الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[172]- قولهم للمعرس: قد بنى بأهله
ويقولون للمعرس: قد بنى بأهله، ووجه الكلام: بنى على أهله، والأصل فيه أن الرجل كان إذا أراد أن يدخل على عرسه بني عليها قبة، فقيل لكل من عرس: بان، وعليه فسر أكثرهم قول الشاعر:
(ألا يا من لذا البرق اليماني
…
يلوح كأنه مصباح بان)
وقالوا: إنه شبه لمعان البرق بمصباح الباني على أهله؛ لأنه لا يطفأ تلك الليلة.
على أن بعضهم قال: عني بالبان الضرب من الشجر، فشبه سنا برقه بضياء المصباح المتقد بدهنه، ويجانس هذا الوهم قولهم للجالس بفنائه: جلس على بابه، والصواب فيه أن يقال: جلس ببابه؛ لئلا يتوهم السامع أن المراد به استعلى على الباب وجلس فوقه.
ــ
(ويقولون للمعرس: قد بني بأهله، ووجه الكلام فيه: بنى على أهله، والأصل فيه أن الرجل أراد أن يدخل على عرسه بنى عليها قبة، فقيل لكل من أعرس: بان).
ما أنكره مما لا شبهة في صحته فإنه بمعنى دخل [بها] فيتعدى تعديته لتضمنه معناه، وقال "ابن بري": بنى بأهله غير منكر؛ لأن بني بها بمعنى دخل بها، وقال "ابن قتيبة": يقال لكل داخل بأهله: بان، والباء وعلى قد يتعاقبان على معنى واحد، نحو أفاض بالقداح وعليها. وفي "الأساس" وتبعه صاحب "القاموس": بنى على أهله وبها زفها كابتنى، وقد تناوله الفصحاء من غير إنكار كما قال "أبو تمام":
(لم تطلع الشمس فيه يوم ذاك على
…
بان بأهل ولم تغرب على عزب
(جلس على بابه، والصواب جلس ببابه) هذا أيضاً ليس بشيء، فإن [الباء مثل
قال الشيخ الرئيس "أبو محمد". رحمة الله.: وقد أذكرني ما أوردته نادرة تليق بهذا الموطن، حكاها لي الشريف "أبو الحسن" النسابة المعروف بالصرفي. رحمه الله. قال: اجتاز "البستي""بابن البواب" وهو جالس على عتبة بابه، فقال: أظن الأستاذ يقصد حفظ النسب بالجلوس على العتب.
ومما يوهمون فيه أيضاً قولهم: خرج عليه خراج، ووجه القول أن يقال: خرج به. وكذلك يقولون: رميت بالقوس، والصواب أن يقال: رميت عن القوس أو على القوس، كما قال الراجز:
(أرمي عليها وهي فرع أجمع
…
وهي ثلاث أذرع وإصبع)
ــ
حرف] الاستعلاء فيه، كقولهم: مررت على فلان [ومررت بفلان] وأما توهم [خلافه] فلا يخطر ببال عاقل، وكذلك قولهم: خرج عليه خراج، مما لا شك في صحته لتحقق الاستعلاء فيه.
(ويقولون: رميت بالقوس، والصواب أن يقال: رميت عن القوس أو على القوس).
في شرح "أدب الكاتب""لابن السيد" قال بعضهم: لا يجوز رميت بالقوس فالصواب عن القوس، كما قال "طفيل":
رمت عن قسي الماسجي رجالنا
وإنما أنكره لأنه توهمه بمنزلة رميت بالشيء إذا ألقيته عن يدك، وليس كذلك، لأن
فإن قيل: هلا أجزتم أن تكون الباء في هذا الموطن قائمة مقام عن أو على، كما جاءت بمعنى عن في قوله سبحانه وتعالى:{سأل سائل بعذاب واقع} [المعارج: 1]، وبمعنى على في قوله تعالى:{وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها} [هود: 41]؟
فالجواب عنه أن إقامة بعض حروف مقام بعض إنما جوز في المواطن التي ينتفى فيها اللبس، ولا يستحيل المعنى الذي صيغ له اللفظ، ولو قيل: ههنا رمى بالقوس لدل ظاهر الكلام على أنه نبذها من يده، وهو ضد المراد بلفظه، فلهذا لم يجز التأول للباء فيه.
ــ
المعنى رميت السهم بالقوس فالباء للآلة أو بمعنى عن كما في قوله:
(فإن يسألوني بالنساء فإنني
…
بصير بأدواء النساء طبيب)
وفي شرح "اللباب" يجوز رميت بالقوس نظراً إلى أن القوس آلة الرمي المستعان بها فيه، ورميت على القوس بالنظر إلى أن يد الرامي اعتمدت على القوس في الرمي، ورميت عن القوس بالنظر إلى أن الرمي تجاوزها.
وحكي "الفراء" رميت عن القوس وبها، وتوهم أن القوس مرمية على الثاني كما مر ليس بشيء، وتحقيق هذا ما في "الكشاف" في سورة "الأعراف" في تفسير قوله تعالى {ولآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم} [الأعراف: 17] الآية، من أن المفعول فيه تعدى إليه الفعل تعديته إلى المفعول به، فكما اختلفت حروف التعدية في ذاك اختلفت في هذا، أو كانت لغة توجد ولا يقاس عليها وإنما يفتش عن صحة موقعها فقط، فلما سمعناهم يقولون: جلس عن يمينه وعلى يمينه وعن شماله وعلى شماله قلنا معنى على يمينه أنه تمكن من جهة اليمين تمكن المستعلي من المستعلى عليه، ومعنى عن يمينه أنه جلس متجافيا عن صاحب اليمين منحرفاً عنه، غير ملاصق له، ثم كثر حتى استعمل في المتجافي وغيره كما ذكرنا في تعال ونحوه من المفعول به.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قولهم: رميت عن القوس وعلى القوس ومن القوس، لأن السهم يبعد عنها ويستعليها إذا وضع على كبدها للرمي ويبتدى الرمي عنها، وكذلك قالوا: جلس بين يديه وخلفه بمعنى في؛ لأنهما ظرفان للفعل، وكذلك من بين يديه ومن خلفه؛ لأن الفعل يقع في بعض الجهتين، كما تقول: جئته من الليل تريد بعض الليل. اهـ.