: هو أحسن إنصافً وليس أنصف منه

- ‌[109]- الفرق بين جنب واجنب

- ‌[110]- حذف ياء ثمان

- ‌[111]- قولهم: ابتعت عبداً وجارية أخرى

- ‌[112] صحة جمع بيضاء وسوداء

- ‌[113]- الطول والطوال

- ‌[114]- قولهم في نداء الأبوين

- ‌[115]- عيرته كذا لا بكذا

- ‌[116]- قولهم: ابدأ به أولا

- ‌[117]- سؤسن لا سوسن

- ‌[118]- مثل…جرى الوادي فطم على القليب

- ‌[119]- قولهم: طر شاربه

- ‌[120]- قولهم: ركض الفرس

- ‌[121]- قولهم حكني جسدي

- ‌[122] قولهم: سار ركاب السلطان

- ‌[123]- قولهم شطرنج بفتح الشين

- ‌فائدة

- ‌[124]- قولهم: سأل عنك الخير

- ‌[125]- قولهم: مطرمذ أو طرمذار

- ‌[126]- قولهم: هاتا بمعنى أعطيا

- ‌[127]- قولهم: رأيت الأمير وذويه

- ‌[128]- قولهم: الحوامل تطلقن

- ‌[129]- قولهم: شلت الشيء

- ‌[130]- القول في ها وهاء

- ‌[131]- قولهم: حسد حاسدك

- ‌132 - قولهم: أعطاه البشارة

- ‌[133]- قولهم: تفرقت الأهواء

- ‌[134]- قولهم تذكار بكسر التاء

- ‌[135]- الفرق بين أجلس واقعد

- ‌136 - قولهم: نعم من مدحت

- ‌[137]- قولهم: النسيان

- ‌[138]- قولهم: بين ظهرانيهم

- ‌[139]- قولهم: دخلت الشام

- ‌[140]- قولهم: قدم الحاج واحدًا واحدًا

- ‌[141]- قولهم لما يتعجل من الزروع، هرف

- ‌[142]- قولهم: أخ

- ‌[143]- قولهم في التأوه: أوه

- ‌[144]- قولهم: لقيته لقاة واحدة

- ‌[145]- قولهم: فلان يكدف

- ‌[146]- قولهم: بالرجل عنة

- ‌[147]- قولهم: صحفي

- ‌[148]- النسب إلى المركب

- ‌[149]- قولهم: غسلة بفتح الغين

- ‌[150]- قولهم: دابة لا تردف

- ‌[151]- اسم الآلة بكسر الميم لا بفتحها

- ‌[152]- قولهم: أعمل بحسب ذلك

- ‌[153]- قولهم: كثرت عيلة فلان

- ‌[154]- قولهم: فلان في رفهة

- ‌[155]- قولهم: ارتضع بلبنه

- ‌[156]- الفرق بين لدغ ولسع ونهش

- ‌[157]- قولهم: الحمد لله الذي كان كذا وكذا

- ‌[158]- قولهم: فلان شحاث

- ‌[159]- الفرق بين الفرث والسرجين

- ‌[160]- قولهم: جبة خلقة

- ‌[161]- قولهم: ثلاثة شهور وسبعة بحور

- ‌[162]- قولهم: معلول

- ‌[163]- قولهم: ما لي فيه منفوع ولا منفعة

- ‌[164]- قولهم للمريض: به سل

- ‌[165]- قولهم: حلا الشيء في صدري وبعيني

- ‌[166]- قولهم: مرايا في جمع مرآة

- ‌[167]- قولهم لفم المزادة: عزلة

- ‌[168]- قولهم: جاء القوم بأجمعهم

- ‌[169]- قولهم لمن انقطعت حجته: مقطع

- ‌[170]- قولهم: كلمته فاختلط

- ‌[171]- قولهم: الأسود والأبيض في الكناية عن العربي والعجمي

- ‌[172]- قولهم للمعرس: قد بنى بأهله

- ‌[173]- إمالة حتى ومتى

- ‌[174]- قولهم: قتله شر قتله بفتح القاف

- ‌[175]- إعراب أسماء الأعداد المرسلة

- ‌[176]- قولهم: ما أحسن لبس الفرس

