الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[33] يقال، شر ولا يقال: أشر
ويقولون فلان أشر من فلان، والصواب أن يقال:[هو] شر من فلان بغير ألف كما قال تعالى: {إن شر الدواب عند الله الصم البكم} [الأنفال: 22] وعليه قول الراجز:
(إن بني ليس فيهم بر
…
وأمهم مثلهم أو شر)
(إذا رأوها نبحتني هروا)
وفي البيت الأخير شاهد على أن المسموع: نبحته الكلاب لا كما تقول العامة: نبحت عليه. وكذلك يقال: فلان خير من فلان بحذف الهمزة لأن هاتين اللفظتين كثر استعمالهما في الكلام، فحذفت همزتاهما للتخفيف، ولم يلفظوا بهما إلا في فعل التعجب خاصة، كما صححوا فيه المعتل فقالوا: ما أخير زيدا وما أشر عمرا، كما قالوا: ما أقول زيدا، وكذلك أثبتوا الهمزة في لفظ الأمر فقالوا: أخير
ــ
(ويقولون أشر من فلان والصواب أن يقال شر من فلان بغير ألف كما قال تعالى: {إن شر الدواب عند الله الصم البكم} هذا أيضا من الطراز الأول:
(ولكن عين السخط تبدي المساويا)
فإن ورد في الكلام الفصيح كثيرا أشر، وإن كان شر بدونها أكثر، وقد قرى قزله تعالى:{سيعلمون غدا من الكذاب الأشر} [القمر: 26] بالأول، فقول المصنف: إنه لحن مما أخطأ فيه وكذلك ورد في خير أخير وعليه قول "رؤية":
(بلال خير الناس وابن الأخير)
وقال "الجوهري": إنها لغة قليلة وهو الحق، وقد صح وروده نثرا في أحاديث وقع بعضها في "صحيح البخاري" وقال "الكرماني": إنها تدل على أنه فصيح صحيح، خلافا لما أنكره:
بزيد وأشرز بعمرو، كما قالوا: أقول به، والعلة في إثباتها في فعلي التعجب والأمر أن استعمال هاتين اللفظتين اسما أكثر من استعمالها فعلا، فحذفت في موضع الكثرة وبقيت في موضع القلة، فأما قراءة "أبي قلابة":"سيعلمون غدا من الكذاب الأشر" فقد لحن فيها ولم يطابقه أحد عليها.
ــ
"فحسبك من غنى شبع وري"
(على أن المسموع نبحته الكلاب لا كما تقول العامة: نبحت عليه الكلاب) ادعى أن نبح لم يسمع إلا متعديا بنفسه، واستشهد عليه بقوله:
"إذا رأوها نبحتني هروا"
وقوله: "ركلب ينبح الأضياف عندي .. "
والحق أنه ورد لازما ومصدره النبوح، ومتعديا، وفي "تهذيب الأزهري" و"لسان العرب" عن "شمر" يقال: نبحه ونبح عليه، واختاره "علم الهدى" في "الدرر
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والغرر" واستشهد له بقول "هلال بن جعشم":
(وإني لعف عن زيارة جارتي
…
وإني لمشنوء إلى اعتبابها)
(إذا غاب عنها بعلها لم أكن لها
…
زءورا ولم ينبح على كلابها)
فقد عرفت ورود كل منهما في الكلام الفصيح وأن تحت اللبن الصريح فلا حاجة إلى أن يقال: إنه ضمن معنى "صاح" أو حمل عليه.
وقوله (فحذفت همزنها) يعني به أن التعجب والتفضيل من باب واحد، لكنه خالفه لكثره استعماله، وما اعترض به المحشي عليه من أنه يقتضي أن الهمزة في قولهم: ما أشره هي الهمزة التي كان يجب أن تظهر في قولك: هو أشر منه، لو نطق بها، فليس كذلك؛ لأن الهمزة في "ما أشره" همزة التقل للتعدية اللازمة لكل [فعل] متعجب منه.
وأما الهمزة في "أشر منه" فليست همزة نقل، وتركه خير منه كما لا يخفى.