الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[27] حيازة لا إجازة
ويقولون فعلته لإجازة الأجر. والصواب أن يقال: لحيازة الأجر بدليل أن الفعل المشتق منه حاز، ولو كانت الهمزة أصلا في المصدر لالتحقت بالفعل المشتق منه كما تلتحق بأراد المشتق من الإرادة وبأصاب المتفرع من الإصابة، فلما قيل في الفعل: حاز علم أن مصدره الحيازة مثل: خاط الثوب خياطة وصاغ الخاتم صياغة وحاد عن الحرب حيادة.
وحكى "الأصمعي" قال: سألت بعض الأعراب عن ناقته فأنشد:
ــ
(سألت بعض الأعراب) وهو "المؤمل بن أميل المحاربي" كما قاله "الشريف المرتضى" في "الدرر والغرر" (عن ناقته فأنشد:
(كانت تقيد حين تنزل منزلا
…
فاليوم صار لها الكلال قيودا)
(لا تستطيع عن القضاء حيادة
…
وعن المنية لا تصيب محيدا)
(القوم كالعيدان يفضل بعضهم
…
بعضا كذاك يفوق عود عودا)
في البيت الأول معنى لطيف، قال "علم الهدى": هو كثير في شعر المتقدمين والمحدثين كقول "جرير":
(إذا بلغوا المنازل لم تقيد
…
وفي طول الكلال لها قيود)
و"لأبي نخيلة": قيدها الجهد ولم تقيد
(كانت تقيد حين تنزل منزلا
…
فاليوم صار لها الكلال قيودا)
(من تستطيع عن القضاء حيادة
…
وعن المنية لا تصيب محيدا)
(القوم كالعيدان يفضل بعضهم
…
بعضا كذاك يفوق عود عودا)
ــ
وأنشد "أبو العباس ثعلب":
(إذا بلغوا المنازل لم تقيد
…
ركابهم ولم تشدد بعقل)
(فهن مقيدات مطلقات
…
تقضب ما تشدب في المحل)
والأصل في هذا قول "امرى القيس":
(وقد اغتدى والطير في وكناتها
…
بمنجرد قيد الأوابد هيكل)
وقوله:
(سطوت بهم حتى تكل مطيهم
…
وحتى الجياد ما يقدن بأرسان)
ومنه أخذ "مروان بن أبي حفيصة" قوله:
(فما بلغت حتى حماها كلالها
…
إذا عريت أصلابها أن تقيدا)
مع أبيات أخر أنشدها "الشريف المرتضى" وقد تطفل على ذلك المحدثون، قال "أبو بكر البكري":
(على يعملات كالحنايا ضوامر
…
إذا ما أنيخت فالكلال عقالها)
وقوله أيضا:
(يقر بعيني الركب من نحو أرضكم
…
يزجون عيسا قيدت بكلال)
فأما قولهم في المثل: "أساء سمعا فأساء جابة"، فالجابة هنا هي الاسم والمصدر الإجابة وهذا المصل يضرب لمن يخطى سمعا فيسيء الإجابة، وأصله أنه كان "لسهيل بن عمرو" ابن مضعوف، فرآه إنسان مارا فقال له: أين أمك يريد أين قصدك؟ فظن أنه يسأل عن أمه فقال: ذهبت تطحن فقال: أساء سمعا فأساء جابة، ونظير الجابة في كلامهم الطاقة والطاعة والغارة ومصادر أفعالها الإطاقة والإطاعة والإغارة.
ــ
ومما يقضي منه العجب [أن هذا المعنى] مع اشتهاره وسياحته في الدفاتر يقول "العماد" الكاتب في "خريدته" فيه: سمعت "أبا نصر الخطيبي" يقول: "للشريف أبي بكر" بيت ما قيل في معانه أحسن منه، وهو قوله:
(على يعملات كالحنايا ضوامر
…
إذا ما أنيخت فالكلال عقالها)
ولفظ "حيادة" في المتن بحاء ودال مهملتين مصدر حاد بمعنى عدل وانثنى بزنة الحيازة والبطالة.
(في المثل: أساء سمعا فأساء جابة).
قد شرحه المصنف بما لا يزيد عليه،
والجابة اسم مصدر بمعنى الإجابة، ولم يسمع في غير هذا المثل، وقوله: مضعوف بمعنى أحمق ضعيف الرأي والعقل، وفي "القاموس" أضعفه جعله ضعيفا فهو مضعوف، والقياس فيه مضعف.