- ‌[177]- قولهم: مائة ونيف بإسكان الياء

- ‌[178]- قولهم: هو يصبو عنه

- ‌[179]- قولهم، فعلته مجراك

- ‌[180]- قولهم الصيف ضيعت اللبن

- ‌[181]- قولهم: طرده السلطان

- ‌[182]- قولهم لما ينبت من الزرع بالمطر: بخس

- ‌[183]- قولهم: هاون وراوق

- ‌[184]- قولهم: شفعت الرسولين بثالث

- ‌[185]- قولهم للمدينة المشهورة: سامرا

- ‌[186]- قولهم لما يجمد من البرد: قريص

- ‌[187]- قولهم: قتله الحب

- ‌[188]- قولهم: ما يعرضك لهذا الأمر

- ‌[189]- قولهم: ما كان ذلك في حسابي

- ‌[190]- قولهم: تنوق في الشيء

- ‌[191]- قولهم للمخاطب: هم فعلت وهم خرجت

- ‌192 - قولهم قرضته بالمقراض وقصصته بالمقص

- ‌(193) قولهم في تصغير شيء وعين شوئ وعوينة:

- ‌(194) قولهم أشرف على الإياس

- ‌(195) قولهم: رزبطانة

- ‌(196) قولهم: جرح الرجل في ثديه

- ‌(197) قطع همزة الوصل في ابن وابنة واثنين واثنتين

- ‌(198) قولهم تجزت القصيدة

- ‌(199) جمع أسماء الأجناس

- ‌200 - الفرق بين نعم وبلى

- ‌[201]- الفرق بين مساء صباح مركبة ومضافة

- ‌[202]- الفرق بين الترجي والتمني

- ‌[203]- الفرق بين العَر والعُر

- ‌[204]- الفرق بين قولهم: بكم ثوبك مصبوغاً، ومصبوغ

- ‌[205]- الفرق بين لا رجل ولا رجل في الدار

- ‌[206]- الفرق بين مخوف ومخيف

- ‌[207] الفرق بين خلف وأخلف

- ‌[208]- الفرق بين (أو) و (أم) في الاستفهام

- ‌[209]- معنى بات فلان

- ‌[210]- معنى القينة

- ‌[211]- الراحلة اسم يقع على الجمل والناقة

- ‌[212]- البهيم لا يختص بالأسود

- ‌[213]- وهمهم: أن هوى لا يستعمل إلا في الهبوط

- ‌[214]- حذف الألف في بسم الله

- ‌[215]- حذف ألف ابن في كل موضع

- ‌[216]- حذف ألف «الرحمن»

- ‌فائدة:

- ‌[217]- فصل «ما» عما قبلها ووصلها

- ‌[218]- حذف نون «أن» مع لا

- ‌[219]- وصل (لا) بهل وبل وفصلها

- ‌[220]- ما يكتب بواو واحدة وما يكتب بواوين

- ‌[221]- كتابة الألف المقصورة

- ‌[222]- ما يجب أن يكتب موصولا

الفصل: ‌[65]- الفرق بين "تتابعت" وتتابعت

[65]- الفرق بين "تتابعت" وتتابعت

ويقولون: تتابعت النوائب على فلان، ووجه الكلام أن يقال: تتابعت بالياء المعجمة باثنتين من تحت، لأن التتابع يكون في الصلاح والخير، والتتابع يختص بالمنكر والشر كما جاء في الخبر (ما يحملكم على أن تتايعوا في الكذب كما تتابع الفراش في النار)، وكما روي أنه لما كثر شرب الخمر في عهد "عمر" رضي الله عنه جمع الصحابة رحمة الله عليهم وقال: إني أرى الناس قد تتابعوا في شرب الخمر واستهانوا بحدها، فماذا ترون؟ فقال له "علي" رضي الله عنه: أرى أن أحده ثمانين، لأني أراه إذا شرب سكر وإذا سكر هذى وإذا هذى افترى فأحده حد المفتري فاستصوب "عمر" رأيه وأخذ به.

