الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[83]- قمو لا قمى
ويقولون: قمئ الرجل ودفي اليوم: والصواب أن يقال فيهما: قمؤ ودفؤ لينتظما في مسلك حيزهما من أفعال الطبائع التي تأتي على فعل بضم العين مثل بدن وسخن وضخم وعظم، ومثله وضؤ وجهه إذا صار وضيئاً، ووطؤ مركبه إذا صار وطيئاً، ومرء الطعام إذا صار مريئاً، و [مرؤ] الإنسان إذا صار ذا مروءة [ودنو عرض فلان إذا صار دنيئاً وردؤ الطعام إذا صار رديئاً].
ومن أوهامهم في هذا الباب قولهم: تبريت من فلان بمعني برئت منه فيخطئون فيه لأن معني تبريت تعرضت مثل انبريت ومنه قول الشاعر:
(وأهله ود قد تبريت ودهم
…
وأبليتهم في الحمد جهدي ونائلي)
ــ
(قمئ الرجل ودفي اليوم: والصواب أن يقال فيهما: قمؤ ودفؤ لينتظما في مسلك حيزهما من أفعال الطبائع).
قمي بالقاف والميم والهمزة بمعنى صار قميئاً، أى حقيراً، ودفى بدال مهملة وفاء وهمزة بمعنى صار في كن من البرد يسخنه، وقال (ابن بري): حكى (ابن القطاع) قمؤ الرجل قماء وقمي قما بالقصر. اهـ. وفي (القاموس) دفى كفرح وكرم. اهـ ..
إذا عرفت ما في كلامه من الخطأ، فإن ما ذكره غير مطرد، وكون قمي ودفي من أفعال الطبيعة وهم على وهم.
(ومن أوهامهم في هذا الباب قولهم: تبريت من فلان بمعني برئت منه فيخطئون فيه لأن معني تبريت تعرضت مثل انبريت)
ما أنكره معروف عند أهل العربية، ومسموع من العرب كثيراً حتى ظنه بعضهم
[يقال أهلة وأهل] أى تعرضت لودهم، فأما ما هو بمعني البراءة فيقال فيه: قد تبرأت كما جاء في التنزيل {تبرأنا إليك} [ونظير هذا قولهم: هديت من غضب أى سكنت، والصواب إن يقال قد هديت لاشتقاقه من الهدوء، فأما هديت فمشتقه من الهداية والهدى].
ومن أوهامهم في هذا النوع قولهم: التباطي والتوضى والتبرى والتهزى والصواب أن يقال: التباطؤ والتوضؤ والتبرؤ والتهزؤ، وعقد هذا الباب أن كل ما كان على وزن تفعل أو تفاعل مما آخره مهموز كان مصدره على التفعل والتفاعل وهمز آخره، ولهذا قيل: التوضؤ والتبرؤ، لأن تصريف الفعل منهما توضأ وتبوأ، وقيل: التباطؤ والتطأطؤ والتمالؤ والتكافؤ لأن أصل الفعل منها تباطأ وتطأطأ وتمالأ وتكافأ، وهذا الأصل مطرد حكمه غير منحل من هذا السمط نظمه.
ــ
مقيساً مطرداً مطلقاً وقال (المبرد)[في (المقتضب)]: أعلم أن قوما من النحويين يرون إبدال الهمزة من غير علة جائزاً، فيجيزون: قريت واجتريت في معنى قرأت واجترأت، وهذا القول لا وجه له عند أحد ممن تصح معرفته فلا رسم له عند العرب. اهـ.
والذي أنكره نقله بعضهم لغة لبعض العرب، ولو لم يكن مطرداً عندهم لم يكن لغة، فإن صح القول بهذا لم يرد عليه ما قاله (المبرد)
وفي شرح (الفصيح) أنهم قالوا في أومأت وتوضأت: أو ميت وتوضيت، ووقع مثله في كثير من الأحاديث أيضاً، وقرى به في بعض الشواذ، كقوله- تعالى- {ترجى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
من تشاء} وفي الحديث (كان إذا مشي تكفا تكفياً) أي تمايل إلى قدام. روي مهموزاً وغير مهموز.
فقول زين العرب: إنه مهموز لكنه ينقل من الصحيح كتقدم تقدماً، ولو خفف ألحق بالمعتل- هو كذلك في بعض النسخ كتسمي تسمياً، وخفف المصدر دون الفعل لاستثقال الضمه غير موجه، لما عرفت من أنه غير مخصوص بالمصدر ولا بالضم، وكذا ما في (كشف البزدوري في بحث الأهلية) من قوله: إن التجزي أصله التجزؤ بالهمز، لكن الفقهاء لينوا الهمزة تخفيفاً كما هو مذهب العرب في المهموزات، فصار تجزو بالواو لوقوعها ساكنة في الطرف مضموماً ما قبلها، فقالوا: التجزي ومثله التوضي من الوضوء. ومن هنا عرفت أن كلام المصنف من أصله غير صحيح، إذ إطلاقه في محل التقييد لما في هذه المسألة من الاختلاف الذي عرفته.