فوائد نفسية

وقد جاءت في لغة العرب ألفاظ خصت بالاستعمال في الشر دون الخير.

كلفظة "تهافت" التي لا تستعمل إلا في المكروه والحزن وكلفظة "أشفى" التي لا تقال إلا لمن أشرف على الهلكة، و"كالأرق" الذي لا يكون إلا في المكروه، لأن السهر يكون في المكروه والمحبوب، وكقولهم في مدح الميت "التأبين"، ولكلما يثور

ــ

(يقال: تتابعت النوائب على فلان، ووجه الكلام أن يقال: تتابعت بالياء المعجمة باثنتين من تحت، لأن التتابع يكون في الصلاح والخير والتتابع يختص بالمنكر والشر). إن أراد اختصاص التتابع - بالموحدة - بالخير فغير صحيح. ألا ترى قوله تعالى» فأتبعنا بعضهم بعضا «. وقال "ابن بري": كل عام لا مانع من استعمال في بعض أفراده بقرينة كما في هذه الآية، وقد فسره أهل اللغة بالتوالي مطلقًا، والتتابع بالياء التحتية: التهافت في الشر والنكر، واستعمله "الزمخشري" في سورة "هود" في الطاعة، وقال في

ص: 325

للضرر "هاج" ولأخبار السوء: "صاروا أحاديث" وللمذموم ممن يخلف "خلف" وللمتساويين في الشر " سواس وسواسية" كما جاء في المثل: سواسية كأسنان الحمار".

وكما قال الشاعر:

(سود سواسية كأن أنوفهم

بعر ينظمه الصبي بملعب)

(لا يخطبون إلى الكرام بناتهم

وتشيب أيمهم ولما تخطب)

وقد اختلف في سواسية، فقيل: هو جمع سواء، وقيل: بل وضعت موضع سواء.

ومما ينتظم في هذا السلك استعمالهم لفظه أزننته بمعنى اتهمته في المقابح دون المحاسن.

"الفائق": إنه من تاع إذا عجل، ولا يبعد أن يكون من تاع بمعنى إذا سال، كأن المتتابع يسرع إسراع السيول، وخص بالشر لأن التؤدة والرفق صفة كمال، ولهذا ذم بالعجلة وقيل: العجلة من الشيطان، وفي "الأساس": تتابع في الأمر رمى نفسه فيه بغير تثبت وتتابع في الشر تهافت، وفي "التهذيب" قال "أبو عبيد" التتابع التهافت في الشر والمتابعة عليه، ولم يسمع التتابع في الخير، وإنما سمعناه في الشر كما في "فقه اللغة" للصاحبي،

ص: 326

واستعمالهم الهنات، والهنوات في الكنايات عن المنكرات كقول الشاعر:

(فنعم الحي كلب غير أنا

وجدنا في جوارهم هنات)

وكقول الآخر:

(يزيد هنات من هنين فتلتوي

علينا وتأتي من هنين هنات)

قال الشيخ الإمام: وأنشدني والدي رحمه الله قال: أنشدني" أبو الحسين بن زنجي" اللغوي قال: أنشدني "أبو عبد الله النمري" لنفسه يرثي "أبا عبد الله الأزدي" وكانت بينهما ملاحاة في عهد الحياة:

(مضى الأزدي والنمري يمضي

وبعض الشكل مقرون ببعض)

(أخي والمجتني ثمرات ودي

وإن لم يجزني قرضي وفرضي)

(وكانت بيننا أبدًا هنات

توفر عرضه فيها وعرضي)

(وما هانت رجال الأزد عندي

وإن لم تدن أرضهم من أرضي)

ــ

والنوائب لا تختص بالشر وإن كثر استعمالها فيه. وفي حديث "مسلم""تعين على نوائب الحق قال النووي: النائبة الحادثة وتكون في الخير والشر قال "لبيد":

(نوائب من خير وشر كلاهما

فلا الخير ممدود ولا الشر لازب)

ثم إن المصنف ذكر ألفاظًا اختصت بالشر في الاستعجال كلفظة: تهافت. ليس هذا

ص: 327

[وحكي أن "أبا الحسن بن وهب" كتب إلى أخ له يداعبه:

(ظبيك هذا حسن وجهه

وما سوى ذاك جميعًا يعاب)

(فافهم كلامي يا أبا عامر

ما يشبه العنوان ما في الكتاب)

فأجابه:

(وراء ما راقك من حسنه

منافع مخبرها مستطاب)

(من طيب مسموع إذا ما شدا

يجلو به العيش ويصفو الشراب)

(وعشرة محمودة حفها

مساعدات وهنات عذاب)

قال الشيخ السعيد رحمه الله: وليس وصفه الهنات بالعذوبة يخرجها عن وصفها بالذم كما أوهم بعضهم، بل كما تسمى الخمر اللذة مع كونها إحدى الكبائر وأم الخبائث].

ومما لا يستعمل إلا في الشر قولهم: ندد به وسمع به، وقولهم: قبض له كذا وكذا، ومثله» وباؤوا بغضب من الله «أي رجعوا، وذكر أهل التفسير أنه لم يأت في القرآن [قط] لفظة الإمطار ولا لفظة الريح إلا في الشر وكما لم يأت لفظ

ــ

بلازم كما ادعاه قال في "النهاية": التهافت من الهفت وهو السقوط وأكثر ما يستعمل في الشر. اهـ.

(ولكل ما يثور به الضرر هاج) هذا أكثري أيضًا. يقال: هاج البحر والفحل والشوق إذا تحرك تحركًا شديدًا، ولم يخصه "الجوهري" وغيره بالشر.

(وللمذموم ممن يخلف خلف بسكون اللام" هذا قول لبعضهم. وفيه أقوال أخر، قال "البغوي": قال "أبو حاتم": الخلف بسكون اللام الأولاد الواحد والجمع فيه سواء لأنه

ص: 328

الرياح إلا في الخير. قال سبحانه وتعالى في الإمطار: » وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل «وقال عز اسمه في الريح: » وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم «وقال في الرياح» ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات «وهذا هو معنى دعائه عليه السلام عند عصوف الريح: "اللهم اجعلنا رياحًا ولا تجعلها ريحًا" وأخبرني "أبو القاسم إبراهيم بن محمد بن أحمد بن المعدل" قراءة عليه قال حدثنا القاضي الشريف "أبو عمر القاسم بن جعفر بن عبد الواحد الهاشمي" قال حدثنا "أبو العباس محمد بن أحمد الأثرم" قال حدثنا "أحمد بن يحيي وهو "السوسي" قال: حدثنا "علي بن عاصم" قال: أخبرني "أبو علي الرجي" قال: حدثنا "عكرمة"

ــ

مصدر في الأصل نعت به فيعم، وقيل: إنه جمع لغوي أسم جمع فلا يطلق على الواحد، فلا يرد عليه أنه ليس من أبنية الجمع كما توهم.

والخلف بفتح اللام البدل، ولذا كان أولاً وقال "ابن الأعرابي" الخلف بالفتح الصالح وبالسكون الطالح، وقال "ابن شميل": الخلف بفتح اللام وسكونها يذكر في القرن السوء، وأما في القرن الصالح فبتحريك اللام لا غير.

ص: 329

عن "ابن عباس" رحمه الله قال: هاجت ريح أشفق منها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم استقبلها، وجثا على ركبتيه ومد يديه إلى السماء ثم قال: » اللهم اجعلها رياحًا ولا تجعلها ريحًا اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عذابا

«وذكر "ابن عمر" رضي الله عنه أن الرياح المذكورة في القرآن ثمان، أربع رحمة وأربع عذاب، فأما التي للرحمة فالمبشرات والمرسلات والذاريات والناشرات، وأما التي للعذاب فالصرصر والعقيم وهما في البر، والعاصف والقاصفات وهما في البحر.

ــ

وقال "محمد بن جرير": أكثر ما جاء في المدح بفتح اللام وبالذم بسكونها، وقد يحرك في الذم ويسكن في المدح. اهـ.

والحاصل أنه بالفتح والسكون. فهل هما بمعنى واحد شامل للصالح والطالح؟ أو بينهما فرق فيختص الأول بالصالح والثاني بالطالح دائمًا أو أكثريًا؟ أو الخلف بالفتح الصالح والطالح وبالسكون الطالح لا غير؟ أقوال، واشتقاقه هل هو من الخلافة أو من الخلوف وهو الفساد والتغير؟ قولان أيضًا، وعليه مبنى الخلاف. وخلف الله عليك، أي كان خليفة أبيك عليك أو من فقدته ممن لا يتعوض كالعم، وأخلف عليك رد عيلك مثل ما ذهب عنك، هكذا فرق بينهما بعض اللغويين على خلاف فيه.

[وللمتساويين في الشر سواس وسواسية كما جاء في المثل [سواسية كأسنان الحمار، وكما قال الشاعر]

(شبابهم وشيبهم سواء

سواسية كأسنان الحمار)

سواس وسواسية بمعنى متساوين وهو مأخوذ من التساوي والاستواء، ويقال: قوم سواء، ولا يثنى ولا يجمع، لأنه في الأصل مصدر، ووزن سواسية عند "الأخفش" فعافلة جمع لسواء على غير قياس، ووزن سوا فعا، ووزن سية فعة أو

ص: 330

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فله رفعة لأن أكثر ما يلغون موضع اللام.

وأصل سية سوية فلما سكنت الواو وانكسر ما قبلها صارت الواو ياء، ثم حذفت إحدى اليائين تخفيفًا فصار سية، وكونه جمعًا هو المشهور وقيل: إنه اسم مفرد مثل كراهية، وضع موضع سواء وورد في المثل:"سواسية كأسنان الحمار".

وقال "الخنساء":

(اليوم نحن ومن سوا

نا مثل أسنان القوارح)

واختصاصه بالتساوي في الشر والذم ليس بمسلم. وكذا ادعاء أكثريته لتوقفه على الاستقراء، وفيه ما فيه، وقد ورد في الحديث ما يخالفه كقوله صلى الله عليه وسلم:"سواسية كأسنان المشط لا فضل لعربي ولا عجمي وإنما الفضل بالتقوي".

ولم يخصه الجوهري بالشر.

(ومما ينتظم في هذا السلك استعمالهم لفظ أزننته بمعنى اتهمته في المفاضح) لا يخفي أنه لما كان بمعنى التهمة لم يتصور استعماله في الخير بناء على تفسيره بما ذكر، لكنه ليس كذلك قال "السرقسطي" في أفعاله زننت الرجل زنا وأزننته ظننت به خيرًا أو شرًا أو نسبتهما إليه. اهـ، وفي "الكامل" للمبرد في قول الشاعر:

(إن كنت أزننتني بها كذبًا

جزء، فلاقيت مثلها عجلاً)

يقال: فلان يزن بكذا أي يسمى به وينسب إليه. اهـ. وفي "القاموس" زن فلانًا بخير أو شر ظنه به كأزنه وأزننته بكذا اتهمته. اهـ. فإذا كان بمعنى الظن أو النسية لم يختص بالشر ومن هنا ظهر وجه الاختلاف فيه.

[وأستعمالهم الهنات والهنوات في الكناية عن المنكرات).

قال "ابن بري": في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر فقال لسلمة بن

ص: 331

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأكوع: "ألا تنزل فتقول من هناتك" فهي يكنى بها عما يعسر التصريح به ولا يمكن تعيينه من معروف أو منكر.

والتفرقة بين الهنات والهنوات تحكم محض لأن الهنات جمع هنة وهي منقوصة وأصلها هنوة. والهنوات جمع على أصله. اهـ.

والحق أن الهنات لا تختص بما ذكره فإنها قد يكنى بها عن معين وفي "النهاية": ستكون هنات أي شر وفساد .. ويقال: في فلان هنات أي خصال شر، ولا يقال في الخير، وواحدها هنة وقد يجمع على هنوات، وقيل: واحدها هنة تأنيث هن، وهو كناية عن كل اسم جنس وفي حديث "عمر":

"وفي البيت هنات من قوظ"، أي قطع متفرقة وفي حديث "ابن الأكوع": ألا تسمعنا من هناتك أي من كلماتك أو من أراجيزك. وفي رواية من هنياتك وفي أخرى من هنيهاتك على قلب الياء هاء.

(وذكر بعض أهل التفسير أنه لم يأت في القرآن لفظ الإمطار) بكسر الهمزة مصدر أمطر (ولا لفظ الريح إلا في الشر، كما لم يأت لفظ الرياح إلا في الخير).

أمطر في الخير جاء في الكتاب المجيد كقوله» هذا عارض ممطرنا «لأنهم لم يريدوا به إلا الرحمة. وفي "الكشاف" الفرق بين مطر وأمطر أنه يقال: مطرتهم السماء إذا أصابتهم بمطر كفايتهم، وأمطرت عليهم أرسلته إرسال المطر، قال تعالى: » وأمطرنا عليهم حجارة «.

ص: 332

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والمقصود كما في "الانتصاف" الرد على من قال: مطر في الخير وأمطر في الشر، وتوهم أنه تفرقة وضعية لورود ما يخالفه كقول "رؤبة":

(أمسى "بلال" كالربيع المدجن

أمطر في أكتاف غيم معين)

فبين أن معنى أمطرت أرسلت شيئًا على نحو المطر وإن لم يكن إياه، حتى لو أرسل الله من السماء أنواعًا من الخيرات والأرزاق كالمن جاز أن يقال فيه أمطرت السماء خيرات أي أرسلتها إرسال المطر، فليس للشر خصوصية بالمزيد، لكن اتفق أن السماء لم ترسل شيئًا سوى المطر إلا وكان عذابًا فظن أن الواقع اتفاقًا مقصود في الوضع. فنبه العلامة على تحقيقه وأحسن وأجمل. اهـ. فما نقل عن "أبي عبيدة" وأهل اللغة من الفرق مؤول بما ذكر وهو الذي غر المصنف فلا وجه لرده بقوله:"عارض ممطرنا" لأنهم عنوا به الرحمة ولا إلى انتقاده بأن الكلام في الفعل، فإنه كله من ضيق العطن وقلة الفطن.

وأما كلامه في الريح والرياح فهو مما ذهب أدراج الرياح، وفي "الإتقان" عن "أبي بن كعب": كل شيء في القرآن من الرياح فهو رحمة، وكل شيء من الريح فهو عذاب.

وورد في الحديث أنه كان يدعو عند عصوف الريح بقوله: » اللهم اجعلنا رياحًا ولا تجعلها ريحًا «.

ووجه بأن رياح الرحمة مختلفة الصفات والماهيات، فإذا هاجت ريح منها أثير في مقابلتها ما يعدلها ويكسر سورتها فتلطف وتنفع الحيوانات وتنمي النباتات.

ص: 333

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وأما في العذاب فتأتي من وجه بلا معارض ومدافع.

وقد خرج عن هذا قوله تعالى في سورة "يونس": » وجرين بهم بريح طيبة «لوجهين:

- لأنه وقع في مقابلة قوله جاءتها ريح عاصف فأفرد للمشاركة.

- ولأن الرحمة تقتضي هنا وحدة الريح، فإن السفينة إنما تسير بريح واحدة، ولو اختلفت الرياح عليه هلكت، ولهذا أكده بوصف الطيبة، ومثله قوله تعالى: » إن يشأ يسكن الريح فيظللن رواكد على ظهره «. ففي سكونها الضرر كاختلافها وأورد عليه قوله تعالى: » ولسليمان الريح «وهي كما ورد في الحديث: الصبا وهي ريح الأنبياء. إذا لم تكن عقوبة بل رحمة، وجاء في الحديث: "نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور". وجوابه ظاهر فإن تسخير الرياح "لسليمان" ليحمل كرسيه لمقصده، فهي كريح السفن يضر اختلافها، فالاعتراض ناشئ من عدم التدبر، وأما إيراد قوله: » إنا أرسلنا عليهم حاصباً «. فوهم لأن الكلام في لفظ الريح لا في معناه.

ص: 334